المساعد الشخصي الرقمي

اعرض النسخة الكاملة : اسرار الناس


مؤمن ابراهيم داود
15.06.2013, 16:42
اسرار الناس
.................................................. ........

بحكم عملى قس سابق كنت اقبل اعترافاااااات كثيرة وهذا علمنى حفظ اسرار الناس واود ان ابرذ هذه الفضيلة فينا لان اسرار الناس امانة وانى اقول :

حفظ الأسرار شيء فطري ترشد إليه الطبيعة البشرية .. وهو خاصية إنسانية في العلاقات الاجتماعية من حيث تعامل الفرد مع الآخرين .. وهو من أعظم أسباب النجاح ، وأدوم لأحوال الصلاح .. وهو أمانة كبرى يجب رعايتها ، وعدم إفشاء ما يُدار فيها من أمور.. ولو سُمح للخيانة وفشو الأسرار بالانتشار ؛ لزالت المعاني الإنسانية ، كالأمانة وكتمان الأسرار ، من حياة الناس ، وتحولت الحياة الاجتماعية إلى جحيم لا يطاق .. وكما قيل :- ( قلوب العقلاء ، حصون الأسرار ) ..
وما أروع ما قاله عمر بن عبد العزيز رحمه الله :- ( القلوب أوعية الأسرار ، والشفاه أقفالها ، والألسن مفاتيحها ، فليحفظ كلُّ امرئ مفتاح سرِّه )

تعريف السِّر
1- في اللغة :- اسم لما يُسر به الإنسان؛ أي يكتمه، وهو مأخوذ من مادة (س ر ر) التي تدل على إخفاء الشيء .. كتاب لسان العرب، لابن منظور
2 - في الاصطلاح: قال الراغب الأصفهاني :-السِّرُّ هو الحديث المُكَتَّمُ في النفس .. الذريعة إلى مكارم الشريعة
3- ويقول الجاحظ :- كتمان السر خُلُق مركب من الوقار والأمانة ؛ فإن إخراج السر من فضول الكلام ، وليس بِوَقُورٍ مَنْ تكلم بالفُضُول .. وأيضاً فكما أنه من استودع مالاً فأخرجه إلى غير مودعه فقد خفر الأمانة ؛ كذلك من استودع سراً فأخرجه إلى غير صاحبه فقد خفر الأمانة ، وكتمان السر محمود من جميع الناس ، وخاصة ممن يصحب السلطان ؛ فإن إخراجه أسراره ـ مع أنه قبيح في نفسه ـ يؤدي إلى ضرر عظيم يدخل عليه من سلطانه .. كتاب تهذيب الأخلاق ..

من مشكاة النبوة :
عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ : أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتْنَةِ ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ : أَنَا أَحْفَظُ كَمَا قَالَ ! قَالَ : هَاتِ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ ) قَالَ : لَيْسَتْ هَذِهِ وَلَكِنْ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ . قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا بَأْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا . قَالَ يُفْتَحُ الْبَابُ أَوْ يُكْسَرُ ! قَالَ : لَا بَلْ يُكْسَرُ . قَالَ : ذَاكَ أَحْرَى أَنْ لَا يُغْلَقَ . قُلْنَا عَلِمَ عُمَرُ الْبَابَ . قَالَ : نَعَمْ كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ وَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ : مَنْ الْبَابُ ؟ قَالَ : عُمَرُ رواه البخارى .
قال ابن المنير- رحمه الله - : آثر حذيفة الحرص على حفظ السر ولم يُصَرِحْ لعمر بما سأل عنه .. فتح البارى .
و عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ إِلَّا ثَلَاثَةَ مَجَالِسَ سَفْكُ دَمٍ حَرَامٍ أَوْ فَرْجٌ حَرَامٌ أَوْ اقْتِطَاعُ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ .. سنن أبي داود .. و الْمَعْنَى لِيَكُنْ صَاحِبُ الْمَجْلِسِ أَمِينًا لِمَا يَسْمَعُهُ أَوْ يَرَاهُ ) .
و عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ :عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الْحَدِيثَ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ ) سنن الترمذى

سلفنا الصالح وكتمانهم للأسرار ..
فهذا حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنهما - أمين سِرِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المنافقين، وكان يقال له: صاحب السِّر الذي لا يعلمه أحدٌ غيره
وقال الحسن : إن من الخيانه أن تحدث بسر أخيك .
ويروى أن معاويه رضي الله عنه أسر الى الوليد بن عتبه حديثاً , فقال لابيه : يا ابت إن أمير المؤمنين
أسر إلي حديثاً وما أراه يطوي عنك ما بسطه إلى غيرك ؟ قال : لا تخدثني به فإن من كتم سره كان الخيار له ومن أفشاه كان الخيار عليه ,قال :قلت يا أبت وإن هذا ليدخل بين الرجل وابنه ؟
فقال لا والله يا بني ولكن أحب أن لا تذلل لسانك بأحاديث السر ,قال فأتيت معاوية فأخبرته فقال : يا وليد أعتقت أباك من رق الخطأ )

