المساعد الشخصي الرقمي

اعرض النسخة الكاملة : نداء إلى المربين والمربيات لتوجيه البنين والبنات


أم حفصة
12.06.2010, 14:29
بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد:

http://pictures.brooonzyah.net/fwasel/14.gif

فإن مهمة المربي عظيمة جداً ، وعمله من أشرف الأعمال إذا أتقنه، وأخلص لله تعالى فيه ، وربى الطلاب التربية الإسلامية الصحيحة .
والمربي والمربية يشمل المدرس والمدرسة، والمعلم والمعلمة، ويشمل الأب والأم ، وكل من يرعى الأولاد .

مهمة المربي الناجح :

إن من أهداف التربية والتعليم إنشاء شخصية ذات مُثل عليا ، هذه الشخصية يجب أن تكون مرتبطة بربها ، تستمد منه نظام حياتها ، وتعمل على تقويم مجتمعها ، وتصحيح مفاهيمه على أسس صحيحة ، وهذه هي رسالة المعلم والغرض من تربيته وتعليمه .

ومن المعلوم أن للتربية أسساً تقوم عليها تختلف باختلاف المجتمعات واتجاهاتها ، فإذا كانت أسس التربية في المجتمع الشيوعي مثلاً ترتكز على الماديات ونفي الروحيات وقطع صلة الطالب بربه ، وإذا كانت أسس التربية في المجتمعات الغربية تقوم على الاستغلال والأنانية والانحلال ، فإن أسس التربية في المجتمع الإسلامي تقوم على إيجاد العقيدة الصحيحة ، والعواطف النبيلة ، والآداب السامية التي تتمثل في علاقة الطالب بربه ، وعلاقته بمعلمه ، وزميله ، وإدارة مدرسته ، ومن ثم علاقته بأسرته .

وإذا أردنا أن نحقق هذه الشخصية في الواقع العملي فإن علينا ايجاد المربي الناجح في التربية والتعليم .

هذا المربي يجب أن تتوفر فيه شروط وآداب حتى يكون مربياً صالحاً ومعلماً نافعاً .

يتبع ان شاء الله ...

أم حفصة
12.06.2010, 14:55
شروط المربي الناجح في التربية والتعليم :

1-أن يكون ماهراً في مهنته ، مبتكراً في أساليب تعليمه ، محباً لوظيفته وطلابه ، يبذل جهده لتربيتهم التربية الحسنة ، يزودهم بالمعلومات النافعة ، ويعلمهم الأخلاق الفاضلة ، ويعمل على إبعادهم عن العادات السيئة ، فهو يربي ويعلم في آن واحد .

2-أن يكون قدوة حسنة لغيره ، في قوله وعمله ، وسلوكه ، من حيث قيامه بواجبه نحو ربه ، وأمته وطلابه ، يحب لهم من الخير ما يحبه لنفسه وأولاده ، يعفو ويصفح ، فإن عاقب كان رحيماً .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) .

3-من شروط المعلم الناجح أن يعمل بما يأمر به الطلاب من الآداب والأخلاق وغيرها من العلوم ، وليحذر مخالفة قوله لفعله ، وليسمع قول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} .
وهذا إنكار على من قال قولاً ولم يعمل به .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني أعوذ بـك من علم لا ينفع) ، أي لا أعمل به ، ولا أبلغه غيري ، ولا يُهذب من أخلاقي .

وقول الشاعر :

يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم

4-على المعلم أن يعلم أن وظيفته تشبه وظيفة الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى لهداية البشر وتعليمهم ، وتعريفهم بربهم وخالقهم ، وكذلك هو في منزلة الوالد في عطفه على طلابه ، ومحبته لهم ، وأنه مسئول عن هؤلاء الطلاب : عن حضورهم ، واهتمامهم بدروسهم ، بل يحسن به أن يساعدهم في حل مشاكلهم وغير ذلك مما يُعد من مسئولياته ، قال صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) .
وليعلم أنه مسئول أمام الله عن طلابه ماذا علمهم ؟ وهل أخلص في البحث عن السبل الميسرة لإرشادهم ، وتوجيههم التوجيه السليم ؟ .
قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، أحفظ ذلك أم ضيعه؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته) .
ثم إن عليه أن يخاطبهم بما يفهمون كل على قدر فهمه .
قال علي رضي الله عنه : ( حدثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يُكذب الله ورسوله؟

5-إن المعلم بحكم مهنته يعيش بين طلاب تتفاوت درجات أخلاقهم وتربيتهم وذكائهم ، لذلك فإن عليه أن يسعهم جميعاً بأخلاقه ، فيكون لهم بمنزلة الوالد مع أولاده ، عملاً بقول المربي الكبير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : ( إنما أنا لك بمنزلة الوالد أعلمكم) .

