المساعد الشخصي الرقمي

اعرض النسخة الكاملة : هل يصح أن نقول أن الله تبارك وتعالى شيء ؟


خادم المسلمين
20.04.2009, 03:14
بسم ِ الله ِ الرحمن ِ الرحيم
الحمدُ لله ِ ربّ ِ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيّدِنا مُحَمَّد ، النبيّ ِ الأُمِّيّ ِ المبعوثِ رحمةً للعالمين ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين
أمّا بعد ،
السلام ُ عليكم ورحمة ُ الله ِ وبركاتـُه
حياكم الله ُ جميعًا يا طيبين وبوأكم الجنة


قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ

الآية:
{ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) } سورة الأنعام

المعنى:
(1) قل -أيها الرسول لهؤلاء المشركين-: أيُّ شيء أعظم شهادة في إثبات صدقي فيما أخبرتكم به أني رسول الله؟ قل: الله شهيد بيني وبينكم أي: هو العالم بما جئتكم به وما أنتم قائلونه لي ، وأوحى الله إليَّ هذا القرآن مِن أجل أن أنذركم به عذابه أن يحلَّ بكم, وأنذر به مَن وصل إليه من الأمم . إنكم لتقرون أن مع الله معبودات أخرى تشركونها به. قل لهم -أيها الرسول-: إني لا أشهد على ما أقررتم به ، إنما الله إله واحد لا شريك له ، وإنني بريء من كل شريك تعبدونه معه . من كتاب المصحف الميسر

(2) قال الكلبي أتى أهل مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد أرنا من يشهد أنك رسول الله فإنا لا نرى أحداً يصدقك ولقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أن ليس لك عندهم ذكر فأنزل الله عز وجل قل يعني يا محمد لهؤلاء المشركين الذي يكذبونك ويجحدون نبوتك من قومك أي شيء أكبر شهادة يعني أعظم شهادة فإن هم أجابوك وإلا { قل } أنت يا محمد { الله شهيد بيني وبينكم } قال مجاهد أمر محمد صلى الله عليه وسلم أن يسأل قريشاً أي شيء أكبر شهادة ثم أمره أن يخبرهم فيقول الله شهيد بيني وبينكم يعني يشهد لي بالحق وعليكم بالباطل الذي تقولونه والحاصل أنهم طلبوا شاهداً مقبول القول يشهد له بالنبوة فبيَّن الله تعالى بهذه الآية أن أكبر الأشياء شهادة هو الله تعالى ثم بيَّن أنه يشهد له بالنبوة وهو المراد بقوله : { وأوحى إلي هذا القرآن لأنذركم به } يعني أن الله عز وجل يشهد لي بالنبوة لأنه أوحى إليّ هذا القرآن وهو معجزة لأنكم أنتم الفصحاء البلغاء وأصحاب اللسان وقد عجزتم عن معارضته فكان معجزاً وإذا كان معجزاً كان نزوله على شهادة من الله بأني رسوله وهو المراد بقوله لأنذركم به يعني أوحي إلى هذا القرآن لأخوفكم به وأحذركم مخالفة أمر الله عز وجل : { ومن بلغ } يعني وأنذر من بلغه القرآن ممن يأتي بعدي إلى يوم القيامة من العرب والعجم وغيرهم من سائر الأمم فكل من بلغ إليه القرآن وسمعه فالنبي صلى الله عليه وسلم نذير له . من كتاب التفسير للخازن

سبب النزول:
قال الكَلْبِيُّ : أتى أهْلُ « مكة » رسوله الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : أرِنَا من يشهد بأنك رسول اللَّهِ ، فإنَّا لا نَرَى أحَداً يُصَدِّقك ، ولقد سالنا عنك اليهود والنصارى ، فزعموا أنه ليس لك عِنْدَهُمْ ذكرٌ ، فأنزل الله تعالى : { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادة } أي : أعظم شهادة ، فإن أجَابُوكَ ، وإلاَّ فقل : { الله شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُم } على ما أقول لأني أوحي إليَّ هذا القُرْآن مُعَجزاً لأنكم أنتم البُلَغَاءُ والفصحاء ، وقد عجزتم عن مُعَارضته ، فكان مُعْجِزاً ، وإذا كان مُعْجِزاً كان إظهار الله - تعالى- له على وَفْقِ دَعْواي شهادة من اللَّهِ على كوني صادقاً في دَعْوَاي .

