أبوحمزة السيوطي
25.04.2009, 17:54
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله سيد الأولين والآخرين
أما بعد ,,,
فهذا هو مفهوم الجزية بالمنظور الإسلامي لنظهر حقيقة هذا الأمر لزملائنا من أهل الكتاب من منبعه الأصلي وليس من تشويهات قساوستهم .
إعتمدت في التعريفات على كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق رحمه الله وأضفت إضافات من غيره :
الجزية : معناها :
هي: " مبلغ من المال يوضع على من دخل في ذمة المسلمين وعهدهم من أهل الكتاب وغيرهم "
حكمتها :
وقد فرض الاسلام الجزية على الذميين في مقابل فرض الزكاة على المسلمين، حتى يتساوى الفريقان، لان المسلمين والذميين يستظلون براية واحدة، ويتمتعون بجميع الحقوق وينتفعون بمرافق الدولة بنسبة واحدة، ولذلك أوجب الله الجزية للمسلمين نظير قيامهم بالدفاع عن الذميين وحمايتهم في البلاد الاسلامية التي يقيمون فيها: ولهذا تجب - بعد دفعها - حمايتهم والمحافظة عليهم، ودفع من قصدهم بأذى.
قال ابن العربي في أحكام القرآن :
وجهان من الحكمة :
أحدهما : أن في أخذها معونة للمسلمين وتقوية لهم ، ورزق حلال ساقه الله إليهم .
الثاني : أنه لو قتل الكافر ليئس من الفلاح ووجب عليه الهلكة ; فإذا أعطى الجزية وأمهل لعله أن يتدبر الحق ، ويرجع إلى الصواب ، لا سيما بمراقبة أهل الدين ، والتدرب بسماع ما عند المسلمين .
من تؤخذ منهم:
وتؤخذ الجزية من كل الامم، سواء أكانوا كتابيين أم مجوسا أم غيرهم، وسواء أكانوا عربا أم عجما وقد ثبت بالقرآن الكريم أنها تؤخذ من الكتابيين كما ثبت بالسنة أنها تؤخذ من المجوس، ومن عداهم يلحق بهم .
قلت ودليل أخذها من المجوس :
ما قاله المغيرى لكسرى كما رواه البخاري في حديث طويل فيه :
" فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ "
ودليل أخذها من المشركين :
ما رواه مسلم من حديث بريدة قال :
" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ "
وليس كما يظن الجماهير أنها تؤخذ من أهل الكتاب فقط فهذه أدلة نصية في أخذها من كل الأمم وجواز التصالح عليها .
شروط أخذها:
وقد روعي في أخذها: الحرية والعدل والرحمة.
ولهذا اشترط فيمن تؤخذ منهم:
1 - الذكورة.
2 - التكليف.
3 - الحرية.
معنى قوله تعالى " عن يد " :
أي عن قدرة وغنى، فلاتجب على امرأة، ولاصبي، ولاعبد، ولا مجنون.
كما أنها لا تجب على مسكين يتصدق عليه، ولا على من لا قدرة له على العمل، ولا على الاعمى، أو المقعد، وغيرهم من ذوي العاهات، ولا على المترهبين في الاديرة إلا إذا كان غنيا من الاغنياء.
( خبر أسلم : أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد : لا تضربوا الجزية على النساء والصبيان ولا تضربوها إلا على من جرت عليه المواسي . رواه سعيد ) . ص 299 صحيح ( الإرواء)
قال مالك رضي الله عنه: " قضت السنة أن لا جزية على نساء أهل الكتاب ولا على صبيانهم، وأن الجزية لا تؤخذ إلامن الرجال الذين قد بلغوا الحلم ".
قدرها :
إجتهد فيه العلماء ولم يؤثر عن النبي عليه السلام حديثا صحيحا في ذلك والراجح من أقوال أهل العلم ما يلي :
" إنه لا حد لاقلها ولالاكثرها، والامر فيها موكول إلى اجتهاد ولاة الامر، ليقدروا على كل شخص ما يناسب حاله ".
" ولا ينبغي أن يكلف أحد فوق طاقته ".
معنى قوله تعالى " وهم صاغرون " :
قال ابن العربي في أحكام القرآن :
المسألة الثانية عشرة : شرط الله تعالى هذين الوصفين ، وهما قوله : { عن يد وهم صاغرون } ; للفرق بين ما يؤدى عقوبة وهي الجزية ، وبين ما يؤدى طهرة وقربة وهي الصدقة ، حتى قال النبي [ ص: 482 ] صلى الله عليه وسلم : { اليد العليا خير من اليد السفلى } .
واليد العليا هي المعطية ، واليد السفلى هي السائلة " ; فجعل يد المعطي في الصدقة عليا ، وجعل يد المعطي في الجزية صاغرة سفلى ، ويد الآخذ عليا ، ذلك بأنه الرافع الخافض ، يرفع من يشاء ويخفض من يشاء ، وكل فعل أو حكم يرجع إلى الأسماء حسبما مهدناه في الأمد الأقصى " .
