اعرض النسخة الكاملة : الرد على شبهات النصارى والمستشرقين عن إسماعيل بن أبي أويس في صحيح البخاري
يقول النصراني :
كتبة إسماعيل بن أبي أويس وفضيحة البخارى وتفنيد علم الجرح والتعديل
وتدمير السنة بكل الاحاديث
حدثنا أسماعيل بنأبى أويس قال حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس قال
أقبلت راكبا على حمار أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمنى إلى غير جدار فمررت بين يدي بعض الصف وأرسلت الأتان ترتع فدخلت في الصف فلم ينكر ذلك علي
2558_ أسماعيل بن أبى أويس قال: حدثني أخي، عن سليمان، عن يحيى بن سعيد، عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن: أن أمه عمرة بنت عبد الرحمن قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب، عالية أصواتهما، وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه في شيء، وهو يقول: والله لا أفعل، فخرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أين المتألي على الله لا يفعل المعروف). فقال: أنا يا رسول الله، وله أي ذلك أحب.
76 - حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن عباس قال:
أقبلت راكبا على حمار أتان، وأنا يؤمئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، وأرسلت الأتان ترتع، فدخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي.http://alrafasha.yoo7.com/t8289-topic
حَدَّثَنَاإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُمَا وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الْآخَرَ وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَيْءٍ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ الْمُتَأَلِّي عَلَى اللَّهِ لَا يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَهُ أَيُّ ذَلِكَ أَحَبَّ http://www.al-eman.com/
hadeeth/viewc...BID=12&CID=272
. سبب ضعف الحديث : إسماعيل بن أبي أويس
قال فيه جمع من العلماء بالضعف منهم :
الشيخ الأميني - الغدير - الجزء : ( 8 ) - رقم الصفحة : ( 35 )
- الدولابي في الضعفاء وقال : سمعت النصر بن سلمة المروزي يقول : إبن أبي أويس كذاب كان يحدث عن مالك بمسائل إبن وهب .
- وقال العقيلي في الضعفاء عن يحيى بن معين أنه قال : إبن أبي أويس لا يسوى فلسين .
- وقال الدارقطني : لا أختاره في الصحيح .
- وذكره الاسماعيلي في المدخل فقال : كان ينسب في الخفة والطيش إلى ما أكره ذكره .
- وقال بعضهم : جانبناه للسنة .
- وقال إبن حزم في المحلى : قال أبو الفتح الأزدي حدثني سيف بن محمد : إن إبن أبي أويس كان يضع الحديث .
البيهقي - السنن الكبرى - الجزء : ( 3 ) - رقم الصفحة : ( 289 )
- وقال إبن الجنيد قال إبن معين إبن أبي اويس مخلط يكذب ليس بشئ .
- وفي الكمال قال أبو القاسم الطبري بالغ النسائي في الكلام عليه إلى ان يؤدي إلى تركه .
- وفي كتاب إبن الجوزي قال يحيى ضعيف .
- وقال إبن حبان لا يحتج بخبره إذ لم يتابعه غيره .
العظيم آبادي - عون المعبود - الجزء : ( 11 ) - رقم الصفحة : ( 195 )
- يعني إبن أبي أويس وهو ضعيف رماه النسائي بأمر قبيح حكاه
- عن سلمة عنه فلا يحتج براويته .
عمرو بن أبي عاصم - كتاب السنة - رقم الصفحة :( 344 و 391 و 542 )
- على ضعف في إبن أبي أويس ، وهو إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس .
- على ضعف في إبن أبي أويس ، واسمه إسماعيل بن عبد الله ، وقد أخرجاه كما يأتي
- على أن إبن أبي أويس متكلم فيه من قبل حفظه . ،
- والحافظ يقول فيه : صدوق أخطأ في أحاديث من حفظه .يتبع بالرد بحول الله
_________________
لتحميل الرد في صورة كتاب من هنا
http://book.kalemasawaa.com/covers/bukhari.png
(http://www.kalemasawaa.com/vb/t17094.html)
www.kalemasawaa.com/vb/t17094.html
الاشبيلي
07.01.2011, 14:31
تسجيل متابعة
ابو علي الفلسطيني
27.02.2011, 21:59
بسم الله الرحمن الرحيم
بالنسبة لاسماعيل بن اويس فالرأي الراجح عندي والله اعلم ان معظم مروياته في الصحيح هي عن خاله انس بن مالك وقد انتقاها البخاري لعلمه انه سمع الامام مالك فعلا وروى عنه ...وكذلك لم يتفرد بشيء من مروياته بل شاركه فيها غيره ...
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الاولين والاخرين
سيدنا وحبيبنا وقرة عيننا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه اجمعين
في هذه الشبهة التي بين يدينا يطعن بها واضيعيها باصح الكتب بعد القرأن الكريم الا وهو صحيح البخاري
وهم يزعمون بشبهتهم الواهية ان اصح كتاب بعد القرأن الكريم يحتوي بين جنبيه احاديث ليست بالصحيحة
وهؤلاء كما عودونا دائما يطرحون شبهاتهم طاعنين بالاسلام دون ان يكون لهم اي معرفة مسبقة باصول علم الحديث والجرح والتعديل والاحكام الحديثية والفقهية التي تحكم سند ومتن الحديث ورجالاته .
وهؤلاء بجهلهم يحسبون انهم بطعنهم هذا قد اضافوا شيا او ردوا حسب زعمهم على الاسلام ، مما ينم عن جهل مطبق يؤكد ان شبهاتهم ماهي الا لتثبيت الايمان المسيحي المتهالك ومن اجل الطعن في الاسلام لمجرد الطعن ، وهؤلاء يرمون شبهاتهم ولايكلفون انفسهم لمزيد من البحث والدراسه بشبهاتهم التي يعرضون .
وفي هذه الشبهة التي بين ايدينا يقول احد النصارى :
كتبة إسماعيل بن أبي أويس وفضيحة البخارى وتفنيد علم الجرح والتعديل
وتدمير السنة بكل الاحاديث
حدثنا أسماعيل بنأبى أويس قال حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس قال
أقبلت راكبا على حمار أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمنى إلى غير جدار فمررت بين يدي بعض الصف وأرسلت الأتان ترتع فدخلت في الصف فلم ينكر ذلك علي
2558_ أسماعيل بن أبى أويس قال: حدثني أخي، عن سليمان، عن يحيى بن سعيد، عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن: أن أمه عمرة بنت عبد الرحمن قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب، عالية أصواتهما، وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه في شيء، وهو يقول: والله لا أفعل، فخرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أين المتألي على الله لا يفعل المعروف). فقال: أنا يا رسول الله، وله أي ذلك أحب.
76 - حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن عباس قال:
أقبلت راكبا على حمار أتان، وأنا يؤمئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، وأرسلت الأتان ترتع، فدخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي.http://alrafasha.yoo7.com/t8289-topic
حَدَّثَنَاإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُمَا وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الْآخَرَ وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَيْءٍ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ الْمُتَأَلِّي عَلَى اللَّهِ لَا يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَهُ أَيُّ ذَلِكَ أَحَبَّ http://www.al-eman.com/
hadeeth/viewc...BID=12&CID=272
. سبب ضعف الحديث : إسماعيل بن أبي أويس
قال فيه جمع من العلماء بالضعف منهم :
الشيخ الأميني - الغدير - الجزء : ( 8 ) - رقم الصفحة : ( 35 )
- الدولابي في الضعفاء وقال : سمعت النصر بن سلمة المروزي يقول : إبن أبي أويس كذاب كان يحدث عن مالك بمسائل إبن وهب .
- وقال العقيلي في الضعفاء عن يحيى بن معين أنه قال : إبن أبي أويس لا يسوى فلسين .
- وقال الدارقطني : لا أختاره في الصحيح .
- وذكره الاسماعيلي في المدخل فقال : كان ينسب في الخفة والطيش إلى ما أكره ذكره .
- وقال بعضهم : جانبناه للسنة .
- وقال إبن حزم في المحلى : قال أبو الفتح الأزدي حدثني سيف بن محمد : إن إبن أبي أويس كان يضع الحديث .
البيهقي - السنن الكبرى - الجزء : ( 3 ) - رقم الصفحة : ( 289 )
- وقال إبن الجنيد قال إبن معين إبن أبي اويس مخلط يكذب ليس بشئ .
- وفي الكمال قال أبو القاسم الطبري بالغ النسائي في الكلام عليه إلى ان يؤدي إلى تركه .
- وفي كتاب إبن الجوزي قال يحيى ضعيف .
- وقال إبن حبان لا يحتج بخبره إذ لم يتابعه غيره .
العظيم آبادي - عون المعبود - الجزء : ( 11 ) - رقم الصفحة : ( 195 )
- يعني إبن أبي أويس وهو ضعيف رماه النسائي بأمر قبيح حكاه
- عن سلمة عنه فلا يحتج براويته .
عمرو بن أبي عاصم - كتاب السنة - رقم الصفحة :( 344 و 391 و 542 )
- على ضعف في إبن أبي أويس ، وهو إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس .
- على ضعف في إبن أبي أويس ، واسمه إسماعيل بن عبد الله ، وقد أخرجاه كما يأتي
- على أن إبن أبي أويس متكلم فيه من قبل حفظه . ،
- والحافظ يقول فيه : صدوق أخطأ في أحاديث من حفظه .
شبهة واهية وفي هذا الموضوع ان شاء الله نرد عليها ونبين بالدليل والبرهان بطلان مايدعون .
اولا :
علم الجرح والتعديل :
تعريفه
علم الجرح والتعديل علم يعنى بالرجال الناقلين لحديث النبي صلى الله عليه وسلم والآثار والأخبار، والنظر في شرائط قبولهم، وأسباب ردهم، فما استوفى من الأسانيد شروط الصحة حكم بقبوله، وما كان فيه سبب أو أكثر من أسباب الرد رد. وهو علم جليل ثمرته معرفة حديث النبي صلى الله عليه وسلم صحة وضعفاً قبولاً ورداً، وكذلك الآثار والأخبار.
مراتب الجرح والتعديل
قد أوضح الحافظ ابن حجر في كتابه "تقريب التهذيب" مراتب الجرح
والتعديل، فجعلها اثنتي عشرة مرتبة:
1.الصحابة رضي الله عنهم.
2.من أُكد مدحه بـ "أفعل" كأوثق الناس، أو بتكرار الصفة لفظاً: كثقة أو معنى: كثقة حافظ.
3.من أُفرد بصفة: كثقة، أو متقن، أو ثُبْت، أو عدل.
4.من قصر عمن قبله قليلاً: كصدوق، أو لا بأس به، أو ليس به بأس.
5.من قصر عن الدرجة الرابعة، ويشار إليه: بصدوق سيء الحفظ، أو صدوق يَهِم، أوله أوهام، أو يخطىء أو تغيّر بأخَرَةٍ. ويلحق بذلك من رمى بنوع من البدعة: كالقدر والإرجاء.
6.من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه لأجله، ويشار إليه بلفظ: "مقبول" حيث يتابع؛ وإلاّ: فليِّن الحديث.
7.من روى عنه أكثر من واحد ولم يُوثَّق، ويشار إليه بلفظ: مستور، أو مجهول الحال.
8.من لم يوجد فيه توثيق معتبر، وجاء فيه تضعيف ولو لم يُسَّر، وإليه الإشارة بلفظ: ضعيف.
9.من لم يرو عنه غير واحد، ولم يوثَّق ويشار إليه بلفظ: مجهول العين أي: لا يعرف عند المحدثين.
10.من لم يوثق البتة، وضعف مع ذلك بقادح، ويشار إليه: بمتروك أو متروك الحديث، أو واهي الحديث، أو ساقط.
11.من اتهم بالكذب، ويقال فيه: متهم، ومتهم بالكذب أي متهم بتعمد الكذب بأن يكذب في الحديث،لا على وجه التعمد والتقصد، ولكن يكثر منه حتى يتهم بتعمده.
12.من أطلق عليه اسم الكذب أو الوضع، كقولهم: كذاب، أو وضاع، أو ما أكذبَه فمن كان من المرتبة الثانية والثالثة: فحديثه مقبول وغالبه في الصحيحين، ومن كان من الدرجة الرابعة: فهو مقبول أيضاً، وقبوله في المرتبة الثانية، وهو ما يحسِّنه الترمذي ويسكت عليه أبو داود، ومن كان من الخامسة والسادسة: فان تعددت طرقه وتقوّى بمتابع أو شاهد فحسن لغيره، وإلا فمردود، وما كان من السابعة إلى آخر المراتب: فضعيف على اختلاف درجات الضعف.