الشرح:
{ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ } .. من كتاب روح المعاني
الشيء في اللغة ما يصح أن يعلم ويخبر عنه فقد ذكره سيبويه في الباب المترجم بباب مجاري أواخر الكلم وإنما يخرج التأنيث من التذكير ألا ترى أن الشيء يقع على كل ما أخبر عنه من قبل أن يعلم أذكر هو أم أنثى والشيء مذكر انتهى وهل يطلق على الله تعالى أم لا فيه خلاف فمذهب الجمهور أنه يطلق عليه سبحانه فقال : شيء لا كالأشياء واستدلوا على ذلك بالسؤال والجواب الواقعين في هذه الآية وبقوله سبحانه : كل شيء هالك إلا وجهه حيث استثنى من كل شيء الوجه وهو بمعنى الذات عندهم وبأنه أعم الألفاظ فيشمل الواجب والممكن .

أنكر جهم صحة الاطلاق محتجا بقوله تعالى : ولله الاسماء الحسنى فقال : لا يطلق عليه سبحانه إلا ما يدل على صفة من صفات الكمال والشيء ليس كذلك وفي المواقف وشرحه الشيء عند الاشاعرة يطلق على الموجود فقط فكل شيء عندهم موجود وكل موجود شيء ثم سيق فيهما مذاهب الناس فيه ثم قيل : والنزاع لفظي متعلق بلفظ الشيء وأنه على ماذا والحق ما ساعد عليه اللغة والنقل إذ لا مجال للعقل في اثبات اللغات والظاهر معنا فأهل اللغة في كل عصر يطلقون لفظ الشيء على الموجود حتى لو قيل عندهم الموجود شيء تلقوه بالقبول ولو قيل : ليس بشيء تلقوه بالانكار ونحو قوله سبحانه : وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا ينفي اطلاقه بطريق الحقيقة على المعدوم لأن الحقيقة لا يصح فيها انتهى .

وفي شرح المقاصد أن البحث في أن المعدوم شيء حقيقة أم لا لغوي يرجع فيه إلى النقل والاستعمال وقد وقع فيه اختلافات نظرا إلى الاستعمالات فعندنا هو اسم للموجود لما نجده شائع الاستعمال في هذا المعنى ولا نزاع في استعماله في المعدوم مجازا ثم قال : وما نقل عن ابي العباس أنه اسم للقديم وعن الجهمية أنه اسم للحادث وعن هشام أنه أسم للجسم فبعيد جدا من جهة أنه لا يقبله أهل اللغة انتهى وفي ذلك كله بحث فان دعوى الاشاعرة التساوي بين الشيء والموجود لغة أو الترادف كما يفهم مما تقدم من الكليتين ليس لها دليل يعول عليه وقوله : إن أهل اللغة في كل عصر الخ إنما يدل على أن كل موجود شيء وأما أن كل ما يطلق عليه لفظ الشيء حقيقة لغوية موجود فلا دلالة فيه عليه إذ لا يلزم من أن يطلق على الموجود لفظ شيء دون لا شيء أن يختص الشيء لغة بالموجود لجواز أن يطلق الشيء على المعدوم والموجود حقيقة لغوية مع اختصاص الموجود باطلاق الشيء دون اللاشيء وانكار أهل اللغة على من يقول : الموجود ليس بشيء لكونه سلبا للأعم عن الأخص وهو لا يصح لكونهما مترادفين أو متساويين وقد اطلق على المعدوم الخارجي كتابا وسنة فقد قال الله تعالى : ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله وقال سبحانه : إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول كن فيكون .

وأخرج الطبراني أن أم سلمة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد سأله رجل فقال : إني لأحدث نفسي بالشيء لو تكلمت به لأحبط أجري يقول : لا يلقى ذلك الكلام إلا مؤمن ، ونحوه عن معاذ بن جبل والأصل في الاطلاق الحقيقة فلا يعدل عنها إلا إذا وجد صارف وشيوع الاستعمال لا يصلح أن يكون صارفا بعد صحة النقل عن سيبويه ولعل سبب ذلك الشيوع أن تعلق الغرض في المحاورات بأحوال الموجودات أكثر لا لاختصاص الشيء بالموجود لغة .

