السند المتصل لإنجيل متى

 

قال القس الفاضل :

قال المعترض : لا يوجد سندٌ متَّصل لإنجيل متى .
وللرد نقول : أشار برنابا ( الذي كان رفيقاً لبولس ) إلى إنجيل متى في رسالته سبع مرات، واستشهد به أغناطيوس سنة 107م في رسائله سبع مرات، فذكر حبل مريم العجيب، وظهور النجم الذي أعلن تجسُّد المسيح. وكان إغناطيوس معاصراً للرسل، وعاش بعد يوحنا الرسول نحو سبع سنين، فشهادته من أقوى البيانات على صحّة إنجيل متى. واستشهد بوليكاربوس (تلميذ يوحنا الرسول) بهذا الإنجيل في رسالته خمس مرات، وكان هذا الإنجيل منتشراً في زمن بابياس (أسقف هيرابوليس) الذي شاهد يوحنا الرسول. كما شهد كثير من العلماء المسيحيين الذين نبغوا في القرن الأول بأن هذا الإنجيل هو إنجيل متى، واستشهدوا بأقواله الإلهية، وسلَّمه السلف إلى الخلف.

وفي القرن الثاني ألّف تتيانوس كتاب اتفاق الأناجيل الأربعة وتكلم عليه هيجسيبوس، وهو من العلماء الذين نبغوا في سنة 173م، وكتب تاريخاً عن الكنيسة ذكر فيه ما فعله هيرودس حسب ما ورد في إنجيل متى، وكثيراً ما استشهد به جستن الشهيد الذي نبغ في سنة 140م، وذكر في مؤلفاته الآيات التي استشهد بها متى من نبوات إشعياء وميخا وإرميا. وقِسْ على ذلك مؤلفات إيريناوس وأثيناغورس وثاوفيلس الأنطاكي وأكليمندس الإسكندري الذي نبغ في سنة 164م وغيرهم.
وفي القرن الثالث تكلم عليه ترتليان وأمونيوس مؤلف اتفاق البشيرين ويوليوس وأوريجانوس واستشهدوا بأقواله وغيرهم.

وفي القرن الرابع اشتبه فستوس في نسبة هذا الإنجيل بسبب القول: وفيما يسوع مجتاز من هناك رأى إنساناً عند مكان الجباية اسمه متى، فقال له: اتبعني. فقام وتبعه (متى 9: 9). فقال فستوس: كان يجب أن يكون الكلام بصيغة المتكلم، ونسي أن هذه الطريقة كانت جارية عند القدماء. فموسى كان يتكلم عن نفسه بصيغة الغائب، وكذا المسيح ورسله، وزينوفون وقيصر ويوسيفوس في مؤلفاتهم، ولم يشكّ أحدٌ في أن هذه الكتب هي كتبهم. وفي القرن الرابع زاد هذا الانجيل انتشاراً في أنحاء الدنيا .

 

________________________________


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
في البداية أود أن أنبّه إلى أن القس منيس عبد النور
يستغل الجهل وعدم المعرفة لدى الكثيرين ، ويزج ويحشر كل ما تصل إليه يده حتى يُوهم الناس بأن ردّه متين .
وأصبح كتاب شبهات وهمية مصدراً وعوناً للمسيحيين البسطاء
الذين لا يعلمون مدى سذاجة حجج القس منيس الواهية ، فتراهم أول ما يروا اعتراضا على الكتاب المقدس يهرعوا إلى كتابه لطلب النجدة ، وينقلوا منه ( قال اغناطيوس وقال اريناوس وقال فلان .... ) ، وأغلبهم لا يعرف من هو هذا ولا من هو ذاك ولا سمعوا عنهم في حياتهم .

الرد :

يبدأ القس منيس
بقول المعترض ( لا يوجد سندٌ متَّصل لإنجيل متى ) ، ثم يحاول القس أن يوهم أن لإنجيل متى سند متصل ، والمصيبة كما قلنا أن القس منيس يستغل الجهل وعدم المعرفة لدى الكثيرين ، فهو يعرف أنّ الأغلبية الساحقة من القرّاء وخصوصاً المسيحيين لا يعرفون ما هو "السند المتصل" ، فيستغل القس هذا الجهل ويبدأ بزجّ الأقوال وتجميعها من هنا وهناك فيظن القارئ أن منيس قد أجاب وأثبت السند المتصل ..

