ماذا كان دين ورقة ؟!!




ماذا كان دين ورقة ؟!!

جاء في البداية والنهاية لابن كثير : 2/340:
" أن نفرا من قريش منهم ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وزيد بن عمرو بن نفيل وعبدالله بن جحش بن رئاب وعثمان بن الحويرث كانوا ثم صنم لهم يجتمعون إليه قد اتخذوا ذلك اليوم من كل سنة عيدا كانوا يعظمونه وينحرون له الجزور ثم يأكلون ويشربون الخمر ويعكفون عليه فدخلوا عليه في الليل فرأوه مكبوبا على وجهه فأنكروا ذلك فأخذوه فردوه إلى حاله فلم يلبث أن انقلب انقلابا عنيفا فأخذوه فردوه إلى حاله فانقلب الثالثة فلما رأوا ذلك اغتموا له وأعظموا ذلك فقال عثمان بن الحويرث ماله قد أكثر التنكس إن هذا لأمر قد حدث وذلك في الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل عثمان يقول أيا صنم العيد الذي صف حوله صناديد وفد من بعيد ومن قرب تنكست مغلوبا فما ذاك قل لنا أذاك سفيه أم تنكست للعتب ... ".

إذن ورقة ظل يعبد الأصنام طيلة 60 سنة و لم يكن نصرانيًا قبل ذلك !

وأكد تلك الحادثة يوم ولادة سيدنا محمد صاحب" السيرة الحلبية " مع تحفظنا على صحة هذه السيرة و ما بها من أخبار إلا أننا سوف ننقل منها لأن الحريري مغرم بها , إذ جاء فيها 1/116 " وذكر أن نفرا من قريش منهم ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو بن نفيل وعبد الله بن جحش كانوا يجتمعون إلى صنم فدخلوا عليه ليلة ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأوه منكسا على وجهه فأنكروا ذلك فأخذوه فردوه إلى حاله فانقلب انقلابا عنيفا فردوه فانقلب كذلك الثالثة ".

و بعد هذه الفترة خرج ورقة بن نوفل يطلب الدين الأصح بعد أن استمر في عبادة الأصنام 60 سنة ، فما الدين الذي اتبعه بعد ذلك ؟

جاء في " الاستيعاب " في أثناء الحديث عن زيد بن عمرو 2/616 " ومن خبره في ذلك خرج في الجاهلية يطلب الدين هو وورقة بن نوفل فلقيا اليهود فعرضت عليهما يهود دينهم فتهود ورقة .ثم لقيا النصارى فعرضوا عليهما دينهم فترك ورقة اليهودية وتنصر وأبى زيد بن عمرو أن يأتي شيئا من ذلك وقال : ما هذا إلا كدين قومنا نشرك ويشركون"!

ثم لقى ورقة بعض الرهبان الذين كانوا على دين عيسى عليه السلام الذى لم يتبدل فأمن به و صار نصرانيًا حنيفيًا موحدًا لا نصرانيًا بولسيًا مثلثًا , يعبد الله و يؤمن برسالة المسيح عليه السلام الحقة من أنه ليس إلا عبد جاء ليبين لبنى اسرائيل بعض الذى فيه يختلفون و جاء ليبشر بالنبي الخاتم محمد صلى الله عليه و سلم .

قال الحافظ ابن حجر : ( وكان ( ورقة ) قد لقي من بقي من الرهبان على دين عيسى ولم يبدل ، ولهذا أخبر بشأن النبي صلى الله عليه وسلم والبشارة به ، إلى غير ذلك مما أفسده أهل التبديل .... وأما ما تمحل له السهيلي من أن ورقة كان على اعتقاد النصارى في عدم نبوة عيسى ودعواهم أنه أحد الأقانيم فهو محال لا يعرج عليه في حق ورقة وأشباهه ممن لم يدخل في التبديل ولم يأخذ عمن بدل ) ( فتح البارى فى شرح صحيح البخارى – كتاب بدء الوحي - ) .

