الفصل الثانى تهافته فى تفسيره لمعنى أن الله ذات

 

يقول سمعان : ((وإن كنا لا نستمد أسانيدنا في هذا الكتاب من أقوال الفلاسفة، لكن إستيفاءً للبحث نقول إنه قد اتفقت كلمة المؤمنين منهم على أن الله ذات له تعين خاص. فقال جرين : لله ذات شخصية . وقال ليبنتز : الله ذات . وقال ابن سينا : واجب الوجود ما لم يتعين لا يوجد، ولكن قد ثبت بالدليل وجوده، إذاً فهو متعيّن " فلسفة المحدثين والمعاصرين ص 44 ، والمدخل إلى الفلسفة ص 235 والإشارات ص 199 " وقال إدنجتون العالم المشهور في شئون الذرة : العالم غير المنظور يوحي بهيمنة الذات الإلهية عليه وذلك تمييزاً للإله أن يكون مجرد معنى، كما تصفه بعض النحل البرهمية القديمة، وإقراراً لعقيدة الذات الإلهية، كما يؤمن المتدينون " عقائد المفكرين في القرن العشرين ص 96 " .
ومع ذلك، فإننا لا نستطيع القول إن لله تعيُّناً محدوداً، كما لم نستطع القول أن لا تعين له إطلاقاً، لأن الذين قالوا بهذا الرأي أو ذاك، أدخلوا أنفسهم في مشكلات عويصة. فالذين قالوا بالرأي الأول، أسندوا إلى الله الأعضاء الجسمية، والذين قالوا بالرأي الثاني نفوا عنه الصفات، وقطعوا الصلة بينه وبين المخلوقات، كما سيتضح في الباب الثالث. ))

هل هذه هى أدلة التعين التى استند إليها سمعان فى إثباته التعين ؟
قوله اتفقت كلمة المؤمنين لا يعد اتفاقا من العقلاء وحتى لو حصل ذلك فلا يعد دليلا بل هو مجرد قضية مشهورة لا يؤخذ بها فى مسائل يتطلب فيها اليقين .
وأما قول (جرين ) : الله ذات مشخصة فهو منا قض لقولك (( لا نقصد بقولنا إن الله ذات أنه شخص كالأشخاص المحدودة)) وذلك حرى بك ألا تستشهد به والفرق بين الذات والشخص أن الذات أعم من الشخص لأن الذات تطلق على الجسم وغيره والشخص لا يطلق إلا على الجسم .
وقول ابن سينا مبنى على قضة هى ان المتعين هو الموجود وهى مخالفة لقولك السابق بنفى كون الإله طاقة مبثوثة فى الكون مع كونها موجوده كما أنه مصادرة من ابن سينا على المطلوب وهو إثبات أن الموجود لا بد وأن يكون متعينا .
وأما ما نقلته عن علماء الطبيعه فلا يصح الاستشهاد به ههنا فلسنا فى مجال الوعظ والإرشاد ..
المهم أن سمعان لم يقم دليلا واحدا على فكرة التعين واعتمد بدلا من ذلك على المغالطات اللفظية وعدم التحديد الكافى للألفاظ حتى يتمكن من التلاعب بها ثم هو فى النهاية قد خرج عن الموضوع وتاه وتخبط ولم يصل إلى شىء وسنضرب أمثلة على تخبطه فى شأن المصطلحات عن عمد أو جهل :

مغالطات متعمدة
الجوهرية ونقله عن ابن سينا ما أقره الغزالى فى التهافت :

قوله sad.gif(وقد شهد بهذه الحقيقة كثير من الفلاسفة، فقال ديكارت : الله هو الجوهر الحقيقي " المدخل إلى الفلسفة ص 177 " . وقال توما الأكويني : يُطلق الجوهر على اللامتناهي بمعنى يختلف عن الذي يُطلق به على المتناهي. فجوهر المتناهي مفتقر في كشفه إلى أعراض، أما جوهر اللامتناهي فمستغنٍ في وجوده، ومستغنٍ أيضاً في كل شيء غير الوجود " الفلسفة الأوربية في العصر الوسيط ص 75 " . وقال ابن سينا : معنى كون الله جوهراً، أنه الموجود لا في موضوع، والموجود ليس بجنس . وقال أيضاً : الجوهرية ليست من المقومات، لأنها عبارة عن عدم الحاجة إلى الموضوع " تهافت الفلاسفة ص 162 ، ولباب الإشارات ص 87 " . أما المعنى فهو ما ليس له وجود في الخارج، بل وجوده في الذهن فحسب.))

