مرقس [ 15 : 25 ] هل صلب السيد المسيح في الثالثة ام السادسة ؟؟

 

قال القس الفاضل :
 
قال المعترض : ورد في مرقس 25:15  أنهم صلبوا المسيح في الساعة الثالثة، وورد في يوحنا 14:19 أنه كان عند بيلاطس في الساعة السادسة. ويُفهم أيضاً من الأناجيل الثلاثة الأولى أن المسيح كان في الساعة الثالثة على الصليب، ويُفهم من إنجيل يوحنا أنه كان في هذا الوقت ماثلاً أمام بيلاطس البيزنطي.
 
وللرد نقول :
1) لم تقل الأناجيل الثلاثة الأولى ذلك، لكن جميعهم أجمعوا على أن الأرض أظلمت في الساعة السادسة.
 
2) قال بعض المفسرين إن مرقس  25:15 الذي يحدد صلب المسيح نحو الساعة الثالثة بمعنى أن صدور الحكم بالصلب كان في الساعة الثالثة، أما تنفيذه (فبحسب يوحنا 19:14) كان في الساعة السادسة، وتمَّ في الجلجثة، وهي خارج أورشليم. وبين المكان الذي حُوكم فيه المسيح والمكان الذي صُلب فيه مسافة طويلة يحتاج قطعها إلى نحو ثلاث ساعات . ومما يدل على ذلك قوله إنه في الساعة السادسة أظلمت الدنيا، برهاناً على أن الصلب تم فعلاً نحو الساعة السادسة. وإذ تقرر ذلك فلا منافاة بين قولي البشيرين.
 
 3) وقدَّم بعض المفسرين حلاً آخر: بما أن يوحنا الإنجيلي كان مقيماً في آسيا الصغرى، حسب التوقيت على الطريقة الرومانية الرسمية، وكان الرومان يحسبون اليوم من منتصف الليل. فالساعة السادسة التي أشار إليها هي بعد منتصف الليل (أي صباحاً) فصرف نحو ثلاث ساعات في إجراء ما يلزم للصلب، ويكون الصلب في الساعة التاسعة قبل الظهر، وهي الساعة الثالثة التي ذكرها البشير مرقس، وعليه فلا اختلاف مطلقاً.
______________________________
 