وقوله تعالى ولقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا إنما يلزم منه نفي إطلاقه بطريق الحقيقة على المعدوم وهو يضرنا لو كان المدعي تخصيص إطلاق الشيء لغة وليس كذلك فان التحقيق عندنا أن الشيء بمعنى المشيء العلم به والاخبار عنه وهو مفهوم كلي يصدق على الموجود والمعدوم الواجب والممكن وتخصيص إطلاقه ببعض أفراده عند قيام قرينة لا ينافي شموله لجميع أفراده حقيقة لغوية عند انتفاء قرينة مخصصة وإلا لكان شموله المعدوم والموجود معا في قوله تعالى : والله بكل شيء عليم جمعا بين الحقيقة والمجاز وهي مسألة خلافية ولا خلاف في الاستدلال على عموم تعلق علمه تعالى بالاشياء مطلقا بهذه الآية فهو دليل على أن شموله للمعدوم والموجود معا حقيقة لغوية وذكر بعض الأجلة بعد زعمه اختصاص الشيء بالموجود أنه في الأصل مصدر استعمل بمعنى شاء أو مشيء فان كان بمعنى شاء صح إطلاقه عليه تعالى وإلا فلا .


{ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ } .. من كتاب التحرير والتنوير
( شيء ) اسم عام من الأجناس العالية ذات العموم الكثير قيل : هو الموجود وقيل : هو ما يعلم ويصح وجوده . والأظهر في تعريفه أنه الأمر الذي يعلم . ويجري عليه الإخبار سواء كان موجودا أو صفة موجود أو معنى يتعقل ويتحاور فيه .

{ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ الله شَهِيد } .. من كتاب التفسير للنسفي
أي شيء مبتدأ وأكبر خبره وشهادة تمييز و أى كلمة يراد بها بعض ما تضاف إليه فإذا كانت استفهاما كان جوابها مسمى باسم ما أضيفت إليه وقوله قل الله جواب أى الله أكبر شهادة فالله مبتدأ والخبر محذوف فيكون دليلا على أنه يجوز إطلاق اسم الشئ على الله تعالى وهذا لأن الشئ اسم للموجود ولا يطلق على المعدوم والله تعالى موجود فيكون شيئا ولذا تقول الله تعالى شيء لا كالأشياء ثم ابتدأ شهيد بينى وبينكم أى هو شهيد بينى وبينكم ويجوز أن يكون الجواب الله شهيد بينى وبينكم لأنه إذا كان الله شهيدا بينه وبينهم فأكبر شيء شهادة شهيد له .

{ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ } .. من كتاب اللباب في علوم الكتاب
أي أنه الموجود - أزلاً وأبداً - وكل ما سواه فقد كان في الأزل عدماً صِرْفاً ، والعدم غائب ، والموجود حاضر ، وإذا كان ما سواه - في الأزل - غائباً ، وهو - تعالى - حاضر فبشهادته صار شاهداً ، فكان الحق شاهداً على الكل ، ولهذا قال : { شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ } .
{ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ }
الرجل الذي يريد إقامَةَ الدلالة على الصَّانِعِ يقول : منِ الذي أْحْدَثَ الحياة بعد عَدَمِهَا ، ومن الذي أحْدَثَ العَقْلَ بعد الجَهَالةِ ومن الذي أودع الحدَقَةَ القُوَّةَ البَاصِرَة ، وفي الصِّمَاخِ القُوَّةَ السَّامِعَةَ ، ثم إن هذا القائل بِعَيْنِهِ يقول : الله ، والمقصود أنه بلغت هذه الدلالة إلى حَيْثُ يجب على كل عاقل أن يعترف بها ، فسواء اقر الخَصْمُ به أو لم يقر فالمقصود حاصل هكذا هاهنا .
{ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ }
زعم جهم أن الله تعالى لا يقع عليه اسم الشيء .
قال الخطيب : « وهذا الخلاف ليس إلا في اللفظ ، وهو أن اسم الشيء هل يقع عليه أم لا؟ فزعم قوم أنهن لا يقع ، وجوّزه قومٌ » .
واحتج المانعون : بأنه لو كان شيئاً لوجب أن يكون خالقاً لنفسه ، لقوله تعالى : { خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } [ الزمر : 62 ] وذلك محالٌ؛ فثبت أنه لا يقع عليه اسم الشيء ، ولا يقال : إنَّ هذا عام دخله التخصيص؛ لأنَّ العام المخصوص إنَّما يحسن إذا كان المخصوص أقل من الباقي ، وأحسن منه ، كما يقال : هذه الرُّمَّانة مع أنَّه سقطت حبات ما أكلها ، وههنا ذات الله أعلى الموجودات ، وأشرفها ، فكيف يمكن ذكر اللفظ العام الذي يتناوله مع كون الحكم مخصوصاً في حقِّه .
واستدلُُّوا أيضاً بقوله تعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [ الشورى : 11 ] ٍ والمعنى : ليس مثل مثله شيء ، ومعلوم أن كل حقيقة [ فإنها ] مثل مثل نفسها ، فالباري تعالى مثل مثل نفسه مع أنه تعالى نصَّ على أنَّ مثل مثله ليس بشيء ، فهذا تنصيصٌ على أنه تعالى غير مسمى باسم الشيءِ .
واستدلُّوا أ يضاً بقوله تعالى : { وَللَّهِ الأسمآء الحسنى فادعوه بِهَا } [ الأعراف : 180 ] قالوا : دلَّت على أنه لا يجوز أن يدعى الله إلا بالأسماء الحسنى ، ولفظ الشيء يتناول أحد الموجودات ، فلا يكون هذا اللفظ مشعراً بمعنى حسن؛ فوجب ألاَّ يجو دعاء الله بهذا اللفظ .
وتمسك من جوَّز إطلاق هذه التسمية عليه بقوله تعالى : { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ الله شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ } [ الأنعام : 19 ] .
وأجاب الألولون : بأنَّ هذا سؤال متروك الجواب ، وقوله : { قُلِ الله شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ } [ الأنعام : 19 ] مبتدأ مستقل بنفسه لا تعلق له بما قبله .
احتج جهم بهذه الآية على أنه تعالى ليس بشيء ، فقال : لوكان شيئاً لكان قادراً على نفسه لقوله تعالى : { وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } لكن كونه قادراً على نفسه محال ، فيمتنع كونه شيئاً .
والجواب : لما دلّ قوله تعالى : { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ الله } [ الأنعام : 109 ] على أنه - تعالى - شيء وجب تخصيص هذا العموم ، فإذن دلّت هذه الآيةُ على أنَّ العامَّ المخصوص واردٌ في كتاب الله تعالى ، ودلت على أن تخصيص العام بدليل العقل جائز ، بل واقع .

{ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ } .. من كتاب البحر المحيط
قال الزمخشري : الشيء أعم العام لوقوعه على كل ما يصح أن يعلم ويخبر عنه فيقع على القديم والجوهر والعرض والمحال والمستقيم ، ولذلك صح أن يقال في الله عز وجل شيء لا كالأشياء كأنك قلت معلوم لا كسائر المعلومات ولا يصح جسم لا كالأجسام وأراد { أي شيء أكبر شهادة } فوضع شيئاً مكان { شهيد } ليبالغ في التعميم.
وقال ابن عطية : وتتضمن هذه الآية أن الله عز وجل يقال عليه شيء كما يقال عليه موجود ولكن ليس كمثله شيء ، وقال غيرهما هنا شيء يقع على القديم والمحدث والجوهر والعرض والمعدوم والموجود ولما كان هذا مقتضاه ، جاز إطلاقه على الله عز وجل واتفق الجمهور على ذلك وخالف الجهم وقال : لا يطلق على الله شيء ويجوز أن يسمى ذاتاً وموجوداً وإنما لم يطلق عليه شيء لقوله { خالق كل شيء } فيلزم من إطلاق شيء عليه أن يكون خالقاً لنفسه وهو محال ولقوله : { ولله الأسماء الحسنى } والإسم إنما يحسن لحسن مسماه وهو أن يدل على صفة كمال ونعت جلال ولفظ الشيء أعم الأشياء فيكون حاصلاً في أخس الأشياء وأرذلها ، فلا يدل على صفة كمال ولا نعت جلال فوجب أن لا يجوز دعوة الله به لما لم يكن من الأسماء الحسنى ، ولتناوله المعدوم لقوله { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً } فلا يفيد إطلاق شيء عليه امتياز ذاته على سائر الذوات بصفة معلومة ولا بخاصة مميزة ، ولا يفيد كونه مطلقاً فوجب أن لا يجوز إطلاقه على الله تعالى ولقوله تعالى : { ليس كمثله شيء } وذات كل شيء مثل نفسه فهذا تصريح بأنه تعالى لا يسمى باسم الشيء ولا يقال الكاف زائدة لأن جعل كلمة من القرآن عبثاً باطلاً لا يليق ولا يصار إليه إلا عند الضرورة الشديدة.
وأجيب بأن لفظ شيء أعم الألفاظ ومتى صدق الخاص صدق العامّ فمتى صدق كونه ذاتاً حقيقة وجب أن يصدق كونه شيئاً واحتج الجمهور بهذه الآية وتقريره أن المعنى أي الأشياء أكبر شهادة ، ثم جاء في الجواب { قل الله } وهذا يوجب إطلاق شيء عليه واندراجه في لفظ شيء المراد به العموم ولو قلت أي الناس أفضل؟ فقيل : جبريل لم يصح لأنه لم يندرج في لفظ الناس ، وبقوله تعالى : { كل شيء هالك إلا وجهه } والمراد بوجهه ذاته والمستثنى يجب أن يكون داخلاً تحت المستثنى منه فدل على أنه يطلق عليه شيء ولجهم أن يقول : هذا استثناء منقطع ، والدليل الأول لم يصرح فيه بالجواب المطابق إذ قوله : { قل الله شهيد بيني وبينكم } مبتدأ وخبر ذي جملة مستقلة بنفسها لا تعلق لها بما قبلها من جهة الصناعة الإعرابية بل قوله : { أي شيء أكبر شهادة } هو استفهام على جهة التقرير والتوقيف ، ثم أخبر بأن خالق الأشياء والشهود هو الشهيد بيني وبينكم وانتظم الكلام من حيث المعنى فالجملة ليست جواباً صناعياً وإنما يتم ما قالوه لو اقتصر على { قل الله } ، وقد ذهب إلى ذلك بعضهم فأعربه مبتدأ محذوف الخبر لدلالة ما تقدم عليه والتقدير قل الله أكبر شهادة ثم أضمر مبتدأ يكون { شهيد } خبراً له تقديره هو { شهيد بيني وبينكم } ولا يتعين حمله على هذا ، بل هو مرجوح لكونه أضمر فيه آخراً وأولاً والوجه الذي قبله لا إضمار فيه مع صحة معناه فوجب حمل القرآن على الراجح لا على المرجوح.
وقال ابن عباس : قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهم أي شيء أكبر شهادة فإن أجابوك وإلا فقل لهم : { الله شهيد بيني وبينكم }.
وقال مجاهد : المعنى أن الله قال لنبيه : قل لهم : { أي شيء أكبر شهادة } وقل لهم الله شهيد بيني وبينكم } أي في تبليغي وكذبكم وكفركم.
وقال ابن عطية : هذه الآية مثل قوله : { قل لمن ما في السموات والأرض قل لله } في أن استفهم على جهة التوقيف والتقرير ، ثم بادر إلى الجواب إذ لا يتصوّر فيه مدافعة كما تقول لمن تخاصمه وتتظلم منه من أقدر في البلد؟ ثم تبادر وتقول : السلطان فهو يحول بيننا ، فتقدير الآية : قل لهم أيّ شيء أكبر شهادة هو شهيد بيني وبينكم ، انتهى.
وليست هذه الآية نظير قوله : { قل لمن ما في السموات والأرض قل لله } لأن لله يتعين أن يكون جواباً وهنا لا يتعين إذ ينعقد من قوله : { قل الله شهيد بيني وبينكم } مبتدأ وخبر وهو الظاهر ، وأيضاً ففي هذه الآية لفظ شيء وقد تتوزع في إطلاقه على الله تعالى وفي تلك الآية لفظ من وهو يطلق على الله تعالى .