صفة من تقبل روايته ومن ترد
يقبل خبر الثقة في دينه وروايته وهو العدل الضابط.
والعدل: هو المسلم البالغ العاقل السالمُ من الفسق: بارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة، والسالمُ من خوارم المروءة.
والمروءة: هي تعاطي المرء ما يستحسن، وتجنبه ما يسترذل، كالأكل ماشياً والبول في الطريق من غير ضرورة.وأما ضبط: فهو اتقان الراوي ما يرويه، وذلك بأن يكون متيقظاً غير مغفل، حافظاً لما يرويه إن كان يروي من حفظه، ضابطاً لكتابه إن كان يروي من الكتاب، عالماً بمعنى ما يرويه، وبما يحيل المعنى عن المراد إن كان يروي بالمعنى. وتثبت عدالة الراوي: بالشهرة في الخبر والثناء الجميل، كالأئمة الأربعة وغيرهم أو بتعديل الأئمة، أو تعديل اثنين منهم، أو واحد منهم. ويثبت الضبط بموافقة الثقات المتقنين، ولا تضرّ المخالفة النادرة، فإن كثرت ردّت روايته لعدم ضبطه.
حكم الرواية عن أهل البدع:
ترد رواية المبتدع إن كانت بدعته مكفرة، بأن أنكر أمراً في الشرع معلوماً من
الدين بالضرورة، أو اعتقد عكسه ونحو ذلك، كالقائلين بعدم علم الله تعالى بالجزيئات.
وأما إن كانت بدعته لا توجب الكفر فان كان يستحلّ الكذب ترد أيضاً، وأما إن كان لا يستحل الكذب فتقبل روايته إذا لم يكن داعياً إلى بدعة، لأنه إذا كان داعياً إليها فان تزيين بدعته يحمله على تحريف روايته. ورجح النووي هذا التفصيل، وقال: هو الأظهر الأعدل، وقول الكثير أو الأكثر. وقيد الحافظ أبو إسحاق الجوزاني القول بقبول رواية غير الداعي بما إذا لم يرو ما يقوي بدعته، قال ابن حجر: وما قاله متجه، لأن العلة التي ردّت بها رواية الداعي واردة فيه أيضاً.
علماء الجرح والتعديل :
ولعلم الجرح والتعديل علماء برعو فيه وهم على اربعة مراتب
1 . المتشددون
2 . المعتدلون مع بعض التشدد
3 . المعتدلون مع بعض التساهل
4 . المتساهلون
ونذكر اشهرهم
المتشددون
أبو حاتم الرازي ، يحيى بن سعيد القطان ، العُقَيْلي ، أبو الفتح الأزدي , ابن حِبَّان ، أبو نعيم الفضل بن دكين المُلائي ، عفان بن مسلم الصَفّار
المعتدلون مع بعض التشدد
البُخاري ، مُسلم ، يحيى بن معين ، أبو زُرعة الرازي ، النَّسائي ، علي بن المَديْني ، مالِك ، شُعْبة بن الحجاج ، عبد الرحمان بن مهدي ، أبو إسحاق إبراهيم الجُوزجاني السعدي (قد يتشدد مع الكوفيين) ، أبو الحسن بن القطان الفاسي (قد يتشدد مع المجاهيل) ، عثمان بن أبي شيبة ، ابن حزم الأندلسي .
المعتدلون مع بعض التساهل
محمد الذهلي ، أحمد بن حنبل ، أبو داود ، أبو الحسن الدّارَقَطْني ، ابن عدي ، ابن سعد ، دحيم ، ابن يونس المصري ، ابن نمير الكوفي ، الخطيب البغدادي ، ابن عبد البر ، ابن منده ، سُفيان بن سعيد الثَّوري ، بقي بن مخلد الأندلسي ، الذهبي ، ابن حجر .
المتساهلون
ابن خُزَيْمة ، ابن حِبَّان (بذكره بكتاب "الثقات" أو بصحيحه) ، الحاكم ، البَيْهُقي ، العِجلي ، أبو عيسى التِّرمِذِي ، ابن السكن ، أبو بكر البزّار ، ابن جرير الطبري ، أبو جعفر أحمد بن صالح المصري ، وتلميذه يعقوب بن سُفْيَان الفسوي ، أبو حفص بن شاهين .
وايضا علماء الجرح و التعديل المتأخرين كأحمد شاكر و الألباني رحمهما الله.
أهمية علم الجرح والتعديل:
لقد منَّ الله - عزَّ وجلَّ - على الأمَّة الإسلامية بنِعم كثيرة لا تُحصى ولا تُعدّ، ومن تلك النِّعم أنه جعلها خيرَ الأمم أُخرِجت للناس، ودِينها خاتم الأديان وأكملها، ونبيّها خاتم الأنبياء وسيِّدهم، كما أنه - سبحانه وتعالى - تكفَّل بحفظ وحيها من التحريف والتبديل؛ فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، والذِّكْر هنا يعمُّ القرآن والسنة؛ لأنَّ السنة أيضًا وحي مُنَزَّل من الله - تعالى - فقال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3 - 4]، وهي المبينة للقرآن، وقد سمَّاها الله - تعالى – ذِكرًا؛ فقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44].
بَيْد أنه لا يمكن العمل بالقرآن بمعزل عن السُّنة، وهذا الذي جعل مكحولاً يقول: "القرآن أحوجُ إلى السُّنَّة مِن السُّنة إلى القرآن".
فالسنة هي المبينة لمراد الله - عزَّ وجلَّ - من مجملات كتابه، والدالَّة على حدوده، والميسرة له، والهادية إلى الصراط المستقيم، صراط الله الذي مَن اتبعها اهتدى، ومن سلك غير سبيلها ضلَّ وغوى، وولاَّه الله ما تولَّى.
ومِن آكدِ آلات السُّنن المعينة عليها، والمؤدِّية إلى حفظها: علم الجرح والتعديل.
وعلم الجرْح والتعديل الذي يختصُّ بالرواة غالبًا من أدقِّ علوم السُّنة، وأجلِّها قدرًا؛ لأنَّ المعوّل عليه في قَبول السنة أو ردِّها، وهو السند بشكل أساسي الذي يتكوَّن بمجموعة من الرجال، الذين يتناقلون الحديث المروي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.
ولم يكن هذا القَبول أو الردُّ دون قواعدَ ولا ضوابط؛ بل إنَّ علماء هذا الفنِّ قد تتبعوا تواريخَ الرجال، ووقفوا على أخبارهم بدقَّة، وكانوا متجرِّدين للحقّ، ولم تأخذهم في الله لومةُ لائم.
فمن وجدوه عدلاً عدَّلوه، ومَن ثبت لهم أنه مجروح جرحوه، ولم يراعوا في جميع ذلك أيَّة اعتبارات شخصية، اللهمَّ إلاَّ الإخلاص لله تعالى، والاحتياط لحفظ سُنَّة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.
ولو لم يكن منها إلا التنبيهُ إلى المقصرين في علم السُّنة على ما لم يثبت؛ فضلاً على ما هو مكذوب على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليجتنبوه، ويحذروا من العمل به، واعتقاد ما فيه، وإرشاد الناس إليه - لكَفَى وشَفَى.
إذًا؛ ليس عجبًا إكثار العلماء - رحمهم الله - من البيان لأحوال الرُّواة، وهَتْك أستار الكذَّابين، ونفيهم عن حديث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - انتحال المبطلين، وتحريف الغالين، وافتراء المفترين، وهم - رحمهم الله - قاموا بأعظمِ الجِهاد، لا سيَّما في زمن بداية ظهور الفساد.
وهم حقًّا كانوا عدولَ هذه الأمة في حَمْل العلم، وأدائه، وممن يُرجع إلى اجتهادهم في التوثيق والتضعيف، والتصحيح والتزييف.
وهو ماتطعنون به متناسيين ان جل كتبكم غير مسندة بل ومجهولة المصدر والكاتب بل ولايرتجى من كتبكم اي مصدر او سند مقبول الى عيسى عليه السلام ناهيكم عن الاساطير والاخطاء التاريخية والعلمية التي تحتويها كتبكم .
يقول العلامة الالباني رحمه الله :
الإسناد الذي قال فيه بعض السلف : لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء .
ولذلك لما فقدت الأمم الأُخرى هذه الوسيلة العظمى ، امتلأ تاريخها بالسخافات والخرافات ، ولا نذهب بالقراء بعيداً فهذه كتبهم التي يسمونها بالكتب المقدسة ، اختلط فيها الحابل بالنابل فلا يستطيعون تمييز الصحيح من الضعيف ، مما فيها من الشرائع المنزلة على أنبيائهم ، ولا معرفة شيء من تاريخ حياتهم ، أبد الدهر ، فهم لا يزالون في ضلالهم يعمهون ، وفي دياجير الظلام يتيهون!
ناهيكم عن شهادات كثير من الكتاب والعلماء النصارى انفسهم الذين ردو كثيرا مما جاء في كتبكم المقدسة واعترفوا بلسانهم ومن خلال كتاباتهم ضياع النسخ الأصلية للكتاب المقدس !!!!
انظر لا للحصر :
(1) كتاب مقدمات العهد القديم للدكتور وهيب جورجي كامل صفحة 24
(2) دائرة المعارف الكتابية – الجزء الثالث – صفحة 279 .
(3) كتاب مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الأصلية للدكتور القس إميل ماهر إسحاق أستاذ العهد الجديد واللاهوت بالكلية الإكليريكية واللغة القبطية بمعهد اللغة القبطية بالقاهرة صفحة 19 .
(4) كتاب دليل الى قراءة الكتاب المقدس بقلم الأب اسطفان شربنتييه ترجمه للعربية الأب صبحي حموي اليسوعي صفحة 234
(5) قاموس الكتاب المقدس صفحة 844 وموجود على الإنترنت ايضاً
(6) كتاب فكرة عامة عن الكتاب المقدس وقد كتبوا في بيانات الكتاب في مقدمة الكتاب بأن الكتاب من مقالات صدرت ما بين عامي 1968 و 1970 مع مقالات للأب متى المسكين .
(7) كتاب مدخل إلى النقد الكتابى للمهندس يوسف داود رياض صفحة 26 – وهو كتاب صغير كاثوليكي
(8) كتاب وحي الكتاب المقدس ليوسف رياض صفحة 65
(9) كتاب المدخل إلى العهد الجديد للدكتور فهيم عزيز صفحة 111,112
(10) الكتاب المقدس - ترجمة الآباء اليسوعيين أو الرهبانية اليسوعية مدخل العهد الجديد صفحة 12
وفيها تبيان لايدع مجالا للشك ان جميع النسخ الاصلية لاصول الكتاب المقدس قد ضاعت واختفت بل وليس هناك اي كتاب مقدس اليوم بخط مؤلفيها .
وفي نفي الوحي عن الكتاب المقدس جاء في (الموسوعة البريطانية ) كتاب اتفق المحققون على تاليفه من علماء انجلترا فالفوه و فيه(274/11) في بيان الالهام (الوحي) :
قد وقع النزاع في ان كل قول مندرج في الكتب المقدسة هل هو الهامي ام لا ؟ وكذا كل حال من الحالات المندرجة فيها فقال جيروم وكر وتيس وارازمس وبركوبيس والكثيرون الآخرون من العلماء(انه ليس كل قول وقع منها إلهاميا) إظهار الحق للشيخ رحمة الله الهندي(205/1)
يقول كيرت ( ان الكتاب المقدس المتداول حاليا لا يحتوي على التوراة والانجيل المنزلين من الله ولقد اعترف علماء باحثين انفسهم بالمسات البشرية في اعداد هذا الكتاب المقدس ) Currt kuhl the old testament : Its original composition ( london, 1061) p,p47 .51,52
يقول جيمس هيستنج ( ومع هذا فاننا نتوقع ان نجد خلال صفحات الكتاب المقدس بعض الاجزاء من التوراة والانجيل الاصليين مما يتحتم معه دراسة جادة لكي تجعل مضمون الكتاب المقدس مفهوما)Jemes hasting , dictionary of Bible (new york .1963) p,p 567 -567
مصادر الكتاب المقدس :
تقول الترجمة أليسوعية الحديثة صـ66 تحت عنوان : " مصادره "
لم يتردد مؤلفوا الكتاب المقدس, وهم يروون بداية العالم و البشرية أن يستقوا معلوماتهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من تقاليد الشرق الأدنى القديم , ولا سيما من تقاليد ما بين النهرين ومصر والمنطقة الفنيقية الكنعانية. فالاكتشافات الأثرية منذ نحو قرن تدل علي وجود كثير من الأمور المشتركة بين الصفات الأولي من سفر التكوين وبين بعض النصوص الغنائية والحكمية والليترجية الخاصة بسومر وبابل وطيبة و أوغاريت
ارايتم اهمية الجرح والتعديل لذلك فان افضل وصف مناسب لشبهتكم الواهية هذه والتي سنبين لاحقا بطلانها بحول الله والتي تريدون نسب مايوجد في كتبكم من انقطاع للسند والمصدر وهوية كاتبيه والكم الهائل من الاخطاء التاريخية والعلمية ونسب كل ذلك للاسلام هو المثل العربي رمتني بدائها وانسلت .
