المساعد الشخصي الرقمي

اعرض النسخة الكاملة : حكايات سوسو - متجدد


دكتورعزالدين
19.05.2010, 20:23
سوسو لن ينافق



بقلم الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز بركات - بيت المقدس

بينما كان سوسو يدق أبواب المستقبل بحثاً عن الشهرة والغنى ،يلج كل طريق يوصله إلى ذلك ،فهو رجل موهوب يجيد الغناء والعزف ،ويلهم ألحاناً عذبة تجعل من الساكن متحركاً ، إلا أن صاحبنا غير موفق في أعماله فكلما فتح باباً غلقت دونه أبواب ،وكلما ولج طريقاً وجد نفسه أمام موجات سراب .

وهكذا أخذ صاحبنا يشعر بالحزن والاكتئاب ، ويتراجع شيئاً فشيئاً حتى كاد يختنق من الغيظ والألم ، ولكنه لم يفقد الأمل فأخذ يفكر ويفكر في خروجه من مأزقه ،كيف يدخل الدنيا من أوسع أبوابها ؟ كيف يصبح غنيا مشهوراً ؟ متى يشار إليه بالبنان ؟ أفكار كثيرة تراود صاحبنا سوسو إلا أنه لم يجد لها أي أجوبة ، ولم يهتد إلى أي سبيل ، ولم يجد سوسو أمامه سوى التوجه إلى الله سبحانه بالدعاء والتضرع فهو القادر على حل مشاكل سوسو .

وما كان من سوسو إلا التوجه إلى أحد المساجد ليدعو الله سبحانه أن يفقه في أعماله ويحقق له آماله ، سوسو يدخل المسجد في خشوع ، يجلس متربعاً رافعاً يديه إلى السماء قائلاٌ : اللهم وفقني وحبب الناس في مواهبي ، واجعلني خير عازف ومطرب ، اللهم وفقني إلى أجمل الألحان واجعل صوتي من أحسن الأصوات ...

وهكذا يجتهد سوسو بالدعاء بالطريقة التي يراها مناسبة وإذ به يفاجئ بشيخ السلطان واقفاً على رأسه .

شيخ السلطان : ماذا تفعل يا سوسو ؟

سوسو : كما ترى يا سيدي أدعو الله .

شيخ السلطان : وما بك يا بني ؟

سوسو : يا سيدي الشيخ أنا رجل موهوب ، ولكني غير موفق في أعمالي ، فكلما فتحت باباً غلقت دوني أبواب .

شيخ السلطان : وما مجال عملك يا سوسو ؟

سوسو : مطرب يا سيدي .

شيخ السلطان : مطرب حسناً فقد أباح الغناء بعض العلماء .

سوسو : أرجوك ساعدني يا سيدي .

شيخ السلطان مندهشاً : وبماذا أساعدك يا سوسو ؟

سوسو : بأي شيء يا سيدي الشيخ .

يقف الشيخ حائراً قائلاً لنفسه : وماذا بوسعي أن أساعد هذا المعتوه ؟ شيخ السلطان يفكر ويفكر ثم يصرخ قائلاً وجدتها يا سوسو ، وجدتها يا سوسو .

سوسو مبتسماً مسروراً : كيف يا سيدي كيف يا سيدي ؟

شيخ السلطان : ألم تقل يا سوسو بأنك مطرب ؟

سوسو : نعم يا سيدي .

شيخ السلطان : إذن سوف تغني للسلطان وعندها ترقص لك الدنيا بأسرها .

سوسو مندهشاً : ولكن كيف سأصل للسلطان يا سيدي ؟

شيخ السلطان : لا عليك يا سوسو أنا سأوصلك للسلطان ، وما عليك هو أن تذهب وتجهز أغنية جميلة تغنيها للسلطان بأعذب الألحان .

سوسو : بالطبع يا سيدي سأفعل ، سأفعل كل ما بوسعي من أجل السلطان .

سيخ السلطان : ولكن لا تنس يا سوسو بأني صاحب فضل عليك ، ولا بد من أن اخذ نصيبي مما يعطيك إياه السلطان وإلا ...

سوسو : بالطبع يا سيدي بالطبع فأنا لن أنسى فضلك علي أبداً .

شيخ السلطان : حسناً يا سوسو أذهب وجهز اللحن .

