بعد الحمد
لله و الصلاة و السلام على رسول الله
:
سنشرع هنا فى بيان
التناقض و التحريف الشديد الذى ألم بقصة
القيامة المزعومة فى الأناجيل الأربعة
فسنطرح قول القس ثم نعقب عليه بما يفند
ردوده تفنيداً بإذن الله عز و جل ، فقد
قال القس عبدالنور :
اعتراضات على قصة
القيامة :
متى 1:28-15
ومرقس 1:16-11
ولوقا 1:24-12ويوحنا
1:20-18
"
قد لا توجد في
الكتاب قضية يشير إليها الملحدون لإثبات
التناقض فيه أكثر من قضية قيامة المسيح
بحسب الوارد عنها في البشائر الأربع
فلم
ترد
في أية بشارة على حِدة خلاصة شاملة لكل
الحقائق المختصّة بقضية القيامة,
"
واضح أن القس لم يتمكن
من إلتزام الهدوء و السكينة فى طرح الرد
لأنه ببساطة قد تصدى لما يفوق طاقته نظراً
لشدة الإختلاف بين الأناجيل فى هذه
الجزئية فلجأ إلى أسلوب الإرهاب الفكرى و
إتهام كل من يتفكر بالإلحاد!
ثم بدأ بداية غير
موفقة إذ قال أنه لم ترد
في أية بشارة
على حدة خلاصة شاملة لكل الحقائق المختصة
بقضية القيامة، وهذا ينافى شرط التواتر
المتطلب لثبوت مثل هذه الأحداث الخطيرة
التى بُنيت عليها عقائد القوم
.
ثم قال
القس : "
متى يقول إن
مريم المجدلية جاءت مع المريمات الأخريات
إلى قبر المسيح في صباح ذلك اليوم العظيم,
ومرقس يذكر بهذا الصدد
مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة,
ولوقا أورد أسماء مريم
المجدلية ويونّا ومريم أم يعقوب,
أما يوحنا فلا يذكر
بهذا الصدد إلا اسم مريم المجدلية فقط,
فهل نجد هنا تناقضاً؟
كلا! فالبشائر
الأربع متفقة في إيراد اسم المجدلية,
ثم إن مرقس ولوقا
أوردا اسم مريم أم يعقوب التي يشير إليها
متى بمريم الأخرى
(متى
56:27) بمعنى
أن اسم مريم هذه قد ورد في ثلاث بشائر,
إذاً يوجد اتفاق تام
بين كل ما جاء في البشائر عن النساء
اللاتي أتين إلى القبر,
ولا ننكر أن مرقس
انفرد بذكر سالومة بينهن، كما انفرد لوقا
بذكر يونّا,
ولكن هذا لا يدل على أن مرقس ولوقا
متناقضان, كل
ما في الأمر أن قول هذا يكمل قول ذاك,
فسالومة كانت بين
النساء في ذلك الصباح كما كانت يونّا
أيضاً, ومع أن
يوحنا لا يذكر إلا مريم المجدلية، إلا أنه
يشير في كلامه إلى مصاحبة بعض رفيقات لها،
إذ يقول إنها لما وجدت القبر فارغاً ركضت
إلى بطرس ويوحنا وقالت لهما:
أخذوا السيد من القبر
ولسنا نعلم أين وضعوه (يوحنا
2:20) فقولها:
لسنا نعلم بصيغة الجمع
يبيّن أنها لم تذهب وحدها
"
- زعم
القس أن متى قال بأن مريم المجدلية جاءت
مع "المريمات
الأخريات" وهذا
خطأ لأن متى ذكر مريم المجدلية و
مريم الأخرى
فقط ، ثم ناقض القس نفسه فبعد أن ذكر
الإختلافات فى أسماء الزائرات بين
الأناجيل الأربعة و ظهر أنهم لم يجتمعوا
إلا على إسم واحد فقط و هى مريم المجدلية
إدعى وجود إتفاق تام بين البشائر الأربعة
فى أسماء النساء !