وهناك الكثير والكثير من هذه الاقوال والدراسات التي تطعن او ترد سند ومصدر الكتاب المقدس لم نذكرها لضيق الوقت
يتبع ....
ثانيا :
من ضعف الرجل من علماء الحديث :
( خ م د ت ق ) إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك
ابن أبي عامر ابن أخت مالك بن أنس .
قال المرزباني في ( معجمه ) : كان أحد فقهاء الحجاز وله شعر قليل منه :
لقد ساق الفؤاد إليك حب * بأعنف ما يكون من السياق
أفاطم أطلقي غلي * وإلا فبعض الشد أرخى للوثاق
فذكركم ضجيعي حين آوي * وذكركم صبوحي واغتباق
وقال ابن خلفون ( 5 ) : روى عنه مسلم ، وروى عن أحمد بن يوسف الأزدي عنه
في ( كتاب اللعان ) ، وعن زهير بن حرب عنه في ( لباس الخاتم ) ، وعن عبيد الله
ابن محمد بن خنيس عنه في كتاب القضاء ، وقال في أول الأقضية : حدثني غير واحد من أصحابنا عنه ، وقال أبو الفتح الأزدي : ضعيف ، روى عنه : ابن
وضاح محمد بن عبد الله القرطبي .
وفي ( المحلى ) قال ابن حزم ) ( 1 ) : قال الأزدي أبو الفتح الحافظ حدثني سيف
ابن محمد أن ابن أبي أويس كان يضع الحديث . قال أبو محمد وهذه عظيمة .
وقال صاحب ( الزهرة : مات وله ثمان وثمانون حجة ، روى عنه البخاري
قريبا في مائتي حديث ، ومسلم قدر عشرين حديثا .
وقال ابن أبي حاتم فيما ذكره صاحب ( الكمال ) : سألت أبي عنه فقال : كان
من الثقات .
وقال الخليلي في ( الإرشاد ) ( 2 ) : قال أبو حاتم الرازي : كان ثبتا في خاله . قال
الخليلي : وجماعة من الحفاظ قالوا كان ضعيف العقل .
وذكره أبو جعفر العقيلي في ( جملة الضعفاء ) ( 3 ) .
وقال الدارقطني في كتاب ( التجريح والتعديل ) : وقيل له : لم ضعف النسائي
ابن أبي أويس ؟ فقال : ذكر محمد بن موسى وهو أحد الأئمة وكان أبو
عبد الرحمن يخصه بما لم يخص به ولده فذكر عن أبي عبد الرحمن أنه قال :
حكى لي سلمة بن شبيب عنه قال ، ثم توقف أبو عبد الرحمن ، قال : فما
زلت بعد ذلك أداريه أن يحكي لي الحكاية حتى قال : قال لي سلمة بن شبيب سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول : ربما أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شئ فيما بينهم .
قال البرقاني قلت للدارقطني : من حكى لك هذا عن محمد بن موسى ؟ قال :
الوزير كتبتها من كتابه وقرأته عليه - يعني - ابن حنزابة ( 1 ) .
روى عن عبد الله بن وهب المصري فيما ذكره المزي في كتاب ( الأطراف ) ( 2 ) في
كتاب الجهاد في باب الدرق ، قال البخاري : حدثنا إسماعيل ثنا ابن وهب قال
عمرو وحدثني أبو الأسود عن عروة عن عائشة فذكر حديث : ( الجاريتين
المغنيتين ) ولم يذكره هنا ، ولا ذكره في الآخذين عن ابن وهب في باب عبد الله .
وبمثل ما ذكرناه هنا قاله ابن خلفون في كتابه ( أسماء رجال الشيخين ) وكذلك
ذكره الإمام أبو نصر حامد بن محمود بن علي بن عبد الصمد أطاور الفهري
الرازي في اختصاره في ( كتاب البخاري ) .
وقال النضر بن سلمة المروزي : هو كذاب ، ذكره عنه ابن الجوزي . ( 3 ) وقال ابن
دحية في ( المستوفى ) : تكلم الناس فيه كلاما قبيحا .
------------------------
الهوامش :
( 1 ) وفي سؤالات الحاكم ( 263 / ص : 172 )
حكى الدارقطني بإسناده هذا عن أبي عبد الرحمن النسائي قال : وسهيل بن أبي
صالح خير من إسماعيل بن أبي أويس .
( 2 ) ( 12 / 23 ) .
( 3 ) ( الضعفاء ) ( 395 ) .
تقريب التهذيب لابن حجر :
أويس بالتصغير ابن أبي أويس [عديد بني تميم] عن أنس لعله ابن مالك عم مالك ابن أنس الفقيه وثقه ابن حبان من الثالثة س
كتاب تهذيب التهذيب
أحمد بن علي بن محمد ابن حجر العسقلاني
معين: "ابن أبي أويس وأبوه يسرقان الحديث" وقال إبراهيم بن الجنيد عن يحيى: "مخلط يكذب ليس بشيء" وقال أبو حاتم: "محله الصدق وكان مغفلا" وقال النسائي: "ضعيف" وقال في موضع آخر: "غير ثقة" وقال اللالكائي: "بالغ النسائي في الكلام عليه إلى أن يؤدي إلى تركه ولعله بان له ما لم يبن لغيره لأن كلام هؤلاء كلهم يؤول إلى أنه ضعيف" وقال ابن عدي: "روى عن خاله أحاديث غرائب لا يتابعه عليها أحد وعن سليمان بن بلال وغيرهما من شيوخه وقد حدث عنه الناس وأثنى عليه ابن معين وأحمد والبخاري يحدث عنه الكثير وهو خير من أبي أويس" قال ابن عساكر: مات سنة ست ويقال سنة سبع وعشرين ومائتين في رجب. قلت: وجزم ابن حبان في الثقات أنه مات سنة "6" وقال الدولابي في الضعفاء سمعت النصر بن سلمة المروزي يقول :"ابن أبي أويس كذاب كان يحدث عن مالك بمسائل ابن وهب" وقال العقيلي في الضعفاء ثنا أسامة الرفاف بصري سمعت يحيى بن معين يقول: "ابن أبي أويس يسوى فلسين" وقال الدارقطني: "لا أختاره في الصحيح" ونقل الخليلي في الإرشاد أن أبا حاتم قال: "كان ثبتا في حاله" وفي الكمال أن أبا حاتم قال: "كان من الثقات" وحكى ابن أبي خيثمة عن عبد الله بن عبيد الله العباسي صاحب اليمن: "أن إسماعيل ارتشى من تاجر عشرين دينارا حتى باع له على الأمير ثوبا يساوي خمسين بمائة" وذكره الإسماعيلي في المدخل فقال: "كان ينسب في الخفة والطيش إلى ما أكره ذكره" قال: "وقال بعضهم جانبناه للسنة" وقال ابن حزم في المحلي قال أبو الفتح الأزدي: حدثني سيف بن محمد أن ابن أبي أويس: "كان يضع الحديث" وقرأت على عبد الله بن عمر عن أبي بكر بن محمد أن عبد الرحمن بن مكي أخبرهم كتابة أنا الحافظ أبو طاهر السلفي أنا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني أنا الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني ثنا أبو الحسن الدارقطني قال ذكر محمد بن موسى الهاشمي وهو أحد الأئمة وكان النسائي يخصه بما لم يخص به ولده فذكر عن أبي عبد الرحمن قال حكى لي سلمة بن شبيب قال بم توقف أبو عبد الرحمن قال فما زلت بعد ذلك أداريه أن يحكي لي الحكاية حتى قال قال لي سلمة بن شبيب سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول: "ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم" قال البرقاني: قلت للدارقطني من حكى لك هذا عن محمد بن موسى قال: "الوزير كتبتها من كتابه وقرأتها عليه" يعني بالوزير الحافظ الجليل جعفر بن خزابة. قلت: وهذا هو الذي بان للنسائي منه حتى تجنب حديثه وأطلق القول فيه بأنه "ليس بثقة" ولعل هذا كان من إسماعيل في شبيبته ثم انصلح وأما الشيخان فلا يظن بهما أنهما أخرجا عنه إلا الصحيح من حديثه الذي شارك فيه الثقات وقد أوضحت ذلك في مقدمة شرحي على البخاري والله أعلم.
مغانى الأخيار فى شرح أسامى رجال معانى الآثار
بدر الدين العينى
عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبى عامر الأصبحى: أبو أويس المدنى، والد إسماعيل بن أبى أويس، وأبى بكر بن أبى أويس، وهو ابن أبى عم مالك ابن أنس وصهره على أخته. روى عن ثور بن زيد الديلى، وجعفر بن محمد الصادق، وربيعة بن أبى عبد الرحمن، وشرحبيل بن سعد مولى الأنصار، وضمرة بن سعيد المازنى، وعبد الله بن دينار، وأبى الزناد، وعبد الله بن ذكوان، والزهرى، ومحمد بن المنكدر، وهشام بن عروة، ويحيى بن سعيد الأنصارى، وآخرين. روى عنه ابنه إسماعيل ابن أبى أويس، وإسماعيل بن صبيح، والسندى بن عبد ربه الرازى، وعبد الله بن مسلمة القعنبى، وابنه أبو بكر عبد الحميد بن أبى أويس، وفردوس بن الأشعرى، ومعلى بن منصور، وآخرون. وعن أحمد بن حنبل: صالح. وعنه: ليس به بأس. وعنه: ثقة. وعن يحيى: صالح، ولكن حديثه ليس بذاك الجائز. وعنه: ليس بقوى. وعنه: ضعيف ليس مثل فليح. وعنه: أبو أويس وابنه ضعيفان. وعن يحيى: صدوق، وليس بحجة. وعنه: ضعيف الحديث. وقال عمرو بن على: فيه ضعف، وهو عندهم من أهل الصدق. وقال البخارى: ما روى من أصل كتابه، فهو أصح. وقال أبو داود: صالح الحديث. وقال النسائى: مدنى ليس بالقوى. وقال أبو زرعة: صالح صدوق، كان لين. وقال أبو حاتم: يُكتب حديثه ولا يُحتج به، وليس بالقوى. وقال الدارقطنى: فى بعض حديثه عن الزهرى شىء. قال أبو الحسين بن قانع: مات سنة سبع وستين ومائة. روى له الجماعة سوى البخارى، وروى له أبو جعفر الطحاوى.
الجرح والتعديل 2/(613).
قال أبو طالب : سألت أحمد بن حنبل عن ابن أبي أوس . قال : لا بأس به.
الكامل لابن عدي
قال أحمد بن أبي يحيى : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ابن أبي أوس , ليس به بأس ، وأبوه ضعيف الحديث.
تاريخ بغداد
وقال حنبل بن إسحاق: قال أبو عبد الله: أبو أويس، ابن عم مالك بن أنس، صالح. 10/7.
ذكر الدارقطني في ((الضعفاء والمتروكين)) (41) ، وقال عن ابن أبي أويس ، عن أبيه ، عن جده.
قال الذهبي قال الدارقطني ضعيف. ((الميزان)) 1 (585).
موسوعة أقوال الدارقطني
وقال الدارقطني إسماعيل ضعيف ، رماه النسائي ، صنع حكاية عنه ، فلا يحتج براويته إذا انفرد عن سليمان ، يعني ابن بلال ، ولا عن غيره ، فلا تقبل زيادة ابن أبي أويس عن سليمان إذا انفرد بها. ((الإلزامات والتتبع)) صفحة 354 و355.
و قال أبو القاسم اللالكائى : بالغ النسائى فى الكلام عليه ، إلى أن يؤدى إلى تركه ، و لعله بان له ما لم يبن لغيره ، لأن كلام هؤلاء كلهم يؤول إلى أنه ضعيف. [تهذيب الكمال].
وقال الدارقطني أيضًا لا أختاره في الصحيح. ((الميزان)) 1 (855).
