المساعد الشخصي الرقمي

اعرض النسخة الكاملة : الله تبارك وتعالى واجب الوجود


خادم المسلمين
14.04.2009, 03:43
"معية الله مع خلقه"


- المعية : هي انضمام شيء إلى شيء في أمر ما، كما في قوله تعالى: (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ(43) آل عمران.
وفي قوله تعالى: (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) الحجر.
وفي قوله تعالى: (فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52) التوبة.
وفي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) التوبة.
وهذا غير مرتبط بزمان أو مكان محددين.

أو يكون بينهما أزمان متباعدة، كما في قوله تعالى: (رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) آل عمران.

أو يكونا معًا في الشيء في نفس المكان والزمان، كما في قوله تعالى: (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72) النساء.
وفي قوله تعالى: (فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ... (36) يوسف.

أو يكونا معًا في التوجه مبتعدين عن المكان، كما في قوله تعالى: (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) هود.

وقد تكون المعية بين جنسين مختلفين كما في قوله تعالى: (وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) الأنبياء.
وفي قوله تعالى: (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) ص.

وقد تكون المعية من ضم شيئين من جنس واحد وخلطهما ببعض كما في:
قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ (4) الفتح.
وفي قوله تعالى: (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ (13) العنكبوت.

وقد يكون مع المعية تحكم أحد الطرفين بالآخر أو يكون في خدمته؛
كما في قوله تعالى: (وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) ق.
وفي قوله تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ (25) الحديد.

وقد تكون المعية بين أمرين أحدهما يخالف الآخر ويلغيه؛ كما في
قوله تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) الشرح.

أو تكون المعية في أمر يتمم فيه أحدهما الآخر؛ كما في قوله تعالى:
(وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35) الفرقان.

أو تكون المعية في أمر محدد؛ كما في قوله تعالى:
(قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) الكهف.
وقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍجَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ (62) النور.

كانت هذه المعية فيما ذكر في أمور لم يكن الله عز وجل أحد الطرفين فيها.

أما معية الله فقد جاءت في عدة آيات منها؛ (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) البقرة، (وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ(19) الأنفال، (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123) التوبة، (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128) النحل، (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) العنكبوت، (فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35) محمد، (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا (12) الأنفال.
جاءت جميع هذه الآيات في جهاد الكفار والمشركين.
ومثل ذلك في ملاحقة المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم في هجرته: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا (40) التوبة.

وفي ذهاب موسى عليه السلام إلى فرعون: (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) طه، وفي نفس الذهاب: (قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآَيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15) الشعراء. وفي ملاحقة فرعون له عند خروجه ببني إسرائيل: (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) الشعراء.

وفي نصرة وتأييد من أطاع الله وآمن به: (وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا (12) المائدة.
وهو معهم في علمه وسمعه وبصره: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّاهُوَ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) المجادلة.
وفي قوله تعالى: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) النساء.

فالله تعالى مع أوليائه في جهادهم، وفي دعوتهم، وهو مع الجميع أينما كانوا، فهو السميع البصير الذي لا يخفى عليه شيء، ولا يغيب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَاكُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) الحديد.

تبين لنا من استخدام "مع" في الآيات التي ذكرت فيها أن الارتباط الزمني والمكاني في المعية ليس شرطًا، وليسا هما المقصودين في المعية، وإنما المقصور في المعية الأمر الذي هما عليه.

فالمعية قد تتحقق في مكان واحد، وقد تكون هناك معية مع بعد المكانين، كأن يكون أحدهما معك على خط الهاتف يسمعك وتسمعه، وقد يكون مع ذلك الرؤية أيضًا.

فالمعية تتحقق في نفس المكان، وفي بُعد المكان، وبلا مكان، وتكون بين الذوات، وبين الصفات، وبين الذوات والصفات؛ كما في قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ..(25) الحديد، فالكتاب الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم هو وحي من الله عز وجل، وهو من كلام الله سبحانه وتعالى، وكلامه هو صفة من صفاته تعالى.

فمن جعل معية الله لا تتحقق إلا في نفس المكان، فهذا من قصر الفهم للمعية، وفي تحديد صفة السمع والبصر لله بحدود تنعدم معها الصفة إذا لم يكن هناك وجود في نفس المكان.