و هذا كذب فلم يتم
الإجتماع كما قلنا إلا على مريم المجدلية
، فظهرت الروايات متضاربة متفاوتة أما
مريم أم يعقوب فلا ذكر لها فى إنجيل يوحنا
البته،
و الحق أن
كلاً من كتبة الأناجيل كتب ما وصل إليه من
العلم فقال متى
28 : 1- 10 ((
بعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم
المجدلية و مريم الأخرى لتنظرا القبر......فأجاب
الملاك و قال:
لا تخافا أنتما فإنى أعلم أنكما تنظرا
يسوع المصلوب...إذهبا
سريعاً قولا لتلاميذه إنه قد قام من
الأموات...
فخرجتا سريعاً من القبر بخوف و فرح عظيمين
لتخبرا تلاميذه ، و فيما هما منطلقتان
لتخبرا تلاميذه إذ يسوع لاقاهما و قال:
سلام لكما، فتقدمتا و
أمسكتا بقدميه و سجدتا له، فقال لهما يسوع
: لا تخافا..))
فأنظر أيها اللبيب فى
ذلك الكلام و تدبر هل تترك هذه
العبارات مجالاً للشك فى أن اللتين ذهبتا
إلى قبر المسيح -
وفق رؤية متى-
كانتا امرأتين فقط؟!
و نجد فى روايتى مرقس
و لوقا إختلافاً فى أسماء النساء اللاتى
جئن إلى القبر فقال مرقس 1:16-7
((
و بعدما مضى السبت
اشترت مريم المجدلية و مريم أم يعقوب و
سالومة حنوطاً ليأتين و يدهنّه و باكراً
جدً فى أول الأسبوع أتين إلى القبر.....
ولما دخلن القبر رأين
شاباً جالساً عن اليمين لابساً حلة بيضاء
فاندهشن،
فقال لهن
: لا تندهشن
...... لكن
اذهبن و قلن لتلاميذه و لبطرس :
إنه يسبقكم إلى الجليل
هناك ترونه كما قال لكم
)) بينما قال
لوقا بأن اللاتى ذهبن للقبر مجموعة من
النسوة و ذكر فيهن يونا التى لم تُذكر فى
أى من الأناجيل الثلاثة الأخرى كما أن
سالومة لم يذكرها إلا مرقس فهذه كتلة من
الإختلافات فى نقطة الزائرات فقط!!
ثم
قال القس
: "
وقد قال البعض بوجود
تناقض بين يوحنا ومرقس في تعيين وقت ذهاب
النساء إلى القبر,
فمرقس يقول إنهن أتين
عند طلوع الشمس، بينما يقول يوحنا إن مريم
المجدلية جاءت إلى القبر والظلام باقٍ,
ولكن لا تناقض بينهما،
لأن يوحنا يتكلم عن وقت بدء السير إلى
القبر، بينما مرقس يشير إلى وقت الوصول
إليه, وبدهي
أنه كان لا بد لأولئك النساء من قطع مسافة
قبل الوصول إلى القبر، سواء كنَّ مقيمات
في أورشليم أو في بيت عنيا التي تبعُد
عنها قليلاً,
فعندما بدأنَ في السير كان الظلام باقياً،
ولكن عند وصولهن إلى القبر الواقع شمال
أورشليم كانت الشمس على وشك الطلوع
. "
-
يدعى القس ههنا أن يوحنا تكلم عن وقت بدء
السير إلى القبر بينما مرقس يشير إلى وقت
الوصول إليه ، و هذا قول مغلوط و تدليس
مرفوض فضلاً عن كونه بلا أدنى دليل فهو
أيضاً لا يوافق أبداً النص الصريح فى
إنجيل يوحنا 20
: 1 والذى يقول
((
و فى أول الأسبوع جاءت
مريم المجدلية إلى القبر باكراً، والظلام
باق، فنظرت الحجر مرفوعاً عن القبر
)) فالكلام عن وقت
مجىء مريم للقبر أى وقت وصولها إليه لا عن
وقت خروجها أو بدء مسيرتها لذا قال يوحنا
أنها جاءت باكراً والظلام باق ثم قال
مباشرة "
فنظرت الحجر"
و نضرب مثالاً بسيطاً
على ذلك فعندما نقول "جاء
زيد إلى العمل فى السابعة
" يُفهم بداهةً
أن الكلام عن وقت وصوله إلى عمله فلا يقول
عاقل بأن المقصود أن زيد خرج من بيته فى
السابعة و وصل فى التاسعة مثلاً!!