لذلك نرى
أنه لزاماً علينا تعريف السند المتصل ، ولن أعرفه بصيغة إسلامية ، بل سنعرفه بشكل مبسّط يفهمه الجميع ، فأقول :
السند المتصل لإنجيل متى هو مثلاً أن يخبر تلاميذ
متى - أو من لقي متى ورآه أو سمع منه - أنهم شاهدوا متى يكتب إنجيله أو أنه هو أخبرهم بذلك ، ثم يقوم تلاميذه بنقل هذه المعلومة إلى تلاميذهم أو من هم دونهم ، ويجب على الأخيرين أن يصرحوا بكل وضوح وبكلام لا لبس فيه ، أنهم سمعوا من معلميهم ( الذين هم تلاميذ متّى ) أن القديس متّى هو كاتب هذا الإنجيل ، ثم يخبر هؤلاء من هم بعدهم وهكذا .

فهل ما قدّمه القس منيس يتوافق مع ما قلناه ؟؟؟
فهل أتى
لنا القس بشخص واحد على الأقل يقول أنه رأى متّى يكتب إنجيله ؟؟؟؟
هل أتى بشخص
واحد يقول أنّ متّى الرسول أخبره أنه كتب إنجيلاً ؟؟؟

لا لم يأت بشيء من هذا
القبيل ، فكل ما فعله القس هو أن قال أن برنابا وإغناطيوس استشهدوا بإنجيل متى ....

وعلينا أن نوضح نقطة مهمة هنا ، وهي أنّ القارئ قد يغترّ بقول القس
فيظنّ أنّ إغناطيوس يأتي إلى إنجيل متى ويقتبس منه ثمّ يقول ( هذا ما قاله إنجيل متى ) ، أو ( هذا ما قاله معلمنا متى في إنجيله ) ، وهذا لا وجود له أبداً لا في رسالة برنابا ولا في رسائل إغناطيوس ، فهما لم يذكرا إنجيل متى بالاسم قط ، بل لا وجود لاسم متى من الأصل في كل من رسالة برنابا ورسائل إغناطيوس ، وجلّ ما في الأمر هنا هو ورود عبارات في رسائلهم شبيهة لنصوص في إنجيل متى دون أن يقول أحدهما أنّ هذا مما اقتبسه من إنجيل متى .

فكلام القس منيس أن إغناطيوس و برنابا
استشهدا بإنجيل متى يُوهم أنهما ذكرا إنجيل متى بالاسم ، وهذا تضليل واضح من القس ، ولا يُستبعد أبداً أنّه تعمّد ذلك ليوهم القرّاء .

فالآن ، أين السند المتصل
كما شرحناه آنفاً ؟؟؟؟
هل نقل لنا القس قولاً عن أحد الذي لقوا متى بأن رأوا متى
يكتب إنجيله أو أن متى أخبرهم أنه كتب هذاالإنجيل؟؟؟

فإغناطيوس لم يذكر لا
متى ولا حتى إنجيله ، فكيف يحشر رسائله كدليل على السند المتصل ؟؟
ثم إنّ
إغناطيوس لا يُعرف عنه أنه لقي متى أو عرفه ، فلذلك الاستشهاد به باطل من كل الجوانب .

أما بالنسبة لوجود عبارات في هذه الرسائل مشابهة لنصوص في إنجيل
متى مثل ما جاء في رسالة برنابا ، الفصل الرابع :
(( كثيرون يدعون وقليلون ينتخبون  )) .
وكما جاء في الفصل السادس
( سأجعل الآخرين أولين ) .
فهذا يُشبه ما ورد في متى [ 20 : 16
] : ( هكذا يكون الآخرون اولين والاولون آخرين .لان كثيرين يدعون وقليلين ينتخبون  ) .

