أبو الطارق السلفي
15.04.2009, 23:22
اتقوا الله ولا تغتابوا المسلمين!!
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد...,
أعلم رعاك الله بأن الغيبة محرمه أشد التحريم بل وصفها الله في كتابه العزيز بأنها كالذي يأكل لحم أخيه ميتاً وليس حياً وهذا من أبشع الوصف تحذيراً وتبغيضاً لها ولمن يفعلها من الناس, قال جل في علاه{ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ }.
ولتعلم رحمك الله بأن الغيبة محرمة في حق جميع الناس وليس في حق العلماء فقط ولكن تكون أشد لو أنها وقعت على علماء الحق هدانا الله وإياك له أبد الآبدين.
وأني لأعجب من بعض الدعاة ممن يحذرون الناس من هذا الإثم العظيم ولا يبينون أنواعه وإن في الغيبة ما هو واجب وان فيها ماليس بمحرم , فقد بيّن سلفنا الصالح بأن الذب عن الدين وتنقية السنة مما خالطها من أكاذيب المكذبين وبيان سبيل المؤمنين لهو من الجهاد في سبيل الله.
فهذا شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية يوضح ما لم يوضحه دعاة اليوم بخصوص التحذير من الشخص بعينه كما جاء عنه في مجموع الفتاوى,
يقول رحمه الله: (وأما الشخص المعين فيذكر ما فيه من الشر في مواضع:
مثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل، فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد إستيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء).أهـ
لله درّك يا شيخ الإسلام فنحن اليوم لا نستطيع التحذير ممن يدعو الناس إلى الاختلاط بين النساء والرجال بإسم الدين ويدّعي الدعوة إلى سنة رسول الله وهو لا يتمثل بها, كمّن يدعو إلى ستر عورات الناس وهو كاشف لسوءته أعاذنا الله وإياكم (مثل عمرو خالد) قال تعالى (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) وقال سبحانه (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ).
ولا نستطيع التحذير ممّن يدعو الناس إلى الشرك بنوعيه الأكبر والأصغر مثل التوسل بالأموات وطلب منهم الحاجات التي لا يقدر عليها إلا رب الأرباب سبحانه وتعالى وهذا النوع يمثله (الجفري) الضال كفانا الله شر أقواله , يقول جل في علاه { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ }.
كذلك يا تقي الدين لا نستطيع التحذير ممن يخالف قول الله وقول رسوله في كثير من الأمور ويجعل الحلال حراماً والحرام حلالاً كالغناء ومؤداه الكفار وغيرها , فإذا تكلمنا قال الجاهلون بأحوالهم لا تغتابوا المسلمين بل يسمونهم علماء الأمة (مثل القرضاوي) قال تعالى { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }, والأدهى والأمّر من يمجدهم ويثني عليهم وهو على علم بدين الله, فهو ينطبق عليه قول بعض السلف : من وقّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام.
, فوالله إنها مسكينةُُ ُهذه الأمة إن كانوا هؤلاء علماءها!!!
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته فتوزن الأقوال بأقواله وأعماله فما وافق ذلك قبل وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان " ا.هـ
وقد جاء عن النووي رحمه الله في رياض الصالحين قوله: ( اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إلية إلا بها وهو ستة أسباب ).أنتهى كلامه
قال السفاريني رحمه الله في غذاء الألباب شرح منظومة الآداب مبيناً هذه الستة المواضع التي تباح فيها الغيبة:
والقـــــدح ليس بغيبة فـي **** ستةً متظلم ومعرف ومحذر
ولمظهر فسقاً ومستفتياً ومن **** طلب الإعانة في إزالة منكر
فالغيبة لها معنى لغوي ومعنى شرعي:
المعنى الشرعي للغيبة وهي الغيبة المحرمه كما وردت عليها النصوص من الكتاب والسنة.
والثاني لغوي وتطلق على الغيبة بنوعييها الجائز وغير الجائز.
مثل البدعه فهي في معناها اللغوي تطلق على البدعه الحسنه كما وصف الفاروق صلاة الجماعه في التراويح بعد ان احياها رضي الله عنه, وتطلق على البدعه المنهي عنها بصريح قول النبي عليه الصلاة والسلام كل بدعة ضلالة.
