تقديم

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى ىله وصحبه أجمعين . وأشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه . أما بعد اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا . إخوانى الكرام أولا لعله من نافلة القول أن اشرح لكم بعض مناهج التبشير لكن ربما كان حريا بى أن أشير إلى منهج خطير من مناهج التبشير ألا وهو إزالة الفوارق والحدود بين المسلم والعقيدة النصرانية ومن ذلك أن تسمى الكنيسة بمسجد المسيح ، وأن تطبع ما يسمى بالكتاب المقدس على صورة القرآن ،أو أن تستخدم المنهج العقلى فى تسويل فكرة التثليث . لقد طالعت مواقع كثيرة تعمل جاهدة على التبشير فوجدت منها ما يقدم لك الإعانات الروحية والمادية أعنى بالروحية إشعارك بالأمان والتراحم ومنها ما يعتمد على التشهير بالإسلام وسب النبى صلى الله عليه وسلم وهو أقلها نفوذا وأضعفها خطورة وإن شغل به الكثيرون لكنى أؤكد لكم ضعفه وقلة جدواه وعليكم ألا تنساقوا وراء العواطف حتى لا تنشغلوا عن الأخطر والأهم، وهناك من يفتعل الثيولوجيا القديمة ولكن بصورة أقل إحكاما لتعبيد تلك الفوارق وإذابتها حتى يسهل على الفرق الأخرى النفوذ والاستدراج نعم إنها حرب متكاملة على الإسلام شئنا أم أبينا . ليس عجيبا أن أتعرف على هذا الموقع وأن أجده مشحونا بمؤلفات تتخذ من الثيولوجيا النصرانية منهجا ليس للدفاع عن المسيحية بقدر ما هو للدعاية المضللة وإذابة الفوارق وهو ما سنوضحه إن شاء الله تعالى فى عرضنا المتتالى ونقدنا لكتاب الله بين الفلسفة والمسيحية لعوض سمعان أولا أحب أن قبل الخوض فى الموضوع أن أوضح نقطة مهمة وهى المنهج العام للمؤلف والمنهج العام الذى أتناول به الكتاب بالنقد والتحليل . أما المؤلف فهو يعتمد كما قلت لكم على الثيولوجيا النصرانية ولا بأس بإلقاء بعض الضوء على هذا المنهج وتاريخه: لقد ظهر فى القرن الثالث الميلادى بصورة واضحة ذلك أن الديانة النصرانية قد توارثت بالإضافة لتناقضات الكتاب المقدس تناقضات عقائدية لا يسهل على العقل والفطرة السليمة تقبلها مثل فكرة الثالوث والذنب والكفارة. ولما كانت معظم تلك الأفكار قد استقت من الفلسفات الوثنية اليونانية فقد رأى الأباء وعلى رأسهم كلمنت clement وأورجين orign (254م) ضرورة الرجوع إلى الأصول اليونانية خاصة الرواقية والأفلاطونية المحدثة فبدأ التفلسف فى العقيدة والدين النصرانى فأسسا مدرستين كبيرتين ، ثم استنبطوا بعض الأفكار والنظريات ليؤيدوا بها عقائدهم فقال أوغستين (افهم كى تؤمن وآمن كى تفهم ) وعنده أن الإيمان والفهم يؤيد كل منهما الأخر بمعنى أن النصرانى يؤمن بعقيدة الثالوث تسليما ثم يتفهم العقل الحكمة من ورائها . فلما ظهر الإسلام وازدهرت الحضارة الإسلامية فى الشرق التقى هذا الفكر الثيولوجى النصرانى بالفكر الكلامى لدى بعض المدار س الإسلامي و وخاصة المعتزلة وتأثر بهم العديد من مفكرى الكنيسة ومن أبرزهم القديس يوحنا الدمشقى(675م) فالف متأثرا بمنهج المتكلمين كتبا كثيرة فى الثيولوجيا النصرانية من أشهرها ( الإبانة عن الإيمان وشرحه ) وكذلك ( حوار بين مسيحى ومسلم ) وكتاب مهم هو ( معين المعرفة ) ناقش فيه التوحيد والتثليث وسر التجسد والأمور المتعلقة بالمسيح عند النصارى مثل التعميد وعبادة الصليب .. ثم تطورت المدرسة