قلت أولا جعل منها حقيقة وهو مصادرة على المطلوب واستدل عليها بشهادة بعض الفلاسفة فأين الشهادة من البرهان والدليل إنه يكرر نفس الخطأ السابق ترك البرهان واللجوء إلى الخطابة.
ومعلوم أن البرهان ما كانت مادته من اليقينيات والقياس الجدل ما كانت مادته من المسلمات والقياس الخطابى ما كانت مادته من المقبولات والمظنونات والمشهورات والقياس الشعرى ما كانت مادته من المخيلات والقياس المغالطى ما كانت مادتها من الوهميات فأى هذه الأنواع استخدم سمعان إنه اعتمد أساسا على القياس المغالطى والخطابى وأحيانا الشعرى ونادرا ما يعتمد على الجدلى .
وإليك دليل على استخدامه للمغالطى :
يقول سمعان ((أما الفلاسفة الذين يتحاشون إسناد الذاتية إلى الله، فيعللون ذلك بأنها إذا أُسندت إليه، دلَّت على وجود تعيُّن له. والله، حسب اعتقادهم، ليس له تعيُّن، لأنه يسمو فوق العقل والإدراك. و التعين هو الوجود الواقعي، الذي يتميز بمميزات تدل على أن له مثل هذا الوجود، ولا يشترط فيه أن يكون محدوداً أو مجسَّماً، بل أن يكون فقط موجوداً وجوداً حقيقياً.))

وهنا قفزة جديدة لقد وضع القول بعدم الذاتية مقابلا للقول بالجوهر ونحن لم نسلم لك بذلك هل ترى أن الذات مرادف للجوهر والتعين؟



إن المتأمل فى تلك المغالطات المتعمدة ليلاحظ أن المؤلف ربما أراد تمرير شىء ما فما هو ذلك الشىء يا ترى ؟
إن هناك علاقة وثيقة ستتضح للقارىء إن شاء الله تعالى فى الفصول القادمة بين فكرة الجوهرية والأقانيم فالنصارى منذ بداية عهدهم بالثيولوجيا يؤكدون دائما على جوهر واحد وأقانيم ثلاثة لذلك فهو حريص كل الحرص على تمرير تلك الفكرة بكل ذكاء وعلى غير العادة ولكن :
لماذا نرفض القول بأن الله تعالى عما يقولون جوهر؟
أولا وقبل الخوض فى المسألة ينبغى أن نشرح المقصود بقولنا جوهر حتى تتضح الأمور

الجوهر لغة :
كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به و جوهر كل شيء ما خلقت عليه جبلته: لسان العرب ج: 4 ص: 152
أما اصطلاحا فهو:
ماهية إذا وجدت في الأعيان كانت لا في موضوع وهو مختصر في خمسة هيولي وصورة وجسم ونفس وعقل لأنه إما أن يكون مجردا أو غير مجرد فالأول أي المجرد إما أن يتعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف أو لا يتعلق والأول أي ما يتعلق العقل والثاني أي ما لا يتعلق النفس والثاني وهو أن يكون غير مجرد إما أن يكون مركبا
ولا والأول أي المركب الجسم والثاني إي غير المركب إما حال أو محل فالأول أي الحال الصورة والثاني أي الحل الهيولى
التعريفات ج: 1 ص: 109

فيقال له ماذا تعنى بالجوهر هل تعنى به المعنى الذى عند أهل اللغة وهوأن جوهر الشىء ما خلقت عليه جبلته ام تعنى به المعنى الاصطلاحي عند أهل الكلام وهو المتحيز مثلا فإن قلت نعنى بالجوهر ما ليس فى موضوع وأنه جوهر ليس كالمخلوق قلنا فإن قال قائل الله جسم ليس كالأجسام المخلوقة فهل نقبل .
ثانيا قولكم جوهر ليس كالجواهر فهل يعنى هذا أن ذات الله تعالى تدخل تحت جنس الجوهر الذى يشملها ويشمل الجواهر المخلوقة .
ثالثا ما هو الوصف المشترك بين هذا الجوهر والجواهر المخلوقة والذى به أمكن إطلاق هذا اللفظ على كلاهما .
ويلاحظ هنا على غير العادة تلك اللفتة الذكية حين أشار المؤلف إلى قول ابن سينا ونقله من تهافت الفلاسفة للغزالى ففيه إشارة إلى كون هذا المذهب مقبول من علماء الدين حتى ممن تصدى منهم لنقد الفلاسفة والرد عليهم .
يقول الغزالى : (( ..القسم الأول يرجع النزاع فيه إلى لفظ مجرد، كتسميتهم صانع العالم -تعالى عن قولهم - جوهراً، مع تفسيرهم الجوهر: بأنه الموجود لا في موضوع أى القائم بنفسه الذى لا يحتاج إلى مقوم يقومه، ولم يريدوا به الجوهر المتحيز، على ما أراده خصومهم.
ولسنا نخوض في إبطال هذا، لأن معنى القيام بالنفس إذا صار متفقاً عليه، رجع الكلام في التعبير باسم الجوهر عن هذا المعنى، إلى البحث عن اللغة، وإن سوّغت اللغة إطلاقه ، رجع جواز إطلاقه في الشرع، إلى المباحث الفقهية، فإنّ تحريم إطلاق الأسامى وإباحتها يؤخذ مما يدل عليه ظواهر الشرع.))