وكذلك الغيبه هنا تعتبر مثل الميته ولحم الخنزير فا اكلهما حرام بصريح الكتاب والسنة ولكنهما يصبحان من المباحات في حالة الضرورة كمن يخشى الموت ولا يجد الا الميته فهنا تباح ويبقى اسمها ميته!!
كذلك الغيبة في الست المواضع المذكورة أنفاً ومنها التحذير من أهل الاهواء المخالفين للكتاب والسنة ,القائلين في دين الله بغير علم فتصبح الغيبه في حقهم مباحة بل واجبه كما قال ابن تيميه رحمه الله وتكون من جنس الجهاد في سيبل الله.
(ولموفق الدين ابن قدامه رحمه الله تفصيل طيب في المغني لهذه المسألة).
ويقول ابن تيمية أسكنه الله الجنة, مبيناً من أنواع الغيبة الجائزة أيضاً:
(منها المظلوم له أن يذكر ظالمه بما فيه، إما على وجه دفع ظلمه أو استيفاء حقه , قال تعالى: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم}
ومنها أن يكون على وجه النصيحة للمسلمين في دينهم ودنياهم كما في الحديث الصحيح عن فاطمة بنت قيس لما استشارت النبـي صلى الله عليه وسلم من تنكح؟ وقالت: إنه خطبني معاوية وأبو جهم فقال: «أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء».
وفي معنى هذا نصح الرجل فيمن يعامله، ومن يوكله ويوصي إليه، ومن يستشهده؛ بل ومن يتحاكم إليه. وأمثال ذلك، وإذا كان هذا في مصلحة خاصة فكيف بالنصح فيما يتعلق به حقوق عموم المسلمين: من الأمراء والحكام والشهود والعمال: أهل الديوان وغيرهم؟ فلا ريب أن النصح في ذلك أعظم، كما قال النبـي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، الدين النصيحة» قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم».
فالنصح واجباً في المصالح الدينية الخاصة والعامة: مثل نقلة الحديث الذين يغلطون أو يكذبون، كما قال يحيـى بن سعيد: سألت مالكاً والثوري والليث بن سعد والأوزاعي عن الرجل يتهم في الحديث أو لا يحفظ؟ فقالوا: بين أمره. وقال بعضهم لأحمد بن حنبل: أنه يثقل علي أن أقول فلان كذا، وفلان كذا. فقال: إذا سكتَ أنت وسكتُ أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟!)أهـ
وليس هذا قول ابن تيمية وحده بل اجتمع علماء الأمة سابقاً ولاحقاً على هذا القول , إلا علماء السوء في زماننا والسبب لئلا يُفضحوا أمام الناس فأخذوا يخوفون الناس من الغيبة مطلقاً وجعلوا كل من يتكلم بإسم الدين وكأنه معصوم, وشابهوا النصارى مع رجال الكنيسة والعياذ بالله وهم يعلمون بأنه كل أحد من علماء المسلمين راداً ومردوداً عليه إلا صاحب الشريعة عليه الصلاة والسلام.
فقد روي في مسند أحمد, عن عديّ بن حاتم رضي الله عنه انه سمع الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ قوله تعالى { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} فقال عدي رضي الله عنه وكان نصرانياً : والله ما عبدوهم يا رسول الله قال عليه الصلاة والسلام :( بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم) فقال عدي : أما هذه فنعم.
فلتعلم أرشدك الله إلى الحق قول السلف في هذه المسألة وقارنه بقول الخلف من علماء السوء,
فقد قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه (الفرق بين النصيحة والتعيير):
أعلم أن ذكر الإنسان بما يكره محرم؛ إذا كان المقصود منه مجرد الذم، والعيب والنقص, فأما إذا كان فيه مصلحة لعامة المسلمين، أو خاصة لبعضهم، وكان المقصود به تحصيل تلك المصلحة؛ فليس بمحرم، بل مندوب إليه .
وقد قَرَّرَ علماء الحديث هذا في كتبهم في الجرح والتعديل، وذكروا الفرق بين جرح الرواة وبين الغيبة، وردّوا على من سوى بينهما من المتعبدين وغيرهم ممن لا يتسع علمه.