وكما جاء في الفصل الخامس من رسالة إغناطيوس إلى أهل افسس
(  فإذا كان لأجل صلاة الواحد أو الاثنين ممن يملكون القوة ، يقوم المسيح بينهم ، فكم أكثر بكثير تكون صلاة أسقف الكنيسة المباركة ) ، وهذا يُشبه ما ورد في متى [ 18 : 19 ] ،  (  19 وأقول لكم أيضا إن اتفق اثنان منكم على الأرض في أي شيء يطلبانه فانه يكون لهما من قبل أبي الذي في السموات ، لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم  ) .

وللرد على هذا التشابه أقول وبالله تعالى التوفيق :


إن وجود
عبارات في مؤلفات الآباء الرسوليين بشكل تشبه في مضمونها ما جاء في إنجيل متّى لا تعني أن متّى هو كاتب الإنجيل ، فهذا يتطلب قول صريح منهم أنهم رأوا متّى يكتبه أو أن يقولوا أن متّى أخبرهم بذلك ، أو على الأقل يخبروا من أخبرهم بذلك ، كما أنّ تشابه هذه العبارات لا تعني بالضرورة أنها مقتبسة من إنجيل متّى ، فيُحتمل أنّهم جميعاً ( الآباء وكاتب إنجيل متّى ) اقتبسوا من نفس المصدر ، أو يُحتمل أنها مقتبسة من أقوال منتشرة كانت تحكى وتتردد على ألسنة البعض في ذلك الزمان ..
فالجزم بأن
هذا التشابه دليل على أنهم اقتبسوا من إنجيل متى ليس في محله ، إذ لا يمنع أن يكون المصدر غير متى ، وخصوصاً أنّ هناك العديد من كتبوا عن المسيح كما يعترف بذلك كاتب لوقا في بداية إنجيله .

بهذا نكون نحن قد جارينا القس منيس كثيراً ، ولنا
بعد ذلك أن نسأل من هو كاتب رسالة برنابا ؟؟؟؟

رسالة برنابا لا يُعرف لها
كاتب ، تقول دائرة المعارف الكاثوليكية أنّ الرسالة لا تحتوي على أيّ دليل حول كاتبها ...
فرسالة برنابا لا يُعرف كاتبها ، وهو مجهول ، ولكن القس يُوهم
القرّاء أنه معروف وأنه برنابا الذي رافق بولس ..

فالكاتب مجهول ، فكيف
يُستدل على كاتب مجهول بكاتب هو الآخر مجهول ؟؟؟؟

أما الكلام عن بوليكاربوس
فهو نفسه عن إغناطيوس ، فبوليكاربوس لم يذكر إنجيل متى بالاسم قط ، ولم يذكر متى على الإطلاق ، بل وإن القس يحاول التدليس على القرّاء قدر المستطاع ، فكل ما ورد في رسالة بوليكاربوس من عبارات شبيهة بنصوص من إنجيل متى لها شبيه أيضاً من إنجيل لوقا ومرقس ، وسأضرب بعض الأمثلة على ذلك :
ورد في رسالة بوليكاربوس الفصل السابع
(  كما قال السيد : الروح نشيط والجسد ضعيف ) .
فهذه
يراها علماء المسيحية تشبه ما ورد في إنجيل متى ( 26 : 41 ) :
(( اسهروا وصلّوا لئلا تدخلوا في تجربة .اما الروح فنشيط واما الجسد فضعيف )) .
ولكن هذه تشبه أيضاً ما ورد في إنجيل مرقس ( 14 : 38 ) :
((
اسهروا وصلّوا لئلا تدخلوا في تجربة اما الروح فنشيط واما الجسد فضعيف  )) .

وهكذا حال الباقي ، كلّ له شبيه إما في إنجيل لوقا
أو في أو إنجيل مرقس ، فإذا عرفنا هذا ، فلا يمكن الجزم أنّ بولكاربوس استشهد من إنجيل متى ، بل هناك احتمال أنه اقتبسها من إنجيلي لوقا ومرقس وليس من متى ، أو يُحتمل أنه لم يقتبسها لا من هذا ولا من ذاك بل من أقوال منتشرة معروفة يتناقلها الناس ، ومع كل هذه الإحتمالات يسقط الاستدلال .

أما قوله : ( وكان هذا
الإنجيل منتشراً في زمن بابياس (أسقف هيرابوليس) الذي شاهد يوحنا الرسول ) .