وقال ابن حجر قرأت على عبد الله بن عمر ، عن أبي بكر بن محمد ، أن عبد الرحمان بن مكي أخبرهم كتابة ، أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي ، أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني ، أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني ، حدثنا أبو الحسن الدارقطني ، قال ذكر محمد بن موسى الهاشمي - وهو أحد الأئمة وكان النسائي يخصه بما لم يخص به ولده - فذكر عن أبي عبد الرحمان قال حكى لي سلمة بن شبيب ، قال ثم توقف أبو عبد الرحمان ، قال فما زلت بعد أداريه أن يحكي لي الحكاية حتى قال قال لي سلمة بن شبيب سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم ، قال البرقاني قلت للدارقطني من حكى لك هذا عن محمد بن موسى ؟ قال الوزير ، كتبتها من كتابه وقرأتها عليه ، يعني بالوزير الحافظ الجليل جعفر بن حنزابه. ((تهذيب التهذيب)) 1 158.
لكن معنى عبارة إسماعيل هي غير ما تبادر لذهن النسائي. قال الدكتور الأعظمي: «قصده: أضع لهم مصنَّفًا في ذلك، أو أضع الحديث بينهم، أي أخبرهم به».
كتاب ميزان الاعتدال للذهبي :
إسماعيل بن أبى أويس [ خ، م ] عبدالله بن عبدالله بن أبى أويس بن مالك ابن أبى عامر الاصبحي [ خ، م ]، أبو عبد الله المدنى.
محدث مكثر فيه لين. روى عن خاله مالك، وأخيه عبدالحميد، وأبيه.
وأقدم من لقى عبد العزيز الماجشون، وسلمة بن وردان.
وعنه صاحبا الصحيح، وإسماعيل القاضى والكبار.
قال أحمد: لا بأس به.
وقال ابن أبى خيثمة، عن يحيى: صدوق، ضعيف العقل، ليس بذاك.
وقال أبو حاتم: محله الصدق مغفل، وقال النسائي: ضعيف.
وقال الدارقطني: لا أختاره في الصحيح.
توفى سنة ست وعشرين ومائتين.
وقال ابن عدى: قال أحمد بن أبى يحيى: سمعت ابن معين يقول: هو وأبوه يسرقان الحديث.
وقال الدولابى في الضعفاء: سمعت النضر بن سلمة المروزى يقول: كذاب، كان يحدث عن مالك بمسائل ابن وهب.
وقال العقيلى: حدثنى أسامة الدقاق بصرى.
سمعت يحيى بن معين يقول: إسماعيل ابن أبى أويس لا يساوى فلسين.
قلت: وساق له ابن عدى ثلاثة أحاديث، ثم قال: وروى عن خاله مالك غرائب لا يتابعه عليها أحد، وعن سليمان بن بلال.
وروى عنه البخاري الكبير.
قلت: مات سنة ست وعشرين ومائتين، استوفيت أخباره في تاريخ الاسلام.
قال الحافظ الذهبي في السير :
وقد إتفق أهل العلم على صحة الأحاديث التي يرويها إسماعيل بن أبي أويس في الصحيح .
قلتُ : وكفى بإحتجاج الشيخين بهِ لتوثيقهِ , قد تكلم فيه أعلام الحديث ووثقهُ بعضهم . والله أعلم .
لذلك :
ليس كل من ضعف تركه العلماء بالجملة بل ربما تجد العالم ينتقد الراوي ثم يحتج ببعض حديثه,
وقد اُجريت رسالة دكتوراة عن مرويات اسماعيل في الصحيحين - باشراف الدكتور بشار عواد في العراق - وكانت النتيجة ان كل حديث اخرجه صاحبا الصحيحين لإسماعيل متابع عليه الا اثرين دلت القرائن على صوابه فيها
لذلك أن يخرج البخاري لراوي فإنهُ يكون نقح حديثهُ وعرف منه السقيم من الصحيح ، والمطلع على منهجية الإمام البخاري يعرف دقتهُ في إختيار رجال حديثهِ فقد أخرج ما صح من رواية بن أبي أويس وكما قال الحافظ الذهبي إتفق على صحة ما أخرجهُ لهُ في الصحيح .وهذا ماسوف نبينه ان شاء الله
قال عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في مقدمة كتابه التنكيل عند كلامه على الحاكم أبي عبدالله النيسابوري صاحب المستدرك:
أن الشيخين إنما يخرجان لمن فيه كلام في مواضع معروفة .
أن يريا أن الضعف الذي في الرجل خاص بروايته عن فلان من شيوخه او برواية فلان عنه ، أو بما يسمع منه غير كتابه ، أو بما سمع منه بعد اختلاطه ، أو بما جاء عنه عنعنة وهو مدلس ولم يأت عنه من وجه آخر ما يدفع ريبة التدليس .
فيخرجان للرجل حيث يصلح ولا يخرجان له حيث لا يصلح.
قال المزى فى "تهذيب الكمال" :
( خ م د ت ق ) : إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبى عامر
الأصبحى ، أبو عبد الله بن أبى أويس المدنى ، حليف بنى تيم بن مرة ، و هو
أخو أبى بكر عبد الحميد بن أبى أويس ، و ابن أخت مالك بن أنس . اهـ .
المولد :
الطبقة : العاشرة : كبارالآخذين عن تبع الأتباع
الوفاة : 226 هـ
روى له : خ [البخاري] م [مسلم] د [أبوداود] ت [الترمذي] ق [ابن ماجة]
يتبع ...
من وثق الرجل من المحدثين
قال أحمد بن حنبل : ابن أبي أويس ثقة وقد قام في أمر المحنة مقاما محمودا منه. (تاريخ الإسلام للإمام الذهبي , والمعرفة ليعقوب )
قال أبو حاتم : محله الصدق" (المغني في الضعفاء للذهبي 1: 79)
قال أبو حاتم الرازي (الجرح والتعديل 1: 22 ):
سألت إسماعيل بن أبي أويس قلت هذا الذي يقول مالك بن أنس حدثني الثقه من هو قال هو مخرمه بن بكير بن وعثمان
في تهذيب التهذيب 1: 271 :
ونقل الخليلي في الإرشاد أن أبا حاتم قال كان ثبتا في حاله وفي الكمال - لعبد الغني - أن أبا حاتم قال كان من الثقات
في تاريخ ابن معين رواية عثمان الدارمي (رقم 930 – 931) :
قلت فابن أبي أويس أخو هذا الحي فقال كان ثقة 0 قلت فهذا الحي فقال لا بأس به
وفي تاريخ ابن معين رواية الدوري (رقم 5331) :
قلت ليحيى فهو ثقة قال نعم ليس به بأس
قال أبو بكر بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين صدوق ضعيف العقل
(تهذيب الكمال 3: 127)
وقال ابن عدي (في الكامل ) :
وقد حدث عنه الناس وأثنى عليه بن معين وأحمد
البخاري :
أعطى ابن أبي أويس كتابه للإمام البخاري لفرز أحاديثه , وانتقى البخاري ما ثبت منها عنده , كما ذكره الحافظ في مقدمة الفتح بسند صحيح,وهو شيخ البخاري كما ذكر الحافظ في تغليق التعليق( 3: 425)
قال الإمام البخاري : كان إسماعيل بن أبي أويس إذا انتخبت من كتابه نسخ تلك الأحاديث لنفسه وقال هذه الأحاديث انتخبها محمد بن إسماعيل من حديثي 00 وقال لي ابن أبي أويس انظر في كتبي وما أملك لك وأنا شاكر لك ما دمت حيا . تغليق التعليق 5: 400
قال الحافظ بن حجر في مقدمة فتح الباري ص 14:
الذين انفرد بهم البخاري ممن تُكلم فيه , أكثرهم من شيوخه الذين لقيهم وجالسهم وعرف أحوالهم واطلع على أحاديثهم وميز جيدها من موهومها
قال أيضا ص 6:
وينحصر القول في عشرة فصول:
التاسع:في سياق أسماء جميع من طُعن فيه من رجاله على ترتيب الحروف ,والجواب عن ذلك الطعن بطريق الإنصاف والعدل ، إما لكونه تجنب ما طُعن فيه بسببه , وإما لكونه أخرج ما وافقه عليه من هو أقوى منه , وإما لغير ذلك من الأسباب .
قال ابن حجر مقدمة فتح الباري ص 410 :
روينا في مناقب البخاري بسند صحيح أن إسماعيل أخرج له أصوله وأذن له أن ينتقي منها وأن يُعلم له على ما يُحدث به ليحدث به ويُعرض عما سواه , وهو مُشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه , لأنه كتب من أصوله , وعلى هذا لا يُحتج بشيء من حديثه غير ما في الصحيح .
جاء في تهذيب التهذيب 5 : 245 :
وقال بن عبد البر: لا يحكي عنه أحد حرجة في دينه وأمانته وإنما عابوه بسوء حفظه وأنه يخالف في بعض حديثه وقال الحاكم أبو عبد الله : قد نسب إلى كثرة الوهم ومحله عند الأئمة محل من يحتمل عنه الوهم ويذكر عنه الصحيح
قال صاحب تذكرة الحفاظ (1: 409) :
إسماعيل بن أبي أويس الامام الحافظ محدث المدينة
وقال الإمام الذهبي في كتابه :"من تكلم فيه وهو موثق (ص 44) :
إسماعيل بن أبي أويس خ م صدوق مشهور ذو غرائب
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء 10 : 391 :
إسماعيل بن أبي أويس : الإمام الحافظ الصدوق ، قرأ القرآن وجوده على نافع فكان آخر تلامذته وفاة ، وكان عالم أهل المدينة ومحدثهم في زمانه على نقص في حفظه وإتقانه ولولا أن الشيخين احتجا به لزحزح حديثه عن درجة الصحيح إلى درجة الحسن هذا الذي عندي فيه واعتمده صاحبا الصحيحين ولا ريب أنه صاحب أفراد ومناكير تنغمر في سعة ما روى فإنه من أوعية العلم
يقول الإمام الذهبي في تاريخه :
قلت: استقرّ الأمر على توثيقه وتجنّب ما ينكر له
قال الحافظ بن حجر في التقريب 1: 108 :
إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي أبو عبد الله بن أبي أويس المدني صدوق أخطأ في أحاديث من حفظه
قال الحافظ ابا زرعة العراقي في كتابه البيان والتوضيح لمن أُخرج له في الصحيح ومُس بضرب من التجريح :
وأما قول الدارقطني : لا أختاره في الصحيح , فهذا كلام بارد , قد اختاره قبلك إماما الصحيح إن كان لك مشتبه اتركه , وإلا فلا ، وأما قول ابن عدي فلا يقدح أيضا لأن تفرد الثقة ببعض أحاديث لا تضر في عدالته
يتبع ...
ثالثا :
منهج الامام البخاري في تصحيح الاحاديث
مراتب رجال الصحيحين من حيث الضبط :
إن رجال الصحيحين ليسوا على مرتبة واحدة من حيث الضبط. ففيهم الحافظ الثقة وفيهم دون ذلك.
وسأسوق من أقوال العلماء ما يدل على ذلك.
قال الإمام الذهبي (ت 748هـ) – رحمه الله – : (ص 142)
" من أخرج له الشيخان أو أحدهما على قسمين :
أحدهما ما احتجا به في الأصول، وثانيهما : من أخرجا له متابعة وشهادة واعتباراً.
فمن احتجا به أو أحدهما، ولم يوثق ولا غمز، فهو ثقة حديثه قوي، ومن احتجا به أو أحدهما وتكلم فيه : فتارة يكون الكلام فيه تعنتاً، والجمهور على توثيقه، فهذا حديثه قوي أيضاً، وتارة يكون في تليينه وحفظه له اعتبار، فهذا حديثه لا ينحط عن مرتبة الحسن التي قد نسميها : من أدنى درجات الصحيح.
فما في " الكتابين " بحمد الله رجل احتج به البخاري أو مسلم في الأصول ورواياته ضعيفة بل حسنة أو صحيحة.
ومن خرج له البخاري أو مسلم في الشواهد والمتابعات. ففيهم من في حفظه شيء وفي توثيقه تردد، فكل من خرج له في " الصحيحين " فقد قفز القنطرة فلا معدل عنه إلا ببرهان بين.
نعم الصحيح مراتب والثقات طبقات فليس من وثق مطلقاً كمن تكلم فيه، وليس من تكلم في سوء حفظه واجتهاده في الطلب كمن ضعفوه، ولا من ضعفوه ورووا له كمن تركوه ولا من تركوه كمن اتهموه وكذبوه "( ).
وقد سبق إلى هذا الحافظ الحازمي (ت 524هـ). فإنه قال بعد أن قسم الرواة إلى خمس طبقات وجعل الطبقة الأولى مقصد البخاري. ويخرج أحياناً من أعيان الطبقة الثانية.