قلت : الغزالى قد انتهج فى هذا الكتاب منهجا جدليا قائما على التسليم بحجة الخصم لإبطال أدلته وقد استفاد من قول الفلاسفة بأن الله تعالى جوهر إلزامهم بإثبات الصفات

حقيقة لقد أخطا سمعان فى فهمه لتساهل الغزالى مع ابن سينا حول هذه النقطة فقد كان الغزالى يرمى من وراء ذلك إلزامهم بنفى التعطيل لأن صفة الجوهرية هى أقرب للجسمية والإثبات منها للتعطيل والنفى .
والباري ليس بجوهر لأن الجوهر هو الموجود لا في موضوع أي إذا وجد يكون وجوده لا في موضوع وهذا يشعر بالحدوث والجوهر عبارة عن حقيقة وجود وواجب الوجود حقيقته وجوده ووجوده حقيقته
وعلى كل حال فقولنا بأنه من الجائز التساهل مع بعض المسلمين فى استخدام ذلك اللفظ دون النصارى ليس من باب الحمية والعصبية فهذا غير وارد فى الكلمات والألفاظ ولكن لآسباب أخرى منها :
أن المسلمين قرنوا تلك الألفاظ بما جاءت به النصوص من نفي التمثيل وأنتم لم تقرنوا بألفاظكم ما ينفي ما أثبتموه من التثليث والاتحاد والمسلمين لم يعتقدوا معنى باطلا وأنتم اعتقدتم من التثليث في الأقانيم والاتحاد ما هو معنى باطل والمسلمين لم يسموا صفات الله بأسماء أحدثوا تسمية الصفات بها وحملوا كلام الرسل عليها وأنتم أحدثتم لصفات الله أسماء سميتموه أنتم بها لم تسمعه الرسل وحملتم كلام الرسل عليها والمسلمين لم يعدلوا عن النصوص الكثيرة المحكمة البينة الواضحة إلى ألفاظ قليلة متشابهة وأنتم عدلتم عن هذا إلى هذا والمسلمين لم يضعوا لهم شريعة اعتقاد غير ما جاءت به الرسل وأنتم وضعتم شريعة اعتقاد غير ما جاءت به الرسل والمسلمبن لم يقولوا قولا لا يعقل وأنتم قلتم قولا لا يعقل والمسلمين لم يتناقضوا فيجعلوا الإله واحدا ويجعلونه اثنين بل ثلاثة وأنتم تناقضتم فهذه الفروق وغيرها مما يبين فساد تشبيهكم أنفسكم بالمسلمين .

ثم إنكم مع مخالفة استعمالاتكم للغة والصطلاح يرد عليكم أمور أخرى تبطل مذهبكم وتثبت تناقضكم وهو ما سنوضحه فى الحديث عن الأقانيم وأن تلك الفكرة مرتبطة عندهم كل الرتباط بقولهم الله تعالى جوهر .


وأما ما وقع فيه من تهافت ناشىء عن عجز وجهل فحدث ولا حرج :


1- قال عن معنى كون الله ذاتا : ((ولكننا نقصد أنه كائن له وجود ذاتي، يستطيع التعبير عن نفسه بكلمة أنا وهو ليس مجرد طاقة أو معنى.))
أى يقصد بكون الله ذاتا أن الله كائن له وجود ذاتى!! فسر بعد الجهد الماء بالماء، وأما قوله يستطيع التعبير عن نفسه بقوله أنا فهل هذا تعريف للذات هل كل ذات تعبر عن نفسها بأنا أليست للحيوانات ذوات ، وهل قوله ليس طاقة أو معنى يعنى أن من لم يكن ذاتا فهو طاقة أو معنى ..كلام سخيف متهافت هو سمعان الحقيقى عندما يخرج من جعبته بعيدا عن القص واللصق ثم بعد ذلك تراه يكرر عبارته السقيمة (( نحن لا نأخذ أسانيدنا من الفلاسفة ))

