المساعد الشخصي الرقمي

اعرض النسخة الكاملة : الله يُضِل من يَشاء ويَهْدِي من يَشاء - هل الله يضل


خادم المسلمين
14.04.2009, 15:21
بسم ِ الله ِ الرحمن ِ الرحيم
الحمدُ لله ِ ربّ ِ العالمين
اللهـُـم َّ صَــلّ ِ وسلّم وبارِك علــى سيدنا مُحَمَّــد وعلى آله ِ وصحبه ِ أجمعين
ثـُم َّ أمّا بعد ،


- الشبهات المثارة -



هل الله ُ يُضِل ؟
إن كان الله ُ تعالى هو الذي يهدي ويُضِل ، فما ذنب من لم يهده الله ؟
يُضِل الله ُ من يشاء ، فلماذا يدخله النار ؟
كيف يُجبِرُ الله ُ الناسَ على الغي والضلال ثم يُحاسِبُهُم ؟!
هل لو أضل الله ُ المكَلَّف َ يكون بذلك قد أكرهه على الكفر ؟
- الجواب -






بدايةً نَعرِضُ إلى الآيات الكريمة التي بينت الضلالة والهدى ، وسيتبين لنا منها فحوى الجواب بإذن الله تبارك وتعالى ..
- قال الله تبارك وتعالى :-
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ(26)الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(27) }البقرة
{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(115)} التوبة
{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ(27)}الرعد
{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(4) }إبراهيم
{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ(27)}إبراهيم
{إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ(37)}النحل
{ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ(93) }النحل
{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ(8)}فاطر
{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ(34)الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ(35)}غافر
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ(69)الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ(70)إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ(71)فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ(72)ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ(73)مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ(74)ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ(75)ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ(76)فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ(77)}غافر
{ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) }محمد
{وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ(31)}المدثر

" ( { يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا } ، "يضل به" يزيد هؤلاء ضلالا إلى ضلالهم ، لتكذيبهم بما قد علموه حقًّا يقينًا من المثل الذي ضربه الله لما ضرَبه له ، وأنه لما ضرَبه له موافق ، فذلك إضْلال الله إياهم به .. و"يهدي به" يعني بالمثل ، كثيرًا من أهل الإيمان والتصديق ، فيزيدهم هدى إلى هُداهم وإيمانًا إلى إيمانهم ، لتصديقهم بما قد علموه حقًّا يقينًا أنه موافق ماضرَبه الله له مثلا وإقرارُهم به. وذلك هدايةٌ من الله لهم به. ) [تفسير الطبري] " ،،، والله تبارك وتعالى أعلم بمراده سبحانه { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ(14) } الملك


" ( الهداية لها أربع مراتب وهي مذكورة في القرآن :
المرتبة الأولى الهداية العامة: وهي هداية كل مخلوق من الحيوان والآدمي لمصالحه التي بها قام أمره قال الله تعالى: { سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى } فذكر أمورًا أربعة: الخلق والتسوية والتقدير والهداية فسوى خلقه وأتقنه وأحكمه ثم قدر له أسباب مصالحه في معاشه وتقلباته وتصرفاته وهداه إليها والهداية تعليم فذكر أنه الذي خلق وعلم كما ذكر نظير ذلك في أول سورة أنزلها على رسوله ، وقال تعالى حكاية عن عدوه فرعون أنه قال لموسى: { فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } وهذه المرتبة أسبق مراتب الهداية وأعمها .
المرتبة الثانية هداية البيان والدلالة: وهي التي أقام بها حجته على عباده وهذه لا تستلزم الاهتداء التام قال تعالى: { وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى } يعني بيَّنَّا لهم ودللناهم وعرفناهم فآثروا الضلالة والعمى وقال تعالى : { وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين } .
المرتبة الثالثة هداية التوفيق والإلهام: قال الله تعالى: { والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم } فعم بالدعوة خلقه وخص بالهداية من شاء منهم قال تعالى: { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } مع قوله : { وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم } فأثبت هداية الدعوة والبيان ونفي هداية التوفيق والإلهام ، قال النبي صلى الله عليه و سلم: (من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له) وقال تعالى: { إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل } أي من يضله الله لا يهتدي أبدا وهذه الهداية الثالثة وهي الهداية الموجبة المستلزمة للاهتداء وأما الثانية فشرط لا موجب -شرط وليست موجبة للاهتداء ، فالثالثة أعم من الثانية- .
المرتبة الرابعة الهداية في الآخرة إلى طريق الجنة والنار: قال تعالى: { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم } وأما قول أهل الجنة: { الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله } فيحتمل أن يكونوا أرادوا الهداية إلى طريق الجنة وأن يكونوا أرادوا الهداية في الدنيا التي أوصلتهم إلى دار النعيم ولو قيل إن كلا الأمرين مراد لهم وأنهم حمدوا الله على هدايته لهم في الدنيا وهدايتهم إلى طريق الجنة كان أحسن وأبلغ . ) [مفتاح دار السعادة للإمام ابن القيم] " .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والآن ، هناك خمس ُ مسائل َ أساسيةٍ تتعلق بالرَّبّ ِ جَل َّ في علاه ُ لا ينكرها إلا جاحد ، وهي كالآتي :-
1- الخلق : الله تبارك وتعالى هو الخالق لكل شيء في الوجود و كل مادونه سبحانه مخلوق من مخلوقاته داخل في ملكوته ومن قال أن الله تعالى لم يخلق الشيطان أو المرض أو الموت أو الظلام فقد سقط من حيث أراد الارتقاء لأنه أثبت خالقـًا مع الله أو موجودًا مصاحبـًا لوجوده سبحانه و هم بذلك كانوا كالمجوس الذين أثبتوا خالقين أحدهما للخير والآخر للشر لذا فالقدرية هم مجوس هذه الأمة ، والقدرية هم الذين يتحدثون في القدر و ينكرونه و العياذ بالله ، ويشاركهم النصارى هذه الجهالة ؛ ولنقرأ قول الله تعالى { ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لاإِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيل ٌ } وقوله سبحانه { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } وقوله عز وجل { وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } ..
ولنقرأ أيضاً ما يوجد في كتب النصارى [(الفانديك)(اشعياء)(Is-45-7)(مصور النور وخالق الظلمة صانع السلام وخالق الشر.انا الرب صانع كل هذه.)] .

