أبو عبد الله محمد بن يحيى
21.04.2009, 04:09
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده -بأبي هو وأمي -
وبعد ...:
لعل هذا الموضوع كان في مكان آخر .... لكن نزولي على رغبة الأخ أبي جنة والأخت الفاضلة أماني ....فقد نقلته في موضوع مستقل
وعلى الله قصد السبيل... ومنه - سبحانه - نستلهم التوفيق
قيّض لقصيدة الحارث بن عباد المعروفه ((بمربط النعامه)) من الشهره والذيوع ما لم يقيّض لغيرها من القصائد التي اشتهرت بها حرب البسوس بين بكر وتغلب ، وقد تميزت القصيده بصدق الشعور والاحساس بالألم والرغبة في الانتقام مما جعلها واحدة من عيون التراث العربي ، ويرجع السبب في انشاء الحارث بن عباد سيد قبائل بكر للقصيدة إلى تلك الحرب التي اشتعلت بين بكر وتغلب بسبب البسوس بنت منقذ التميمية خالة جساس بن مرة وهي التي يضرب بها المثل فقيل ( اشأم من البسوس) . فقد تسللت ناقتها المعروفه باسم (سراب) إلى مراعي كليب الذي رأها وقال لجساس " لئن عادت لأضعن سهمي في ضرعها " . فقال جساس : " لئن وضعت سهمك في ضرعها لأضعن سنان رمحي في ليتك " ثم تفرقا . ولم تلبث (سراب) ان عادت إلى مرعى كليب فرماها بسهم فقتلها فلما رأتها البسوس صاحت " واذلاه " وجساس يراها ويسمع فخرج اليها وقال لها : " اسكتي سأقتل جملا ً أعظم من هذه الناقه " وخرج إلى كليب فقتله غدراً وغيله . وهنا ثارت ثائرة عدي بن ربيعه أخو كليب والملقب بالمهلهل ـ وانما لقب مهلهلا لانه اول من هلهل الشعر وقصد القصائد ـ وقد كان المهلهل قبل مصرع اخيه لاهياً ينعم باللذات والصيد والخمر والمرأة ... فلما علم بمصرع أخيه جَزَّ شعره وهجر النساء وشمر عن ساق الجد ، وترك الخمر والقمار وقال لبني ذهل ابن شيبان من بكر "اما ان تحيوا كليباً اوتدفعوا جساساً فنقتله " فرفضوا تسليم جساس ، عندها بدأت حرب البسوس التي استمرت اربعين عاماً... وتوالت انتصارات المهلهل على قبيلة بكر ومن تحالف معهم . اما الحارث بن عباد فقد اعتزل بقومه الحرب ولم يشهدها وقال لبني شيبان "ظلمتم قومكم وقتلتم سيدكم فوالله لا نساعدكم" ثم ارسل الحارث بن عباد ابنه " بجيرا ً " ليصلح بين بكر وتغلب ، فلما عرفه المهلهل قتله قائلاً "بؤ بشسع نعل كليب (1)" فلما سمع أبوه بالخبر ظن انه قتله ليصلح بين الحيّين فقال: " نعم القتيل قتيلاً اصلح من ابني وائل " . فقيل له انه قال " بؤ بشسع نعل كليب " عند ذلك غضب الحارث بن عباد وقال قصيدته المشهوره " مربط النعامه " التي انشأها في صورة مؤثرة التقط ابياتها من عمق المأساة ، فقد قُتل بجيرا ً ابنه غدرا ً في غير موقع قتال بدلا عن شسع نعل كليب ، وليس اقسى على الكريم ولا آلم من ان يقتل في مقابل شسع نعل في حرب لا يد له فيها فهو في بداية القصيدة يطلب من ولدة بجيراً ان تبكيه كما سيبكيه هو ما دامت المياه تسيل من رؤوس الجبال متلهفاً على بجير في اوقات الحرب الشديده الوطأة وانه لن يقبل الصلح حتى يملأ الصحراء من رؤوس الرجال ، في حرب لم يكن من جناتها وانما فرضت عليه فرضاً . فقتل الكريم فداء لشسع النعل غال جداً انها طعنة الغدر والخيانة تمثلت في عمق الأحشاء بها تكون بعد ذلك مدعاة للفخر والشجاعة في الحرب مكرراً بالحاح نداء : قرّبا مربط النعامة مني ... في اربعة عشر بيتاً متتابعه : والنعامه هي فرس الحارث بن عباد التي لم يكن في زمانها مثلها ...