2- قال ((ولو أننا لا نستطيع أن نسبر غور هذا التعيُّن أو نضع له حدوداً. فهو فقط تعين غير مُدرَك أو محدود. وتعيُّنٌ مثل هذا، يختلف كل الاختلاف عن اللاتعين، لأن الثاني يوصف به غير الموجود، أما الأول فيوصف به الموجود الذي يفوق العقل والإدراك.))
قلت: أما غير محدود فمن الممكن أن نسلم لك به وإن كان الكلام لا معنى له ولكن ما معنى قولك تعين غير مدرك فكيف علمت به غير المدرك يختلف عن غير المحدود والمحدود بمعنى المعرف يختلف عن المحدود بمعنى المحصور فانت تستطيع ان تحد صفة من صفات الله تعالى باللفظ كصفة القدرة لكن لا حدود لها فهو قادر على كل شى ء حتى اختلفوا فى هل للقدرة الإلهية ان تجمع بين النقيضين اما حدها فممكن بالسم الدال عليها تقول قدرة الله والله تعالى يتعين بقولنا الله وبوصفنا له الله رب العالمين الخالق البارئ المصور .

3- قال : (( لأنه لا بد من تعين خاص لكل موجود يثبت وجوده، وإلا فقد خرج من دائرة الوجود إلى اللاوجود، لأن اللاموجود وحده هو الذي لا تعين له إلا اسمه، واسمه كما نعلم هو اسم على غير مسمىلأن اللاموجود وحده هو الذي لا تعين له إلا اسمه، واسمه كما نعلم هو اسم على غير مسمى.))
4- قلت : ألم تقل إن الطاقة والمعانى ليس لها تعين ثم استدللت بوجودها على وجود الله تعالى لأننا نقر بوجودها ولا ندركها بحواسنا بل بآثارها
ثم ما معنى قولك هو اسم على غير مسمى لقد ابعدت عن كل اساليب العقلاء العدم مسمى وله اسم فما معنى قولك على غير مسمى هل تعنى أن المسمى لا يكون إلا موجودا وأن الحقائق توجد بوجود الأسما وقبل الحقائق لا توجد الأسماء هذا مذهب باطل عرفناه عن بعض المتكلمين لكن ما أظنك تقصده أو تسمع عنه فأنت تلقى بالكلام على عواهنه وليتك اكتفيت بالقص واللصق من كتب الفلاسفة والمتكلمين .
فى الحقيقة لقد خلط سمعان كل المصطلحات واختط لديه الحابل بالنابل فلا تدرى عما يتحدث ولا ما يريد أن يثبت .

4- قوله(( و الجوهر هو ما ليس في موضوع بل هو القائم بذاته، فلا خطأ في القول الله جوهر ))
فقد جعل من الإبهام جنسا ومن السلب فصلا ومعلوم بطلان ذلك فى صناعة الحد نحن نعلم أن بعض الفلاسفة والمتكلمين قد عرف الجوهر قريبا من ذلك مع استعمال كلمة الموجود وليس ما لكن قولهم ليس فى موضوع يتوجه إليه الاعتراض السابق وهو استعمال اللسلوب كفصول مقومة بالإضافة لكون الحد على هذا النحو غير جامع فقد يقال: بعض الجواهر موجودة في الخارج ولكن لا بنفسها، بل موجودة في موضوع، من قبيل الصورة الموجودة في المادة، فهي موجودة في موضوع، ولا ينطبق عليها هذا التعريف للجوهر. ولهذا قيد التعريف بهذا القيد، فقيل: إن ماهية الجوهر إذا وجدت في الخارج وجدت لا في موضوع مستغن عنها في وجوده.
فضلا عن ان الجوهر والعرض أجناس عالية والأجناس العالية لا جنس لها فلا تعرف ولكن لو قلنا بإمكان نوع من التعريف الفظى او التعريف بالرسم فقولك الجوهر هو القائم بنفسه أو هو ما ليس فى موضوع غير مانع .على أن ثم تعريفات اخرى للجوهر غير ما اختاره النصارى لدى الفلاسفة مثل :
الجوهر هو القائم بالذات القابل للمتضادات أو الجوهر ما اذا وجد كان حاملا للاعراض مقالات الإسلاميين ج: 1 ص: 307