فهل عميت عيونكم يا حداد و يا حريري عن هذا الكلام أم عميت صدوركم فلم تنقلوا هذا الكلام أم عميت عقولكم فلم تفهموا هذا الكلام ؟ !

و لننتقل الآن إلى مناقشة وضع ورقة كأستاذ عميق في النصرانية كما زعم الآبوين و تناقضهم فى ذلك !

تناقض الحداد و الحريري فى تحديد ديانة ورقة بعد أن كان عابدًا للأصنام على النحو الأتى :

يقول الحداد ص145:" وورقة بن نوفل .. الذي ربما تنصر "

وفي ص149 - اقرأ بتأمل - " .. ورقة بن نوفل ، ابن عم خديجة ، ذاك القس الحنيف المتنصر (؟) الذي ترجم الإنجيل ". ( علامة الاستفهام منه ) !!

ثم تناقض الحداد معلنا أن الحنيفية هي النصرانية " أطلقوا على دعوتهم للنصرانية باسم الحنيفية وسموا التعبد والصيام على طريقتهم : التحنف " ص289.

ثم تناقض مرة أخرى و قال أن الحنيفية ليست هى النصرانية : " ولكن جماعة من العقول من المستقلة أبت أن تقبل اليهودية والنصرانية كما هما بل اكتفت بعبادة الله... وهؤلاء أطلق عليهم الشعب لفظ حنفاء ". ص142.

يبدو أن الحداد نسى ما كتبه بعد أن شرب ( كأسًا ) منعشاً من أجل أسقامه و أوجاعه كما نصحه بولس . ما هذا التناقض يا حضرة الآب المحترم؟!

وكان زميله الحريري أشجع منه فقد صرح في فصل عنوانه " نصرانية القس ورقة "!

يقول الحريري " لقد قيل عن القس ورقة أنه كان على دين موسى ثم صار على دين عيسى.. " ص16.
ثم أشار الحريري أن ورقة كان نصرنيًا حنيفيًا و أن الحنيفية هي التحنث وهي الأبيونية , ثم زعم أن الأبيونية هى النصرانية , يقول الحريري " إن التحنث أو التعبد أو الصوم و الخلوة عادة نصرانية " الحريري ص289 !
ثم فجر الحريري قنبلة ( جهلونووية ) و ادعى أن أول من تحنث و صار أبيونيًا هو عبد المطلب و زعم أن هذا جاء فى تاريخ ابن الأثير !!


إذن نحن أمام رجل له هذه الديانات :
1- عابد أصنام إلى سن الستين .
2- يهودى مشرك , نصرانى مشرك , حنيفي متنصر , متنصر حنيفي , أبيوني , يتبع دين موسى , يتبع دين عيسى , كل ذلك بعد سن الستين !!

إن هذا التناقض إنما أوقعهم فيه حقدهم و كذبهم , و يأبى الله إلا أن يذل من عصاه !

و الحق الذى لا مرية فيه أن ورقة كان على النصرانية الحنيفية و التى هى بعيدة كل البعد عن تلك العقائد الوثنية و الثوابت الكفرية التى تزعم أن لله ولد و أن هذا الولد ضُرب على قفاه و بُصق فى وجهه و صلب على خشبة بمسامير من أجل خطايا البشر الذين سيحاسبهم على خطاياهم التى كفرها عنهم بصلبه و هو جالس عن يمين أبيه فى كوشة ( طيب نزل ليه من الأول ) !

لكن الآبوين زعموا و زعمهم باطل أن الحنيفية هى النصرانية الكافرة لكي يوهموا القارئ أن القرآن ما هو إلا دعوة نصرانية !
و ليت شعرى إذا كان هذا صحيحًا فلماذا كفر القرآن الكريم النصارى الذين يعتقدون عقائد النصرانية الكافرة ؟ !
و إذا كان ورقة هو الذى علم محمد صلى الله عليه و سلم ( و حاشاه ) فكيف علمه ما لا يدين به ؟ !


 

عوده