" فإن قيل : إذا كان الأمر على ما مهدت، وأن الشيخين لم يودعا كتابيهما إلا ما صح، فما بالهما خرجا حديث جماعة تكلم فيهم، نحو فليح بن سليمان، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار وإسماعيل بن أبي أويس عند البخاري ومحمد بن إسحاق وذويه عند مسلم. قلت : أما إيداع البخاري (ص 143) ومسلم " كتابيهما " حديث نفر نسبوا إلى نوع من الضعف فظاهر، غير أنه لم يبلغ ضعفهم حداً يرد به حديثهم "( ).
ومعنى هذا أن الإمام البخاري يروي عن الضعفاء الذين لم يصلوا إلى حد الترك ولكن لا يروي لهم إلا ما صح من حديثهم.
وتعرف صحة حديثه بأمرين :
الأول : موافقة هذا الراوي لغيره ومتابعتهم له.
وهذا أمر يلاحظ في صحيح البخاري فإنه يكثر من ذكر المتابعات والشواهد. فإنه يروي الحديث ثم يقول : تابعه فلان وفلان … إذا كان راوية ضعيفاً، أو كان الراوي ثقة لكن وقع فيه اختلاف في سنده ومتنه. كما سيأتي توضيحه في " منهج البخاري في تعليل الأحاديث ".
الثاني : مراجعة أصول الراوي والنظر فيها. فإنه ولو كان ضعيفاً في حفظه فإنه يقبل حديثه الموجود في أصوله. إذا كان الراوي صدوقاً في الجملة. ومثال هذا أحاديث إسماعيل بن أبي أويس( ).
وهذا المنهج يعرف بمنهج الانتقاء من أحاديث الضعفاء، أي أن حديث الضعيف لا يرد جملة ولا يقبل جملة. وإنما يقبل ما صح من حديثه فقط. كما أن الثقة لا تقبل أحاديثه مطلقاً فيقبل ما أصاب فيه ويرد ما أخطأ فيه.
قال الإمام ابن القيم وهو يرد على من عاب على مسلم إخراج أحاديث الضعفاء سيئي الحفظ كمطر الوراق وغيره : " ولا عيب على مسلم في إخراج حديثه لأنه ينتقي من أحاديث هذا الضرب ما يعلم أنه حفظه، كما يطرح من أحاديث الثقة ما يعلم أنه غلط فيه، فغلط في هذا المقام من استدرك عليه إخراج جميع أحاديث الثقة، ومن ضعف جميع أحاديث سيئي (ص 144) الحفظ. فالأولى : طريقة الحاكم وأمثاله، والثانية : طريقة أبي محمد بن حزم وأشكاله. وطريقة مسلم. هي طريقة أئمة هذا الشأن "( ).
وهذه هي طريقة الإمام البخاري – رحمه الله – أيضاً ولكن قد يختلف اجتهاد الأئمة في تقدير ضعف الراوي ومرتبته. فقد يكون الراوي ضعيفاً متروكاً عند مسلم بينما يكون عند البخاري ضعيفاً ضعفاً يسيراً محتملاً، أو على العكس كل بحسب اجتهاده وقد صرح الإمام ابن الصلاح بهذا حيث قال :
" شرط مسلم في صحيحه أن يكون الحديث متصل الإسناد بنقل الثقة عن الثقة من أوله إلى منتهاه، سالماً من الشذوذ والعلة. وهذا حد الصحيح، فكل حديث اجتمعت فيه هذه الشروط فهو صحيح بلا خلاف بن أهل الحديث، وما اختلفوا في صحته من الأحاديث : فقد يكون بسبب اختلافهم أنه هل اجتمعت فيه هذه الشروط أم انتفى بعضها. وهذا هو الأغلب في ذلك كما إذا كان الحديث في رواته من اختلف في كونه من شرط الصحيح، فإذا كان الحديث رواته كلهم ثقات، غير أن فيهم أبا الزبير المكي مثلاً أو سهيل بن أبي صالح، أو العلاء بن عبد الرحمن، لكون هؤلاء عند مسلم ممن اجتمعت فيهم الشروط المعتبرة، ولم يثبت عند البخاري ذلك فيهم. وكذا حال البخاري فيما خرجه من حديث عكرمة مولى ابن عباس وإسحاق بن محمد الغروي وعمرو بن مرزوق وغيرهم ممن احتج بهم البخاري ولم يحتج بهم مسلم "( ).
وواضح من كلام الإمام ابن الصلاح أن الأئمة لم يختلفوا في حد الصحيح وشرطه المعتبرة وأركانه من : إتقان الرواة، واتصال السند، والسلامة من الشذوذ والعلل، وإنما الخلاف بينهم في تطبيق تلك الشروط (ص 145) على الرواة والأحاديث ومن ثم تختلف اجتهاداتهم، وليس بسبب الاختلاف في الأسس والمنهج كما يفهمه – خطأ – الكثير وإنما الخلاف في التطبيق وتنزيل تلك الشروط.
وقد ظن الكثير أن للبخاري شرطاً خاصاً به في الصحيح، وكذلك أن لمسلم شرطاً متميزاً وكذلك أن لابن حبان ولابن خزيمة شروطاً خاصة بهما وهكذا للحاكم شرط للصحيح خاص به. أي إن لكل إمام وناقد شروطاً في الصحيح تختلف تماماً عن شروط الآخرين وهذا مخالف للواقع العملي التطبيقي عند النقاد، والسبب في الوقوع في هذا الخطأ المنهجي الخطير هو تلك الألفاظ المجملة التي أطلقها الحازمي والمقدسي والحاكم في كتبهم وهم لا يعنون أبداً ما فهمه هؤلاء.
ومن هنا فإن التعريف المتداول للحديث الصحيح وهو : (ما يرويه العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه وسلم من الشذوذ والعلة القادحة) فيه قصور إذ لا يشمل أحاديث العدول الذين خف ضبطهم أو بعبارة أخرى لا يشمل أحاديث الضعفاء التي صحت.
.
ولهذا يرى الحافظ ابن حجر أن يكون تعريف الحديث الصحيح على هذا النحو : (هو الحديث الذي يتصل بإسناده بنقل العدل التام الضبط أو القاصر عنه إذا اعتضد – عن مثله إلى منتهاه – ولا يكون شاذاً ولا معللاً)( ).
وقد استند الحافظ في هذا إلى تتبعه واستقرائه لأحاديث الصحيحين قال – رحمه الله - :
" وإنما قلت ذلك لأنني اعتبرت كثيراً من أحاديث الصحيحين فوجدتها لا يتم عليها الحكم بالصحة إلا بذلك "( ). ثم ذكر أمثلة على هذا (ص 146)
فمن ذلك حديث أبي بن العباس بن سهل بن سعد( ) عن أبيه( ) رضي الله عنه في ذكر خيل النبي صلى الله عليه وسلم قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم في حائطنا فرس يقال لها اللحيف. قال أبو عبد الله وقال بعضهم : اللخيف( ).
وأبي هذا قد ضعفه لسوء حفظه أحمد بن حنبل ويحي بن معين والنسائي. ولكن تابعه عليه أخوه عبد المهيمن بن العباس( ) أخرجه ابن ماجه من طريقه. وعبد المهيمن فيه ضعف. فاعتضد. وانضاف إلى ذلك أنه ليس من أحاديث الأحكام، فلهذه الصورة المجموعة حكم البخاري بصحته( ). وكذا حكم البخاري بصحة حديث معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عمته عائشة بنت طلحة عن عائشة – رضي الله عنها – أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الجهاد فقال صلى الله عليه وسلم : " جهادكن الحج والعمرة "( ).
ومعاوية ضعفه أبو زرعة ووثقه أحمد والنسائي( ).
وقد تابعه عليه عنده حبيب بن أبي عمرة( ) فاعتضد( ).
في أمثلة كثيرة قد ذكر الحافظ كثيراً منها في مقدمة شرحه للبخاري ويوجد في كتاب مسلم منها أضعاف ما في البخاري. (ص 147).
وقال الحافظ ابن حجر – مبيناً مراتب الرواة من حيث الضبط – عند الإمام البخاري :
" وأما الغلط فتارة يكثر في الراوي وتارة يقل، فحيث يوصف بكونه كثير الغلط، ينظر فيما أخرج له، إن وجد مروياً عنده أو عند غيره من رواية غير هذا الموصوف بالغلط، علم أن المعتمد أصل الحديث لا خصوص هذه الطريق، وإن لم يوجد إلا من طريقة فهذا قادح يوجب التوقف فيما هذا سبيله – وليس في الصحيح – بحمد الله، من ذلك شيء، وحيث يوصف بقلة الغلط، كما يقال سيء الحفظ، أو له أوهام، أو له مناكير، وغير ذلك من العبارات، فالحكم فيه كالحكم في الذي قبله، إلا أن الرواية عن هؤلاء في المتابعات أكثر منها عند المصنف من الرواية عن أولئك "( ).
ومن هنا يتبين لنا أن منهج البخاري في تصحيح الأحاديث هو النظر في الحديث بمجموع طرقه وأسانيده، وليس النظر في خصوص كل إسناد على انفراده، وليس هذا منهجاً للإمام البخاري فحسب بل هو منهج كل المحدثين النقاد كالإمام مسلم والترمذي وغيرهم، لذلك نرى الإمام مسلم يورد في صحيحه بعض الأحاديث التي في إسنادها ضعف ثم يورد لها الشواهد والمتابعات فيكون ذلك الحديث صحيحاً بمجموع تلك الطرق، وكذلك الإمام الترمذي فإنه يورد في كثير من الأحيان أحاديث في رواتها ضعف، ويتكلم على أولئك الرواة فيقول مثلاً : " فلان ليس بالقوي "، أو "ليس بذاك " ونحوها من عبارات التليين، ثم يحكم على الحديث بالصحة أو الحسن أو هما معاً، باعتبار شواهده ومتابعاته لأنه يعقب على ذلك الحكم غالباً بقوله وفي الباب عن فلان وفلان … وشرح هذا الأمر وذكر الأمثلة عليه يطول، ومن ينظر في الجامع الصحيح للإمام مسلم وجامع الإمام الترمذي بتمعن يتبين له ذلك، والذي أركز عليه هو ذكر أمثلة ونماذج من صحيح الإمام البخاري، قواها البخاري وصححها بمجموع طرقها لا بخصوص أسانيدها . (ص 148)
للمزيد :
منهج الإمام البخاري
في
تصحيح الأحاديث وتعليلها ( من خلال الجامع الصحيح )
إعداد أبو بكر كافي إشراف الدكتور حمزة عبد الله المليباري
للتحميل :
من المرفقات
يتبع ...
مسألة :
قال ابن عدى: قال أحمد بن أبى يحيى: سمعت ابن معين يقول: هو وأبوه يسرقان الحديث.
راوي هذا القول عن الامام ابن معين هو أحمد بن أبي يحيى الأنماطي أبو بكر البغدادي , يروي عن الإمامين يحيى بن معين وأحمد بن حنبل .
قال ابن عدي في (الكامل في ضعفاء الرجال 1: 195) :
" احمد بن أبي يحيى أبو بكر الأنماطي البغدادي سمعت موسى بن القاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشعث يقول حدثني أبو بكر قال سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول أبو بكر بن أبي يحيى كذاب قال الشيخ ولأبي بكر بن أبي يحيى حديث منكر عن الثقات لم أخرجه هاهنا وقد روى عن يحيى بن معين وأحمد بن حنبل تاريخا في الرجال "
قال الإمام الذهبي في (ميزان الإعتدال في نقد الرجال 1: 310) :
أحمد بن أبي يحيى الأنماطي أبو بكر البغدادي قال إبراهيم بن أورمة كذاب وقال ابن عدي حديث منكر عن الثقات قلت يروى عن أحمد بن حنبل ونحوه"
قال ابن حجر في (لسان الميزان 1: 321 ) :
" أحمد بن أبي يحيى الأنماطي أبو بكر البغدادي قال إبراهيم بن أورمة كذاب وقال بن عدي حديث منكر عن الثقات"
الخلاصة :
من هنا يتبين لنا بما لايدع مجالا للشك بطلان هذه الرواية ( يسرقان الحديث ) فالامام ابن معين لم يقل ذلك عن ابن ابي اويس بعد تبيان كذب الراوي احمد بن ابي يحيى وهو كذلك صاحب احاديث منكرة عن الثقات فلايعتد بكلامه .
يتبع ...
مسألة :
قلت لأبى الحسن : لم ضعف أبو عبد الرحمن النسائي إسماعيل بن أبى أويس ؟
فقال : ذكر محمد بن موسى الهاشمي ،- قال أبو الحسن : وهذا أحد الأئمة ، وكان أبو عبد الرحمن يخصه بما لم يخص به ولده - ، فذكر عن أبى عبد الرحمن أنه قال : (حكى لى سلمة بن شبيب عنه ، قال : ثم توقف أبو عبد الرحمن ، قال : فما زلت بعد ذلك أداريه أن يحكى لى الحكاية ، حتى قال لى : قال لى سلمة بن شبيب : سمعت إسماعيل بن أبى أويس يقول : ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شئ فيما بينهم).