6-على المعلم الناجح أن يتعاون مع زملائه ، وينصحهم ، ويتشاور معهم لمصلحة الطلبة ، ليكونوا قدوة حسنة لطلابهم ، وعليهم جميعاً أن يقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث خاطب الله تعالى المسلمين بقوله : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} .

7-التواضع العلمي :
الاعتـراف بالحق فضيلة ، والرجوع إليه خير من التمادي في الخطأ ، فعلى المعلم أن يتأسى بالسلف الصالح في طلبهم للحق والإذعان له إذا تبين لهم أن الحق بخلاف ما يُفتون أو يعتقدون .

والدليل على ذلك ما ذكره ابن أبي حاتم في كتابه ( مقدمة الجرح والتعديل) حين ذكر قصة مالك رضي الله عنه ورجوعه عن فتواه حينما سمع الحديث ، وذكرها بعنوان (باب ما ذُكر من أتباع مالك لآثار النبي صلى الله عليه وسلم ونزوعه عن فتواه عندما حُدث عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه) :

قال ابن وهب : سمعت مالكاً سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء فقال : ليس ذلك على الناس ، قال ، فتركته حتى خف الناس ، فقلت له : عندنا في ذلك سنة ، فقال : وما هي؟ قلت : حدثنا الليث بن سعد وابن لهيعة ، وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبدالرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد القرشي قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه ، فقال : إن هذا الحديث حسن ، وما سمعت به قط إلا الساعة ، ثم سمعته بعد ذلك يُسأل فيأمر بتخليل الأصابع ( ) .

ولو أردنا استقصاء الأمثلة من حياة السلف لما كفتنا هذه الوريقات ، لذا يجب على المعلم الذي يريد النجاح في مهنته ، أن يُذعن للحق ويتراجع عن خطئه إذا أخطأ ، ويعلم طلابه هذا الخلق العظيم ، ويبين لهم فضل التواضع والرجوع إلى الحق ، وأن يطبق ذلك عملياً في الفصل ، فإذا رأى إجابات بعض الطلبة أفضل من إجابته ، فليعلن ذلك وليعترف بأفضلية إجابة هذا الطالب ، فذلك أدعى لكسب ثقة طلابه ومحبتهم له .

لقد عشت قرابة أربعين عاماً معلماً ومربياً ، وإن أنسَ ، لا أنسى ذلك المعلم الذي أخطـأ في قراءة حديث ، فلما رده بعض الطلاب أصرّ على خطئه ، وجعل يجادل بالباطل ، فسقط هذا المعلم في نظر طلابه ، ولم يعد موضع ثقتهم .
ولا أزال أذكر بعض المعلمين الصادقين الذين كانوا يعترفون بخطئهم ، ويتراجعون عنه ، لقد أحبهم الطلاب ، وازدادت ثقتهم بهم ، وأصبحوا موضع إجلال وإكبار .
فحبذا لو سار المعلمون جميعاً سير هؤلاء ونهجوا نهجهم في الرجوع إلى الحق .

8-الصدق والوفاء بالوعد :
على المعلم أن يلتزم الصدق في كلامه ، فإن الصدق كله خير ، ولا يربي تلاميذه على الكذب ، ولو كان في ذلك مصلحة تظهر له :
حدث أن سأل أحد الطلاب معلمه مستنكراً تدخين أحد المعلمين ، فأجابه المعلم مدافعاً عن زميله ، بأن سبب تدخينه هو نصيحة الطبيب له ، وحين خرج التلميذ من الصف قال : إن المعلم يكذب علينا .
وحبذا لو صدق المعلم في إجابته ، وبين خطأ زميله ، بأن التدخين حرام ، لأنه مضر بالجسم ، مؤذ للجار ، متلف للمال ، فلو فعل ذلك لكسب ثقة الطلاب وحبهم ، ويستطيع أن يقول هذا المعلم إلى طلابه : إن المعلم فرد من الناس تجري عليه الأعراض البشرية ، فهو يصيب ويخطئ ، وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقرر ذلك في حديث قائلاً : (كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون) .
لقد كان بإمكان المعلم المسئول أن يجعل سؤال الطالب عن تدخين معلمه درساً لجميع الطلبة ، فيفهمهم أضرار التدخين ، وحكمه الشرعي ، وأقوال العلماء فيه ، وأدلتهم ، فيكون بذلك قد استفاد من سؤال الطالب واستعمله في التربية والتوجيه .
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صديقاً ..... الحديث) .