( شيء ) .. من كتاب مفردات ألفاظ القرآن

- الشيء قيل: هو الذي يصح أن يعلم ويخبر عنه، وعند كثير من المتكلمين هو اسم مشترك المعنى إذا استعمل في الله وفي غيره، ويقع على الموجود والمعدوم. وعند بعضهم: الشيء عبارة عن الموجود (قال صاحب الجوهرة: وعندنا الشيء هو الموجود *** وثابت في الخارج الموجود)، وأصله: مصدر شاء، وإذا وصف به تعالى فمعناه: شاء، وإذا وصف به غيره فمعناه المشيء، وعلى الثاني قوله تعالى: {قل الله خالق كل شيء} [الرعد/16]، فهذا على العموم بلا مثنوية إذ كان الشيء ههنا مصدرا في معنى المفعول. وقوله: {قل أي شيء أكبر شهادة} [الأنعام/19]، فهو بمعنى الفاعل كقوله: {تبارك الله أحسن الخالقين} [المؤمنون/14]. والمشيئة عند أكثر المتكلمين كالإرادة سواء، وعند بعضهم: المشيئة في الأصل: إيجاد الشيء وإصابته، وإن كان قد يستعمل في التعارف موضع الإرادة، فالمشيئة من الله تعالى هي الإيجار، ومن الناس هي الإصابة، قال: والمشيئة من الله تقتضي وجود الشي؛ ولذلك قيل: (ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) (هذا حديث لا قول، عن زيد بن ثابت وأبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن) أخرجه البيهقي في الاعتقاد والهداية ص 106؛ وأخرجه أحمد والطبراني عن زيد بن ثابت أن رسول الله علمه دعاء وأمره أن يتعاهد به أهله، كل يوم حين يصبح: لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك، ومنك وبك وإليك، اللهم ما قلت من قول، أو نذرت من نذر، أو حلفت من حلف فمشيئتك بين يديك، ما شئت كان، وما لم تشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بك، إنك على كل شيء قدير... ) الحديث.
قال الهيثمي: وأحد إسنادي الطبراني رجاله وثقوا، وفي بقية الأسانيد أبو بكر ابن أبي مريم وهو ضعيف. انظر: مسند أحمد 5/191؛ ومجمع الزوائد 10/116.
وسئل الشافعي عن القدر فأنشأ يقول: ما شئتَ كان وإن لم أشأ *** وما شئتُ إن لم تشأ لم يكن ، والإرادة منه لا تقتضي وجود المراد لا محالة، ألا ترى أنه قال: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة/185]، {وما الله يريد ظلما للعباد} [غافر/31]، ومعلوم أنه قد يحصل العسر والتظالم فيما بين الناس، قالوا: ومن الفرق بينهما أن إرادة الإنسان قد تحصل من غير أن تتقدمها إرادة الله؛ فإن الإنسان قد يريد أن لا يموت، ويأبى الله ذلك، ومشيئته لا تكون إلا بعد مشيئته لقوله: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله} [الإنسان/30]، روي أنه لما نزل قوله: {لمن شاء منكم أن يستقيم} [التكوير/28]، قال الكفار: الأمر إلينا إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم، فأنزل الله تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله} (أخرج هذا ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة. انظر: الدر المنثور 8/436)، وقال بعضهم: لولا أن الأمور كلها موقوفة على مشيئة الله تعالى، وأن أفعالنا معلقة بها وموقوفة عليها لما أجمع الناس على تعليق الاستثناء به في جميع أفعالنا نحو: {ستجدني إن شاء الله من الصابرين} [الصافات/102]، {ستجدني إن شاء الله صابرا} [الكهف /69]، {يأتيكم به الله إن شاء} [هود/33]، {ادخلوا مصر إن شاء الله} [يوسف/69]، {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله} [الأعراف /188]، {وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا} [الأعراف/89]، {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله} [الكهف/24].



