"مقدمات لا بد منها"

 لا بد قبل الشروع في الرد المفصل على الكتاب من بيان بعض المسلمات الشرعية التي لا بد من الاتفاق عليها قبل الإمعان في البحث, وإلا كان النقاش بعد ذلك كالكتابة على الماء .

 تلك المسلمات التي لا يمكن تجاوزها ولا تعديها, والتي جاء القطع بها من جهة تواتر الأدلة وتظافرها عقلاً وشرعاً :نصاً وظاهراً وإشارة , من القرآن والسنة الصحيحة عن رسول الله وأصحابه رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

ومعلوم أن الشيء إذا تواردت عليه مثل هذه الدلائل فثبوته قطعي أو علمي نظري على أقل الأحوال, وما كان هذا سبيله فإنه لا ينكره إلا من خالف دلالة العقل وكان فيه ضرب من الخبل وطرف من الجنون.

فمن تلك المقدمات:

1-    أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, من أنكر ذلك أو شك فيه فقد نص الأئمة على كفره.

2-    أن محمداً هو رسول الله حقاً وصدقاً؛ لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى, لا ينكر ذلك أو يشك فيه إلا كافر جاحد.

3-    أن أفضل القرون وأكرمها على الله تعالى هم القرن الذي بعث فيه النبي , كما قال : (خير القرون قرني..)[1] والمراد بهم الصحابة كما قال النووي –رحمه الله-[2] ,كل خير فيمن بعدهم فهو فيهم أكمل وأتم , وكل شر فيهم فهو فيمن بعدهم أعظم وأكثر, أثبت لهم النبي الخيرية المطلقة من كل وجه وفي كل باب.

4-    أن اليهود والنصارى كفار, وأن من مات منهم بعد بعثة النبي ولم يؤمن به فهو من أهل النار خالداً مخلداً فيها لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً كما قال : (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بما أرسلت به إلا كان من أصحاب النار)[3] , وقد أكفرهم الله تعالى في القرآن في غير ما موضع كقوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم)[4] وقال : (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة)[5] وقال : (وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً*وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله)[6] وأن من شك في هؤلاء الذين هذا حالهم فهو كافر .

5-    أنه ليس لأحد أن يخرج عن ملة محمد صلى الله عليه وسلم طرفة عين , ولا أن يجتهد اجتهاداً يناقض ما جاء عنه عليه الصلاة و السلام , فمن فعل مع العلم والقصد كفر .

6-    أن الاجتهاد في الشريعة ليس هو حق لكل من نطق بالشهادة, كلا وإنما جعل أهل العلم لذلك شروطاً كثيرة لا تتوفر إلا في الواحد بعد الواحد, فلا بد لقبول الاجتهاد من توفر آلته مع صلاح القصد وسلامة السلوك .

7-    أن النطق بالشهادة لا يكفي وحده في النجاة عند الله تعالى يوم القيامة , حتى يأتي بشرائطها التي دلَّت عليها الأدلة بمجموعها, وأن من جاء بما يناقضها من قول أو فعل أو اعتقاد فقد كفر.

 


 

[1] أخرجه البخاري ومسلم.

[2] شرح النووي على مسلم الجزء 16/84.

[3] أخرجه مسلم 1/134/ح 153من حديث أبي هريرة رضي الله عنه  .

[4] سورة المائدة    .

[5] سورة المائدة   .

[6] سورة النساء    .

عوده