وكلمتا (أتى
و جاء) لهما
نفس المدلول فى اللغة و تفيدان الوصول و
كذا الحال بالنظر فى التراجم الأخرى
فمثلاً فى ترجمة
(american
standard version)
And very
early on the first day of the week, they
come to the tomb when the sun was risen
(mark16:2)
Now on the
first day of the week cometh Mary
Magdalene early, while it was yet dark,
unto the tomb, and seeth the stone taken
away from the tomb (john 20:1)
و بذلك يبرز التناقض
بين مرقس و يوحنا فى وقت وصول مريم للقبر
فتأمل .
ثم قال القس: النقطة
التي كثر فيها البحث أكثر من سواها في هذا
الموضوع هي الإشارة إلى الملاكين اللذين
ظهرا للنساء وأخبراهنَّ عن القيامة,
فمتى ومرقس يقولان إن
ملاكاً واحداً كلّم النساء، بينما لوقا
ويوحنا يذكران أن ملاكين كانا عند القبر
وزفَّا بشارة القيامة إلى أولئك النساء,
فيقول الملحدون إن هذا
تناقض ظاهر,
ولكن القارئ المدقق يرى خطأ قولهم هذا,
هل متى ومرقس يقولان
إنه لم يكن عند القبر إلا ملاك واحد؟
كلَّا, لأن
إشارتهما إلى ملاك واحد لا تمنع إمكانية
وجود ملاكين أو أكثر عند القبر,
ولنتأمل فيما حدث عند
ميلاد المسيح، إذ ظهر ملاك واحد للرعاة,
وفي الحال ظهر معه
جمهور من الجند السماوي,
وربما كان سبب ذكر متى
ملاكاً واحداً أن ملاك الرب نزل من السماء
وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه
(متى
2:28) فهو يخص
بالإشارة هذا الملاك، وهو الذي كلم النساء,
ولما كانت مأمورية
الملاك هذه على جانب عظيم من الأهمية، ذكر
متى هذا الملاك فقط، دون أن يعلّق أهمية
على وجود سواه من الملائكة عند القبر,
كما أن عدم إشارة مرقس
إلى وجود ملاك آخر قد يكون راجعاً إلى
اهتمامه بالملاك الذي حمل بشرى قيامة
المسيح, ولعل
ما كان مهماً في نظره هو أن النساء لم
يتلقَّيْن هذه البشرى من أحد الرسل، بل من
ملاك مرسَل من الله,
فسواء كان عند القبر
ملاك واحد أو ملاكان، هذا أمر ثانوي,
ولا يخفى أن عدم
الإشارة إلى وجود شخص ما في ظرف معيَّن لا
ينفي وجوده,
فلنفرض مثلاً أنك قد حظيت بالمثول بين يدي
رئيس الدولة، وكان رئيس الوزراء ساعتئذ
حاضراً, وعند
رجوعك إلى البيت قد تقول لأهلك:
رأيت رئيس الدولة،
وقال لي كذا وكذا,
وبعد قليل قد تقابل
صديقاً لك وتقول له:
رأيت هذا الصباح رئيس
الدولة ورئيس الوزراء، وقالا لي كذا وكذا,
وإذا قابلت صديقاً آخر
تقول له:
اُتيحت لي رؤية رئيس الدولة ورئيس الوزراء
هذا الصباح، فقال لي رئيس الدولة كذا وكذا,
فهل يجرؤ أحدٌ على
اتّهامك بالتناقض في هذه الأقوال الثلاثة؟
وعليه يجب أن نعامل
الكتاب المقدس عند الحكم على ما جاء به
بمبدأ العدل الذي نطلبه لأنفسنا، فنجده
خالياً من كل تناقض,
فمن المحتمل في
قضية القيامة أن أحد الملاكين هو الذي نطق
بالبشارة,
ومن المحتمل أيضاً أن
الثاني كان يردّد كلام الأول تأييداً له,
وكيفما كانت
الحال، فالبشيرون لهم الحق أن يشيروا إلى
أحدهما أو كليهما معاً,
-
نلاحظ هنا أن القس
يوظف كل إمكاناته اللغوية ليقلل من شأن
التناقض المريب فى قضية الملاك الذى كان
عند القبر و من ذلك قوله "لأن
إشارتهما إلى ملاك لا تمنع إمكانية وجود
ملاكين أو أكثر"
و لكن ذلك الأسلوب
الظنى لا صدى له عند الباحثين عن الحق
فالتناقضات أكبر من أن تُحتوى بهذه
الفبركات لعدة أسباب منها:
1-
لاشك أن ظهور ملائكة
الرحمن للبشر من أعظم العظائم التى لا
تُنسى أو تُغفل تحت أى ظرف و لأى سبب فلو
كان هناك ملاكين كما زعم يوحنا و لوقا فلا
يُعقل أبداً أن يعلم متى و مرقس بخبرهما
ثم يُغفلا أحدهما بالكلية على النحو
المذكور فى روايتيهما و هما يدونان
الإنجيل خاصةً مع عدم وجود سبب واحد مقنع
يبرر إغفال الملاك
الآخر
و عدم الإشارة إليه و لو بكلمة
.