قلت لأبى الحسن : من حكى لك هذا عن محمد بن موسى ؟ فقال : الوزير ، كتبتها من كتابه ، وقرأتها عليه ، يعنى ابن حنزابة "
ثم قال الدارقطني عن محمد بن موسى :" حدث عنه أبو عبد الرحمن النسائي في الصحيح "
معنى يضع الحديث عند المحدثين وعلماء اللغة :
جاء في المحدث الفاصل 1: 250 :
" أخبرني الساجي أن جعفر بن أحمد حدثهم قال لما وضع أبو عبيد كتب الفقه والرد بلغ ذلك حسين بن علي الكرابيسي فنظر فيه فاذا هو يحتج عليهم بحجج للشافعي ويحكي لفظه وهو لا يذكر الشافعي فغضب حسين "
انتهى
وجاء في خصائص مسند أحمد 1: 14 :
سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول قلت لأبي رحمه الله تعالى لم كرهت وضع الكتب وقد عملت المسند ؟"
انتهى
وفي رسالة أبي داود ص 28 :
" ويكتب أيضا مثل جامع سفيان الثوري ؛ فإنه أحسن ما وضع الناس في الجوامع"
انتهى
وقال أيضا أبو داود في رسالته ص 29 :
" والأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير "
انتهى
وجاء في مقدمة فتح الباري ص 489 :
سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول ما وضعت في كتاب الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين "
ومن المحدثين :
1 - الإمام البخاري , حيث جاء في مقدمة فتح الباري ص 489 :
سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول ما وضعت في كتاب الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين "
انتهى
2 - الإمام أبي داود , حيث قال في رسالته ص 29 :
والأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير "
انتهى
3 - والإمام أحمد وابنه بلفظ " وضع الكتب "
وقد استعملها العرب في معان غير اختلاق الأحاديث كذبا منها :
جاء في لسان العرب , باب "وضع ":
" يقال وضَعَ البعيرُ يَضَعُ وَضْعاً إِذا عَدا وأَسرَعَ، فهو واضعٌ،
ووَضَعَ الشيءَ فـي الـمكانِ: أَثْبَتَه فـيه
والـمُواضعةُ: الـمُناظَرة فـي الأَمر. والـمُواضَعةُ: أَن تُواضِعَ صاحبك أَمراً تناظره فـيه."انتهى
وفي القاموس المحيط جاء أيضا :
" المُواضَعَةُ: المُراهَنَةُ، ومُتارَكَةُ البيعِ، والمُوافَقَةُ في الأمرِ. وهَلُمَّ أُواضِعْكَ الرَّأيَ: أُطْلِعْكَ على رَأيِي، وتُطْلِعْنِي على رَأيِك"انتهى
وفي كتاب " العين " :
" والمُواضَعَةُ: أن تُواضِعَ أخاك أمراً فتناظره فيه"انتهى
وبناءا على ذلك , فإنه إذا جاء على لسان أحد الفقهاء أو المحدثين عبارة :" وضعتُ الحديث لهم " ؛ فإننا لا نستطيع الجزم بأن معناها هو: " اختلقتُ لهم حديثا كذبا "يدعم ذلك ما ذُكر من استخدامات تلك العبارة في اللغة العربية وعند كبار الأئمة المحدثين كذلك .
يقول الإمام مسلم - رحمه الله - من كتاب الصلاة، باب التشهد قولَه: ( ... ليس كل شئ عندي صحيح وضعتُه ها هنا، إنما وضعتُ ها هنا ما أجمعوا عليه).
وهذا يؤكد ماذهبنا اليه من ان معنى يضع الحديث في كلام ابن ابي اويس هو كلام مجازي لايعني باي حال من الاحوال ان يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
اذا قوله [كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم ]) فقصده أضع لهم مصنَّفًا في ذلك، أو أضع الحديث بينهم أي أخبرهم به.
يقول الشيخ محمد الامين :
فهذا هو الفهم الصحيح والمعنى اللائق بهذه الكلمة ... وليس بالضرورة أن يكون ابن أبي أويس قد وضع لهم مصنفا بالمعنى المعروف فعلا ... بل يكفي في ذلك أن يكون قد وضع بين أيديهم الحديث أو الأحاديث مدونة في ورقة أو أوراق من مسموعاته عن شيوخه يذكرهم به ... هذا الذي قصده ابن أبي أويس ... وهذا الفهم الذي لو قال صاحبه إنه على يقين منه = لشهدت له بذلك المئات من النصوص والوثائق ... أما المعنى الآخر ففهم سقيم عاطل ... فأين ابن أبي أويس من أؤلئك النقاد المهرة ... من أمثال خاله مالك والمجاشون والداروردي وابن وهب وابن كنانة ... وعشرات غيرهم من علماء المدينة ... أنيام هم حتى يفتري ابن أبي أويس الكذب على نبيهم – صلى الله عليه وسلم - وهم صامتون ... لا ينقلون إلينا حرفا يبين فعله ذاك ... حتى يأتي هو ويفصح عن نفسه؟ أم هم قد علموا ذلك وسكتوا؟.
وهذا ماذهب اليه الشيخ الاعظمي في مقدمة تحقيقه لكتاب موطا الامام ماللك :
فمعنى عبارة إسماعيل هي غير ما تبادر لذهن النسائي. قال الدكتور الأعظمي: «قصده: أضع لهم مصنَّفًا في ذلك، أو أضع الحديث بينهم، أي أخبرهم به».
وفي في فهرست ابن النديم < تـ 380 > توضيح أكثر لهذه الجملة : فقد تكررت كلمة " وضع " عنده في صفحة 71 من نسخة رضا تجدد ثلاث مرات: ( وهو أول من وضع من الكوفيين كتابا في النحو ) ... ( و قال الرواسي: بعث إليّ الخليل يطلب كتابي، فبعثت به إليه فقرأه ووضع كتابه ) ... ( قال ابن درستويه: زعم ثعلب أن أول من وضع من النحويين الكوفيين في النحو كتابا؛ الرواسي ...).
الخلاصة :
في مقولة الإمام الذهبي في تاريخ الإسلام: ( قلت: استقرّ الأمر على توثيقه وتجنّب ما ينكر له ). دلالة عميقة لا يفطن لها إلا من اتخذ من العلم الصحيح نبراسا له و من المنهج العلمي الرصين أداة للتعامل مع ما يقرأ ويسمع وهو غير مايحاول المستشرقين والنصارى تدليسه وايهام الناس به بفهمهم القاصر المحدود للنصوص الحديثية وعدم المامهم بهذا الفن العظيم .
يتبع
مسألة :
قال الإمام الدارقطني في ابن أبي أويس :"لا أختاره في الصحيح"
(تهذيب التهذيب 1: 271)
لا يلزم من هذه العبارة الطعن في عدالته ودينه وصدقه
فعلى الرغم من أن الإمام الدارقطني حكى للبرقاني ما بلغه عن النسائي مجيبا عن سؤال البرقاني له, إلا أنه لم يطعن في صدق ابن أبي أويس
وهذا يؤكد أن الدارقطني قد أهمل ما حكاه له الوزير , لعدم ثبوت تلك الرواية عنده , أو لشكه في ثبوتها , أو أنها ثبتت عنده ولكنه رأى انه لا يلزم منها المعنى الذي فهمه النسائي ,
ويؤكده ما قاله البرقاني في سؤالاته :
" " قلت له : شريك عن أبى اليقظان عن عدى بن ثابت عن أبيه عن جده ، كيف هذا الإسناد ؟
قال : ضعيف.
قلت : من جهة من ؟
قال : أبو اليقظان ضعيف.
قلت : فيترك .
قال : لا ، بل يخرج ، رواه الناس قديما "
انتهى
اذا قول الدارقطني عن الرجل "ضعيف " لا يلزم منه عنده ترك روايته
بل قد يعني به ضعف حفظه
بينما نجد الدارقطني يقول في الحسين بن عبد الله بن ضميرة:"متروك"
(انظر تعجيل المنفعة 1: 96)
في سؤالات البرقاني :
وسألته عن حكيم بن جبير فقال كوفي يترك
وسألته عن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل فقال متروك
وأيضا :
سمعت أبا الحسن – هو الدارقطني - يقول : مطهر بن سليمان يعني الفقيه كذاب قلت :لم ؟
قال :سمعته يوما يقول : سمعت من الفريابي حملني أبي أليه في سنت أربع وثلاثمائة
قال أبو الحسن : فقلت له : فهذا بعد أن مات بأربع سنين
قال أبو الحسن: و الفريابي قد قطع الحديث في شوال من سنة ثلاثمائة ومات في المحرم سنة أحدى وثلاثمائة
لو ثبتت هذه الرواية عند الدارقطني او فهم منها على أنها بمعنى اختلاق الحديث كذبا او الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم , لقال في ابن أبي أويس قولا شديدا تجريحا في عدالته ودينه وصدقه , مثلما فعل تماما مع مطهر بن سليمان وغيره ,
فإذا كان الإمام الدارقطني قد طعن في عدالة من كذب عليه هو , فهل يُتصور أن يتقاعس عن الطعن في عدالة من يختلق حديثا كذبا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
و الإمام الدارقطني غير معاصر لابن أبي أويس , فابن أبي أويس مات سنة 226 , بينما مات الدارقطني سنة 385
فالاولى ترجيح اقوال أئمة الجرح والتعديل الذين عاصروا ابن أبي أويس وعايشوه, بل ورووا عنه وتحملوا حديثه وهم اعلم الناس به وباحواله ودرجات حديثه
يقول الحافظ أبي زرعة حيث نقل قول الدارقطني :
" وأما قول الدارقطني : لا أختاره في الصحيح "
ثم أجاب عنه قائلا :
" قد اختاره قبلك إماما الصحيح , إن كان لك مشتبه اتركه , وإلا فلا "
(البيان والتوضيح ص 56)
يتبع .....
مسألة :
جاء في ميزان الاعتدال 1: 379 :
" وقال الدولابي في الضعفاء سمعت النضر بن سلمة المروزي يقول كذاب كان يحدّث عن مالك بمسائل ابن وهب "
انتهى
وقال ابن عدي في " الكامل " 1: 323 :
" سمعت ابن حماد يقول سمعت النضر بن سلمة المروزي يقول بن أبي أويس كذاب كان يحدث عن مالك بمسائل عبد الله بن وهب"
يروي هذه الرواية النضر بن سلمة المروزي ,
انظر ما جاء في الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 3 : 161 :
" النضر بن سلمة شاذان أبو محمد المروزي يروي عن ابن نافع قال أبو حاتم الرازي كان يفتعل الحديث وقال الدراقطني متروك 00 وقال ابن حبان يسرق الحديث لا يحل الرواية عنه إلا للاعتبار وقال ابن عبد الكريم عرفنا كذبه وأنه يضع الحديث"
يقول ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل :
" النضر بن سلمة شاذان المروزي سألت أبى عنه فقال كان يفتعل الحديث ولم يكن بصدوق وسمعته يقول سمعت إسماعيل بن أبى أويس يذكر شاذان بذكر سوء وقال لي عبد العزيز الأويسي وإسماعيل بن أبى أويس ان شاذان أخذ كتبنا فنسخها ولم يعارض بها ولم يسمع منا وذكراه بالسوء "
وواضح من الرواية لهذا الرجل انه يطعن بابن ابي اويس لكي ينتقم منه لان ابن ابي اويس ذكره بسوء وقد ذكر أئمة الجرح والتعديل ان ابن ابي اويس كان محقا في كلامه
يتبع ....
ومن أنصف وأعمل عقله إذا تأمل في حال ابن أبي أويس الذي تذكره المصادر:
انه كان مغفلا ... ضعيف العقل ... لا يحسن الحديث ولا يعرف أن يؤديه ... وأنه احتاج لغيره من علماء الحديث كي يبيّن له ما يحدث به ويعرض عمّا سواه ... فمن كان بمثل هذا الحال هل يُحسن وضع الحديث وتزويقه ليمرره على الأساطين من أهل العلم بالمدينة؟
ابن أبي أويس – رحمه الله – كأنه أراد أن يمدح نفسه ويتفاخر على بعض القوم بأنه كان ذا شأن بين علماء أهل المدينة ويحضر مجالس مذاكرتهم ... حتى كان منه أن يضع الحديث مما سمعه ورواه بين أيديهم لينظروا فيه ... فجاء بكلمات أوهمت بعض من جاء بعده أنه أراد أمر سوء ... وكل ذلك لم يكن ... وحتى لو حاوله ما أظنه كان في مُكنته ... و لو فعله لأسقطه من ساعته.