 

أقول هذا الكلام مردود ، لأن بابياس نفسه لم يعرف هذا الإنجيل ، والدليل على ذلك روايته لموت يهوذا الاسخريوطي التي تغاير وتناقض إنجيل متّى بشكل صريح ، فمتّى يصف موت يهوذا  هكذا :

( فطرح الفضة في الهيكل وانصرف.ثم مضى وخنق نفسه ) متى 27 : 5 .

 

بينما بابياس يقول :

Judas walked about in this world a sad example of impiety; for his body having swollen to such an extent that he could not pass where a chariot could pass easily, he was crushed by the chariot, so that his bowels gushed out.

 

ولقد أصبح يهوذا مثال سيء على عدم التقوى في هذا العالم , فلقد تضخّم جسده حتى أنّه لم يكن بمقدوره المرور حيث يمكن أن تمرّ عربة حنطور بسهولة , ولقد دُهس بعربة حنطور حتّى انسكبت أحشاؤه خارجاً .

( Fragments of Papias - chapter 3 ) .

 

فكيف يقول القس أن هذا الإنجيل كان منشراً في زمن بابياس ، وبابياس نفسه لا يعرفه ؟؟؟؟

فلو عرفه ما خالفه في  خبر موت يهوذا .

أما قول القس :  ( كما شهد كثير من العلماء المسيحيين الذين نبغوا في القرن الأول بأن هذا الإنجيل هو إنجيل متى، واستشهدوا بأقواله الإلهية، وسلَّمه السلف إلى الخلف ) .
قلت : هذا تدليس كبير ، لا يليق برجل دين أن يصدر منه ذلك ، فلا يوجد أحد من القرن الأول من شهد لإنجيل متى ، لا بل لا يوجد أيّ دليل أنهم عرفوا هذا الإنجيل أو سمعوا به ، ولم يرد قط أي قول عن أحد من القرن الأول  يذكر فيه إنجيل متى ، وأقصى ما يمكن أن يستدل به القس منيس هو هذه العبارات في رسائل آباء القرن الأول التي تتشابه مع بعض نصوص إنجيل متّى ، ولقد رددنا عليها بما فيه الكفاية ، فكيف يدّعي أن علماء الدين المسيحي في القرن الأول شهدوا أنّ هذا الإنجيل هو إنجيل متى ؟؟؟؟؟

بصراحة القس يستغل جهل الكثيرين في هذا الجانب ، وعلى رجل الدين أن يكون أميناً فيما يقدّمه من معلومات ...
أما باقي كلام القس عن علماء القرن الثاني وما بعده ، فكلّه لا ينفع إن لم يكن له سند من القرن الأول ، فإذا لم يخبرنا أهل القرن الأول عن هذا الإنجيل أيأتي بعدها أناس ولدوا بعد موت متّى بعشرات السنين ليخبرونا بكلام مرسل أنّ متى كتب إنجيلاً ، فهذا مردود وباطل  .

 

وهنا طرفة لطيفة ، وهو أنّ القس منيس عبد النور يقول في معرض  كلامه عن لغة إنجيل متى الأصلية :
"
والأغلب أن فكرة كتابة متى لإنجيله باللغة العبرية جاءت نتيجة ما اقتبسه المؤرخ يوسابيوس عن بابياس أسقف هيرابوليس سنة 116م قال: كتب متى إنجيله باللغة العبرية . غير أن بابياس لم يقل إنه رأى بعينيه هذا الإنجيل باللغة العبرية " .
يشترط القس هنا شرطاً حتى يكون كلام القديس بابياس صحيحاً ، وهو أن يكون رآى الإنجيل بعينه !!!!!!!
بينما عند الكلام على هوية الكاتب يستدل باغناطيوس وبوليكاربوس ورسالة برنابا ، ولكن الغريب أنه لم يشترط أن يكون أغناطيوس وبوليكاربوس رأوه بأعينهم يكتبه ؟؟؟

هل لاحظتم الإزدواجية في المعايير ؟؟؟؟

لمعرفة كاتب إنجيل متّى يتعلق بما هو أبعد من البعيد ، ويكفي أن يكون فلان لمّح تلميحاً بعبارة شبيهة بنص في إنجيل متى ليجعلها دليلا على هوية الكاتب ، ولا يحتاج أن يكون فلان رأى بعينه أم لم يرَ .
بينما القول أن لغة الكتاب هي العبرية شيء لا يعجب القس فيحاول دفعه بالرغم من القول الصريح لبابياس ، وحجته أنه لم يره بعينه ..... هل تتعجب أيضاً عزيزي القارئ مثلي من صنيع القس ، وهل تظن أنه يفعل ذلك بغير قصد  وبحسن نيّة  ؟؟؟؟

 

أترك هذا الجواب لك .