ولا فـرق بـين الطـعن في رواة ألفـاظ الحـديث، ولا التمـيـيز بين ما تُقبل روايته منهم ومن لا تُقبل، وبين تبيين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة، وتأول شيئاً منها على غير تأويله، وتمسك بما لا يتمسك به؛ ليحذر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه , وقد أجمع العلماء على جواز ذلك أيضا.أهـ
ويقول ابن كثير في تفسيره عن قوله تعالى ( ولا يغتب بعضكم بعضاً...الايه):
والغيبة محرمة بالإجماع ، ولا يستثنى من ذلك إلا ما رجحت مصلحته، كما في الجرح والتعديل والنصيحة كقوله صلى الله عليه وسلم، لما استأذن عليه ذلك الرجل الفاجر: «ائذنوا له بئس أخو العشيرةٰ» وكقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وقد خطبها معاوية وأبو الجهم: «أما معاوية فصعلوك، وأما أبو الجهم فلا يضع عصاه عن عاتقه» وكذا ما جرى مجرى ذلك.أهـ
وقد ألف أئمه الهدى من السلف الصالح عده مؤلفات في أنواع الغيبة المباحة منها ما ألفه الإمام الشوكاني صاحب تفسير فتح القدير وهي رسالة طيبه اسمها
(رفع الريبة في ما يجوز وما لا يجوز من الغيبة) , وكذلك الإمام البخاري في صحيحة خصص باباً أسماه (باب مايجوز من اغتياب أهل الريب والفساد).
واليك ما حكاه ابن حجر رحمه الله عن أهل العلم في فتح الباري لما يجوز من الغيبة, قال رحمه الله:
قال العلماء تباح الغيبة في كل غرض صحيح شرعا حيث يتعين طريقا إلى الوصول إليه بها كالتظلم والاستعانة على تغيير المنكر والاستفتاء والمحاكمة والتحذير من الشر ويدخل فيه تجريح الرواة(الرواة هم الدعاة في زماننا فلتتنبه) والشهود وإعلام من له ولاية عامة بسيرة من هو تحت يده وجواب الاستشارة في نكاح أو عقد من العقود وكذا من رأى متفقها يتردد إلى مبتدع أو فاسق ويخاف عليه الاقتداء به وممن تجوز غيبتهم من يتجاهر بالفسق أو الظلم أو البدعة.أهـ
أما سلفنا الصالح فقد ورد عنهم ما يطيب به الخاطر ويشتد به العزم للتحذير من أهل الأهواء الذين يفتون الناس على أهوائهم ولا يتبعون الدليل من الكتاب أو السنة.
فقد جاء عن الإمام احمد بن حنبل رحمه الله أن رجل وقد كان سمع الإمام احمد يقع في رجلاً ويحذر منه وكان رحمه الله شديداً في ذلك ,
فقد قال في حق الكربيسي : هتكه الله الخبيث , قال الرجل للإمام احمد : لا تغتاب المسلمين , فقال الإمام احمد : يا هذا إنما نحن نغتاب للمسلمين.
وقيل للإمام احمد لما تكلم في أناس وحذر منهم , قيل يا أبا عبدالله أما تخشى أن تكون هذه غيبه ,
فقال رحمه الله أذا سكتُ أنا وسكتُ أنت فمتى يُعرف الصحيح من السقيم.
وقال ابن عبد البر أجمع أهل الفقه والآثار في جميع الأمصار أن أهل الكلام(هم الذين تركوا الآثار والأحاديث وتكلموا في الدين بعقولهم) أهل بدع وزيغ ولا يعدون عند الجميع في جميع الأمصار في طبقات العلماء وإنما العلماء أهل الأثر والتفقه فيه ويتفاضلون فيه بالإتقان والميز والفهم.أهـ
وهذه كلمات تسطر بماء الذهب من إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس ,
قال مالك رحمه الله معلقاً على حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم..الحديث )
قال رحمه الله : إذا قال ذلك تحزنا لما يرى في الناس من أمر دينهم فلا أرى به بأسا.أهـ
فروى عاصم الأحول
قال جلست إلى قتادة وهو من علماء السلف فذكر عمرو بن عبيد وكان صاحب هوى فوقع فيه ونال منه
فقلت أبا الخطاب ألا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض فقال يا أحول أو لا تدرى أن الرجل إذا ابتدع بدعة فينبغي لها أن تذكر حتى تحذر.