فإن سأل سائل: ما بال أئمة أهل الحديث يروون عمن كان هذا حاله ... وقد علمناهم يتخيرون الحفاظ المبرزين في الحفظ والضبط لرواية السنة؟
الرجل رحمه الله لم يكن مجنونا مستغلقا حتى تطرح وترد روايته بالمطلق ... غاية ما في الأمر أن به خفة وطيشا ... ثم قد ساعدهم على الرواية عنه ضبطه لمروياته في كتابه ... وقد علموا أنها لم تخالف ما رواه غيره ... فدفعهم هذا – مع علوّ السند الذي يحبونه – للرواية عنه وهذا مابيناه سابقا من اقوال أئمة الحديث رحمهم الله وشهاداتهم .
يتبع ...
مسألة :
قال ابن أبي خيثمة في تاريخه (نسخة القرويين الخطية) و(المطبوع 3430 - 3432، طبعة القاهرة): (سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يقول: إسماعيل بن أبي أُوَيْس المدني صدوق ضَعِيْف العقل.
وَسُئِلَ يَحْيَى عنه مرة أخرى؟ فقال: إسماعيل بن أبي أُوَيْس: ليس بذاك.
وَسُئِلَ عنه مرة أخرى؟ فقال: إن ابن أبي أُوَيْس: ليس بشيء. وَحَدَّثَنِـي عَبْد الله بن عُبَيْد الله بن العَبَّاس بن مُحَمَّد الهَاشِمِيّ صاحب اليمن: خرجت معي بإسماعيل بن أبي أُوَيْس إلى اليمن، قال: فبينا أنا يومًا إِذْ دخل عَلَيَّ ابنُ أبي أُوَيْس ومعه ثوب وشيء، فقال: امرأتُه طالق ثلاثًا البتة إِنْ لم تَشْتَرِ مِنْ هذا الرجل ثوبَه بمائة دينار، فقلت للغلام: زِنْ له فَوَزَنَ له، ورفعنا الثوب، فاحتجنا إلى متاعٍ نبعث به إلى السلطان فقلت: أَخْرِجُوا ذلكَ الثوب، فعرضناه فوجدنا الثوب يساوي خمسين، فقلت لابن أبي أُوَيْس: يا أبا عَبْد الله! الثوب يساوي خمسين تحلف أن أشتريه بمائة؟ قال: ما أهون عليك؛ لا والله إِنْ بِعْتُه له حتى أخذتُ منه عشرين دينارًا).يقول المستشار سالم عبد الهادي :
تمكَّن علماء الحديث رحمهم الله من خلال آلية خاصة بهم، عبر المقارنة الداخلية والخارجية للنصوص، وهي ما يسمى عندهم بـ ((الاعتبار)) ويسمَّى عند أهل عصرنا بنظرية (تحليل النصوص) أو (النقد الداخلي والخارجي للنصِّ)؛
من خلال هذه العملية تمكَّن علماء الحديث رحمهم الله من معرفة أحاديث الرواة أكثر من معرفة الرواة أنفسهم بحديثهم.
وكتب الجرح والتعديل وعلل الحديث طافحة بعبارة ((ليس من حديث فلان)) وبإمكان الجميع الوقوف عليها لكثرتها جدًا.
غير أن ثمة ما ينبغي توضيحه في هذه المسألة حين يعترف الراوي نفسه بحديثٍ هو له، لكنه ينكر أن يكون له، أو يلصق بنفسه حديثًا أو تهمةً لم يرتكبها أصلاً، لكنه ألصقها بنفسه بغير علمٍ بحقيقتها ولا نظرٍ وتدبُّرٍ في عواقب أموره.
ففي هذه الحالة لا يعتد باعتراف الراوي ولو اعترف على نفسه مائة مرة، وأصر على اعترافه، فلا قيمة باعترافٍ في غير أهليَّةٍ، ولا عبرة لا شرعًا ولا قانونًا ولا عرفًا باعتراف خفيف العقل أو ضعيف الفِكْر والنَّظَر، مهما كان اعترافه!
بل لا عبرة باعتراف العاقل كامل الأهليَّة نفسه إذا كان اعترافه مما تحيله العادة، ولا يتناسب مع طبيعة المعترف نفسه، ودلَّ النقد والتحليل الخارجي والداخلي للاعتراف على بطلانه.
ولدينا في ساحات نياباتنا عشرات الاعترافات المهملة التي لا تأخذ بها محاكمنا ولا يعتدون بها في مسار التحقيق أو الحكم بناءً لصدورِها في إكراهٍ أو من غير كامل الأهلية، أو إرادة ما يخالف ظاهرها.
ومن هنا يمكننا أن نرصد بعض الأسباب المانعة لقبول الاعتراف من صاحبه، أيًّا كان هذا المعترف، ثقة كاملاً للأهليَّة، أو ضعيفًا خفيف العقل، غير كامل الأهلية!
رد اعتراف كامل الأهلية لعدم دلالته على المعنى المقصود
ذكر الإمام المالكي الكبير أبو عمر بن عبد البر رحمة الله عليه في كتابه ((الاستذكار)) (4/84) حديث عبد الله بن يوسف قال حدثنا مالك عن عمر عن سعيد بن المسيب عن أم سلمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من رأى هلال ذي الحجة فأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا)) ثم قال ابن عبد البر: ((ورواه القعنبي وأبو مصعب وابن بكير عن مالك وقد ذكرنا الأسانيد عنهم في غير هذا الموضع إلا أنه ليس عند أكثر رواه الموطأ وقد رواه شعبة عن مالك)) ثم ساق ابن عبد البر رواية شعبة عن مالكٍ التي أشار إليها.
فالحديث الآن أمامنا كما نرى يرويه عن مالكٍ: عبد الله بن يوسف والقعنبي وأبو مصعب وابن بكير ثم شعبة بن الحجاج رحمهم الله جميعًا.
فهؤلاء خمسة رووا الحديث عن مالكٍ رحمه الله
قال أبو عمر بن عبد البر: ((ترك مالك أن يُحَدِّث بهذا الحديث في آخر عُمْرِه وقاله عنه عمران بن أنس فقال: ليس من حديثي قال [يعني عمران]: فقلت لجلسائه: فقد رواه عنه شعبة وهو يقول ليس من حديثي!)).
استنكار عمران بن أنس هنا قول مالكٍ في محلِّه؛ لأنه لم يروه عنه شعبة فقط، بل رواه عنه خمسة أئمة كبار، من كبار أصحاب الإمام مالكٍ رحمة الله عليه، خاصة وشعبة شعبة في مجال النقد والدقة ومثال اليقظة في هذا العلم!
فكيف يقول الإمام مالك رحمة الله عليه: إنه ليس من حديثه؟!
نعم؛ مالكٌ مالكٌ في الإمامة والثقة والعلم؛ لكن مخالفيه خمسة أئمة غير مدفوعي الثقة والإمامة هم أيضًا، وهم من أعلم الناس به، خاصة القعنبي رحمة الله عليه، فهو مُقَدَّم في مالكٍ على بقية أصحاب مالكٍ!
لابد هنا أن نأخذ بقول هؤلاء الخمسة الكبار ونتوجه إلى الإمام مالكٍ رحمة الله عليه باحتمال الوهم أو نسيان الحديث، ونحو هذه الاحتمالات.
نفعل هذا رغم اعترافه هو نفسه بأنه ليس من حديثه!
لكنَّا لا نأخذ باعترافه هنا لوجود الموانع السابقة، فإن كان هنا وهم فليكن في جهة مالكٍ لا في جهة الخمسة المخالفين له.
هذا ما يمليه علينا تحليل النص.
غير أننا إذا رجعنا إلى ((التمهيد)) لابن عبد البر فسنجد النص الذي نقله في ((الاستذكار)) بعبارة أوضح وأتم تزيل لنا هذا الإشكال، وتبين لنا مراد الإمام مالكٍ رحمة الله عليه من اعترافه السابق بأن الحديث ليس من حديثه!
نرى في ((التمهيد)) ما نصه: ((وذكر عمران بن أنس قال: سألت مالكًا عن حديث أم سلمة هذا؟ فقال: ليس من حديثي، قال: فقلت لجلسائه: قد رواه عنه شعبة وحَدَّثَ به عنه وهو يقول: ليس من حديثي!! فقالوا: إنه إذا لم يأخذ بالحديث قال فيه: ليس من حديثي.
وقد رواه عن مالك جماعة)) ((التمهيد)) (23/194، ونحوه في 17/237).
فهنا جهةٌ أخرى تزيل الإشكال، وتوضح لنا معنى قول الإمام مالكٍ رحمة الله عليه: (ليس من حديثي)، ولو أخذنا بقوله الأول دون بحثٍ وأناةٍ لاتهمناه بالوهم الذي هو بريء منه في هذا الموضع!
رد اعتراف ناقص الأهلية خفيف العقل
وينقسم هذا لأقسام يهمنا منها الآن:
غير كامل الأهلية لسوء حفظه وضعفه
ويدخل في هؤلاء جماعة المختلطين الذين اختلطوا في آخر أيامهم وحياتهم، وضعف حفظهم وساء ضبطهم، فصاروا يقبلون التلقين، ولا يعرفون صحيح حديثهم من سقيمه.
فهؤلاء في حالتهم هذه غير كاملي الأهلية، ولا قيمة لما يذكرونه ويعترفون به، من سماعٍ أو قراءةٍ أو غيرهما، ولا تنتج عن ذلك أية آثارٍ أو اتهاماتٍ لهم.
ومن هؤلاء الحافظ الكبير والرجل الصالح عبد الله بن لَهِيْعَة رحمة الله عليه، وهو أحد من دارت عليهم الأسانيد، غير أنه لم يكن في حفظه بذاك الضابط، وقيل أنه قد عانى ذلك في آخر حياته، وبعض العلماء يرى أنه سيء الحفظ من بدايته، غير أنهم يعترفون له بالصلاح.
فماذا حصل من ابن لَهِيْعَة رحمة الله عليه؟
إذا ذهبنا إلى ابن لَهِيْعَةَ رحمه الله تعالى فسنرى أنه قد صرَّح بالسماع مِمَّن لم يَرَهُ أصلاً، هكذا صراحة لا يحتمل معها التأويل، وثبت ذلك عنه بلا شك، فهذا صورته صورة الكذب؛ لأنه صرَّح بالسماع مِمَّن لم يسمع منه أصلاً، بل وأسقط مِنْ بينِهِ وبَيْن «عَمْرو بن شُعَيْب» رجلاً متروكًا، وهو: «ابن أبي فَرْوَة»، فالدواعي على إسقاط ((ابن أبي فروة)) متوفِّرة؛ لأنه رجل متروك الحديث، ساقط الرواية.
فأركان اتهام ابن لَهِيْعَة بالكذب موجودة، والدواعي على ذلك متوفرة!
بل لَقَد أَصرَّ ابن لَهِيْعَةَ على ادِّعاء السماع وضاق من ابن وَهْب حين ذَكرَ أَنَّ ابن لَهِيْعَةَ لم يسمع هذه الأحاديث من عَمْرو بن شُعَيْب. والقصة في ترجمته من ((تهذيب الكمال)) للمزي، وغيره.
ومع هذا نرى ابن وَهْب رحمه الله يقول في حديثٍ: «حَدَّثَنِي والله الصادق البارُّ عبدُ الله بن لَهِيْعَةَ». قال أبو الطاهر بن السَّرْح: «وما سَمِعْتُه –[يعني: ابنَ وَهْب]- يحلفُ بمثل هذا قط».
ويقول ابن مَعِين في رِوَايَة: «وكان شيخ صِدْقٍ»، كما وصَفَهُ ابنُ حِبَّان بالصَّلاح!
الرجل يدَّعِي السماع مِمَّنْ لم يره أصلاً، ويصر على ذلك، ويضيق صدرًا بمَنْ يقول له: لم تسمع!
الصورة صورة كذب صريح، والدوافع متوفرة، لكن أئمتنا مع هذا كله لا يلتفتون إلى اعتراف ابن لهيعة ولا إلى إصراره، بل ويصفونه بما هو فيه فعلاً من صلاحٍ وديانةٍ!
فما الأمر؟
الناظر في ترجمة ابن لَهِيْعَة رحمه الله سيرى تخليطه وسوء حفظه، حتى لم يعُدْ يُمَيِّز بين ما سمعه على الحقيقة وما لم يسمعه أصلاً؛ بل ربما أجازَ حديثًا لغير عَمْرو بن شُعَيْب على أَنَّهُ من روايتِه عن عَمْرو، كما في ترجمته عند العقيلي وغيره.