2- العلم : الله تعالى عالم الغيب و الشهادة و هو العليم الحكيم يعلم ما كان و ما سيكون و ما لم يكن لو كان كيف يكون ، يقول سبحانه { فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى } ويقول عز وجل { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَاتَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } و يقول تعالى{عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ } و آيات أخرى لاتحصى في بيان علم الله الذي هو من صفات كماله و قد علم الله أنه سيكون في الأرضشراً و مرضاً و خبثاً من شياطين الإنس و الجن و لكن حكمته سبحانه اقتضت وجود ذلك كله و لننظر للحوار الإلهي مع الملائكة حين خلق الله أدم { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ* قَالَ يَاآدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ } .

3- الكتابة : الله تعالى كتب كل ما هو كائن منذ الأزل و دلت على ذلك آيات كثر كقول الله تعالى { وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ } وقوله سبحانه { وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} ..
ونقرأ كذلك في كل موضع من الأناجيل أن كل ما حدث للمسيح من ألم و عذاب هو أمر مكتوب و لا بد أن يتم منذ وقت ميلاده إلى وقت صلبه المزعوم ، فنقرأ مثلاً [(الفانديك)(انجيل يوحنا)(Jn-19-28:30)("بعد هذا رأى يسوع ان كل شيء قد كمل فلكي يتم الكتاب قال انا عطشان" . وكان إناء موضوعا مملوّا خلا فملأوا اسفنجة من الخل ووضعوها على زوفا وقدموها الى فمه . "فلما اخذ يسوع الخل قال قد اكمل" ونكس راسه واسلم الروح)] .

4- المشيئة : مشيئة الله نافذة، فما شاء الله كونه فهو كائن لا محالة و ما لم يشأ فلا يكون أبدًا لأنه لا مشيئة فوق مشيئة الرب ، والتفصيل في هذا الصدد بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية القدرية كالتالي :-
- الإرادة الشرعية : هو كل ما أمر الله به و هو يرضاه سبحانه و يكلف به عباده كقوله تعالى { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } و قوله عز و جل { وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً } ..

- الإرادة الكونية القدرية: و تتضمن ما قدر الله تعالى وقوعه ولا يقع إلا بإذنه فهي الإرادة الشاملة لجميع الموجودات التي يقال فيها: ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن و هي تشمل مايرضاه الله شرعًا و ما لا يرضاه سبحانه شرعًا و ما لا يرضاه كما لو وقع الزنى أو الكفر من بعض الناس فإنه لا يأمر بها و لا يرضاها إذ هو لا يأمر بالفحشاء و لا يرضى لعباده الكفر ولولا مشيئته الكونية و قدره لما كان للفواحش وجود ، لذا كان باطلاً الاحتجاج بالإرادة الكونية لتبرير الإصرار على الكفر أو المعصية { سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَحَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ } .

مسألة في "إرادة الإنسان" :
إن المتدبر لآيات القرآن الكريم منذ نزول أول أية يدرك أن القرآن فتح الباب على مصراعيه لهذا الإنسان ليدخل إلى ما يمكنه من الرقى إلى درجات الخير و امتن عليه بمنحه ما لم يمنح مخلوقاً أخر من القدرة على النظر والتأمل و ذلك بما وهبه من آلاء الفكر { أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } و قال تعالى{أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } و قال عز وجل { قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } و قال سبحانه { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ } فالله يضل الفاسقين و لكن يجعل فسقهم سبباً لضلالهم هذا ، و ذلك كأن يقول الله أنه هو الرزاق فهذا حق و لكنه جعل أسباب وصول الرزق للعباد من عند أنفسهم ..
وبهذا يكون الإنسانُ مُسَـيّرًا مُخَـيّرًا وهذا هو الموافق للعقل والنقل :
(عقلاً) لأن الإنسان لا يجد نفسه مجبراً على الكفر أو مكرهاً على المعصية، و هؤلاء الذين وهبوا أنفسهم لمحاربة دين الله و مشاقة رسله يفعلون ذلك عن حرية واختيار وإن كانوا يوافقون ما قدره الله لهم و هو أعلم بما كانوا يعملون، و إن قال مجادل: لماذا أعمل إن كان الله قد قدر أني من أهل النار أو من أهل الجنة؟ قلنا له : و من أين لك أنت أن تعلم مصيرك؟ فطالما أنك حي ترزق فأنت الذي تحدد مصيرك بفعلك و بما كسبت يداك فلا تحتج بما كتبه الله عليك ولكن اعمل بإرادتك أنت -التي وهبك الله إياها- تجد الجزاء من جنس العمل لأن الله لا يظلم عباده شيئاً { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه ُ} ، { إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } ..
(نقلاً) المتدبر لآيات القرآن يدرك من الآيات الكثيرة المحكمة أن الله لا يظلم الناس شيئاً و لكن الناس أنفسهم يظلمون وأن من لم يشأ الله لهم الهدى هم الذين لا خير فيهم و يتخذون الغي دوماً سبيلاً ، فهؤلاء الذين ما كانوا ليؤمنوا حتى لو كانوا لأفعالهم خالقين (حاشا لله) ولنقرأ الآيات البينات في بيان هذا المعنى: { وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ}و قال تعالى { وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ } و قال سبحانه { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } و هذه آية تحسم الأمر { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين َ } وهكذا تبين الآية الكريمة أنهم اختاروا الزيغ والضلال والانحراف فلما كانوا كذلك أزاغ الله قلوبهم فالجزاء من جنس العمل .

5-العدل : الله تبارك وتعالى لا يظلم أحدًا من العالمين أبدًا ..
قال الله عز وجل: { وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ }آل عمران ، { وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ }الأنفال ، { وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا }الكهف ، { وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ }غافر ، { وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ }فصلت ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن ربِّ العزة في الحديث القدسي أنه تبارك وتعالى قال: < ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا ، فلا تظالموا > .

تم َّ بحمد ِ الله



أسال ُ الله َ العلي َّ القدير َ أن يجعَلَه ُ زادًا إلى حُسْن ِ المسير ِ إليه ، وعَتادًا إلى يُمْن ِ القدوم ِ عليه ، إنه بكلّ ِ جميل ٍ كفيل ، هُوَ حَسْبُنا ونِعْم َ الوكيل



وآخر ُ دعوانا أن الحمد ُ لله ِ ربّ ِ العالمين

أبوجنة
14.04.2009, 16:26
نسأل سؤالا قد يسهّل الفهم بعض الشئ على من يتناول موضوع الهداية و الضلال

معروف أن الله هو خالق كل شئ. و الله هو وحده الأحد الأزلى ولا شئ قبله أيا كان هذا الشئ؟

إذن ....

من الذى خلق الشر؟ و لماذا خلقه؟

راجية الاجابة من القيوم
14.02.2010, 21:01
من الذى خلق الشر؟ و لماذا خلقه؟

لا افهم لماذا هذا السؤال حقا ولكن اجابته ( الشىء بالضد يعرف) خلق الله الشر ليميز الانسان الطيب من الخبيث ليعلم الانسان الخير ليكون الانسان مخير وليس مسير ليجازى بما اختاره يوم القيامه وهذا باختصار

Eng.Con
14.02.2010, 23:34
نسأل سؤالا قد يسهّل الفهم بعض الشئ على من يتناول موضوع الهداية و الضلال

معروف أن الله هو خالق كل شئ. و الله هو وحده الأحد الأزلى ولا شئ قبله أيا كان هذا الشئ؟

إذن ....

من الذى خلق الشر؟ و لماذا خلقه؟



إشعياء 45: 7

مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ، صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هذِ

أسد هادئ
15.02.2010, 11:21
بسم الله الرحمن الرحيم

سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين (http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=556&idto=556&bk_no=49&ID=565#docu) ( 146 )