المساعد الشخصي الرقمي

اعرض النسخة الكاملة : الرد المفصل على نكاح المُحلل


حارس الحدود (أستاذ باحث)
13.12.2016, 22:35
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
المحلِّل هو الذي يتزوج المطلّقة ثلاثًا بقصد أن يحلّها للزوج الأول، وقد سمّاه عليه السلام بالتيس المستعار ففي الحديث الشريف عن عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «هُوَ الْمُحِلُّ، فَلَعَنَ اللَّهُ الْمُحِلَّ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنِ اللَّهُ الْمُحِلَّ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» وفي رواية " لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» ". رواه أبو داود وحسن الألباني وصححه الذهبي والحاكم في المُستدرك .
وفي المُستدرك للحاكم والمعجم الأوسط للطبراني بسند صحيح أن رجلا جاء إِلَى ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، فَتَزَوَّجَهَا أَخٌ لَهُ، مِنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةٍ مِنْهُ، لِيُحِلَّهَا لِأَخِيهِ، هَلْ تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ؟ قَالَ: «لَا، الْإِنْكَاحُ رَغْبَةٌ، كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
قبل أن التأصيل للمسألة أحب أن أقول أن سبب زواج المُحلل هو الطلاق ، فلابد من شيء من التفصيل في الطلاق لنعرف عظمة الله في تشريع الأحكام .
يقول ربُّنا تبارك اسمه في محكم التنزيل " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " ، فورد في أسباب النزول عن عروة بن الزبير عن خالته السيدة عائشة وقد أدركها وأخذ عنها .. أن كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ ارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ طَلَّقَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ، فَعَمَدَ رَجُلٌ إِلَى امْرَأَةٍ لَهُ فَطَلَّقَهَا، ثُمَّ أَمْهَلَهَا حَتَّى إِذَا شَارَفَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا ارْتَجَعَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا آوِيكِ إِلَيَّ وَلَا تَحِلِّينَ أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} .صحيح ، رواه الترمذي ومالك وابن أبي حاتم .
فكان قبل الإسلام يعذبون المرأة بهذه الوسيلة .. يطلقها حتى إذا اقتربت أيام عدتها من الإنتهاء يرجعها ثم يطلقها .. فتظل معلقة لا هي مطلقة ولا هي متزوج وهذا ما أشير له ب " وَاللَّهِ لَأَتْرُكَنَّكِ لَا أيِّمًا وَلَا ذَاتَ زَوْجٍ " والأيم هو الذي لا زوج له سواء من النساء أو الرجال .. فيُطَلِّقُهَا حَتَّى إِذَا كَادَتِ الْعِدَّةُ أَنْ تَنْقَضِيَ رَاجَعَهَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا .. فأنزل الله الآية " الطلاق مرتان " ..
وحتى نبين هول هذا الأمر على النساء .. نرى أن عدة المرأة تختلف مدتها حسب المقام ، فمثلا المطلقة التي لم يدخل بها زوجها ولم يطأها .. هذه بمجرد ما تطلق تحل لزوج آخر ومفيش عدة .. ثم المطلقة التي دخل بها زوجها .. فإن كانت :
- حامل فعدتها أن تضع حملها .. كما قال تعالى " وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ " .. فممكن المرأة الحامل يطلقها زوجها في الصباح وفي المساء تلد .. هنا انقضت عدتها في تلك المدة ما بين الطلاق والولادة .
- فإن لم تكن حامل فعدتها ثلاث حيضات كاملة .. وده بعد الطلاق طبعا .. فإن حاضت ثلاث حيضات كيف ما كانت المدة بين هذه الحضيات الثلاث فهي عدتها وتنتهي بآخر حيضة .. قال تعالى " وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ".
- أما إن كانت لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر .. قال تعالى " وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ".
- وإذا انقطع عنها الحيض لسبب ما فإنها تنتظر .. حتى يرتفع هذا السبب ويختفي ثم تحيض ثلاث حيضات فتلك عدتها .