وحَمَلَهُ على هذا كله سوء حفظه وعدم ضبطه لمروياته ومسموعاته، مع صلاح الرجل ودينه، ولذا تكلم العلماء في ضعف حديثه وتَرْكِه، في الوقت الذي أثْبَتُوا له دِينَهُ وصلاحَهُ!
لأنه لا عبرة بما صدر من سيء الحفظ عديم الضبط لا يدري ما يخرج من رأسه، وإنما أُتِيَ ابن لَهِيْعَة مِن الغفلة الفاحشة، فلا يصح والحالة هذه ترتيب الآثار على فَعْلَتِه وادِّعاءاته التي ربما لم يضبطها هي نفسها، ولا فكَّر في عواقبها لسوء حفظه، فضلا عن اتهامه بالكذب ومعارضة العلماء... إلخ.
لأنه لم يتوفَّر فيه القصد مع القدرة على معرفة هذا القصد ووضوحه لديه، ولو توفَّر فيه القصد لكان حقُّه أن يوصف بالكذب.
لكنه حين كان مغفَّلا سيء الحفظ، عديم الأهلية في حفظه وضبطه لم يكن ما يخرج منه بذي قيمة لأنه لا يدري ما يخرج من رأسه أصلاً، فكيف يُؤَاخَذ والحالة هذه؟!
غير كامل الأهلية لخفَّةِ عقله وطيشه
وأذكر منهم هنا:
ـ تولَّى عبد الرحمن بن مسهر أخو علي بن مسهر قضاء جُبُل وكان خفيف العقل، فلما قَدِمْ الرشيد البصرة بادرَ هو بقوله: ((نِعْم القاضي قاضي جُبُل)) أثنى على نفسه عند الرشيد فعزله الرشيد لسفهه ((التاريخ الكبير)) لابن أبي خيثمة (ق/20/ب) مخطوط القرويين، و((لسان الميزان)) لابن حجر.
وقد كانت خفة عقله الزائدة عن حدِّها سببًا في ترك حديثه من جهةٍ، وفي خسارته لمنصب القضاء من جهةٍ أخرى!
ـ ونقرأ في ترجمة الإمام الكبير صاحب التصانيف ((مسلمة بن القاسم القرطبي)) من ((لسان الميزان)) لابن حجر هذه الفقرات: ((هذا رجل كبير القدر ... وله تصانيف في الفن وكانت له رحلة لقي فيها الأكابر .... جمع تاريخا في الرجال ... وهو كثير الفوائد في مجلد واحد وقال أبو محمد بن حزم يكنى أبا القاسم كان أحد المكثرين من الرواية والحديث سمع الكثير بقرطبة ثم رحل إلى المشرق قبل العشرين وثلاث مائة فسمع بالقيروان وطرابلس والإسكندرية وأقريطش ومصر والقلزم وجدة ومكة واليمن والبصرة وواسط والأيلة وبغداد والمداين وبلاد الشام وجمع علما كثيرا ثم رجع إلى الأندلس فكف بصره)).
ومع كل هذا نقرأ في ترجمته هناك أيضًا: ((وكان قوم بالأندلس يتحاملون عليه وربما كذبوه وسئل القاضي محمد بن يحيى بن مفرج عنه فقال لم يكن كذابا ولكن كان ضعيف العقل)).
ـ وفي ترجمة ((إسماعيل بن أبي أويس)): روى ابن أبى خيثمة عن يحيى بن معين قال: ((إسماعيل بن أبى أويس صدوق ضعيف العقل ليس بذلك)) (التاريخ الكبير) لابن أبي خيثمة (ق/151/ب) مخطوط القرويين، و(الجرح والتعديل) لابن أبي حاتمٍ.
ولما نقل المزي هذا النص في ((تهذيب الكمال)) زاد بعده: ((يعني أنه لا يحسن الحديث، ولا يعرف أن يُؤَدِّيه، أو يقرأ من غير كتابه)).
ووصفه أبو حاتمٍ وغيره بكونه ((كان مُغَفَّلاً)) يعني أنه كان سيء الحفظ ضعيف العقل، وفي الوقت نفسه فقد وصفه أبو حاتمٍ المتشدِّد في نقد الرجال وغيره بكونه كان ((صدوقًا))!
فالرجل صدوق لا غبار عليه من جهة الديانة، غير أنه لسوء عقله وضعفه قد خرجتْ منه هفواتٌ لا يُعْتَدُّ بها، حتى ولو اعترف على نفسِه مائة مرة، لأنه لا قيمة لاعترافٍ من فاقدٍ لأهليَّة الاعتراف!
وحين نضع قول ابن معين (صدوق) مع مثله لأبي حاتمٍ الرازي وغيره بجوار قول ابن معين (في رواية ابن الجنيد): (مخلط يكذب) وقوله: (ضعيف العقل) فسنرى أن المشكلة كلها جاءت بسبب (مخلط) (ضعيف العقل) وأن قوله (يكذب) لابد وأن يكون بمعنى (يخطأ) والكذب يأتي بمعنى الخطأ في لغة العرب، وهو تعبيرٌ معروفٌ ومشهورٌ في عُرْفِ علماء الحديث، لا يحتاج إلى توضيحٍ، يقولون: كذبَ فلان؛ أي: أخطأ فلان. وهذا معنًى مشهور في لسان الشريعة واللغة لا أطيل فيه حتى لا نخرج عن الموضوع الأصل هنا.
ولابد أن نحمل (الكذب) هنا على هذا المعنى لوصفهم له بالصدق، وهو ينافي الكذب، فلم يعد من شكٍّ أنهم أرادوا بالكذب هنا شيئًا آخر، ومعنًى آخر من معاني الكذب لغة وشرعًا، وهو الخطأ.
يتبع ....
خـــلاصـــــــــــــــــــــــــــة الموضـــــــــــــــــــــــــــوع
يقول الشيخ العلامة عبدالرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله في التنكيل (1/123)
أقول في باب الإمام ينهض بالركعتين من ( جامع الترمذي ) : (( قال محمد بن إسماعيل [ البخاري ] : ابن أبي ليلى هو صدوق ، ولا أروي عنه لأنه لا يدري صحيح حديثه من سقيمه ، وكل من كان مثل هذا فلا أروي عنه شيئاً ))
والبخاري لم يدرك ابن أبي ليلى ، فقوله (( لا أروي عنه )) أي بواسطة ،وقوله (( وكل من كان مثل هذا فلا أروي عنه شيئاً )) يتناول الرواية بواسطة وبلا واسطة ، وإذا لم يرو عمن كان كذلك بواسطة فلأن لا يروي عنه بلا واسطة أولى ، لأن المعروف عن أكثر المتحفظين أنهم إنما يتقون الرواية عن الضعفاء بلا واسطة ، وكثيراً ما يروون عن متقدمي الضعفاء بواسطة .
وهذه الحكاية تقتضي أن يكون البخاري لم يرو عن أحد إلا وهو يرى أنه يمكنه تمييز صحيح حديثه من سقيمه وهذا يقتضي أن يكون الراوي على الأقل صدوقاً في الأصل فإن الكذاب لا يمكن أن يعرف صحيح حديثه .
فإن قيل قد يعرف بموافقته الثقات لروى عن ابن أبي ليلى ولم يقل فيه تلك الكلمة فإن ابن ليلى عند البخاري وغيره صدوق وقد وافق عليه الثقات في كثير من أحاديثه ولكنه عند البخاري كثير الغلط بحيث لا يؤمن غلطه حتى فبما وافق عليه الثقات ، وقريب منه من عرف بقبول التلقين فأنه قد يلقن من أحاديث شيوخه ما حد ثوابه ولكنه لم يسمعه منهم ، وهكذا من يحدث على التوهم فأنه قد يسمع من أقرأنه عن شيوخه ثم يتوهم أنه سمعها من شيوخه فيرويها عنهم .
فمقصود البخاري من معرفة صحيح حديث الرواي من شيوخه بمجرد موافقة الثقات، وإنما يحصل بأحد أمرين:
1 ) إما أن يكون الراوي ثقة ثبتا فيعرف صحيح حديثه بتحديثه
2 ) وإما أن يكون صدوقاً يغلط ولكن يمكن معرفة ما لم يغلط فيه بطريق أخرى كأن يكون له أصول جيدة ، وكأن يكون غلطه خاصاً بجهة كيحيى بن عبد الله بكير روى عنه البخاري وقال في ( التاريخ الصغير ) : ما روى يحيى [ ابن عبد الله ] بن بكير عن أهل الحجاز في التاريخ فإني اتقيه )) ونحو ذلك .
فإن قيل قضية الحكاية المذكورة أن يكون البخاري التزم أن لا يروي إلا ما هو عنده صحيح فأنه إن كان يروي مالا يرى صحته فأي فائدة في تركه الرواية عمن لا يدري صحيح حديثه من سقيمه ؟ لكن كيف تصح هذه القضية مع أن كتب البخاري غير الصحيح أحاديث غير صحيحة ، وكثير منها يحكم هو نفسه بعدم صحتها ؟
قلت : أما ما نبه على عدم صحته فالخطب فيه سهل وذلك بأن يحمل كونه لا يروي ما لا يصح على الرواية بقصد التحديث أو الاحتجاج فلا يشمل ذلك ما يذكره ليبين عدم صحته ، ويبقى النظر فيما عدا ذلك ، وقد يقال أنه إذا رأى أن الراوي لا يعرف صحيح حديثه من سقيمه تركه البتة ليعرف الناس ضعفه مطلقاً ، وإذ رأى أنه يمكن معرفة صحيح حديثه من سقيمه في باب دون باب ترك الرواية عنه في الباب الذي لا يعرف فيه كما في يحيى بن بكير ، وأما غير ذلك فأنه يروي ما عرف صحته وما قاربه أو أشبهه مبيناً الواقع بالقول أو الحال . والله أعلم . انتهى.
نستخلص من كل ماسبق :
يقول د. نافذ حماد في كتابه قرة العيون بتوثيق الأسانيد والمتون :
- عدم ثبوت جرح إسماعيل بن أبي أويس عند البخاري ومسلم ، ولذا أخرجا حديثه ، ولو وقفا على جرحه لردّا روايته ، وأن قبولهما رواياته واحتجاجهما بحديثه يشهد بتوثيقه حين الأخذ به ، وإن كان ضعيفًا عند غيرهما .
- اعتمد الشيخان في الراوية عنه على كتبه ، حيث انتقيا وانتخبا منها ما هو معروف من حديثه ، فلم يأخذ البخاري من كتاب إسماعيل إلا ما ثبتت صحته وما ليس فيه علة ، ومثل ذلك يقال في مسلم .
- الأحاديث المنتقدة على الشيخين ، ومنها روايات إسماعيل الثلاث السابقة لا تنطبق عليها - حسب اعتقاد الحفاظ المنتقدين - الشروط التي وضعها أهل الحديث للصحيحين ، وإنها نزلت - في رأيهم - عن مرتبة أصح الصحيح إلى مرتبة الصحيح .
- لا يحتج بشيء من حديثه غير ما في الصحيحين إلا إذا كان بنفس سلسلة السند في الصحيحين أو أحدهما ووافقه الثقات . والله أعلم" ا.هـ .
والحمد لله رب العالمين
اذا اصبت فمن الله وحده واذا اخطأت فمن نفسي ومن الشيطان.. استغفر الله واتوب اليه وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم
المصادر والمراجع :
من كتب الجرح والتعديل مثبته في الموضوع
أسلام ويب مقالات متنوعة باختصار وتصرف
ارشيف ملتقى اهل الحديث باختصار وتصرف وزيادة ( عدة مقالات وابحاث )
منتديات التوحيد بعض الفقرات من مناظرة مع مستشرق الماني بتصرف واختصار
د. نافذ حماد كتاب قرة العيون بتوثيق الأسانيد والمتون
تيسيير دراسة الاسانيد تاليف عمرو عبد المنعم سليم
الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير - شرح العلامة أحمد شاكر
كتاب تهذيب التهذيب أحمد بن علي بن محمد ابن حجر العسقلاني
مغانى الأخيار فى شرح أسامى رجال معانى الآثار بدر الدين العينى
كتاب ميزان الاعتدال للامام الذهبي
تصحيح الأحاديث وتعليلها ( من خلال الجامع الصحيح ) إعداد أبو بكر كافي
إشراف الدكتور حمزة عبد الله المليباري
وغيرها من المراجع والمصادر
فاطمة الزهراء
26.08.2011, 01:01
http://img823.imageshack.us/img823/7931/32580173.gif
جزاكِ الله خيرا اختنا الفاضلة فاطمة
رزقنا الله واياكم الفردوس الاعلى
وتقبل منا ومنكم صالح الاعمال
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
diamond