واليك كلام احد السلف وهو مطابقاً لقول أسلافه رحمهم الله لتعلم أن أهل الحق يتكلمون بلسان واحد سبحان الله.
يقول الشاطبي رحمه الله :
فمثل هؤلاء لا بد من ذكرهم والتشريد بهم لأن ما يعود على المسلمين من ضررهم إذا تركوا أعظم من الضرر الحاصل بذكرهم والتنفير عنهم إذا كان سبب ترك التعيين الخوف من التفرق والعداوة.
ولا شك أن التفرق بين المسلمين وبين الداعين للبدعة وحدهم - إذا أقيم - عليهم أسهل من التفرق بين المسلمين وبين الداعين ومن شايعهم واتبعهم وإذا تعارض الضرران فالمرتكب أخفهما وأسهلهما وبعض الشر أهون من جميعه كقطع اليد المتأكلة إتلافها أسهل من إتلاف النفس.أهـ
وعن حميد الأعرج قال: قدم غيلان( وهو من أهل الأهواء في ذاك الزمان ) مكة يجاور بها فأتى غيلان مجاهدا ( وهو من علماء مكة من التابعين ):
فقال يا أبا الحجاج بلغني أنك تنهى الناس عنى وتذكرني , بلغك عنى شيء لا أقوله , إنما أقول كذا فجاء بشيء لا ينكر , فلما قام
قال مجاهد: لا تجالسوه فإنه قدري.
وعن حماد بن زيد قال لقينى سعيد بن جبير فقال ألم أرك مع طلق قلت فلا , فماله
قال : لا تجالسه فإنه مرجئ.
وعن أيوب السختياني قال كنت يوما عند محمد بن سيرين إذ جاء عمرو بن عبيد المعتزلي فدخل فلما جلس وضع محمد يده في بطنه وقام فقلت لعمرو انطلق بنا - قال - فخرجنا فلما مضى عمرو رجعت فقلت يا أبا بكر قد فطنت إلى ما صنعت , قال أقد فطنت قلت نعم قال أما إنه لم يكن ليضمني معه سقف بيت.
(تظاهر ابن سيرين بالأم في بطنه لئلا يجالس عمرو بن عبيد!!!).
وعن أيوب قال دخل رجل على ابن سيرين فقال يا أبا بكر أقرأ عليك آية من كتاب الله لا أزيد أن أقرأها ثم أخرج فوضع إصبعيه في أذنيه ثم قال أعزم عليك إن كنت مسلما إلا خرجت من بيتي - قال - فقال يا أبا بكر لا أزيد على أن أقرأ آية ثم أخرج
فقام لإزاره يشده وتهيأ للقيام , فأقبلنا على الرجل فقلنا قد عزم عليك إلا خرجت أفيحل لك أن تخرج رجلا من بيته ,
قال - فخرج فقلنا يا أبا بكر ما عليك لو قرأ آية ثم خرج قال إنى والله لو ظننت أن قلبي ثبت على ما هو عليه ما باليت أن يقرا ولكن خفت أن يلقى في قلبي شيئا أجهد في إخراجه من قلبي فلا أستطيع.
وأخيراً وليس أخراً خذ هذه النصيحة فنعم الناصح ونعم المنصوح وهما من أكابر علماء السلف والسنة والتوحيد.
(من نصيحة ابن تيمية لتلميذه ابن القيم).
"لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها، فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته، وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليه صار ممرا للشبهات".أهـ
فالله الله يا أخي في الله من الأستماع إلى من يُلبس كلامه لباس الدين وهو يخالف الدين , فلتنظر نفور السلف ممن جعل دينه بالرأي واتبع هواه , وهم علماء عصرهم لم يأمنوا على أنفسهم الفتنه , فلا تكن أخي في الله تدافع عن أناس خالفوا الله ورسوله ولو هُيأ لك بأنهم رجال دين , يا أخي القول ما قاله الله وما وافق قول رسوله عليه الصلاة والسلام مبلغ الرسالة وصاحب الشريعة.
وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
__________________
منقول للاستفادة إن شاء الله
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد...,
أعلم رعاك الله بأن الغيبة محرمه أشد التحريم بل وصفها الله في كتابه العزيز بأنها كالذي يأكل لحم أخيه ميتاً وليس حياً وهذا من أبشع الوصف تحذيراً وتبغيضاً لها ولمن يفعلها من الناس, قال جل في علاه{ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ }.
ولتعلم رحمك الله بأن الغيبة محرمة في حق جميع الناس وليس في حق العلماء فقط ولكن تكون أشد لو أنها وقعت على علماء الحق هدانا الله وإياك له أبد الآبدين.
وأني لأعجب من بعض الدعاة ممن يحذرون الناس من هذا الإثم العظيم ولا يبينون أنواعه وإن في الغيبة ما هو واجب وان فيها ماليس بمحرم , فقد بيّن سلفنا الصالح بأن الذب عن الدين وتنقية السنة مما خالطها من أكاذيب المكذبين وبيان سبيل المؤمنين لهو من الجهاد في سبيل الله.
فهذا شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية يوضح ما لم يوضحه دعاة اليوم بخصوص التحذير من الشخص بعينه كما جاء عنه في مجموع الفتاوى,
يقول رحمه الله: (وأما الشخص المعين فيذكر ما فيه من الشر في مواضع:
مثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل، فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد إستيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء).أهـ
لله درّك يا شيخ الإسلام فنحن اليوم لا نستطيع التحذير ممن يدعو الناس إلى الاختلاط بين النساء والرجال بإسم الدين ويدّعي الدعوة إلى سنة رسول الله وهو لا يتمثل بها, كمّن يدعو إلى ستر عورات الناس وهو كاشف لسوءته أعاذنا الله وإياكم (مثل عمرو خالد) قال تعالى (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) وقال سبحانه (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ).
ولا نستطيع التحذير ممّن يدعو الناس إلى الشرك بنوعيه الأكبر والأصغر مثل التوسل بالأموات وطلب منهم الحاجات التي لا يقدر عليها إلا رب الأرباب سبحانه وتعالى وهذا النوع يمثله (الجفري) الضال كفانا الله شر أقواله , يقول جل في علاه { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ }.
كذلك يا تقي الدين لا نستطيع التحذير ممن يخالف قول الله وقول رسوله في كثير من الأمور ويجعل الحلال حراماً والحرام حلالاً كالغناء ومؤداه الكفار وغيرها , فإذا تكلمنا قال الجاهلون بأحوالهم لا تغتابوا المسلمين بل يسمونهم علماء الأمة (مثل القرضاوي) قال تعالى { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }, والأدهى والأمّر من يمجدهم ويثني عليهم وهو على علم بدين الله, فهو ينطبق عليه قول بعض السلف : من وقّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام.
, فوالله إنها مسكينةُُ ُهذه الأمة إن كانوا هؤلاء علماءها!!!
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته فتوزن الأقوال بأقواله وأعماله فما وافق ذلك قبل وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان " ا.هـ
وقد جاء عن النووي رحمه الله في رياض الصالحين قوله: ( اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إلية إلا بها وهو ستة أسباب ).أنتهى كلامه
قال السفاريني رحمه الله في غذاء الألباب شرح منظومة الآداب مبيناً هذه الستة المواضع التي تباح فيها الغيبة:
والقـــــدح ليس بغيبة فـي **** ستةً متظلم ومعرف ومحذر
ولمظهر فسقاً ومستفتياً ومن **** طلب الإعانة في إزالة منكر
فالغيبة لها معنى لغوي ومعنى شرعي:
المعنى الشرعي للغيبة وهي الغيبة المحرمه كما وردت عليها النصوص من الكتاب والسنة.
والثاني لغوي وتطلق على الغيبة بنوعييها الجائز وغير الجائز.
مثل البدعه فهي في معناها اللغوي تطلق على البدعه الحسنه كما وصف الفاروق صلاة الجماعه في التراويح بعد ان احياها رضي الله عنه, وتطلق على البدعه المنهي عنها بصريح قول النبي عليه الصلاة والسلام كل بدعة ضلالة.