 

 كتبه bilal_41

 

من أعمال الرسل 26 : 23
 

قال المعترض : أقام المسيح ثلاثة من الأموات: ابنة الرئيس، وميتاً آخر ذُكر في لوقا 7 ولعازر كما ذكر في يوحنا 11. وفي أعمال 26: 23 إن يؤلَّم المسيح يكن هو أول قيامة الأموات . وفي 1كورنثوس 15: 20-23 قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين... لأنه كما في آدم يموت الجميع، هكذا في المسيح سيُحيا الجميع. ولكن كل واحد في رتبته: المسيح باكورة، ثم الذين للمسيح في مجيئه . وورد في كولوسي 1: 18 الذي هو البداءة، بكرٌ من الأموات، لكي يكون هو متقدِّماً في كل شيء . وهذه الأقوال تنفي قيام ميت من الأموات قبل المسيح، وإلا لا يكون المسيح أول القائمين وباكورتهم. وفي رؤيا 1: 5 يسوع المسيح الشاهد الأمين البكر من الأموات .

وللرد نقول بنعمة الله : المسيح هو أعظم من قام من الأموات في أنه مات وقام ولا يعود يذوق الموت بعد، فهو بكر الأموات بمعنى أنه أعظمهم، وليس بمعنى أنه أولهم. أما الذين أقامهم من الموت فذاقوا الموت بعد ذلك، وماتوا كباقي الناس بعد أن عاشوا عدة سنين. ولكن متى أتى يوم البعث فلن يذوقوا الموت وتكمل سعادتهم، ويتم بذلك نعيمهم الدائم.

ولم يكن البكر دائماً هو الابن الأكبر، بل الابن الأعظم الذي ينال نصيب اثنين. فيعقوب أبو الأسباط اعتبر أفرايم بن يوسف (وهو الصغير) الابن البكر (تكوين 48: 14) واعتبر منسى بن يوسف الابن الثاني مع أنه أول أبناء يوسف.

_____________________________

بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله :

زعم بولس فى مواضع شتى ان المسيح يتقدم من قام من الاموات و هو ما يعارض كون أناس اخرين قاموا من الموت قبل المسيح كطليثا و لعازر و ابن أرملة نايين ....إلخ

فقال القس الفاضل فى توجيه هذا التعارض أن المسيح هو بـكر الاموات بمعنى أعـظـمهم لأنه لم يذق طعم الموت مرة أخرى أما الذين أقامهم من الأموات  فذاقوا الموت بعد ذلك. و حاول خلق شاهد  على ان  البكرية  تستعمل للتعظيم  ،  فنجيبه تفصيلاً بالأتى:

اولاً: أن البكورية لها معنى معلوم و هو الأولية و الأسبقية ، كما يقال  للبطن الأولى الابن البكر و هكذا....، و لم يقع أن شخصاً دُعى بكراً نظراً لمكانته ، و كتاب النصارى يشهد لهذه الحقيقة فى مواضع شتى .

فمثلاً نقرأ أن رأوبين هو بكر يعقوب مع أن أخاه يوسف  أعظم منه و هو نبى، (( و هذه أسماء بنى إسرائيل الذين جاءوا إلى مصر: يعقوب و بنوه ، بكر يعقوب رأوبين )) تكوين8:46

و يقول الرب صراحة فى معنى البكرية (( و كلم الرب موسى قائلاً: قدس لى كل بكر ،كل فاتح رحم من بنى إسرائيل ، من الناس و من البهائم إنه لى )) خروج1:13، فعُلم أن البكر هو أول من يفتح الرحم .