ولن امضي مع القصيده الى نهايتها ولكن نورد القصيده ونتحدث عن موقف الحارث الذي قاد قبائل بكر برمتها لحرب تغلب وتوالت انتصاراته على المهلهل وكان اول يوم انتصر فيه هو يوم قضة ويدعى ايضاً يوم تحلاق الَّلمم ، وسمي بذلك لان بكراً حلقوا رؤوسهم ليعرفوا بعضهم بعضا
وقيل انه اسر المهلهل ولم يعرفه فجزّ لمته واطلق سراحه . ولقد قيل في حرب البسوس قصائد كثيرة مشهوره لعل أكثرها شهرة قصائد المهلهل وما انشأته جليلة بنت مرة زوجة كليب واخت جساس ولكن بقيت قصيدة " مربط النعامة " اشهر لأنها كانت لشيخ حكيم جليل القدر مشهور بالفضل والشجاعة جمع في قصيدته الرثاء لفارس شجاع فارس الجمع عند اللقاء أسد عند المخاطر ، فجاءت تمثل نفثت مكلوم وبكائية مفجوع ، استعدادا ً للثأر من الأعداء .
فإلى القصيدة :
قـل لأم الاغـر تبكـي بجيـراً = حيل بيـن الرجـال والامـوالِ
ولعمـري لا بكـيـن بجـيـراً = ماأتى الما مـن رؤوس الجبـالِ
لهف نفسي على بجيـر اذا مـا = جالت الخيل يوم حرب عضـالِ
وتساقـى الكمـاة سمـاً نقيعـاً = وبدا البيض من قبـاب الحجـالِ
وسعت كل حرة الوجـه تدعـو = يالبـكـر غــراء كالتمـثـالِ
يابجير الخيرات لا صلح حتـى = نملأ البيد مـن رؤوس الرجـالِ
وتقـر العيـون بـعـد بكـاهـا = حين تسقي الدماء صدور العوالي
أصبحت وائل تعج من الحـرب = عجيـج الحـجـال بالاثـقـالِ
لـم اكـن جناتـهـا عـلـم الله = وإنـي بحرّهـا اليـوم صــالِ
قد تجنبـت وائـلا كـي يفيقـوا = فأبـت تغلـب علـيّ اعتزالـي
وأشـابـوا ذؤابـتـي ببجـيـر = قتلـوه ظــلاً بغـيـر قـتـالِ
قتلـوه بشسـع نـعـل كلـيـب = ان قتل الكريـم بالشسـع غـال
قربـا مربـط النعامـة مـنـي = لقحت حرب وائل عـن حيـال
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = ليس قولي يـراد لكـن مغالـي
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = جـدّ نـوح النسـاء بالاعـوال
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = شاب راسي وأنكرتني الغوالـي
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = للسـرى والغـدو والآصــالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = طال ليلي على الليالـي الطـوال
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = لا عتنـاق الأبطـال بالأبـطـالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = واعـدلا عـن مقالـة الجهـالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = ليس قلبـي عـن القتـال بسـالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = كلما هـب ريـح ذيـل الشمـال
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = لبجـيـر مفـكـك الاغــلالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = لكـريـم مـتـوّج بالـجـمـالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = لا نبيـع الرجـال بيـع النعـالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = لبجيـر فـداه عمـي وخـالـي
قرّباهـا لحـي تغلـب شوسـاً = لاعتنـاق الكمـاة يـوم القتـال
قرّبـاهـا بمرهـفـات حــداد = لقـراع الابطـال يـوم النـزالِ
رب جيش لقيته يمطـر المـوت = علـى هيكـل خفيـف الجـلالِ
سائلـوا كنـدة الكـرام وبكـرا ً = واسألوا مذحجـاً وحـي هـلالِ
اذا اتونـا بعسكـر ذي زهــاء = مكفهـر الأذى شديـد المصـالِ
فقريـنـاه حـيـن رام قـرانـا = كل ماضي الذباب عضب الصقالِ
(1) ـ اي نقتلك بدل شسع النعل ، وهو السير الذي يدخل بين الاصبعين
.................................................. ................................................