سوسو يذهب مسرعاً إلى البيت ويمسك بطنبوره ، ويأخذ يجتهد بالتأليف واللحن ، يثبت هذه الجملة ويشطب تلك ، يعجبه هذا اللحن ولا يعجبه ذاك ، وهكذا تمر الساعات وسوسو لا زال منشغلاً قد فارق النوم عينيه ، وشغل الأمل فكره حتى خرج عليه الصباح وهو سعيد بالأغنية التي لحنها للسلطان .

سوسو يخرج من بيته مسرعاً ومعه اللحن يركض سوسو كي يدرك شيخ السلطان قبل خروجه ، يصل سوسو بيت شيخ السلطان منهكاً وهو يقول بصوت عال : سيدي شيخ السلطان ها انا قد أتيت ومعي أجمل أغنية .

شيخ السلطان : عظيم يا سوسو حقاً أنك ماهر وموهوب ، هيا اسمعني تلك الغنية الجميلة.

سوسو يمسك بطنبوره ويأخذ يغني تلك الكلمات التي لحنها للسلطان :

يا أيها المليك آن النهوض فاحمل السلاح واقتل اليهود

من عاث في الأرض فسادا وأظهر الحقد وخان العهود

ولا تنس أبدا جرم قوم هدّموا العراق واكثروا الجحود

وتبجحوا فوق الديار تكبرا وامضوا إلى اليهود العقود

وحاربوا كل خير وعدل وجيشوا ضد أقوامنا الحشود

ليهدموا بزعمهم شريعة رب ارتضاها للناس ديناً وحدودا

وإياك وبطانة سوء تهدم صروح نور ومجد جدود

واقتلنّ بمهند حق كل منافق شايع اليهود ومنحهم ذل السجود

وارفعنّ راية الحق عالية فوق الأقصى وابقي الصعود

وما أن أنهى سوسو أغنيته حتى صاح شيخ السلطان من شدة الغضب قائلاً : يخرب بيتك يا سوسو ، يخرب بيتك يا سوسو ، ما هذه السخافات ، ما هذه الحماقات ، ما هذه الخزعبلات ، أتريد ان تخرب بيوتنا بجهلك يا سوسو ؟

سوسو : ولما يا سيدي الشيخ إنها كلمات جميلة تشجعه على الجهاد في سبيل الله .

الشيخ : جهاد جهاد ، اسكت يا سوسو اسكت ، حسبتك عاقلاً تعرف مصلحتك ، ولكن يبدو انك سوف تظل فاشلاً .

سوسو بحزن : ماذا أفعل يا شيخ علمني أرجوك .

شيخ السلطان :حسنا يا سوسو أما لو أنك قلت في أغنيتك :

يا خير من عرف الوجود يا من بدمه للحق يجود

رفعت فينا منار عدل وشرع وهدّمت صوامع الكفر والجحود

وأرويت ظمأ اليتيم عزا وأغنيت الفقير وأوفيت العهود

العلم في رحاب عدلك سائد والظلم ذليل أنهكته القيود

فأنت فينا رسول رحمة وأنت مليك جللته الجهود

وأنت مليك ملحمة عدل إذا جد جدك الكون تسود

لا تخف عدواً ولا تخش منية فقومك خلفك كلهم أسود

قد احنوا الجباه مذلة تحت قدميك فعندهما السعود

وانقادوا لأمرك ليس فيهم معاند فنعمت قائداً وفاز من تقود

سوسو : ولكن يا سيدي هذا كذب ونفاق .

شيخ السلطان : ماذا تقول يا هذا ؟ كذب ونفاق ، إذن كيف تضحك لك الدنيا وتصبح غنياً مشهوراً ؟

سوسو : أصبح غنياً مشهوراً بالكذب والنفاق ، لا يا سيدي سوسو لن يفعل ذلك الفقر خير لي من الكذب والنفاق .

