سفر اللاويين 1 : 9 هل مدح الله الذبائح ام زمها

 

جاء في كتاب القس الدكتور ما يلي :
قال المعترض الغير مؤمن: جاء في لاويين 1: 9 وأما أحشاؤه وأكارعه فيغسلها بماء، ويوقد الكاهن الجميع على المذبح، محرقة وقود، رائحة سرور للرب . ولكن جاء في إشعياء 1: 11 لماذا لي كثرة ذبائحكم يقول الرب؟ اتَّخمْتُ من محرقات كباشٍ وشحم مسمناتٍ، وبدم عجولٍ وخرفان وتيوسٍ ما أُسَرّ! وفي هذا تناقض. ففي مواضع شتى من كتب موسى نجد أمر الله لبني إسرائيل بتقديم ذبائح له. وقيل لهم إن تلك الذبائح كانت كرائحة طيبة عند الله. وهذا يناقض ما جاء في إشعياء وما يشبهه في المزامير ومواضع أخرى في أسفار الأنبياء، حيث يُقال إن مسرة الله ليست في الذبائح الحيوانية .
وللرد نقول بنعمة الله : لندرس إشعياء 1 مبتدئاً من عدد 10 لنرى أن الله لا يعترض على تقديم الذبائح، بل على كيفية وروح تقديمها. يقول الرب لأهل أورشليم إنه قد ملَّ ليس فقط من محرقاتهم، بل من أعيادهم وصلواتهم أيضاً. فواضح أن عبادتهم كلها كانت مكروهة أمامه. والسبب في هذا ما جاء في عدد 15 أن أيديهم كانت مملوءة دماً، فكانوا جيلًا شريراً، وأكثروامن الذبائح لينجوا من القصاص الذي كانوا يستحقونه. وقصدوا في الوقت نفسه أن يتمادوا في خطاياهم، فكانوا يظنون أن مجرد تأدية الفرائض والطقوس الخارجية يكسبهم رضى الله، ويعطيهم (كما أرادوا) فرصة التمادي في شرورهم. ومتى قُدِّمت المحرقات بهذا الروح كانت من قلب غاش، لا تُرضي الله بل تهيج سخطه.
لما أمر الله بالذبائح المختلفة المنصوص عنها في شريعة موسى ووعد بالبركة على مقدّميها، كان ينتظر أن تكون قلوبهم خاشعة طاهرة. ولكن في عصر إشعياء انحطت عبادة الشعب لله، وكانت قاصرة على ممارسة طقوس ظاهرية وفرائض خارجية وهذا كان مهيناً لله القدوس. وهذه الملاحظة يمكن تطبيقها على ما جاء في إرميا 6: 20 حيث يتكلم الله ضد الذبائح بسبب شرّ وفساد مقدِّميها. كذلك قد أوصى الله شعبه بالصلاة، ولكن إن كانت الصلاة مجرد عبادة رياء فالله يبغضها.
فحل القضية هو أن ما يقوله في إشعياء 1: 11 لا يناقض ما يقوله في لاويين 1: 9 فالعبادة إذا لم تصدر من قلب نقي فليست عبادة بالمرة، ولا هي مقبولة عنده.
_______________________
وللرد على جناب القس نقول وبالله التوفيق :
ان المتتبع لنصوص الذبائح والمحرقات وشحم الكباش في الكتاب المقدس سيجد نفسه أمام نصوص كثيرة متناقضة ، ففي مواضع شتى من الكتاب نجد ان الذبائح هي مسرة للرب وفي مواضع أخرى نجد ان مسرة الرب ليست بالذبائح .
ولقد تجاهل القس الفاضل النصوص الكثيرة الأخرى التي تعلن إن مسرة الله ليست في الذبائح الحيوانية ، وهي نصوص لاعلاقة لها بروح تقديم الذبيحة كما يرى القس الفاضل في نص اشعيا والذي اكتفى بشرحه متجاهلاً النصوص الأخرى الواضحة . فعلى سبيل المثال لا الحصر جاء في صموئيل الأول 22:15 : (( هل مسرّة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب . هوذا الاستماع افضل من الذبيحة والاصغاء افضل من شحم الكباش ))
وقد جاءت نصوص أخرى واضحة قاطعة بأن مسرة الرب في التوبه والندم، لا الكفارات والمحرقات :
ميخا 6 : 6-8 : (( يَارَبُّ: بِمَاذَا أَتَقَدَّمُ عِنْدَمَا أَمْثُلُ أَمَامَ الرَّبِّ وَأَسْجُدُ فِي حَضْرَةِ اللهِ الْعَلِيِّ؟ هَلْ أَتَقَدَّمُ مِنْهُ بِمُحْرَقَاتٍ وَبِعُجُولٍ حَوْلِيَّةٍ ؟ هَلْ يُسَرُّ الرَّبُّ بِأُلُوفِ أَنْهَارِ زَيْتٍ ؟ هَلْ أُقَرِّبُ بِكْرِي فِدَاءَ إِثْمِي وَثَمَرَةَ جَسَدِي تَكْفِيراً عَنْ خَطِيئَةِ نَفْسِي؟ لَقَدْ أَوْضَحَ لَكَ الرَّبُّ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ. وَمَاذَا يَبْتَغِي مِنْكَ سِوَى أَنْ تَتَوَخَّى الْعَدْلَ، وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعاً مَعَ إِلَهِكَ )).
مزمور 51 : 16 –17 : (( فَإِنَّكَ لاَ تُسَرُّ بِذَبِيحَةٍ، وَإِلاَّ كُنْتُ أُقَدِّمُهَا. بِمُحْرَقَةٍ لاَ تَرْضَى. إِنَّ الذَّبَائِحَ الَّتِي يَطْلُبُهَا اللهُ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. فَلاَ تَحْتَقِرَنَّ الْقَلْبَ الْمُنْكَسِرَ وَالْمُنْسَحِقَ يَااللهُ ))
مزمور 40 : 7 ((  بذبيحة وتقدمة لم تسر. اذنيّ فتحت. محرقة وذبيحة خطية لم تطلب ))
إرمياء 7 : 22 : (( هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل: ضموا محارقكم إلى ذبائحكم وكلوا لحماً ، لأني لم أكلم آبائكم ولا أوصيتكم يوم أخرجتهم من أرض مصر بشأن محرقة وذبيحة ، بل إنما أوصيتهم بهذا الأمر قائلاً :  إطيعوا  صوتي فأكون لكم إلهاً وأنتم تكونون لي شعباً ، وسيروا في الطريق الذي أوصيتكم به ليحسن إليكم )) .
وعلى العكس من ذلك نجد الشواهد التي فيها ان الذبائح مسرة للرب وقد أوصى بها كثيرة ومنها :
خروج 29 : 18 : (( وتوقد كل الكبش على المذبح . هو محرقة للرب . رائحة سرور . وقود هو للرب )) خروج 29 : 25 و 41 ولاويين 1 : 9 : (( واما احشاؤه واكارعه فيغسلها بماء ويوقد الكاهن الجميع على المذبح محرقة وقود رائحة سرور للرب )) ولاويين 3: 5 و 3 : 16 وعدد 15: 3 و 28 : 6 : (( محرقة دائمة . هي المعمولة في جبل سيناء . لرائحة سرور وقودا )) ... الخ
 
فالحاصل اننا أمام نصوص كثيرة متناقضة ، ففي مواضع شتى من الكتاب نجد ان الذبائح هي مسرة للرب وفي مواضع أخرى نجد ان مسرة الله ليست بالذبائح .
 
  وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا

 

عوده