و أكثر من هذا فنقرأ من اخبار الكتاب المقدس الطريفة أن  يعقوب و رغم كونه توأم عيسو و أفضل منه إلا أن البكورية ظلت لعيسو و لم تنتقل إلى يعقوب إلا بتخلى أخيه عنها بعد أن رشاه بوجبة طعام!! (تكوين 34:25)

و حتى الشاهد اليتيم الذى استأنس به جناب القس على تحليله  (فى تكوين14:48)، فليس فيه ما يؤيد كلامه بل العكس هو الصحيح فالنص يقول : (( فمد إسرائيل يمينه و وضعها على رأس أفرايم و هو الصغير ، و يساره على رأس منسى .وضع يده بفطنة فإن منسى كان البــكــر....و قال يوسف لأبيه : ليس هكذا يا أبى لأن هذا هو البكر ضع يمينك على رأسه، فأبى أبوه وقال: علمت يا بنى علمت،هو أيضاُ يصير شعباً و هو أيضاً يصير كبيراً ، و لكن أخاه الصغير يكون أكبر منه و نسله يصير جمهوراً من الأمم )) تك 14:48-20

كما نرى فإن يعقوب لم ينكر  بكورية منسى  و لم يدعو أفرايم بكراً مكانه ، و حين نبهه يوسف أن يضع يمينه على منسى لأنه البكر أجابه قائلاً: (علمت يا بنى علمت) ، فدل على الفرق بين البكورية التى أقرها لمنسى ، و رفعة المكانة التى التى تنبأ بها لأفرايم فوضع يمينه على رأسه بسببها.

ثانياً: أن القس اعتمد فى جوابه على ابتداع معنى للبكورية يدفع به التناقض عن كتابه ثم قال [ فهو بكر الأموات بمعنى أنه أعظمهم، وليس بمعنى أنه أولهم ] ، و نسى عبدالنور أن  النص فى سفر الأعمال صريح فى رد كلامه و إثبات أن البكورية تعنى الأولية فقال: (( إن يؤلَّم المسيح يكن هو أول قيامة الأموات )) أعمال23:26، فشهد الكاتب صراحة أن المسيح هو أول قيامة الأموات !!

ثالثاً: أن القس قال [ المسيح هو أعظم من قام من الأموات في أنه مات وقام ولا يعود يذوق الموت بعد.... أما الذين أقامهم من الموت فذاقوا الموت بعد ذلك وماتوا كباقي الناس بعد أن عاشوا عدة سنين ] وهذا قول باطل لأننا نقرأ فى الإنجيل عن قيام الكثير من أجساد القديسين من الموت بعد صلب المسيح المزعوم ثم خروجهم من قبورهم بعد ذلك و دخولهم المدينة المقدسة و ظهروا للناس جهاراً (متى52:27، 53)

ولم يخبرنا كاتب الإنجيل أين ذهبوا و لا كيف عاشوا ولا حتى إن كانوا قد عادوا و افترشوا القبور أمواتاً مرة أخرى!!

زد على هذا أننا نقرأ عن نبي اسمه أخنوخ، لم يذق الموت ابتداءً بل رُفع إلى السماء و سار مع الله (( و سار أخنوخ مع الله و لم يوجد لأن الله أخذه )) تكوين 24:5، (( بالإيمان نُقل أخنوخ لكى لا يرى الموت ، و لم يوجد لأن الله نقله )) العبرانيين 5:11

ومن جهة أخرى كيف يُرفع أخنوخ ولا يرى الموت ، فى حين ان بولس يقول في رومية 12:5: (( و هكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع )) ؟!

من أعمال الرسل 7 : 14
 

قال المعترض : ورد في أعمال 7: 14 فأرسل يوسف واستدعى أباه يعقوب وجميع عشيرته، 75 نفساً . وهذه العبارة تدل على أن يوسف وابنيه (الذين كانوا في مصر قبل الاستدعاء) لا يدخلون في عدد 75 ، ولكن جاء في التكوين 46: 27 جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت إلى مصر سبعون . وهذا تناقض .