سوسو يخرج من بيت شيخ السلطان مرددا بصوت عال :
سوسو لن ينافق ، سوسو لن ينافق ، سوسو لن ينافق

أبو حفص الأيوبي
19.05.2010, 23:14
والله رائعة أخى الفاضل, لكن من سوسو هذا :d ؟

نوران
19.05.2010, 23:33
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكور يادكتور على هذا الطرح المتميز

نفع الله بك وبما تخط

وجزاك خيرا وبارك فيك

دكتورعزالدين
20.05.2010, 20:51
سوسو والنقاب


بقلم الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز بركات - بيت المقدس



بينما كان سوسو يسير مع حماره في طرقات الحي، إذ به يمر بامرأة منتقبة يعلوها الحياء، ويزينها الخلق والدين، وكان صاحبنا سوسو قبل أن يرى المرأة المنتقبة يتمتم كعادته بغنائه الذي لا يكاد يسمعه إلا حماره، فتوقف سوسو مندهشا بتلك المرأة، وأخذ يردد في نفسه كلمات تسطر بماء الذهب... ما أروع هذه المرأة! ما أعظم إيمانها! ما أكثر حياءها! واخذ أخونا سوسو يعاقب نفسه ويحتقرها أمام هذه المرأة العفيفة الشريفة، ويقول لنفسه: لماذا لا أكون كهذه المرأة مؤمناً أخرج من ذنوبي ومتاهاتي وخطيئتي؟ لماذا لا أكون ملتزماً مقبلاً على الله سبحانه؟ لماذا لا أترك الغناء والمعازف وأقبل على القرآن وترتيله؟ وأخذ سوسو يتحرك بحماره دون أن يعرف وجهته، فقد أثر فيه منظر المرأة أشد التأثير، وجعله يقبل على نفسه فيحاسبها، وبينما كان سوسو منشغلاً بتفكيره هائماً على وجهه إذا به بشيخ السلطان وقد وقف في جمع غفير يحقر امرأة منتقبة ويوبخها ويقلل من شأنها على ارتدائها النقاب، حتى أربك الفتاة وأضحك من حولها عليها فعلم سوسو أن شيخ السلطان رجل لا أخلاق له. فخرج مع حماره من بين الجمع غضبانَ يقول: من نصب هذا الحمار مفتياً علينا، فصاح الحمار من شدة الغضب قائلاً: ويحك يا سوسو هذا ليس منا.

هبة الرحمن
20.05.2010, 21:14
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا أخانا الكريم
على هذه الحكايات التى تصف واقعنا العجيب