- أما إذا ارتفع حيضها ولا تعلم ما الذي رفعه فإن عدتَها سنة كاملة .. أي تنتظر 9 أشهر للحمل فإن لم يكن هناك أي جنين أو حمل .. فإن تنتظر برده ثلاث أشهر كعدة .
هذه عدة المطلقة ، فممكن المرأة إذا طلقها الرجل قبل الإسلام أن تنتظر ثلاث حيضات أو ثلاث أشهر أو 9 أشهر مدة الحمل .. حتى إذا اقتربت عدتها يرجعها مرة أخرى ثم يطلقها .. فلا هي متزوجة ولا هي مطلقة .
فلما ظهر الإسلام .. جعل الطلاق الذي يسمح للرجل أن يرجع به زوجته هو طلقتين بس ويسمى عند أهل الفقه بطلاق بائن بينونة صغرى .. لو وصل للطلقة الثالثة فهذا طلاق بائن بينونة كبرى .
فإذا رجل طلق زوجته طلاق الثلاث قلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا مستوفي الشروط ..ثم تطلق من هذا الزوج الأخير .. عندها تحل لزوجها الأول .
فالزواج يا إخوة هو عقد .. والعقد ده عقد زواج أي عهد والتزام يكون بيت طرفين .. أساس هذا العقد هو شرعية الحصول على زوجة وأن يباشرها ويعاشرها ونحو ذلك .
وشروط هذا العقد التي تكتب فيه هي :
1- تعييين الزوجين .. فلا يصح أن يقول ولي الزوجة " زوجتك بنتي وله بنات غيرها .. بل لابد من تمييز الزوجة باسمها والزوج كذلك .
2- رضا الزوجين .
3- وجود الولي ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكحاها باطل فنكاحها باطل .. صحيح ورواه أحمد وأبو داود .. والأحق بتزويج المرأة أبوها ثم جدها ثم ابنها فالأخ الشقيق فالأخ لأب ثم القرب فالأقرب .
4- الشهادة على الزواج .. ويكونان شاهدان .. لقول عمران بن حصين مرفوعا إلى النبي لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل .. صحيح رواه ابن حبان وصححه الذهبي .
5- خلو الزوجين من موانع النكاح .. وهذه الموانع كالنسب أو الرضاع أو المصاهرة أو اختلاف دين .. أو الرجل متزوج 4 وهي ستكون الخامسة .
ولا يشترط في صحة العقد = النية .. كأن يُكتب في العقد .. زواج لمدة معينة أو زواج للتحليل .. وسأتطرق لهذا إن شاء الله بالتفصيل في موضعه .. علشان ما تتلخبطوش معايا .
طيب عرفنا معنا الزواج وشروطه وعدة المطلقة .. فلازم أننا نعرف ما هو الوجه أو بعبارة أدق وأسلوب أسهل .. كيف تحل المرأة المطلقة لزوجها الأول ؟
أجيب على هذا التساؤل أولا بقول ربِّنا تبارك وتعالى في محكم التنزيل " فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ".
وشرحه :
أن الرجل إذا طلق زوجته ثلاث طلقات .. فقد حرمت عليه .. فبعد انقضاء العدة .. تزوجت شخصا آخر .. ثم بعد مرور يوم أو يومين أو شهر أو سنة طلقها هو برده .. هنا تحل للزوج الأول بعد أن تستنفد عدتها .. فلها أن ترجع لزوجها الأول بمهر جديد وزواج جديد .
فهذا التحليل الصحيح الشرعي .
أما أن يطلق رجلٌ امرأته ثم يتفق مع شخص آخر ليتزوج امرأته ساعة أو ساعتين ليحلها ثم يطلقها .. ويرجعها زوجها الأول فهذا هو المحلل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم " لعن الله المحلِل والمحلَّل له .
هذا هو نكاح المُحلل يا إخوة وقد ظهرت لكم حقيقته .