5- يقول سمعان : ((ومع ذلك، فإننا لا نستطيع القول إن لله تعيُّناً محدوداً، كما لم نستطع القول أن لا تعين له إطلاقاً، لأن الذين قالوا بهذا الرأي أو ذاك، أدخلوا أنفسهم في مشكلات عويصة. فالذين قالوا بالرأي الأول، أسندوا إلى الله الأعضاء الجسمية، والذين قالوا بالرأي الثاني نفوا عنه الصفات، وقطعوا الصلة بينه وبين المخلوقات، كما سيتضح في الباب الثالث.))
وما علاقة التعين بالجسمية هل لا بد أن تعين الله فى جسم كالمسيح أو كفلان أو كصنم ووثن ؟!َ
ثم إنه فى مواضع أخرى من الكتاب لا يفرق بين الموجود والمتحيز:فيقول فى بعض المواضع : ((لو فرضنا أن هناك إلهين، لكان كلٌ منهما متحيزاً بمكان وبما أن المتحيز بمكان لا يكون أزلياً بل حادثاً، فلا يمكن أن يكون أيٌ منهما هو الله، لأن الله لا يتحيز بحيّز فلا يمكن أن يكون هناك إلا إله واحد غير متحيز بمكان وهذا الإله هو الله ))

ثم يقول إننا لا نلأخذ أسانيدنا من الفلاسفة وقد شغلت نقوله عن الفلاسفة نصف الفصل والنصف الباقى تكرار ممل لنفس الألفكار فإذا كان الفصل لا يأخذ أكثر من خمس أو ست صفحات نقل نصفها وهذا مثال على التكرار فى الشطر الباقى :

1- يقول سمعان ((نعم إننا نعجز كل العجز عن إدراك هذا التعين، وليس في وسعنا أن نختبر ماهيته، أو نضع له حدوداً))

2-ويقول سمعان (( ولو أننا لا نستطيع أن نسبر غور هذا التعيُّن أو نضع له حدوداً. فهو فقط تعين غير مُدرَك أو محدود))

3- ويقول أيضا ((ومع ذلك، فإننا لا نستطيع القول إن لله تعيُّناً محدوداً))

4- ويقول أيضا ((يقصد الحذر من إسناد تعين لله، يمكن أن يعتبره الجهلاء تعيناً محدوداً، والحال أن تعين الله منزه عن الحدود))

5- يقول أيضا ((ومعنى ذلك أن لله تعيناً خاصاً، لكنه غير محدود بالنسبة لنا، أو لغيرنا من الخلائق.))..

يغلب على ظنى ان ذلك الفصل كان مجرد تسديدا لخانات لقد راعنى فى البداية ألفاظه الموهمة "التعين " "الذاتية" " الجوهر" ... فذهبت ابحث فى كتب أرسطو وابن سينا على أجد شرحا شافيا لتلك الالفاظ شديدة الوعورة ورجعت لبعض المخطوطات كالملخص للرازى ... والواقع أنى اكتشفت الرجل فى هذا الفصل خاوى الوفاض تماما وقد حاولت أن أخرج من هذا العنوان بشىء فلم أجد إلى ذلك سبيلا يقول فى العنوان معنى قوله إن الله ذات وبعد نقاش عارم بينه وبين نفسه طوال هذا الفصل نجده يكرر فقرة واحدة دائما وينهى الفصل بما يفترض أنه النتيجة الحاسمة بقوله:

((أخيراً نقول إن اللامتناهي كما يقول الأستاذ بارتلمي سانتهلير، ليس هو اللاموجود، لأن اللاموجود هو اللامتعين، وليس هو اللامتناهي. إذ أن اللامتناهي هو الموجود الذي لا بداية له أو نهاية. ولذلك فاللاموجود أو اللامتعين هو العدم، أما اللامتناهي فهو الموجود الأزلي الأبدي الذي لا حصر له ولا حدّ " الكون والفساد ص 303 " .))

فما علاقة التناهى وعدمه وإثبات الوجود بمعنى الذاتية وكيف وصلنا إلى هذا المنعطف ولماذا رجعنا إلى الوراءإلا إذا كان الكلام يسير بطريقة عشوائية وكيفما اتفق لقد أتعب سمعان القارئ بما لا جدوى من وراءه إلا تمرير فكرة بسيطة كان من الممكن سردها فى سطرين ولم يكن ليحاسبه أحد على تجاهلها على أن صراعه هنا مع منكرى أن الله ذات ليعيد إلى الذاكرة رواية دونكى شوت.
لقد أجهدت القارئ يا سمعان بهذا الفصل رغم انه لم يتجاوز خمس صفحات!! فهل كنت تخاطب العوام بلغة الفلاسفة أم تقنع الفلاسفة بحجج العوام أم كنت فى صراعك مع منكرى أن الله ذات أشبه بدونكى شوت الذى حارب طواحين الهواء

 

عوده