وكذلك الغيبه هنا تعتبر مثل الميته ولحم الخنزير فا اكلهما حرام بصريح الكتاب والسنة ولكنهما يصبحان من المباحات في حالة الضرورة كمن يخشى الموت ولا يجد الا الميته فهنا تباح ويبقى اسمها ميته!!
كذلك الغيبة في الست المواضع المذكورة أنفاً ومنها التحذير من أهل الاهواء المخالفين للكتاب والسنة ,القائلين في دين الله بغير علم فتصبح الغيبه في حقهم مباحة بل واجبه كما قال ابن تيميه رحمه الله وتكون من جنس الجهاد في سيبل الله.
(ولموفق الدين ابن قدامه رحمه الله تفصيل طيب في المغني لهذه المسألة).
ويقول ابن تيمية أسكنه الله الجنة, مبيناً من أنواع الغيبة الجائزة أيضاً:
(منها المظلوم له أن يذكر ظالمه بما فيه، إما على وجه دفع ظلمه أو استيفاء حقه , قال تعالى: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم}
ومنها أن يكون على وجه النصيحة للمسلمين في دينهم ودنياهم كما في الحديث الصحيح عن فاطمة بنت قيس لما استشارت النبـي صلى الله عليه وسلم من تنكح؟ وقالت: إنه خطبني معاوية وأبو جهم فقال: «أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء».
وفي معنى هذا نصح الرجل فيمن يعامله، ومن يوكله ويوصي إليه، ومن يستشهده؛ بل ومن يتحاكم إليه. وأمثال ذلك، وإذا كان هذا في مصلحة خاصة فكيف بالنصح فيما يتعلق به حقوق عموم المسلمين: من الأمراء والحكام والشهود والعمال: أهل الديوان وغيرهم؟ فلا ريب أن النصح في ذلك أعظم، كما قال النبـي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، الدين النصيحة» قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم».
فالنصح واجباً في المصالح الدينية الخاصة والعامة: مثل نقلة الحديث الذين يغلطون أو يكذبون، كما قال يحيـى بن سعيد: سألت مالكاً والثوري والليث بن سعد والأوزاعي عن الرجل يتهم في الحديث أو لا يحفظ؟ فقالوا: بين أمره. وقال بعضهم لأحمد بن حنبل: أنه يثقل علي أن أقول فلان كذا، وفلان كذا. فقال: إذا سكتَ أنت وسكتُ أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟!)أهـ
وليس هذا قول ابن تيمية وحده بل اجتمع علماء الأمة سابقاً ولاحقاً على هذا القول , إلا علماء السوء في زماننا والسبب لئلا يُفضحوا أمام الناس فأخذوا يخوفون الناس من الغيبة مطلقاً وجعلوا كل من يتكلم بإسم الدين وكأنه معصوم, وشابهوا النصارى مع رجال الكنيسة والعياذ بالله وهم يعلمون بأنه كل أحد من علماء المسلمين راداً ومردوداً عليه إلا صاحب الشريعة عليه الصلاة والسلام.
فقد روي في مسند أحمد, عن عديّ بن حاتم رضي الله عنه انه سمع الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ قوله تعالى { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} فقال عدي رضي الله عنه وكان نصرانياً : والله ما عبدوهم يا رسول الله قال عليه الصلاة والسلام :( بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم) فقال عدي : أما هذه فنعم.
فلتعلم أرشدك الله إلى الحق قول السلف في هذه المسألة وقارنه بقول الخلف من علماء السوء,
فقد قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه (الفرق بين النصيحة والتعيير):
أعلم أن ذكر الإنسان بما يكره محرم؛ إذا كان المقصود منه مجرد الذم، والعيب والنقص, فأما إذا كان فيه مصلحة لعامة المسلمين، أو خاصة لبعضهم، وكان المقصود به تحصيل تلك المصلحة؛ فليس بمحرم، بل مندوب إليه .
وقد قَرَّرَ علماء الحديث هذا في كتبهم في الجرح والتعديل، وذكروا الفرق بين جرح الرواة وبين الغيبة، وردّوا على من سوى بينهما من المتعبدين وغيرهم ممن لا يتسع علمه.