لك متابعين بعون الله ومشيئته

دكتورعزالدين
30.05.2010, 00:54
سوسو والاجتهاد



بقلم الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز بركات - بيت المقدس


يعلم سوسو كغيره من بني البشر أنه لا يولد مولود عالماً، فالعلم وإن كان فتوحات ربانية فهو كالرزق أيضاً يحتاج إلى سعي واجتهاد، ولا يكون إلا بالتعلم لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما العلم بالتعلم، وإنما الفقه بالتفقه، ومن يرد الله به خيراً يفقه في الدين) . فأخذ سوسو حرصاً منه على تحصيل العلم بطلب العلم، وطرق كل باب من شأنه أن يوصله إلى العلم،
فما ترك كتاباً إلا واطلع عليه، أو شريطاً أو محاضرة إلا وسعى سعياً حثيثاً لشهودها، وبعد وقت ليس بالقليل استطاع سوسو أن يتحصل على بعض العلوم الشرعية، وذات يوم وسوسو منشغل في طلب العلم سمع أن في المسجد الفلاني محاضرة لشيخ معروف، فلم يكذب سوسو خبراً، ولم يتوانَ لحظة عن حضورها، فأسرع من توه متوجهاً إلى ذلك المسجد لينعم بما يستمع إليه من علم وفقه، وصل سوسو المسجد فوجد شيخاً وقوراً تعلوه الهيبة، وطلابه يحفونه وسط حلقة هائلة، جلس سوسو حيث انتهى به المقام وأخذ يستمع إلى تلك المحاضرة القيمة بشوق وتلهف، ممسكاً بيده قلمه وعلى حجره ورقه، يدون كل ما يراه محتاجاً إليه، وقد أبهج سوسو ما تحصل عليه من علم نافع وفوائد قيمة على يدي الشيخ الجليل.
وبعد انتهاء المحاضرة القيمة، توجه أحد طلاب الشيخ إلى الشيخ بالسؤال التالي:
فضيلة الشيخ الحبيب: ما حكم العمل على تغيير منكرات المجتمع؟
فأجاب الشيخ قائلاً: مرجع هذا الحكم إلى رأي ولي الأمر ، فله وحده النظر في المسألة، إن قال بالجواز جوّزنا، أو قال بالتحريم حرمنا.
إلا أن المسألة عند سوسو على خلاف ما قعّد الرجل، فقام سوسو من مجلسه، وحدق بالشيخ بصره، ورفع صوته قائلاً ليس كلامك صحيحاً يا شيخ، فنظر الشيخ إليه بعين الغضب، وقد احمر وجهه وانتفخت أوداجه، وقال بصوت كأنه الرعد، ماذا قلت يا سوسو.
فحرك سوسو شفتيه التي ترتعش خوفاً بصوت لا يكاد يسمع : عفواً يا سيدي الشيخ لم أقصد مخالفتك ولكني تعلمت المسألة على خلاف ما ذكرت لنا.
فقال الشيخ بغضب أيضاً: ماذا ماذا فمن أنت ومن تكون حتى ترد علي وتخطئني ؟
فقال سوسو: أنا طالب علم أبحث عن الحق يا سيدي الشيخ.
فقال الشيخ: مرحباً بطالب العلم، ولكن يا بني هل تحفظ القرآن؟
فأجاب سوسو: كلا يا سيدي.
فرد عليه الشيخ قائلاً : كيف ترد علي قولي يا سوسو وأنت لا تحفظ القرآن، هذا لا يجوز، لقد عدوت قدرك يا سوسو وولجت باباً لست أهلاً له، فلا يصح أن ترد قول الأشياخ وأنت لا تحفظ القرآن يا سوسو.
فخرج سوسو حزيناً من المسجد حرجاً، خاصة بعد ارتفاع ضحكات طلاب الشيخ ونظراتهم الممتلئة سخرية، لكن كلام الشيخ لم يزل يقلق أركان سوسو ويقض مضجعه، فالمسألة على خلاف قول الشيخ ، بل قد خالف الشيخ فيها قواعد عامة، وأصولاً ثابتة، كما أن المسألة في عرف سوسو لا يختلف فيها اثنان، ولا ينتطح فيها كبشان، فهي معلومة عند العامة قبل الخاصة، فأخذ سوسو يفكر بأمر الشيخ الذي لا يكاد يفارق ذهنه، ثم عزم سوسو على حفظ الكتاب الكريم ومواجهة الشيخ بالحقيقة الغائبة عنه وعن طلابه الكرام، وما هي إلا أشهر معدودة حتى عاد سوسو إلى ذلك الشيخ بعد حفظه للقرآن.