* صفات أي شيء :-
نعرفها بثلاث طرق :
1- بالشبه والمثيل .. 2- بالرؤية .. 3- بالإخبار عنها ..
وكلها لا تجوز في حق الله عز وجل لأن الله تعالى ليس كمثله شيء ، ولم يره أحد من العالمين ، ولم يخبرنا سبحانه عن تفسير لصفاته اللازمة لجلاله سبحانه وتعالى ، وعليه فقد انتفت الطرق الثلاث ،،، فالله تبارك وتعالى يخبر عن نفسه بكلمة (شيء) من باب الإخبار أن الله تبارك وتعالى واجب الوجود وليس عدما ، فإن لم يكن شيئاً فهو عدم –تبارك وتعالى عن ذلك- ، فيجوز وصف الله تبارك وتعالى أنه شيء وصفا ينفي العدم لأن الله تبارك وتعالى واجب الوجود ، ولكنها ليست صفة من صفات الله تبارك وتعالى ، فهي تنفي العدم فقط ، جل الله وتبارك وتعالى .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

* ملاحظة :-
هذا الموضوع ، أسأل الله الإخلاص ، بحث خاص لي – بفضل الله - ، وجدت أن هذا المنتدى المبارك أولى به من غيره من المنتديات ، نسأل الله التوفيق للجميع ، والله المستعان .

أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل ذلك زاداً إلى حسن المصير إليه وعتاداً إلى يمن القدوم عليه ، إنه بكل جميلٍ كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل

وآخر ُ دعوانا أن الحمد ُ لله ِ ربّ ِ العالمين

مهندس محمد
11.03.2010, 21:35
=خادم المسلمين;1452]
هذا الموضوع ، أسأل الله الإخلاص ، بحث خاص لي – بفضل الله - ، وجدت أن هذا المنتدى المبارك أولى به من غيره من المنتديات ، نسأل الله التوفيق للجميع ، والله المستعان .

أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل ذلك زاداً إلى حسن المصير إليه وعتاداً إلى يمن القدوم عليه ، إنه بكل جميلٍ كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل

[/FONT] وآخر ُ دعوانا أن الحمد ُ لله ِ ربّ ِ العالمين

جزيت الجنة اخي الكريم خادم المسلمين
بحث كافي وجميل بارك الله فيك وزادك علماً وتقي

نضال 3
15.03.2010, 23:31
http://upload.traidnt.net/upfiles/Mmx57181.gif
فما أحوج العصبة المسلمة اليوم أن تقف طويلا أمام هذه الآيات البينات !
ماأحوجها أن تقف أمام آية الولاء:

(قل:أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض , وهو يطعم ولا يطعم ؟ قل:إني أمرت أن أكون أول من أسلم , ولا تكونن من المشركين). .

ذلك لتعلم أن اتخاذ غير الله وليا - بكل معاني "الولي" . .
وهي الخضوع والطاعة ,والاستنصار والاستعانة . .
يتعارض مع الإسلام , لأنه هو الشرك الذي جاء الإسلام ليخرج منه الناس . .

وإنه لا بد أن تقف العصبة المسلمة في الأرض , من الجاهلية التي تغمر الأرض , هذا الموقف .

لا بد أن تقذف في وجهها بكلمة الحق هذه عالية مدوية ,
قاطعة فاصلة , مزلزلة رهيبة . .

ثم تتجه إلى الله تعلم أنه على كل شيء قدير , وأنه هو القاهر فوق عباده .
وأن هؤلاء العباد - بما فيهم الطواغيت المتجبرون - أضعف من الذباب , وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه !
وأنهم ليسوا بضارين من أحد إلا بإذن الله ;وليسوا بنافعين أحدا إلا بإذن الله ,
وأن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون .


بارك الله فيك اخى الفاضل خادم المسلمين

لهذا الطرح القيم جداااا





وجعل الله هذا العمل وكل اعمالك في ميزان حسناتك يوم القيامة


ولك متابعة بأذن الله

راجية الاجابة من القيوم
16.03.2010, 16:37
بارك الله فيكم اخى الفاضل بحث جيد جدا وهادف ولم يتطرق اليه ذهنى من ذى قبل جزاك الله خيرا اخى مشكور