وللرد نقول : كان الواجب عليه أن يذكر آية 26 و27 من سفر التكوين حتى يظهر المعنى، ونصها : جميع النفوس ليعقوب التي أتت إلى مصر الخارجة من صلبه، ما عدا نساء بني يعقوب، جميع النفوس 66 نفساً. وابنا يوسف اللذان وُلدا في مصر نفسان. جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت إلى مصر سبعون . وهاك بيان بذلك:

12 أولاد يعقوب، (11 ولداً وابنة)

4 أولاد رأوبين

6 أولاد شمعون

3 أولاد لاوي

5 أولاد يهوذا الثلاثة وحفيداه

4 أولاد يساكر

3 أولاد زبولون

7 أولاد جاد

7 أولاد أشير وابنته وحفيداه

1 ابن دان

4 أولاد نفتالي

10 أولاد بنيامين

فالمجموع 66. والآية تقول إنهم 66 وابنا يوسف اللذان وُلدا له في مصر نفسان. بإضافتهما إلى يوسف مع أبيه ينتج 4 فيكون المجموع 70. وقد استثنى سفر التكوين من ذلك نساء بني يعقوب. أما أعمال فيقول : فأرسل يوسف واستدعى أباه يعقوب وجميع عشيرته، 75 نفساً . دون أن يدرج يوسف ولا ابناه ولا زوجته في هذا العدد، لأنهم كانوا موجودين في مصر، فيكون عدد الذين استدعاهم 66 نفساً بإخراج يعقوب من هذا العدد، لأنه مذكور على حدته، بقوله استدعى أباه يعقوب وجميع عشيرته يعني 66 نفساً. أما باقي العشيرة فهي زوجات بنيه، وعددهن تسع، لأنه كانت توفيت امرأة يهوذا (تكوين 38: 12) وكذلك امرأة شمعون. فالمجموع 75. ففي سفر التكوين قال: ما عدا نساء يعقوب . وفي أعمال الرسل قال: يعقوب وبنوه وجميع عشيرته . فعبارة الأعمال شرحت وأوضحت عبارة سفر التكوين، فلا محل لقوله إن عبارة الإنجيل غلط. ولو ذكر المعترض آيتي 26 و27 لأوضحتا الحقيقة.

__________________________

 

بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله :

يُعلم من أعمال 7: 14 ان عدد نفوس بيت يعقوب الذين استدعاهم يوسف إلى مصر 75 نفساً - غير يوسف و ابنيه لأنهم ساكنى الديار و أصحاب الدعوة - بينما نقرأ فى تكوين 46: 27 ان عدد هذه النفوس كان سبعين فقط!

فأجاب القس أن عدد النفوس كان 66 كما فى تكوين 26:46، مضافاً عليها يعقوب و يوسف و ولديه فيكون المجموع 70 وأن العدد 75 المذكور فى أعمال 7 يحسب نساء بنى يعقوب ( تسعة نسوة ) لأن زوجتى يهوذا وشمعون توفيتا قبل الهجرة فبإضافة هذا العدد ل66 نفساً المذكورة  فى تك 26:46 يكون الإجمالى 75 نفساً!

 

و نظهر خطأ هذا القول على النحو الآتي :

 

اولًا : ان القس لم يحتسب نساء بيت يعقوب كلهن فقد حسب نساء بنيه وقدرهن بتسعة ، من ضمنهن إمرأة يهوذا وامرأة شمعون وهما متوفيتين ، وغفل عن ادراج نساء يعقوب نفسه وهن ليئة زوجته (خالة يوسف) ، وبلهة وزلفة - سريتاه - وقد أنجبتا له دان ونفتالى وجاد وأشير أربعة أخوة من الأسباط.

فجناب القس يحتسب من يريد و يحذف من يريد ليضبط الخلل!!

ثانياً : أن القس إعتمد فى حساباته على أكذوبة أن مجموع السبعين نفساً المذكور فى تكوين 27:46 يدخل فيها يعقوب مستشهداً بأن يعقوب ذكر مع بنيه فى أول الإحصاء بقوله : (( يعقوب و بنوه: بكر يعقوب رأوبين.و بنو رأوبين: حنوك و فلو و حصرون...)) تكوين8:46

وهذا باطل لأن النص  لم يقصد بذكره احتسابه فى العدد الإجمالى فقد قال صراحة فى نهاية هذه الفقرة : (( هؤلاء بنو ليئة الذين ولدتهم ليعقوب فى فدان أرام مع دينة ابنته . جميع نفوس بنيــه و بناتــــه ثلاث و ثلاثون )) تك15:46

 

و يؤكد ما قلناه  ما جاء فى الخروج 5:1 : (( و كانت جميع نفوس الخارجين من صلب يعقوب سبعين نفساً ..))

