آخر 20 مشاركات |
|
أدوات الموضوع | أنواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
(قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون(58)) سورة يونس
بسم الله الرحمن الرحيم (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58))سورة يونس ومن كتاب في ظلال القران للاستاذ الفاضل الشهيد سيد قطب رحمه الله : (فبهذا الفضل الذي آتاه الله عباده ، وبهذه الرحمة التي أفاضها عليهم من الإيمان . . فبذلك وحده فليفرحوا . فهذا هو الذي يستحق الفرح . لا المال ولا أعراض هذه الحياة . إن ذلك هو الفرح العلوي الذي يطلق النفس من عقال المطامع الأرضية والأعراض الزائلة ، فيجعل هذه الأعراض خادمة للحياة لا مخدومة؛ ويجعل الإنسان فوقها وهو يستمتع بها لا عبداً خاضعاً لها . والإسلام لا يحقر أعراض الحياة الدنيا ليهجرها الناس ويزهدوا فيها . إنما هو يزنها بوزنها ليستمتع بها الناس وهم أحرار الإرادة طلقاء اليد ، مطمحهم أعلى من هذه الأعراض ، وآفاقهم أسمى من دنيا الأرض . الإيمان عندهم هو النعمة ، وتأدية مقتضيات الإيمان هي الهدف . والدنيا بعد ذلك مملوكة لهم لا سلطان لها عليهم . عن عقبة بن الوليد عن صفوان بن عمرو : سمعت أيفع بن عبد الله الكلاعي يقول : لما قدم خراج العراق إلى عمر - رضي الله عنه - خرج عمر ومولى له ، فجعل عمر يعد الإبل فإذا هي أكثر من ذلك ، فجعل يقول : الحمد لله تعالى , ويقول مولاه : هذا والله من فضله الله ورحمته ، فقال عمر : كذبت ليس هذا هو الذي يقول الله تعالى : { قل : بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون } . هكذا كان الرعيل الأولون ينظرون إلى قيم الحياة . كانوا يعدون الفضل الأول والرحمة الأولى هي ما جاءهم من الله من موعظة وهدى . فأما المال ، وأما الثراء ، وأما النصر ذاته فهو تابع . لذلك كان النصر يأتيهم ، وكان المال ينثال عليهم ، وكان الثراء يطلبهم . . إن طريق هذه الأمة واضح . إنه في هذا الذي يسنه لها قرآنها ، وفي سيرة الصدر الأول الذين فهموه من رجالها . . هذا هو الطريق . إن الأرزاق المادية ، والقيم المادية ، ليست هي التي تحدد مكان الناس في هذه الأرض . . في الحياة الدنيا فضلاً عن مكانهم في الحياة الأخرى . . إن الأرزاق المادية ، والتيسيرات المادية ، والقيم المادية ، يمكن أن تصبح من أسباب شقوة البشرية - لا في الآخرة المؤجلة ولكن في هذه الحياة الواقعة - كما نشهد اليوم في حضارة المادة الكالحة! إنه لا بد من قيم أخرى تحكم الحياة الإنسانية؛ وهذه القيم الأخرى هي التي يمكن أن تعطي للأرزاق المادية والتيسيرات المادية قيمتها في حياة الناس؛ وهي التي يمكن أن تجعل منها مادة سعادة وراحة لبني الإنسان . إن المنهج الذي يحكم حياة مجموعة من البشر هو الذي يحدد قيمة الأرزاق المادية في حياتهم . هو الذي يجعلها عنصر سعادة أو عنصر شقاء . كما يجعلها سبباً للرقي الإنساني أو مزلقاً للارتكاس! ومن هنا كان التركيز على قيمة هذا الدين في حياة أهله : { يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ، وشفاء لما في الصدور ، وهدى ورحمة للمؤمنين . قل : بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون } . . ومن هنا كان الذين تلقوا هذا القرآن أول مرة يدركون هذه القيمة العليا ، فيقول عمر - رضي الله عنه - عن المال والأنعام : « ليس هذا هو الذي يقول الله تعالى : { قل : بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون } . . لقد كان عمر - رضي الله عنه - يفقه دينه . كان يعرف أن فضل الله ورحمته يتمثلان بالدرجة الأولى في هذا الذي أنزله الله لهم : موعظة من ربهم ، وشفاء لما في الصدور ، وهدى ورحمة للمؤمنين . لا فيما يجمعون من المال والإبل والأرزاق! لقد كانوا يدركون قيمة النقلة البعيدة التي نقلها لهم هذا الدين ، من وهدة الجاهلية التي كانوا فيها . . وإنها لنقلة بعيدة بالقياس إلى الجاهلية في كل زمان ومكان . . بما فيها جاهلية القرن العشرين . إن النقلة الأساسية التي تتمثل في هذا الدين هي إعتاق رقاب العباد من العبودية للعباد؛ وتحريرهم من هذه العبودية ، وتعبيدهم لله وحده ، وإقامة حياتهم كلها على أساس هذا الانطلاق الذي يرفع تصوراتهم ، ويرفع قيمهم ، ويرفع أخلاقهم . ويرفع حياتهم كلها من العبودية إلى الحرية : ثم تجيء الأرزاق المادية والتيسيرات المادية ، والتمكين المادي ، تبعاً لهذا التحرر وهذا الانطلاق . كما حدث في تاريخ العصبة المسلمة ، وهي تكتسح الجاهليات حولها ، وتهيمن على مقاليد السلطان في الأرض ، وتقود البشرية إلى الله ، لتستمتع معها بفضل الله . . والذين يركزون على القيم المادية ، وعلى الإنتاج المادي ، ويغفلون تلك القيمة الكبرى الأساسية ، هم أعداء البشرية الذين لا يريدون لها أن ترتفع على مستوى الحيوان وعلى مطالب الحيوان . وهم لا يطلقونها دعوة بريئة؛ ولكنهم يهدفون من ورائها إلى القضاء على القيم الإيمانية ، وعلى العقيدة التي تعلق قلوب الناس بما هو أرفع من مطالب الحيوان - دون أن تغفل ضروراتهم الأساسية - وتجعل لهم مطالب أساسية أخرى إلى جوار الطعام والمسكن والجنس التي يعيش في حدودها الحيوان! وهذا الصياح المستمر بتضخيم القيم المادية ، والإنتاج المادي ، بحيث يطغى الانشغال به على حياة الناس وتفكيرهم وتصوراتهم كلها . . وبحيث يتحول الناس إلى آلات تلهث وراء هذه القيمة ، وتعدها قيمة الحياة الكبرى؛ وتنسى في عاصفة الصياح المستمر . . الإنتاج . . الإنتاج . . كل القيم الروحية والأخلاقية؛ وتدوس هذه القيم كلها في سبيل الإنتاج المادي . . هذا الصياح ليس بريئاً؛ إنما هو خطة مدبرة لإقامة أصنام تعبد بدل أصنام الجاهلية الأولى؛ وتكون لها السيادة العليا على القيم جميعاً! وعندما يصبح الإنتاج المادي صنماً يكدح الناس حوله ويطوفون به في قداسة الأصنام؛ فإن كل القيم والاعتبارات الأخرى تداس في سبيله وتنتهك . . الأخلاق . الأسرة . الأعراض . الحريات الضمانات . . . كلها . . كلها إذا تعارضت مع توفير الإنتاج يجب أن تداس! فماذا تكون الأرباب والأصنام إن لم تكن هي هذه؟ إنه ليس من الحتم أن يكون الصنم حجراً أو خشباً . فقد يكون قيمة واعتباراً ولافتة ولقباً! إن القيمة العليا يجب أن تبقى لفضل الله ورحمته المتمثلين في هداه الذي يشفي الصدور ، ويحرر الرقاب ، ويعلي من القيم الإنسانية في الإنسان . وفي ظل هذه القيمة العليا يمكن الانتفاع برزق الله الذي أعطاه للناس في الأرض؛ وبالتصنيع الذي يوفر الإنتاج المادي؛ وبالتيسيرات المادية التي تقلل من شدة الكدح؛ وبسائر هذه القيم التي تدق الجاهلية حولها الطبول في الأرض! وبدون وجود تلك القيمة العليا وسيادتها تصبح الأرزاق والتيسيرات والإنتاج لعنة يشقى بها الناس؛ لأنها يومئذ تستخدم في إعلاء القيم الحيوانية والآلية ، على حساب القيم الإنسانية العلوية . وصدق الله العظيم : { يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ، وشفاء لما في الصدور ، وهدى ورحمة للمؤمنين . قل : بفضل الله وبرحمته فبذلك فيلفرحوا هو خير مما يجمعون } . . للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
(قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون(58)) سورة يونس
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
نور اليقين
المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :2 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
جزاكم الله خيرا
نفع الله بكم نقل مبارك اللهم لك الحمد على فضلك ونعمك المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :3 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
جزاكم الله خيرا على ذلك النقل الطيب .. ما أحوجنا إلى ذلك الفهم .. في كل وقت .. المزيد من مواضيعي
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
إلا, وبرحمته, الله, تفضل, يجمعون, خير, فليفرحوا |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|
الموضوعات المتماثلة | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
][ فضل سورة الكهف يوم الجمعه ][ | تَسَابِيْحٌ | القرآن الكـريــم و علـومـه | 5 | 26.01.2012 11:24 |
إزاى تحط صورة فى موضوعك فى المنتدى ..... | SHICO | منتدى الحاسوب و البرامج | 10 | 15.01.2012 16:54 |
انظروا كيف يخاطب الله من يقرأ سورة الفاتحة | نور اليقين | القرآن الكـريــم و علـومـه | 7 | 29.10.2011 13:55 |
بينهما برزخ لا يبغيان : صورة تتكلم ! | Telmeeth_ALRAJI | الإعجاز فى القرآن و السنة | 10 | 29.09.2010 03:34 |
رد على الطاعنين بأن رسول الله حرم شيئا أحله الله وذلك فى سورة التحريم | نور اليقين | إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول القرآن الكريم | 1 | 15.09.2009 14:41 |