فالمعية تفيد وجود اتصال أو ارتباط بين الطرفين، لذلك قالوا عن الواو في قولنا "سرت والجبل" أو "سرت والقمر" هي واو المعية على ما بينهما من بعد، لأن الاتصال يستمر طول السير، أو في أكثر ساعاته بين السائر والجبل أو القمر، والاتصال بين الله وخلقه قائمة بالوصف الذي وصف الله تعالى به نفسه، بأنه هو السميع البصير، فهذا الاتصال بين الله وخلقه لا تحده أبعاد زمانية أو مكانية، والله تعالى لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

وفهم المعية كما بيناه حتى لا يفهم قول الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) الزخرف، أن السماء أو الأرض مكانان يوجد الله فيهما بذاته، خلافًا للفهم الذي يجمع عليه الكل أن الله معبود في السماء كما هو معبود في الأرض، ولا يفهم من الآية أن الله هو فيهما، ومحصور بحدودهما، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.

وقد جرى فهم المعية بالمفهوم الخاطئ أن الله تعالى موجود في كل مكان ، مع أن كلمة "موجود" لا يصح وصف الله بها ، لأنها اسم مفعول لفعل فاعل آخر غيره ، ولكن يقال الله تعالى واجب الوجود وهو الأصح ، وفيه تصحيح للقول السابق .. ثم قالوا كيف يكون الله تعالى "موجود" في كل مكان وفيها الطاهر، وفيها النجس التي يجب تنزيه الله تعالى عنه .. كل ذلك بسبب الفهم الخاطئ الذي أوجبوا فيه شرط المكان في المعية... والله تعالى أعلم."

إذاً الله تبارك وتعالى واجب الوجود ، وجودًا ينافي العدم ، إذ ما ليس موجود فهو عدم -تبارك الله وتعالى وتنزّه سبحانه عن ذلك- .

وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ِ ربِّ العالمين
أسالُ الله َ العليَّ القديرَ أن يجعَلَهُ زاداً إلى حُسْنِ المسيرِ إليه ، وعَتاداً إلى يُمْنِ القدومِ عليه ، إنه بكلِّ جميلٍ كفيل ، سبحانَهُ هُوَ حَسْبُنا نِعْمَ المَوْلى ونِعْمَ الوكيل

الراوى
29.04.2009, 19:31
بحث قيم أخى خادم المسلمين...جزاك الله خيرا

وزادك الله علماً وفضلاً

نوران
29.04.2009, 22:00
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اللهمَّ كنا معنا ولا تكن علينا
وامكر لنا ولا تمكر بنا
ودبر شأننا كله ولا تكلنا لأنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك

اللهمَّ اجعلنا ممن أوجبت لهم معيتك

اللهمَّ بارك في أخينا الفاضل خادم المسلمين واجزه بخير ما جزيت أخا مسلم عن إخوته

Dr-AlGharieb
30.04.2009, 19:50
جزاكم الله خيرا لكن كلمة موجود اذا قيلت دلالة على وجوده هل ذكر أحد من العلماء أنها مشكلة؟
نحن نقول إن الله منزه ومعظم بصيغة اسم المفعول فهل لا يصح اطلاق هذه الألفاظ على الله ؟ بالطبع لا يختلف اثنان على جواز اطلاق المنزه والمعظم على الله..وبالتالي فالموجود قد تذكر ردا على من أنكر وجوده من الملاحدة وغلاة المعطلة ومن قال بقدم العالم ونحوهم.

ayaaya
30.04.2009, 21:50
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي الفاضل*خادم المسلمين*
ماشاء الله شرح قيم
استفدت منه كثيرا.
بارك الله لك في علمك وعملك اخي
جزاك الله خيرا.

الراوى
02.05.2009, 17:03
جزاكم الله خيرا لكن كلمة موجود اذا قيلت دلالة على وجوده هل ذكر أحد من العلماء أنها مشكلة؟


بعض المتأخرين يقولون أنها غير جائزة على الله عز وجل لأنها على وزن مفعول


ولكن علماء أهل السنة السابقين منهم والحاضرين لا يرون بها بأساً لأنها تقال دلالة على وجود الله سبحانه


وتعالى .....كالإمام بن تيمية.... والإمام بن القيم ....وفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز.... وفضيلة الشيخ عبد



الرازق عفيفى...وفضيلة الشيخ محمد صالح المنجد






والكلام عنها يطول وإن شئتم أفردنا لها موضوعاً مستقلاً ...



لكن فى النهاية هى جائزة إن شاء الله .....لأنها تقال من أجل الدلالة على وجود الله تعالى



وجزاكم الله خيرا .