قلت : يعني بذلك أن معناها هو أن يعطي أهل الذمة الجزية وأيديهم أسفل يد الآخذ حتى يختلف وضع الأخذ عن وضع أخذ الصدقة والذي يكون فيها المسكين مادا كفه يأخذ الصدقة ولا يجب التشدق والتمسك بظاهر إجتهاد بعض اهل العلم مما فيه ما هو مخالف لأصل الإسلام في الإحسان وعدم الظلم مما يثبت منه الكثير في القرآن والسنة وليس المقام لذكرها وما ذكرته إنما هو إستنباطا من الكتاب والسنة بغير تقليد وقص ولصق أجوف عاري عن العلم والمعرفة مخالف للشريعة الغراء ...
ملحوظة :
1- الجزية حسب الطاقة وليست مفروضة على الجميع وليس لها مقدار ثابت ولا ميعاد ثابت وقال بعض العلماء كل عام .
الزكاة فرض على المسلمين يجب دفعها لها مقدار ثابت لا يجوز أن قل عنه تفرض على جميع الأشخاص ممن حال أموالهم الحول والنصاب المقدر لها من ذهب وفضة ومال على النساء والرجال والشيوخ .
كما يستحب للمسلم أيضا أن يؤخذ منه الصدقات والتبرعات ويحث عليها أما الذمي فالجزية فقط إن استطاع .
2- ضرورة جمع الأموال هذه يعلمها كل ذي لب هذا إذا علم أن فرض الضرائب على الناس محرما في الإسلام فليس هناك مصتدر للدولة المسلمة إلا الجزية والزكاة .
تجهز الجيوش وترصف الطرق وتبنى المنشآت والجسور وتصلح الطرق والأراضي الزراعية مما لا يخفى على ذي علم .
وأخيرا أقول أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الجزية باب الوصاة بأهل ذمة رسول الله :
قال حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شعبة حدثنا أبو جمرة قال سمعت جويرية بن قدامة التميمي قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه
قلنا أوصنا يا أمير المؤمنين قال " أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم " .
شرح ابن حجر :
قوله : ( أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم )
في رواية عمرو بن ميمون " وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم , وأن يقاتل من ورائهم وأن لا يكلفوا إلا طاقتهم " قلت : ويستفاد من هذه الزيادة أن لا يؤخذ من أهل الجزية إلا قدر ما يطيق المأخوذ منه .
وقوله في هذه الرواية " ورزق عيالكم " أي ما يؤخذ منهم من الجزية والخراج , قال المهلب : في الحديث الحض على الوفاء بالعهد , وحسن النظر في عواقب الأمور , والإصلاح لمعاني المال وأصول الاكتساب .
والحمد لله رب العالمين
أما بعد ,,,
فهذا هو مفهوم الجزية بالمنظور الإسلامي لنظهر حقيقة هذا الأمر لزملائنا من أهل الكتاب من منبعه الأصلي وليس من تشويهات قساوستهم .
إعتمدت في التعريفات على كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق رحمه الله وأضفت إضافات من غيره :
الجزية : معناها :
هي: " مبلغ من المال يوضع على من دخل في ذمة المسلمين وعهدهم من أهل الكتاب وغيرهم "
حكمتها :
وقد فرض الاسلام الجزية على الذميين في مقابل فرض الزكاة على المسلمين، حتى يتساوى الفريقان، لان المسلمين والذميين يستظلون براية واحدة، ويتمتعون بجميع الحقوق وينتفعون بمرافق الدولة بنسبة واحدة، ولذلك أوجب الله الجزية للمسلمين نظير قيامهم بالدفاع عن الذميين وحمايتهم في البلاد الاسلامية التي يقيمون فيها: ولهذا تجب - بعد دفعها - حمايتهم والمحافظة عليهم، ودفع من قصدهم بأذى.
قال ابن العربي في أحكام القرآن :
وجهان من الحكمة :
أحدهما : أن في أخذها معونة للمسلمين وتقوية لهم ، ورزق حلال ساقه الله إليهم .
الثاني : أنه لو قتل الكافر ليئس من الفلاح ووجب عليه الهلكة ; فإذا أعطى الجزية وأمهل لعله أن يتدبر الحق ، ويرجع إلى الصواب ، لا سيما بمراقبة أهل الدين ، والتدرب بسماع ما عند المسلمين .
من تؤخذ منهم:
وتؤخذ الجزية من كل الامم، سواء أكانوا كتابيين أم مجوسا أم غيرهم، وسواء أكانوا عربا أم عجما وقد ثبت بالقرآن الكريم أنها تؤخذ من الكتابيين كما ثبت بالسنة أنها تؤخذ من المجوس، ومن عداهم يلحق بهم .
قلت ودليل أخذها من المجوس :
ما قاله المغيرى لكسرى كما رواه البخاري في حديث طويل فيه :
" فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ "
ودليل أخذها من المشركين :
ما رواه مسلم من حديث بريدة قال :
" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ "
وليس كما يظن الجماهير أنها تؤخذ من أهل الكتاب فقط فهذه أدلة نصية في أخذها من كل الأمم وجواز التصالح عليها .
شروط أخذها:
وقد روعي في أخذها: الحرية والعدل والرحمة.