ولا فـرق بـين الطـعن في رواة ألفـاظ الحـديث، ولا التمـيـيز بين ما تُقبل روايته منهم ومن لا تُقبل، وبين تبيين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة، وتأول شيئاً منها على غير تأويله، وتمسك بما لا يتمسك به؛ ليحذر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه , وقد أجمع العلماء على جواز ذلك أيضا.أهـ
ويقول ابن كثير في تفسيره عن قوله تعالى ( ولا يغتب بعضكم بعضاً...الايه):
والغيبة محرمة بالإجماع ، ولا يستثنى من ذلك إلا ما رجحت مصلحته، كما في الجرح والتعديل والنصيحة كقوله صلى الله عليه وسلم، لما استأذن عليه ذلك الرجل الفاجر: «ائذنوا له بئس أخو العشيرةٰ» وكقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وقد خطبها معاوية وأبو الجهم: «أما معاوية فصعلوك، وأما أبو الجهم فلا يضع عصاه عن عاتقه» وكذا ما جرى مجرى ذلك.أهـ
وقد ألف أئمه الهدى من السلف الصالح عده مؤلفات في أنواع الغيبة المباحة منها ما ألفه الإمام الشوكاني صاحب تفسير فتح القدير وهي رسالة طيبه اسمها
(رفع الريبة في ما يجوز وما لا يجوز من الغيبة) , وكذلك الإمام البخاري في صحيحة خصص باباً أسماه (باب مايجوز من اغتياب أهل الريب والفساد).
واليك ما حكاه ابن حجر رحمه الله عن أهل العلم في فتح الباري لما يجوز من الغيبة, قال رحمه الله:
قال العلماء تباح الغيبة في كل غرض صحيح شرعا حيث يتعين طريقا إلى الوصول إليه بها كالتظلم والاستعانة على تغيير المنكر والاستفتاء والمحاكمة والتحذير من الشر ويدخل فيه تجريح الرواة(الرواة هم الدعاة في زماننا فلتتنبه) والشهود وإعلام من له ولاية عامة بسيرة من هو تحت يده وجواب الاستشارة في نكاح أو عقد من العقود وكذا من رأى متفقها يتردد إلى مبتدع أو فاسق ويخاف عليه الاقتداء به وممن تجوز غيبتهم من يتجاهر بالفسق أو الظلم أو البدعة.أهـ
أما سلفنا الصالح فقد ورد عنهم ما يطيب به الخاطر ويشتد به العزم للتحذير من أهل الأهواء الذين يفتون الناس على أهوائهم ولا يتبعون الدليل من الكتاب أو السنة.
فقد جاء عن الإمام احمد بن حنبل رحمه الله أن رجل وقد كان سمع الإمام احمد يقع في رجلاً ويحذر منه وكان رحمه الله شديداً في ذلك ,
فقد قال في حق الكربيسي : هتكه الله الخبيث , قال الرجل للإمام احمد : لا تغتاب المسلمين , فقال الإمام احمد : يا هذا إنما نحن نغتاب للمسلمين.
وقيل للإمام احمد لما تكلم في أناس وحذر منهم , قيل يا أبا عبدالله أما تخشى أن تكون هذه غيبه ,
فقال رحمه الله أذا سكتُ أنا وسكتُ أنت فمتى يُعرف الصحيح من السقيم.
وقال ابن عبد البر أجمع أهل الفقه والآثار في جميع الأمصار أن أهل الكلام(هم الذين تركوا الآثار والأحاديث وتكلموا في الدين بعقولهم) أهل بدع وزيغ ولا يعدون عند الجميع في جميع الأمصار في طبقات العلماء وإنما العلماء أهل الأثر والتفقه فيه ويتفاضلون فيه بالإتقان والميز والفهم.أهـ
وهذه كلمات تسطر بماء الذهب من إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس ,
قال مالك رحمه الله معلقاً على حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم..الحديث )
قال رحمه الله : إذا قال ذلك تحزنا لما يرى في الناس من أمر دينهم فلا أرى به بأسا.أهـ
فروى عاصم الأحول
قال جلست إلى قتادة وهو من علماء السلف فذكر عمرو بن عبيد وكان صاحب هوى فوقع فيه ونال منه
فقلت أبا الخطاب ألا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض فقال يا أحول أو لا تدرى أن الرجل إذا ابتدع بدعة فينبغي لها أن تذكر حتى تحذر.