فالصدق خلق عظيم ينبغي على المعلم أن يزرعه في طلابه ، ويجيبهم إليه ويعودهم عليه ، وليكن مطبقاً له في أقواله وأفعاله ، حتى في مزاحه معهم عليه أن يكون صادقاً ، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً ، وليحذر المعلم أن يكذب على طلابه ولو مازحاً أو متأولاً ، وإذا وعدهم بشئ فعليه أن يفي بوعده ، حتى يتعلموا منه الصـدق ، والوفاء قولاً وعملاً ، لأن الطلاب يعرفون الكذب ويدركونه ، وإن لم يستطيعوا مجابهة المعلم به حياء منه ، وقد رأينا قصة المعلم الذي دافع عن زميله المدخن ، كيف أدرك الطلاب كذبه .

9-الصبر :
على المعلم أن يتحلى بالصبر على مشاكل الطلاب والتعليم ، فـإن الصبر أكبر عون له في عمله الشريف .

يتبع ان شاء الله ...

أم حفصة
12.06.2010, 15:10
وظيفة المعلم :

إن وظيفة المعلم لا تقف عند حشو الطلاب بالمعلومات فحسب ، بل يتجاوزها إلى تربية شاملة تقوم على تصفية العقائد والسلوك، مما ينافي الدين القويم ، فعلى المعلم الناجح أن يجعل كلام طلابه وسلوكهم في الفصل مستمداً من الهدي النبوي الصحيح ،

قال الله تعالى :

{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .

وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم تدل على أنه كان مربياً حكيماً ، ومعلماً ، ومرشداً ، وناصحاً ، ورءوفاً ، ومحبوباً ، ومخلصاً .

فعلى المعلم أن يتصف بهذه الأوصاف ، ولا سيما الإخلاص ، فعليه أن يخلص عمله لله ، ولا ينظر إلى المال ، فـإن أعطي ولو قليلاً شكر ، وإن لم يعط صبر ، وسيرزقه الله تعالى في الدنيا ، ويكتب له الأجر في الآخرة .

يتبع ،إن شاء الله....

أم حفصة
12.06.2010, 16:15
واجبات المعلم :

1-إلقاء السلام : على المعلم إذا دخل الفصل أن يسلم فيقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وليعلم أن هذا السلوك الإسلامي العظيم يقوي أواصر المحبة والثقة بين الطلاب بعضهم مع بعض ، وبين المعلم والطلاب ، ذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (أو لا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم)

ولا يغني إن السلام كلمة " صلاح الخير أو مساء الخير" ، ولا بأس بها بعد السلام مع تغيير لها كأن يقول " صبحك الله بالخير ، فتحمل معنى الدعاء ، ولا بد عنا من التنبيه علـى شئ مُهم قد وقع فيه كثير من المعلمين - سامحهم الله - تأثراً بالعادات والتقاليد ، وهو تمثل قياماً لمعلمهم زاعمين أن هذا من الأدب المطلوب ، وأنه رمز لتوقير المعلم وتبجيله ، وقد أخطأوا ، فما يسمى خلاف الشرع أدباً إلا في قاموس المعرضين عن شرع الله ، ذلك أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( ما كان شخـص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له ، لما يعلمون من كراهيته لذلك) .

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم يحذر الناس من عادة القيام : (من أحب أن يتمثل له الناس قياماً ، فليتبوأ مقعده من النار) .
ويجـوز لصاحب البيت أن يقوم إلى استقبال ضيوفه ، أو يقوم إلى معانقة قادم من سفر ، لأن الصحابة رضوان الله عليهم فعلوه، وهو من إكرام الضيف ، والترحيب بالقادم .

ولا عبرة بقول الشاعر :

قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا

لمخالفته قول الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كره القيام له ، وهدد من أحبه بدخول النار ، علماً بأن الاحترام لا يكون بالقيام ، بل يكون بالطاعة ، وامتثال الأمر ، وإلقاء السلام والمصافحة ، وغيرها من الآداب .