2-
الإختلاف بين الأناجيل
إمتد من العدد إلى طبيعة من ظهر للنساء
فمتى قال أنه ملاك و يوحنا قال أنهما
ملاكان بينما قال مرقس أنه رجل و قال لوقا
أنهما رجلان و سيأتى الحديث عن ذلك بإذن
الله .
3-
و وقع الاختلاف فى زمن
ظهور الملاك فمتى و مرقس و لوقا قالوا
بأنه ظهر للنساء عند وصولهن للقبر و
اندهاشهن برؤيته مفتوحاً بينما نجد فى
يوحنا أن مريم جاءت القبر و نظرته
مفتوحاً فركضت و جاءت بطرس الذى أتى
بدوره و نظر الأكفان الموضوعة ثم غادر ثم
بعد ذلك كله انحنت مريم المجدلية إلى
القبر فوجدت الملاكين!!
4-
و وقع التناقض أيضاً
فى المكان الذى ظهر فيه الملاك فقال متى
أنه كان جالساً على الحجر (( ...
جاءت مريم المجدلية و
مريم الأخرى لتنظرا القبر و إذا زلزلة
عظيمة حدثت لأن ملاك الرب نزل من السماء و
جاء ودحرج الحجرعن الباب و جلس عليه
... فمن خوفه
ارتعد الحراس و صارا كالأموات ، فأجاب
الملاك و قال للمرأتين:
أنتما لا تخافا
)) متى
1:28-5
بينما
نفهم من مرقس أنهن وجدن الرجل داخل القبر ((
و لما دخلن
القبر رأين شاباً جالساً عن اليمين لابساً
حلةً بيضاء
)) مرقس
5:16
أما لوقا
فقال أن رجلين ظهرا للنساء بينما هن
محتارات بعد أن دخلن القبر و لم يجدن جسد
المسيح ((
فوجدن الحجر
مدحرجاً عن القبر، فدخلن و لم يجدن جسد
الرب يسوع، و فيما هن محتارات فى ذلك إذ
رجلان وقفا بهن بثياب براقة و إذ كن
خائفات منكسات وجوههن إلى الأرض قالا لهن:لماذا
تطلبن الحى بين الأموات؟
)) لوقا
3:24-5
و قال يوحنا
أن مريم المجدلية بصرت ملكين فى القبر بعد
أن جاءته المرة الثانية أحدهما جالس عند
الرأس و
الآخر
عند الرجلين ، يوحنا
11:20-12
و
قال القس بخصوص الملكين
: "
أما اقتصار البعض على
ذكر ملاك واحد دون الآخر فلأنه هو الذي
خاطبهم وكلمهم، إذ لا يُعقل أن يتكلم
الملاكان في آن واحد ذات الكلام عينه.