وقف سوسو أمام الشيخ، وطلابه ينظرون إلى سوسو بتعجب، رفع سوسو صوته بوجه الشيخ قائلا: ها أنا قد حفظت كتاب الله سبحانه وأتيت لمناقشتك.
فقال الشيخ : ولكن يا سوسو هل تحفظ الصحيحين؟
رد سوسو قائلاً: كلا يا سيدي.
فصرخ الشيخ بوجهه قائلاً: وكيف تجرؤ على مناقشتي يا سوسو وأنت لا تحفظ الصحيحين؟
مرة ثانية يقع سوسو في الحرج ويواجه ضحكات الطلاب وازدراؤهم، إلا أن ما أصابه لم يثنه عن عزيمته، ولم يقلل من إرادته، بل زاده صلابة وإصراراً على مواجهة الشيخ.
خرج سوسو من عند الشيخ ولا هم له إلا حفظ الصحيحين ليمكنه ذلك من الرد على الشيخ، فاختلى سوسو بنفسه وأكب على حفظ الصحيحين ولم يمض على سوسو زمن طويل حتى عاد للشيخ متسلحاً بحفظ الصحيحين.
وقف سوسو مرة ثالثة أمام الشيخ قائلاً بثقة وثبات، يا سيدي الشيخ ها أنا ذا قد حفظت الصحيحين بإتقان وفهم، وجئت لمناقشتك.
فنظر الشيخ إلى سوسو وأخذ يقلب فيه البصر، ثم أخذت الشيخ سكتة هنيهة ثم قال: يا سوسو أحسنت صنعاً ولكن هل تحفظ كتب السنن؟
فقال سوسو حرجاً: كلا يا سيدي الشيخ.
فصرخ الشيخ قائلاً: لا تحفظ السنن وتجيء مناقشاً إن هذا لشيء عجيب! اذهب يا سوسو ولا تعد فكفاك ما تلاقي من عتاب وتوبيخ.
وهكذا يجد سوسو نفسه مرة بعد مرة أمام استهزاء أقرانه من الطلاب وضحكاتهم.
خرج سوسو من عند الشيخ حزيناً يعلوه الهم والغم، إلا أن تيقنه من صحة ما يراه خلافاً للشيخ جعله أكثر إصراراً، وأقوى عزيمة، وعقد الراية ليرد على الشيخ قوله بالحجة والبرهان، ولم يتردد سوسو للحظة بل ذهب وجمع كتب السنن وأخذ يردد أحاديثها مرة تلو مرة حتى وعاها قلبه وحفظها صدره، ثم جاء ووقف أمام الشيخ بعد مرات عديدة قائلاً: أيّه الشيخ لقد حفظت السنن عن ظهر قلب وجئتك مناقشاً.
فقال الشيخ بعد ما علته الدهشة وأخذته الحيرة: هل حفظت السنن يا سوسو:
فأجاب سوسو: نعم وبإتقان.
حينها لم يدر الشيخ ماذا يقول لسوسو، وأخذ يفكر بطريقة ما يصرف سوسو عنه، ثم صرخ قائلاً: ولكني على يقين يا سوسو من أنك لا تحفظ شيئاً من المتون العلمية.
سوسو: ماذا قلت المتون العلمية؟ وهل يجب عليّ حفظ المتون؟
فقال الشيخ: حتماً يا سوسو، وإلا كيف ستصبح عالماً حاذقاً.
سوسو يفكر بما قال له الشيخ وأخذه التأمل وقد خفت صوته واطمأنت جوارحه وهدأت مشاعره، ثم قال سوسو للشيخ متسائلاً؟ ولكن يا شيخ هل إذا حفظت المتون العلمية أستطيع حينها مناقشتك؟
توقف الشيخ عن الإجابة للحظة مندهشاً، ثم أجاب بصوت متردد: الحقيقة لا يا سوسو.
فغضب سوسو من فوره وقال بصوت عال : متى إذاً أكون مجتهداً وأستطيع مناقشتك يا شيخ؟
فأجاب الشيخ : لا يكون لك ذلك يا سوسو إلا في حالة واحدة.
سوسو : وما هي هذه الحالة يا سيدي الشيخ؟
الشيخ بثقة تامة: حين تدرك يا سوسو أن قولي صحيح لا يعتريه الخطأ، ولا يسعك إلا متابعتي دون أدنى مخالفة لي، فحينها تكون قد بلغت العلم يا سوسو؟