حكم حفظ الأسرار ..
حفظ الأسـرار وكتمانها أمانة عظيمة ، يجب الوفاء بها، وقد حثَّنا الشرع عليها، وحذَّرنـا من فشو الأسـرار والتفريط فيها، قال الله عز وجل :- ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً ) سورة الإسراء : 34، وقال :- ( وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ) سورة المؤمنون: 8 ..
وقد بوب البخاري رحمه الله باباً تحت عنوان :- في بيان حفظ السر ، يعني ترك إفشائه وإظهاره لأنه أمانة وحفظ الأمانة واجب وذلك من أخلاق المؤمنين .. وقال ابن القيم هو من الكبائر
ويقول الكفوي عن عظم المحافظة على الأسرارِ والحذرِ من التساهلِ في التفريطِ فيها :- « أوكد الودائع كتم الأسرار » كتاب الكليات
ولذا؛ فإن المحافظة على الأسرار أمر عظيم لا يقوم به إلا الخلَّص من الناس ، وقد أجاب الراغب الأصفهاني عن سبب التفريط الشنيع في المحافظة على الأسرار بقوله :- « إن للإنسان قوتين : آخذة ، ومعطية وكلتاهما تتشوف إلى الفعل المختص بها، ولولا أن الله ـ تعالى ـ وكَّل المعطية بإظهار ما عندها لما أتاك بالأخبار مَنْ تزوده، فصارت هذه القوة تتشوف إلى فعلها الخاص بها، فعلى الإنسان أن يُمسكها ولا يُطلقها إلا حيثما يجب إطلاقها » كتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة

من كتاب الموازين ..
يقول الأستاذ فتح الله كولن فى كتابه الرائع الموازين:- السر كالعرض، فمن صان سراً - سواءً أكان له أم لغيره- فكأنه صان عرضه .. ومن باح به فكأنه خان شرفه وكرامته ولم يراع حرمة ذلك السر حق الرعاية ..
ويقول :- صيانة السر واحترام أسرار الآخرين ميزة إنسانية مرتبطة بالإرادة والإدراك. فالذين يفتقرون إلى الإرادة لا يستطيعون حفظ السر، كما أن السذج والبسطاء الذين لا يدركون عواقب ما يعملون أو ما يقولون لا يمكن أن يكونوا كتومين ..
ويقول :- لقد خلقت الصدور كي تكون صندوقاً للأسرار، والعقل قفلها، والإرادة مفتاحها. فإن لم يكن في القفل وفي المفتاح أي ضرر أو عطل لما كان بإمكان أحد الاطلاع على الجواهر الموجودة في هذا الصندوق.
ويقول :- هناك سر يتعلق بالفرد، وسر يتعلق بالأسرة، وسر يتعلق بالمجتمع وبالأمة أجمعها... فعند إفشاء سر فرد تتعرض كرامة الفرد للانتقاص. وعند إفشاء سر العائلة تتعرض كرامة العائلة للانتقاص. وعند إفشاء سر مجتمع تتعرض كرامة المجتمع والأمة للانتقاص. لأن السر يشكل قوة لصاحبه ما بقي في الصدر، ولكنه ينقلب إلى سلاح يستعمل ضده إن انتقل إلى أيدي الآخرين. لذا قال أجدادنا: "سرك أسيرك، فإن أفشيته كنتَ أسيره".

نشر أسرار الجماع
ليس من مكارم الأخلاق ولا من شيم أصحاب الذوق وأصحاب الحس المرهف إفشاء ما يجري بين الزوجين .. فلا يفعله إلا أصحاب القلوب المريضة والعقول الفارغة .. فهى علاقة يؤتمن فيها الزوجان على أسرار بعضهما، ولا ينبغي أن يفشي أحدهما سر صاحبه ..
قال تعالى :- ( فَاْلصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ ) سورة النساء : 34 .. حافظات لما يجري بينهن وبين أزواجهن مما يجب كتمه وستره.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- ( إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر أحدهما سر صاحبه ) رواه مسلم .
وأخرج الإمام أحمد عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها :- أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود عنده ، فقال :- ( لعل رجلاً يقول ما فعل بأهله ، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها ، فأرم القوم - سكتوا ولم يجيبوا - ، فقلت :- أي والله يا رسول الله إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن ، قال :- لا تفعلوا فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها (جامعها) والناس ينظرون.
وقال حكيم لابنه :- يا بني لا تجامع زوجتك أمام الناس .. فقال الابن :- وهل يجامع عاقل زوجته أمام الناس ؟ .. قال الحكيم :- نعم .. إذا نشر أسرار الفراش لغيره

مؤمن ابراهيم