2-من واجب المعلم أن يعلم طلابه الاستعانة بالله ، ويعلمهم حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله).

3-إن يحذر المعلم طلابه من الشرك : وهو صرف العبادة لغير الله : كدعاء الأنبياء والصالحين وغيرهم ، عملاً بوصية لقمان لولده التي قال فيها :

{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} .

4-على المعلم أن يعلم طلابه الصلاة في المدرسة ، ويأخذهم إلى المسجد ليصلوا مع الجماعة ، ويشرف عليهم بنفسه ليتعلموا آداب المسجد ، فيدخلوه بنظام وهدوء ، ويبدأ بتعليم الطلاب الوضوء والصلاة منذ السابعة للبنت والصبي على السواء لقوله صلى الله عليه وسلم : ( علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعاً ، وأضربوهم عليها إذا بلغوا عشراً ، وفرقوا بينهم في المضاجع) .

5-وعلى المربي أن يعلم طلابه التوكل على الله كما قال موسى لقومه :
{وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ} .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما ترزق الطير تغدو خماصاً ، وتعود بطاناً) .
وأن الأخذ بالأسباب واجب ، لقوله صلى الله عليه وسلم لصاحب الناقة : ( أعقلها وتوكل)

6-على المدرس كذلك أن يغرس روح التضحية والجهاد في سبيل الله ضد أعداء الإسلام من الكفرة ، واليهود ، والملحدين ، وأن يربط أذهان الطلاب بأمجاد سلفهم ، وغزوات نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ، ويشحذ هممهم على التآسي بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في إيمانهم وأخلاقهم .

7-ثم إن عليه أن يقنع طلبته أن العرب قوم أعزهم الله بالإسلام ، فمهما ابتغوا العزة في غيره أذلهم الله كما قال عمر رضي الله عنه .

فلا نصر على الكفار إلا بالرجوع إلى تحكيم كتاب الله ، وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في حياتنا وأمورنا كلها ، مع إعداد القوة من الأسلحة الحديثة ، والشباب المسلم المدرب ، الذي يكون قد تربى على الرجولة وتشبع بالأيمان ، والتزم النهج الصحيح ، والعقيدة السليمة .

وعليه فيمكننا القول بأن المعلم في استطاعته إذا أخلص في عمله والتزم المنهج الإسلامي في تربيته وتعليمه أن يبني جيلاً قوياً يمكنه دفع عدوان المعتدين ، وأن يحمل راية التوحيد ليدك حصون الكفر والشرك ، ويحرر الإنسانية الحائرة ، فيرشدها إلى ربها ويعرفها بخالقها ، ويخلصها من الظلم الذي تعيش فيه ، لذلك خاطب الله تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم - المعلم الأول والمربي الكبير بقوله :
{الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} .

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن نفسه : ( إنما أنا رحمة مهداة) .
فعلى المربي والمعلم أن يجعل قدوته ، وقدوة طلابه رسول رب العالمين إلى الناس أجمعين لأن الله وصفه بقوله عز وجل :
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }

8-على المعلم أن يحذر طلابه من المبادئ الهدامة ، كالشيوعية الملحدة ، والماسونية اليهودية ، والاشتراكية الماركسية ، والعلمانية الخالية من الدين ، والقومية التي تفضل غير المسلم العربي على المسلم الأعجمي لقول الله تعالى :
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}

ويحذرهم من الديكتاتورية والديمقراطية التي تحكم بغير شرع الله .

9-تحذير الطلبة من عقوق الوالدين ، ووجوب طاعتهما في غير معصية الله ، لقول الله تعالى : {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}


يتبع ، إن شاء الله.....

أم حفصة
13.06.2010, 17:27
وصايا لقمان الحكيم لإبنه :

قال الله تعالى :

{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ}

هذه وصايا نافعة حكاها الله تعالى عن لقمان الحكيم :

1-{يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}
احذر الشرك في عبادة اله ، كدعاء الأموات أو الغائبين ، فقد قال صلى الله عليه وسلم (الدعاء هو العبادة) .
ولما نزل قول الله تعالى : {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ}
شق ذلك على المسلمين ، وقالوا : أينا لا يظلم نفسه ؟ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس ذلك ، إنما هو الشرك ، ألم تسمعوا قول لقمان لإبنه : يا بني لا تشرك بالله ، إن الشرك لظلم عظيم) .