دكتورعزالدين
15.06.2010, 14:10
سوسو وثلاسيميا شيخ السلطان


كتبه الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز بركات - بيت المقدس

بعد فكر عميق،ودراسة مستوفية لأحواله،قرر سوسو الزواج، فهو حل مناسب لاستقرار أوضاعه المتبعثرة، وراحة لنفسه المستعثرة ، فأخذ سوسو جاداً يبحث عن شريكة حياته، وبعد جهد جهيد، وشقاء شديد، تعثر سوسو بفتاة أحلامه،وأخذ في تحقيق أماله، وبعد موافقة زوجه المصون ،رورو بنت المرهون،ذاهبا معاً إلى حضرة الشيخ المأذون، سوسو بفرح وسرور،شيخنا قاضي السلطان :جئناك لنتمم عندك الأركان، فاعقد علينا العقد، ولك منا أحلى الورود.
شيخ السلطان : بكل رحب وسعة أعقد عليكما القران،وأرجو لكما الود والأمان ، ولكن يا سوسو هل معك شهادة عدم إصابة بمرض التلسيميا،فأنه مرض جلب للسلطان الهستيريا.
سوسو، ولكن يا قاضي السلطان ،ما دخل هذه الشهادة بزواجنا؟
قاضي السلطان ، أنه يا سوسو مرض خطير،يجعل من السهل عسير، وينتشر في الجيل الصغير،ولا ينفع فيه العلاج لا بقليل ولا بكثير،وحفاظاً من السلطان على صحة الشعب وسلامته،حملنا الأمر بأختامه .
سوسو : يخرج هو وعروسه من عند شيخ السلطان، مقتنعين بما أمر به السلطان، فتوجها إلى العيادة المجاورة وخضعا لفحص شامل دل على معافاتهما من أي مرض ومنه التلسيميا، أسرع سوسو وعروسه إلى القاضي شيخ السلطان، فوجداه مشغولاً بقضية ثانية،وكان أمامهما أيضاً رجلان ينتظران دورهما عند القاضي شيخ السلطان، جلس سوسو وعروسه منتظرين ، وبينما هم جالسان يستمعان إلى حوار الرجلين قلقين مما يقولان .
فقد دارت محاورة بين الرجلين يقول أحدهما للآخر :
إن الإسلام لا يبيح أن يتزوج الذي لا يصلي بامراة مسلمة .
الثاني : ولم ؟
لأنه مهدور الدم ، فحكم الذي لا يصلي الاستتابة ثلاثة أيام ،فإن لم يتب قتل.
الثاني : وماذا عن الفاسق؟
إن كان الفاسق يصلي ولكنه لا يلتزم بأخلاق الإسلام فالأصل عدم تزويجه أيضاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه وإلا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) . ومفهموم المخالفة للحديث أنه إذا جاءكم من لا ترضون خلقه ودينه فلا تزوجوه، ولأن الأصل في الزواج أنه يقوم على المودة والرحمة، والعاصي لا يود ولا يرحم، بل يبغض في جنب الله ويعادى ، ثم كيف يزوج الفاسق وإن من أهم أمور الزواج الذرية الصالحة الطيبة،وتزويج الفاسق يزيد المجتمع فسقاً وطغياناً، وهذا ما دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم( وإلا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ). ثم إن خطر الفساد على المجتمع أعظم من خطر الأمراض الحسية، فكم من معاق أسهم في بناء المجتمعات، وكان له دور أحيا به أمماً ،وكم من صحيح معافى أشعل الأرض فساداً وعناداً، بل كم من معاق كان مصيره الجنة ، وكم من صحيح كان مصيره النار ، فأمراض القلوب والنفوس أعظم بكثير من أمراض الأجساد، لذلك حذر الإسلام من تزويج العصاة،ولم يحذر من تزويج المرضى .
سوسو يستمع إلى حديث الرجلين ويقول في نفسه : يا ويلي كيف يزوجني القاضي وأنا لا أصلي ولا ولا ..............................
وبينما كان سوسو شارد الذهن بأحواله إذ يسمع قول الموظف يقول له : جاء دورك يا سوسو.
سوسو : نعم ، يدخل سوسو إلى غرفة شيخ السلطان تترجف أوصاله،يقدم رجلاً ويؤخر الأخرى ، سوسو يقف على الشيخ بخوف ووجل، الشيخ يقول له بدهشة : ما لك يا سوسو،هل جاء الفحص سلبياً؟
سوسو: كلا يا سيدي شيخ السلطان،ولكني لا أصلي ، ولا .......................
شيخ السلطان: لا عليك يا سوسو، فهذا غير مهم، المهم هو أن يكون الفحص ايجابياً.
سوسو: ولكن يا سيدي لقد سمعت حديثاً عن النبي صلى الله وسلم مفاده أن الذي لا خلق عنده ولا دين لا يزوج، وهذا الحديث ينطبق علي يا سيدي فكيف تزوجني؟
شيخ السلطان: يا سوسو إن السلطان امرنا بعدم تزويج المصابين بمرض التلسيميا حفاظاً على صحة المجتمع، ولم يأمرنا بعدم تزويج الفاسقين،فنحن نطيع أمره.
سوسو: أوليس طاعة النبي أولى يا سيدي؟
شيخ السلطان: كلا يا سوسو فالله يقول : ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم ) . فانظر يا سوسو كيف كرر الله سبحانه لفظ الطاعة في طاعته وطاعة رسوله، ولم يكررها في طاعة أولي الأمر، هل تعلم لم يا سوسو؟
سوسو: كلا يا سيدي .

شيخ السلطان: لأن طاعة السلطان مطلقة يا سوسو !!

سوسو:حسناً يا سيدي، ولكني لا أريد الزواج الآن سأرجع فيما بعد.
شيخ السلطان: ولم يا سوسو؟
سوسو: لأني لا أريد مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم،ولا أريد أن يعيش أبنائي معاناتي ، بل أريد ذرية صالحة ياسيدي ، لذا سأتوب إلى الله سبحانه ثم آتيك فيما بعد.
شيخ السلطان: ولكنك تخرج عن طاعة مولانا السلطان يا سوسو.
سوسو : مولانا الرحمن، ورسوله المصطفى العدنان، أولى بالطاعة من طاعة منافقنا السلطان يا................................................ .............
ثم يخرج سوسو من عند شيخ السلطان،وقد امتلأ السلطان غيظاً وحنقاً .