واليك كلام احد السلف وهو مطابقاً لقول أسلافه رحمهم الله لتعلم أن أهل الحق يتكلمون بلسان واحد سبحان الله.
يقول الشاطبي رحمه الله :
فمثل هؤلاء لا بد من ذكرهم والتشريد بهم لأن ما يعود على المسلمين من ضررهم إذا تركوا أعظم من الضرر الحاصل بذكرهم والتنفير عنهم إذا كان سبب ترك التعيين الخوف من التفرق والعداوة.
ولا شك أن التفرق بين المسلمين وبين الداعين للبدعة وحدهم - إذا أقيم - عليهم أسهل من التفرق بين المسلمين وبين الداعين ومن شايعهم واتبعهم وإذا تعارض الضرران فالمرتكب أخفهما وأسهلهما وبعض الشر أهون من جميعه كقطع اليد المتأكلة إتلافها أسهل من إتلاف النفس.أهـ
وعن حميد الأعرج قال: قدم غيلان( وهو من أهل الأهواء في ذاك الزمان ) مكة يجاور بها فأتى غيلان مجاهدا ( وهو من علماء مكة من التابعين ):
فقال يا أبا الحجاج بلغني أنك تنهى الناس عنى وتذكرني , بلغك عنى شيء لا أقوله , إنما أقول كذا فجاء بشيء لا ينكر , فلما قام
قال مجاهد: لا تجالسوه فإنه قدري.
وعن حماد بن زيد قال لقينى سعيد بن جبير فقال ألم أرك مع طلق قلت فلا , فماله
قال : لا تجالسه فإنه مرجئ.
وعن أيوب السختياني قال كنت يوما عند محمد بن سيرين إذ جاء عمرو بن عبيد المعتزلي فدخل فلما جلس وضع محمد يده في بطنه وقام فقلت لعمرو انطلق بنا - قال - فخرجنا فلما مضى عمرو رجعت فقلت يا أبا بكر قد فطنت إلى ما صنعت , قال أقد فطنت قلت نعم قال أما إنه لم يكن ليضمني معه سقف بيت.
(تظاهر ابن سيرين بالأم في بطنه لئلا يجالس عمرو بن عبيد!!!).
وعن أيوب قال دخل رجل على ابن سيرين فقال يا أبا بكر أقرأ عليك آية من كتاب الله لا أزيد أن أقرأها ثم أخرج فوضع إصبعيه في أذنيه ثم قال أعزم عليك إن كنت مسلما إلا خرجت من بيتي - قال - فقال يا أبا بكر لا أزيد على أن أقرأ آية ثم أخرج
فقام لإزاره يشده وتهيأ للقيام , فأقبلنا على الرجل فقلنا قد عزم عليك إلا خرجت أفيحل لك أن تخرج رجلا من بيته ,
قال - فخرج فقلنا يا أبا بكر ما عليك لو قرأ آية ثم خرج قال إنى والله لو ظننت أن قلبي ثبت على ما هو عليه ما باليت أن يقرا ولكن خفت أن يلقى في قلبي شيئا أجهد في إخراجه من قلبي فلا أستطيع.
وأخيراً وليس أخراً خذ هذه النصيحة فنعم الناصح ونعم المنصوح وهما من أكابر علماء السلف والسنة والتوحيد.
(من نصيحة ابن تيمية لتلميذه ابن القيم).
"لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها، فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته، وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليه صار ممرا للشبهات".أهـ
فالله الله يا أخي في الله من الأستماع إلى من يُلبس كلامه لباس الدين وهو يخالف الدين , فلتنظر نفور السلف ممن جعل دينه بالرأي واتبع هواه , وهم علماء عصرهم لم يأمنوا على أنفسهم الفتنه , فلا تكن أخي في الله تدافع عن أناس خالفوا الله ورسوله ولو هُيأ لك بأنهم رجال دين , يا أخي القول ما قاله الله وما وافق قول رسوله عليه الصلاة والسلام مبلغ الرسالة وصاحب الشريعة.
وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
__________________
منقول للاستفادة إن شاء الله