2-{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} .
ثم قرن وصيته إياه بعبادة الله وحده البر بالوالدين لعظم حقهما ، فالأم حملت ولدها بمشقة ، والأب تكفل بالإنفاق ، فاستحقا من الولد الشكر لله ولوالديه .

3-{وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
قال ابن كثير ( أي أن حرصا عليك كل الحرص أن تتبعهما على دينهما ، فلا تقبل منهما ذلك ، ولا يمنع ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفاً أي محسناً اليهما ، واتبع سبيل المؤمنين) .
أقول يؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة لأحد في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف) .

4-{يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} .
قال ابن كثير : أي إن المظلمة أو الخطيئة لو كانت مثقال حبة خردل أحضرها الله تعالى يوم القيامة حين يضع الموازين القسط ، وجازى عليها إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر.

5-{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ} : أدها بأركانها وواجباتها بخشوع .

6-{وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ} : بلطف ولين بدون شدة .

7-{وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} : علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر سيناله أذى فأمره بالصبر ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم ، أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) .

8-{إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} : أي إن الصبر على الناس لمن عزم الأمور
.
9-{وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} : قال ابن كثير : لا تعرض بوجهك عن الناس إذا كلمتهم احتقاراً منك لهم ، واستكباراً عليهم ، ولكن ألن جانبك وأبسط وجهك إليهم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تبسمك في وجه أخيك لك صدقة) .

10-{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً} : أي خيلاء متكبراً جباراً عنيداً ، لا تفعل ذلك يبغضك الله ، ولهذا قال الله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}
أي مختال معجب في نفسه ، فخور على غيره .

11-{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} : أي أمش مشياً مقتصداً ، ليس بالبطئ المتثبط ، ولا بالسريع المفرط ، بل عدلاً وسطاً بين بين .

12-{وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَِ} : أي لا تبالغ في الكلام ، ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه ، ولهذا قال تعالى : {إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} .
قال مجاهد : إن أقبح الأصوات لصوت الحمير : أي غاية من رفع صوته أنه يشبه بالحمير في علوه ورفعه ، ومع هذا هو بغيض إلى الله ، وهذا التشبيه بالحمير يقتضي تحريمه وذمه غاية الذم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس لنا مثل السوء ، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه) .
(إذا سمعتم أصوات الديكة فسلوا الله من فضله ، فإنها رأت ملكاً ، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان ، فإنها رأت شيطاناً) .

يتبع ، إن شاء الله.....

أم حفصة
13.06.2010, 18:47
وصايا نبوية مهمة للأولاد :

على المربي والمربية سواء كان مدرساً أو مدرسة ، أو معلماً أو معلمة ، أو أباً أو أماً أن يعلم الأولاد هذه الوصايا النافعة لهم ، ويكتبها لهم على اللوح ، ليكتبوها في دفاترهم ليحفظوها ، ثم يشرحها لهم ، وقد وردت في حديث صحيح هذا نصه :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال لي : يا غلام إني أعلمك كلمات :

1- أحفظ الله يحفظك :
أي امتثل أوامر الله ، واجتنب نواهيه يحفظك في دنياك وآخرتك .

2- أحفظ الله تجده تجاهك :
أي أمامك ، فاحفظ حدود الله ، وراع حقوقه تجد الله يوفقك وينصرك .

3- إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله :
أي إذا طلبت الإعانة على أمر من أمور الدنيا والآخرة ، فاستعن بالله ، ولا سيما في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله وحده كشفاء مرض ، أو طلب رزق فهي مما اختص الله بها وحده .

4- واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشي قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك ، رُفعت الأقلام وجفت الصحف :
على المسلم أن يؤمن بالقدر الذي كتبه الله عليه خيره وشره

من فوائد الحديث :

1- حب الرسول صلى الله عليه وسلم للأولاد وإركاب ابن عباس خلفه ومناداته يا غلام .

2- أمر الأطفال بطاعة الله ، والابتعاد عن معاصيه ليسعدوا في الدنيا والآخرة .

3- الله ينجي المؤمن عند الشدائد إذا أدى حق الله ، وحق الناس عند الرخاء والصحة والغنى .

4- غرس عقيدة التوحيد في نفوس الأطفال ، بسؤال الله تعالى والاستعانة به.

5- تثبيت عقيدة الإيمان بالقدر خيره وشره فهي من أركان الإيمان .

6- تربية الطفل على التفاؤل ، ليستقبل الحياة بشجاعة وأمل ، ويكـون فرداً نافعاً في أمته