فهل كان يعقوب خارجاً من صلب نفسه حتى يحتسب ضمن السبعين نفساً ؟!!

 

ثالثاً : أن كل ما يقدمه القس الفاضل من تبريرات تهدف إلى التهرب من حقيقة أن كتبة العهد الجديد كانوا يقتبسون من الترجمة السبعينية للعهد القديم و هى الترجمة التى تختلف عن النسخة العبرانية فى مواضع منها هذا النص :

(( جميع النفوس ليعقوب التى أتت إلى مصر الخارجة من صلبه، ماعدا نساء بنى يعقوب، جميع النفوس ست و ستون نفساً. و ابناء يوسف الذين ولدوا له فى مصر تسعة،جميع نفوس بيت يعقوب التى جاءت إلى مصر مع يوسف خمسة و سبعون نفساً )) [ تكوين26:46 الترجمة السبعينية ]

(26And all the souls that came with Jacob into Egypt, who came out of his loins, besides the wives of the sons of Jacob, were sixty-six persons in all. 27 And the sons of Joseph, who were born to him in the land of Egypt were nine persons. All the persons of the house of Jacob who came with Joseph into Egypt were seventy-five persons) Gen46:26 ,Septuagint

فأفادت الترجمة السبعينية أن أبناء يوسف كانوا تسعة و ليسا فقط اثنين فأضيفا على الست و ستين نفساً لبيت يعقوب فكانت المجموع 75 ، و هذا هو ما إقتبسه كاتب سفر الأعمال .

 و هذا كما هو معلوم شاهد من شواهد كثيرة على إقتباس كتبة العهد الجديد من النسخة السبعينية و إن خالفت النسخة العبرانية ، فنكتفى بذكر مثالاً أخرللبيان:

جاء فى تكوين 24:10 (( وَأَرْفَكْشَادُ وَلَدَ شَالَحَ وَشَالَحُ وَلَدَ عَابِرَ.)) هذا نص النسخة العبرانية

بينما نقرأ فى  السبعينية (( وَأَرْفَكْشَادُ وَلَدَ قِينَان وَ قِينَان وَلَدَ شَالَحَ وَشَالَحُ وَلَدَ عَابِرَ ))

فوجد أن إسم قينان سقط من العبرانية بينما ثبت فى السبعينية - مع ملاحظة  أن هذا خبر لا سبيل لمعرفته إلا بالوحى فلا يمكن ادعاء أنه مجرد إختلاف فى الترجمة أو إجتهاد- و المفاجأة ان لوقا حينما إقتبس نسب المسيح ذكر قينان كما جاء فى النسخة اليونانية بالضبط ((... بن شالح ابن قينان بن أرفكشاد..)) لوقا35:3

و قد إعترف القس أكثر من مرة باقتباس كتبة العهد الجديد من النسخة السبعينية (كما فى أعمال 2: 25-28 ، 15: 16 و17)

 و لكن كان يورد هذا الإعتراف فى المواضع التى إختلفت فيها النسختين فى اللفظ دون المعنى، و رغم دلالة هذا على تقديم صحة السبعينية على العبرانية إلا أن القس كان يتعلل بان ذلك نقل بالمعنى أو تشابه باللفظ لا يطعن فى صحة الكتاب... إلى غير ذلك من الحجج الواهية.

 أما فى حالة التعارض الجذرى بين العبرية و بين السبعينية، فإن جناب القس  كان  يأكد بأن النسخة العبرانية هى المعول عليها ، و لهذا   لم يجسر على الإعتراف بوقوع الإقتباس من الأخيرة فى هذا الموضع و  تجاهل ذكر هذه المسألة فى هذا الإعتراض رغم اشتماله عليها!

عوده