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:
1) زعم القس أن المقصود بصلب المسيح  فى الساعة الثالثة هو أن الحكم بالصلب صدر فى هذه الساعة ( وفق تفسيره لرواية مرقس ) و أن التنفيذ كان فى السادسة ( وفق تفسيره لرواية يوحنا ) وهذا الرد باطل يقيناً لأن رواية مرقس قطعية الدلالة فى أن الصلب تم فعلاً فى الساعة الثالثة فقال(( و كانت الساعة الثالثة فصلبوه ))  ولم يقل (( فحكموا عليه بالصلب )) ، و يؤكد ذلك إلقاء نظرة على النص كاملاً، إذ سنجد أن هذه المقولة جاءت بعد أن صدر الحكم عليه بالصلب آنفاً عند بيلاطس ومن ثم تم تجريده من ثيابه و خرج بصليبه إلى أن وصل إلى جلجثة حيث صُلب فنقرأ : (( فقال لهم بيلاطس : و أى شر عمل؟ فازدادوا جداً صراخاً : اصلبه! فبيلاطس إذ كان يريد أن يعمل للجمع ما يرضيهم ، أطلق لهم باراباس و أسلم يسوع بعدما جلده ليُصلب.......و بعدما استهزأوا به ، نزعوا عنه الأرجوان و ألبسوه ثيابه ، ثم خرجوا به  ليصلبوه ......و جاءوا إلى موضع جلجثة الذى تفسيره موضع جمجمة، و أعطوه خمراً ممزوجة بمر ليشرب ، فلم يقبل. و لما صلبوه اقتسموا ثيابه مقترعين عليها : ماذا يأخذ كل واحد؟ و كانت الساعة الثالثة فصلبوه )) مرقس14:15-25 ، فنرجوا ممن يفسر النصوص أن لا يذكرها مبتورة عن سياقها ليحرف مدلولاتها .
أما ادعاءه أن مرقس قد وافق الأناجيل الأخرى فى ساعة الصلب لقوله إنه فى الساعة السادسة أظلمت الدنيا ، فهو لا حجة له به و لا يصلح دليلاً لأن الكلام هنا عن وقت حلول الظلام المزعوم على الأرض لا عن وقت الصلب الذى عينه مرقس  تعييناً ، كما أن القس  ادعى فى جوابه أن رواية يوحنا تفيد بأن المسيح صُلب فى جلجثة فى الساعة السادسة و هذا خطأ لأن يوحنا لم يقل أن الصلب تم فى السادسة و إنما قال بأن بيلاطس أسلم المسيح لليهود ليصلبوه فى السادسة أى أنه كان عند بيلاطس فى تلك الساعة ثم خرج به اليهود إلى جلجثة : (( وكان استعداد للصفح و نحو الساعة السادسة ،فقال لليهود: هوذا ملككم، فصرخوا: خذه ! خذه! اصلبه!...فحينئذ أسلمه إليهم ليُصلب، فأخذوا يسوع و مضوا به فخرج و هو حامل صليبه إلى الموضع الذى يُقال له موضع الجمجمة و يقال له بالعبرية جلجثة )) يوحنا 14:19-17، بناءً على هذا الخبر فإن الصلب يكون قد وقع  فى التاسعة لأن الطريق يستغرق ثلاث ساعات على حد قول القس ، و بما أن متى و لوقا و مرقس قالوا بأن المسيح أسلم الروح فى التاسعة فهذا يعنى أنه قد مات قبل أن يُصلب!
1 ) ثم ذكر حضرة القس إحتمالاً آخراً هو على النقيض تماماً من الذى سبقه !! فبعد أن كان ينادى بأن الصلب وقع بين السادسة و التاسعة مستدلاً بأن الأرض أظلمت خلال هذه الفترة على حد زعم الأناجيل الثلاثة الأولى، نجده فى هذا الاحتمال يحاول اثبات أن الصلب امتد من الثالثة إلى التاسعة و أسس هذا الاحتمال على تلاعب بسيط فى طريقة حساب الأوقات بين العبرى و الرومانى فزعم أن يوحنا استخدم التوقيت الرومانى لأنه كان التوقيت الرسمى لمحل اقامته، و بالتالى تكون الساعة السادسة المذكورة فى يوحنا هى السادسة صباحاً وفق التوقيت الرومانى و تكون الساعة الثالثة التى ذكرها مرقس هى التاسعة وفق نفس التوقيت و الفرق بين الزمنين هو ما اتخذته اجراءات الصلب!
 فنرد ذلك الزعم  العنترى المعلول بما يلى :
أ - أن كاتب انجيل يوحنا كان عبرانياً و يزعم النصارى أنه الحوارى و اليهود كانوا يعتبرون  التوقيت العبرى لا الرومانى كما أنه لا علاقة بين التوقيت الرسمى للرومان و كتابة الإنجيل!  وقد اعتمدت الأناجيل الأخرى التوقيت العبرى علماً أن أورشليم كانت تحت حكم الرومان أيضاً ، وحين نقرأ فى يوحنا 14:19(( و كان استعدادُ للفصح نحو الساعة السادسة )) فلا يقال أبداً  أن الاستعداد كان فى السادسة صباحاً على حسب التوقيت الرومانى! .
ب - أن هذا التبرير- المفتقر للبينة - لا يخفى ما فيه من خفة و يؤدى إلى  إضطراب الروايات و تلبيسها بعضها ببعض،  فهل  كان روح القدس يوحى لمرقس بالتوقيت العبرى و يوحى ليوحنا بالتوقيت الرومانى؟!
ج قول مرقس بأن الصلب وقع فى الثالثة - التاسعة بالتوقيت الرومانى- هو أساساً خطأ  كما يقول المفسر نينهام : (( منذ اللحظة التى روى فيها القديس مرقس إنكار بطرس ليسوع نجد أن الوقت قد خُطط بعناية بحيث تكون الفترة ثلاثية الأحداث: (إنكار بطرس ثلاث مرات 68:14  -72، وقت الصلب الساعة الثالثة 25:15، وقت الظلمة من السادسة إلى التاسعة 33:15 ،34) و فى هذا المثل على الأقل فإن الحساب يبدو مصطنعاً إذ أنه من الصعب أن كل ما روت الأعداد 1:15-24(من بدء جلسة الصباح حتى وقت الصلب) يمكن حدوثه فى فترة ثلاث ساعات ))
و تدعيماً لذلك التحليل السليم  نستأنس بكلام القس عبد النور فى هذا الصدد و هو القائل : (( وبين المكان الذي حُوكم فيه المسيح والمكان الذي صُلب فيه مسافة طويلة يحتاج قطعها إلى نحو ثلاث ساعات )) فإذا كانت المسافة وحدها قد استغرقت ثلاث ساعات فكم من الوقت مضى منذ بدء المحاكمة فى مجمع اليهود صباحاً و ما تلى ذلك من أحداث إلى أن صُلب المسيح ؟؟!!
د- و أخيراً نسأل العقلاء من النصارى كيف يُعقل أن تكون الأحداث منذ بدء محاكمة "الصباح" و تشاور الكهنة و أعضاء المجمع إلى أن أسلمهم بيلاطس المسيح ليصلبوه بعد أن أوثقوا المسيح و قادوه إليه و حدثت عنده سلسلة من المناقشات و جُلد المسيح و نُزعت ثيابه عنه مرتين وأُلبس ثوب الأرجوان و إكليل الشوكإلخ ، كيف يُعقل أن كل هذه الأحداث قد بدأت صباحاً و تمت أيضاً صباحاً بل و فى السادسة ؟!
  ولماذا يسأل اليهود بيلاطس أن تُكسر سيقان المصلوبين للتأكد من موتهم قبل  رفعهم عن الصلبان لو أنهم كانوا قد أمضوا  عليها ست ساعات كاملة  مما لا يترك أدنى مجال للشك فى موتهم ؟ و هل تفكر أحد لماذا لم يذكر مرقس دون باقى الأناجيل أن الأرض أظلمت من الساعة السادسة إلى التاسعة - حين كان المسيح على الصليب وفق باقى الأناجيل- و ما تبع ذلك من خوارق؟! طبعاً سبب ذلك ليس لأن يوحنا قد نسى هذا الأمور الباهرة  أو أغفل ذكرها عمداً فهذا ما لا يُتصوره عقل ، و إنما السبب ببساطة هو أن يوحنا كانت معلوماته عن واقعة الصلب تختلف عن باقى الأناجيل فى جل وقائعها بما فيها وقت الصلب.
وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا

 

عوده