ولهذا اشترط فيمن تؤخذ منهم:
1 - الذكورة.
2 - التكليف.
3 - الحرية.
معنى قوله تعالى " عن يد " :
أي عن قدرة وغنى، فلاتجب على امرأة، ولاصبي، ولاعبد، ولا مجنون.
كما أنها لا تجب على مسكين يتصدق عليه، ولا على من لا قدرة له على العمل، ولا على الاعمى، أو المقعد، وغيرهم من ذوي العاهات، ولا على المترهبين في الاديرة إلا إذا كان غنيا من الاغنياء.
( خبر أسلم : أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد : لا تضربوا الجزية على النساء والصبيان ولا تضربوها إلا على من جرت عليه المواسي . رواه سعيد ) . ص 299 صحيح ( الإرواء)
قال مالك رضي الله عنه: " قضت السنة أن لا جزية على نساء أهل الكتاب ولا على صبيانهم، وأن الجزية لا تؤخذ إلامن الرجال الذين قد بلغوا الحلم ".
قدرها :
إجتهد فيه العلماء ولم يؤثر عن النبي عليه السلام حديثا صحيحا في ذلك والراجح من أقوال أهل العلم ما يلي :
" إنه لا حد لاقلها ولالاكثرها، والامر فيها موكول إلى اجتهاد ولاة الامر، ليقدروا على كل شخص ما يناسب حاله ".
" ولا ينبغي أن يكلف أحد فوق طاقته ".
معنى قوله تعالى " وهم صاغرون " :
قال ابن العربي في أحكام القرآن :
المسألة الثانية عشرة : شرط الله تعالى هذين الوصفين ، وهما قوله : { عن يد وهم صاغرون } ; للفرق بين ما يؤدى عقوبة وهي الجزية ، وبين ما يؤدى طهرة وقربة وهي الصدقة ، حتى قال النبي [ ص: 482 ] صلى الله عليه وسلم : { اليد العليا خير من اليد السفلى } .
واليد العليا هي المعطية ، واليد السفلى هي السائلة " ; فجعل يد المعطي في الصدقة عليا ، وجعل يد المعطي في الجزية صاغرة سفلى ، ويد الآخذ عليا ، ذلك بأنه الرافع الخافض ، يرفع من يشاء ويخفض من يشاء ، وكل فعل أو حكم يرجع إلى الأسماء حسبما مهدناه في الأمد الأقصى " .
قلت : يعني بذلك أن معناها هو أن يعطي أهل الذمة الجزية وأيديهم أسفل يد الآخذ حتى يختلف وضع الأخذ عن وضع أخذ الصدقة والذي يكون فيها المسكين مادا كفه يأخذ الصدقة ولا يجب التشدق والتمسك بظاهر إجتهاد بعض اهل العلم مما فيه ما هو مخالف لأصل الإسلام في الإحسان وعدم الظلم مما يثبت منه الكثير في القرآن والسنة وليس المقام لذكرها وما ذكرته إنما هو إستنباطا من الكتاب والسنة بغير تقليد وقص ولصق أجوف عاري عن العلم والمعرفة مخالف للشريعة الغراء ...
ملحوظة :
1- الجزية حسب الطاقة وليست مفروضة على الجميع وليس لها مقدار ثابت ولا ميعاد ثابت وقال بعض العلماء كل عام .
الزكاة فرض على المسلمين يجب دفعها لها مقدار ثابت لا يجوز أن قل عنه تفرض على جميع الأشخاص ممن حال أموالهم الحول والنصاب المقدر لها من ذهب وفضة ومال على النساء والرجال والشيوخ .
كما يستحب للمسلم أيضا أن يؤخذ منه الصدقات والتبرعات ويحث عليها أما الذمي فالجزية فقط إن استطاع .
2- ضرورة جمع الأموال هذه يعلمها كل ذي لب هذا إذا علم أن فرض الضرائب على الناس محرما في الإسلام فليس هناك مصتدر للدولة المسلمة إلا الجزية والزكاة .
تجهز الجيوش وترصف الطرق وتبنى المنشآت والجسور وتصلح الطرق والأراضي الزراعية مما لا يخفى على ذي علم .
وأخيرا أقول أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الجزية باب الوصاة بأهل ذمة رسول الله :
قال حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شعبة حدثنا أبو جمرة قال سمعت جويرية بن قدامة التميمي قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه
قلنا أوصنا يا أمير المؤمنين قال " أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم " .
شرح ابن حجر :
قوله : ( أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم )
في رواية عمرو بن ميمون " وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم , وأن يقاتل من ورائهم وأن لا يكلفوا إلا طاقتهم " قلت : ويستفاد من هذه الزيادة أن لا يؤخذ من أهل الجزية إلا قدر ما يطيق المأخوذ منه .
وقوله في هذه الرواية " ورزق عيالكم " أي ما يؤخذ منهم من الجزية والخراج , قال المهلب : في الحديث الحض على الوفاء بالعهد , وحسن النظر في عواقب الأمور , والإصلاح لمعاني المال وأصول الاكتساب .
والحمد لله رب العالمين