"
-
و هذا القول يناقض
روايتى لوقا و يوحنا الذين صرحا بأن
الملاكين خاطبا النساء و يبدو أن القس
انتبه لهذا لذا قال
آنفا فى
وسط كلامه
" و من المحتمل
أيضاً أن الثانى كان يردد كلام الأول
تأييداً له
" و هو بذلك
ناقض نفسه أولاً ، كما أن احتماله هذا
لامعقول ثانياً و هو يجعل أحد الملاكين
أشبه بطائر الببغاء الذى يردد ما يُقال
أمامه فهل كان الملاك
الآخرعلى
ذلك الحال ؟!
و قال القس
بخصوصهما أيضاً:
أما قول بعض البشيرين
إنه رجل لابس ثياباً بيضاء، وفي محل آخر
يقول إنه ملاك، قلنا إن الملاك يتشكل بشكل
الإنسان,
والملائكة هم أجساد لطيفة قادرة على
التشكّل بصور مختلفة، فرآهم الرسل كذلك
.
-
لم يجب القس عن
التناقض البين فى هذا الموضع فهو يحدثنا
عن طبيعة الملائكة و أنها قادرة على
التشكل و ذلك ليس موضع الإعتراض و لكن
التناقض قائم بين الأناجيل حول الصورة
التى ظهر بها الملاك للنسوة فبينما يزعم
مرقس أنهن رأين شاباً لابساً حلة بيضاء
(( ولما دخلن
القبر رأين شاباً لابساً حلةً بيضاء
فاندهشن
)) مرقس 5:16
، نجد متى يقول بأنهن
رأين ملاكاً فى صورة فائقة منظره كالبرق و
لباسه أبيض كالثلج حتى أن الحراس ارتعدوا
منه و صاروا كالأموات ((
و إذا زلزلة
عظيمة حدثت لأن ملاك الرب نزل من السماء
و جاء و دحرج الحجر عن الباب و جلس عليه ،
و كان منظره كالبرق و لباسه أبيض كالثلج
فمن خوفه ارتعد الحراس و صاروا كالأموات
)) متى2:28-4،
فهل ظهر فى صورة ملاك كالبرق أم فى صورة
شاب؟! هذا مع
تجاوزنا عن رواية لوقا التى تتحدث عن ظهور
رجلين!
فهذه جملة من
التتناقضات المتراكمة فى قصة الملاكين
فتأمل .
ثم قال القس
: "
يوجد في موضوع القيامة
نقطة أخرى قيل بوجود تناقض فيها، وهي قول
يوحنا إن المسيح ظهر لمريم المجدلية عند
القبر بعد رجوعها من عند بطرس ويوحنا،
اللذين أخبرتهما بعدم وجود جسد السيد,
بينما متى يقول إن
المسيح ظهر للنساء وهن عائدات من القبر
إلى الرسل حاملات بشرى القيامة من الملاك,
ولا حاجة إلى
الاسترسال في شرح نقطة ظاهرة كهذه,
فعند رجوع مريم من
القبر لتخبر التلاميذ بعدم وجود جسد الرب،
دخلت باقي النساء القبر حيث رأين الملاكين
اللذين أسمعاهنَّ بشرى القيامة,
وفيما هن راكضات إلى
التلاميذ بهذه البشرى رجعت مريم إلى
القبر، وهناك ظهر لها الرب المقام.
"
-
يبدو أن الأمور قد
اختلطت على القس تماماً فى هذه المسألة
فهو يزعم أن مريم المجدلية دخلت
القبر أولاً و سمعت البشارة من الملكين ثم
رجعت لتخبر بطرس و يوحنا ، و فى أثناء
رجوعها من القبر دخلت باقى النسوة و سمعن
البشرى من الملكين و فيما هن راجعات من
القبر لتخبرن التلاميذ عادت مريم المجدلية
للقبر فظهر لها المسيح أى أنه ظهر لها
عند القبر و لباقى النساء و هن فى الطريق!
و ذلك التفسير الطريف
لا يمكن إعتباره إلا تخريفاً لسبب بسيط و
هو أن مريم المجدلية جاءت القبر لأول مرة
بصحبة النساء و قابلن الملاك معاً ثم ذهبن
وفق روايات متى و مرقس و لوقا
فمتى يقول
((
بعد السبت عند
فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية و
مريم الأخرى لتنظرا القبر، و إذا زلزلة
عظيمة قد حدثت لأن ملاك الرب نزل من
السماء و جاء و دحرج الحجر عن الباب
.... فأجاب
الملاك و قال للمرأتين:
لا تخافا أنتما...