الثيولوجية بعد ذلك على يد الحركة المدرسية فى العصور الوسطى بقيادة بطرس اللومبادى(1150) ثم ظهر تومس الألكوينى (1225) وقد بلغت المدرسة الاهوتية على يديه ذروتها وظهرت فكرة النزعة الأوغسطينية وتعنى أن الإيمان والعقيدة النصرانية لا تثبت بل تتطور فى تأمل عظيم يغتذى من الكتاب المقدس. . ومن ثم حاول الأكوينى الجمع بين الاهوت والفلسفة ويرى كثير من الباحثين ان الأكوينى قد اطلع على كتب المتكلمين ومؤلفات ابن رشد ونقل منها والأدلة على ذلك كثيرة .. الخلاصة أن غريزة حب البقاء قد دفعت بالنصرانية المحرفة إلى الاعتماد على وسائل شتى كى تحافظ على بقائها فى قلوب معتنقيها وقد ازدادت تلك النزعة بدوافع داخلية حينا وبدوافع خارجية أحيانا وربما فى أحيان أخرى بدوافع عدوانية تبشيرية ... إذن الكتاب ينتهج هذا المنهج الثيولوجى النصرانى ولا يغرنك العنوان فهو يستعين بالفلسفة ولا يناقضها وقد يستعين بفلاسفة الإسلام أوالصوفية أو بالمتكلمين لتأييد افكاره وتكوين صورة مقبوله عن العقيدة النصرانية . وقد قسم المؤلف كتابه من الناحية الشكلية إلى النحو التالى الباب الأول الله وصفاته 1 - آراء الفلاسفة عن الله 2 - معنى الله ذات 3 - مكان وجود الله 4 - صفات الله 5 - الاعتراضات والرد عليها الباب الثاني الله ووحدانيته 1 - الأدلة على وحدانية الله 2 - الأدلة على عدم وجود أي تركيب فيه 3 - الوحدانية المجردة والوحدانية المطلقة 4 - الوحدانية الحقيقية والوحدانية الوهمية 5 - درجات الوحدانية الحقيقية 6 - آراء الفلاسفة والعلماء عن الوحدانية الحقيقية 7 - الوحدانية اللائقة بالله، أو الوحدانية الجامعة المانعة الباب الثالث مشكلات الوحدانية المجردة والوحدانية المطلقة 1 - مشكلة العلاقة بين صفات الله وذاته 2 - مشكلة أصل العالم 3 - مشكلة كيفية تكّون العالم 4 - مشكلة علاقة الله بالعالم 5 - مشكلة ماهية الله الباب الرابع الوحدانية الجامعة المانعة وماهيتها 1 - الفلاسفة والوحدانية الجامعة المانعة. 2 - توافق الوحدانية الجامعة المانعة، مع وحدانية الله المحضة. 3 - ماهية الجامعية في الوحدانية الإلهية. 4 - الأقانيم وإن كنت أؤكد من الآن أن الفكرة الرئيسية فى الكتاب والذى من أجلها صنف هى نظرية الوحدانية الجامعة المانعة وكل ما قبلها هو تهيئة للقارئ لتفهم تلك الفكرة وتمهيد لها . أما منهجى فى نقد الكتاب فأوضحه فى نقطتين . 1- فمن حيث الشكل اتتبع الكتاب نقدا تفصيليا مطابقا لفصوله وأبوابه ثم أتلوه بباب مستقل أعرض فيه نقدا موضوعيا وتعليقا عاما وتعقيبا . 2- الغرض من النقد هو إثبات تهافت الكتاب فى ذاته بغض النظر عن الواقع فأثبت تناقضه الذاتى وعجز استدلالاته وهذا يتطلب من القارئ أن يفطن إلى أمر هام : إذا تعرض الرأى الذى يتبناه المؤلف مع العقيدة الإسلامية فالأمر واضح . أما ما يقوم به الكاتب من تمهيد وإثبات لبعض الحقائق التى نقر بها فليس الغرض من النقد هنا إلا إثبات تهافت الكتاب فلا يغرنك أنى قد انصر مذهب الفلاسفة فى مقابل حجة المؤلف وهذا لا يمنع من توضيح الموقف الإسلامى وأدلته ما استدعت الضرورة وكان ذلك مناسبا وغير مخرج لنا عن الموضوع . وساضع فى نهاية هذا العرض بإذن الله تعالى النقد كاملا ومنقحا فى ملف بتنسيق الوورد وربما اختلف قليلا أو كثيرًا عما أعرضه هنا متتابعًا

 

عوده