إذهبا سريعاً قولا
لتلاميذه: إنه
قد قام من الأموات......
و فيما هما منطلقتان
لتخبرا تلاميذه إذا يسوع لاقاهما و قال:
سلام عليكما
)) متى
1:28-9 ، فهنا نجد
مريم المجدلية و مريم الأخرى وقد لقيتا
المسيح للمرة الأولى سوياً
و يقول مرقس
((
و بعدما مضى
السبت اشترت مريم المجدلية و مريم أم
يعقوب و سالومة حنوطاً ليأتين و يدهنه ، و
باكراً جداً فى أول الأسبوع أتين إلى
القبر إذ طلعت الشمس ....
و لما دخلن القبر
رأين شاباً جالساً عن اليمين لابساً حلة
بيضاء فاندهشن، فقال لهما:
لا تندهشن!
..... لكن إذهبن و قلن
لتلاميذه و لبطرس إنه يسبقكم إلى الجليل
....)) مرقس
1:16-7 ، و هنا
نجد مريم المجدلية تتلقى البشرى من الملاك
بصحبة مريم أم يعقوب و سالومة
و يقول لوقا
((
ثم فى أول
الأسبوع أتين إلى القبر حاملات الحنوط
الذى أعددنه و معهن أناس فوجدن الحجر
مدحرجاً عن القبر....
و فيما هن محتارات فى
ذلك إذ رجلان وقفا بهن ثياباً براقة......قالا
لهن: لماذا
تطلبن الحى بين الأموات؟ ليس هنا لكنه قام!....و
رجعن من القبر و أخبرن الأحد عشر تلميذاً
بهذا كله، و كانت مريم المجدلية و يونا و
مريم أم يعقوب و الباقيات معهن
)) لوقا
1:24-10، و فى رواية
لوقا هذه نجد أن مريم و من معها من النساء
قد جئن معاً و قابلن الملاكين معاً ثم
ذهبن و أخبرن التلاميذ معاً
.
ثم
قال
القس :
"
وقد يعترض معترض على
ما جاء في متى 8:28
ومرقس 8:16
حيث يقول متى إن
النساء خرجن من القبر وركضن ليخبرن
التلاميذ,
بينما يقول مرقس إنهن لم يقلن لأحد شيئاً
لأنهن كن خائفات,
فمتى يقول إنهن حملن
إلى التلاميذ بشرى الملاكين، ومرقس يقول
إنهن لم يقلن لأحدٍ شيئاً,
أما حل هذه العقدة
المزعومة فسهل جداً
:
إن إشارة مرقس تفيد
وصف حالة النساء وهن راجعات، فلم يقفن في
بيوت المعارف والأصدقاء ليخبرنهم بما رأين
وسمعن، إذ كنّ مرتعدات,
ولا ريب في أن
مرقس لم يقصد بإشارته هذه أن ينفي إخبارهن
للتلاميذ, لأنه
في مرقس 7:16
يقول إن الملاك قال لهن:
اذهبن وقلن لتلاميذه
ولبطرس إنه يسبقكم إلى الجليل ,
فإن كانت هؤلاء النساء
لم يخبرن التلاميذ يكون هذا عصياناً منهن
لأمر الرب,
الأمر الذي لا يمكن صدوره من نساء تقيات
أمثالهن! "
-
بعد أن قرأنا الحل
-السهل جداً-
الذى قدمه القس
عبدالنور ما وجدناه إلا تأليفاً يستخف به
بالعقول لأقصى حد ، فزعم أن مرقس يقصد أن
النساء لم يخبرن الأهل و الأصدقاء و لكنهن
أخبرن التلاميذ و هذا ما لم يقله مرقس كما
أنه رد سخيف ركيك فما الفائدة من إخبارنا
بهذه الشئون النسائية و أنهن أخبرن
معارفهن أم لا ؟!
فمرقس كان يقصد أنهن
لم يخبرن التلاميذ وعلل ذلك بالخوف الشديد
و الرعدة و الحيرة و لذلك قال أنهن
"هربن"
من القبر ، كما أنه
أطلق اللفظ فقال :
و لم يقلن لأحدٍ شيئا
و إليك نص الرواية ((
و لما دخلن
القبر رأين شاباً جالساً عن اليمين لابساً
حلةً بيضاء، فاندهشن.
فقال لهن:
لا تندهشن!
أنتن تطلبن يسوع
الناصرى المصلوب، قد قام!
ليس هو ههنا، هوذا
الموضع الذى وضعوه فيه، لكن اذهبن و قلن
لتلاميذه و لبطرس:
إنه يسبقكم إلى الجليل
، هناك ترونه كما قال لكم، فخرجن سريعاً و
هربن من القبر لأن الرعدة و الحيرة
أخذتاهن . و لم
يقلن لأحدٍ شيئاً لأنهن كن خائفات
)) مرقس 16 : 5
-
و العجيب أن القس يؤكد
أن مرقس لم يقصد بإشارته نفى إخبار النسوة
للتلاميذ بحجة أنهن كن تقيات طائعات و كأن
ذلك أمر يحاج به الغير، فماذا يضير كونهن
طائعات أم لا و نحن بصدد تفنيد قصة
القيامة
المزعومة من
أصلها؟! علماً
بأن عدم إخبارهن للتلاميذ لم يكن نتيجة
العصيان و إنما نتيجة الصدمة الشديدة التى
سببت لهن الخوف و الرعدة على حد قول مرقس
.
-
و كيف يستقيم ما يدعيه
القس مع قول لوقا أن النساء قد أخبرن
التلاميذ "و
جميع الباقين" ((
و رجعن من
القبر و أخبرن الأحد عشر تلميذاً و جميع
الباقين بهذا كله
)) لوقا9:24
الخلاصة
-
لم تتفق الأناجيل
الأربعة حول أى نقطة فى قصة القيامة و هى
القصة التى لم يذع خبرها بين عامة
المسيحين إلا بعد خمسين يوماً على الأقل
كما يقول لوقا فى
سفر
الأعمال - الذي
سطره بعد أكثر
من ستين عاماً من رفع المسيح- فلم
تتفق الأناجيل لابخصوص النساء و عددهن و
لا زمن زيارتهن للقبرو لا عدد الملائكة و
لا طبيعتهم و لا زمان أو مكان ظهورهم و
لازمان أو مكان ظهور المسيح ولا من ظهر
لهم أولاً فهى قصة واهية مليئة بالثغرات
حتى أن جون فنتون
المفسر المسيحي
قال
: إن حدوث
زلزلة ، و نزول الملاك من السماء، و دحرجة
الحجر ، و خوف الحراس كلها إضافات من عمل
متى ، و قال جورج كيرد
: إن قصة لوقا
عن القبر تسير بمحاذاة مرقس و لكنها تختلف
عنها فى أربع نقاط أساسية.
وغيرهم كثير من المفسرين الذين إعترفوا
بالإختلافات و الأخطاء التى ألمت بهذه
القصة .
-
تحكى الاناجيل شك
التلاميذ فى قيامة المسيح و اعتبارهم كلام
النساء هذياناً و لم يؤمنوا إلا بعد أن
رأوه و حتى بعد لقاءه شكوا فيه كما يحكى
الإنجيل -
ولولا خشية الإطالة لاسترسلنا فى هذه
النقطة- فإذا
كان هذا حال الذين التصقوا به و تتلمذوا
على يديه و رأوا
معجزاته
واختارهم على عينه و تنبأ لهم فأى حجة
لهذه القصة على غيرهم ؟ علماً أن المسيح
لم يظهر معجزة القيام هذه لليهود لتقام
عليهم الحجة مع أنه وعدهم بها ، يقول
أدولف هرنك
: ((
إن عدداً من النقاط
مؤكدة تاريخياً منها أن عدداً من خصومه لم
يره ))
يقول القس
السابق الدكتور إبراهيم خليل:
إن رؤية الخصوم قبل
الأصدقاء هى دليل هام و مفقود كان من
اللازم تواجده-
أولاً- عند كل
من يؤمن بالقيامة و لسوف يظل مفقوداً إلى
الأبد .
وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ
غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ
اخْتِلَافًا كَثِيرًا
|
|
|
|