ضاق الوقت فنقلت - ولم أكتب من محفوظي ولا من مراجعي فعذرًا ثم عذرًا -
وبعد ...:
لعل هذا الموضوع كان في مكان آخر .... لكن نزولي على رغبة الأخ أبي جنة والأخت الفاضلة أماني ....فقد نقلته في موضوع مستقل
وعلى الله قصد السبيل... ومنه - سبحانه - نستلهم التوفيق
قيّض لقصيدة الحارث بن عباد المعروفه ((بمربط النعامه)) من الشهره والذيوع ما لم يقيّض لغيرها من القصائد التي اشتهرت بها حرب البسوس بين بكر وتغلب ، وقد تميزت القصيده بصدق الشعور والاحساس بالألم والرغبة في الانتقام مما جعلها واحدة من عيون التراث العربي ، ويرجع السبب في انشاء الحارث بن عباد سيد قبائل بكر للقصيدة إلى تلك الحرب التي اشتعلت بين بكر وتغلب بسبب البسوس بنت منقذ التميمية خالة جساس بن مرة وهي التي يضرب بها المثل فقيل ( اشأم من البسوس) . فقد تسللت ناقتها المعروفه باسم (سراب) إلى مراعي كليب الذي رأها وقال لجساس " لئن عادت لأضعن سهمي في ضرعها " . فقال جساس : " لئن وضعت سهمك في ضرعها لأضعن سنان رمحي في ليتك " ثم تفرقا . ولم تلبث (سراب) ان عادت إلى مرعى كليب فرماها بسهم فقتلها فلما رأتها البسوس صاحت " واذلاه " وجساس يراها ويسمع فخرج اليها وقال لها : " اسكتي سأقتل جملا ً أعظم من هذه الناقه " وخرج إلى كليب فقتله غدراً وغيله . وهنا ثارت ثائرة عدي بن ربيعه أخو كليب والملقب بالمهلهل ـ وانما لقب مهلهلا لانه اول من هلهل الشعر وقصد القصائد ـ وقد كان المهلهل قبل مصرع اخيه لاهياً ينعم باللذات والصيد والخمر والمرأة ... فلما علم بمصرع أخيه جَزَّ شعره وهجر النساء وشمر عن ساق الجد ، وترك الخمر والقمار وقال لبني ذهل ابن شيبان من بكر "اما ان تحيوا كليباً اوتدفعوا جساساً فنقتله " فرفضوا تسليم جساس ، عندها بدأت حرب البسوس التي استمرت اربعين عاماً... وتوالت انتصارات المهلهل على قبيلة بكر ومن تحالف معهم . اما الحارث بن عباد فقد اعتزل بقومه الحرب ولم يشهدها وقال لبني شيبان "ظلمتم قومكم وقتلتم سيدكم فوالله لا نساعدكم" ثم ارسل الحارث بن عباد ابنه " بجيرا ً " ليصلح بين بكر وتغلب ، فلما عرفه المهلهل قتله قائلاً "بؤ بشسع نعل كليب (1)" فلما سمع أبوه بالخبر ظن انه قتله ليصلح بين الحيّين فقال: " نعم القتيل قتيلاً اصلح من ابني وائل " . فقيل له انه قال " بؤ بشسع نعل كليب " عند ذلك غضب الحارث بن عباد وقال قصيدته المشهوره " مربط النعامه " التي انشأها في صورة مؤثرة التقط ابياتها من عمق المأساة ، فقد قُتل بجيرا ً ابنه غدرا ً في غير موقع قتال بدلا عن شسع نعل كليب ، وليس اقسى على الكريم ولا آلم من ان يقتل في مقابل شسع نعل في حرب لا يد له فيها فهو في بداية القصيدة يطلب من ولدة بجيراً ان تبكيه كما سيبكيه هو ما دامت المياه تسيل من رؤوس الجبال متلهفاً على بجير في اوقات الحرب الشديده الوطأة وانه لن يقبل الصلح حتى يملأ الصحراء من رؤوس الرجال ، في حرب لم يكن من جناتها وانما فرضت عليه فرضاً . فقتل الكريم فداء لشسع النعل غال جداً انها طعنة الغدر والخيانة تمثلت في عمق الأحشاء بها تكون بعد ذلك مدعاة للفخر والشجاعة في الحرب مكرراً بالحاح نداء : قرّبا مربط النعامة مني ... في اربعة عشر بيتاً متتابعه : والنعامه هي فرس الحارث بن عباد التي لم يكن في زمانها مثلها ...
ولن امضي مع القصيده الى نهايتها ولكن نورد القصيده ونتحدث عن موقف الحارث الذي قاد قبائل بكر برمتها لحرب تغلب وتوالت انتصاراته على المهلهل وكان اول يوم انتصر فيه هو يوم قضة ويدعى ايضاً يوم تحلاق الَّلمم ، وسمي بذلك لان بكراً حلقوا رؤوسهم ليعرفوا بعضهم بعضا
وقيل انه اسر المهلهل ولم يعرفه فجزّ لمته واطلق سراحه . ولقد قيل في حرب البسوس قصائد كثيرة مشهوره لعل أكثرها شهرة قصائد المهلهل وما انشأته جليلة بنت مرة زوجة كليب واخت جساس ولكن بقيت قصيدة " مربط النعامة " اشهر لأنها كانت لشيخ حكيم جليل القدر مشهور بالفضل والشجاعة جمع في قصيدته الرثاء لفارس شجاع فارس الجمع عند اللقاء أسد عند المخاطر ، فجاءت تمثل نفثت مكلوم وبكائية مفجوع ، استعدادا ً للثأر من الأعداء .
فإلى القصيدة :
قـل لأم الاغـر تبكـي بجيـراً = حيل بيـن الرجـال والامـوالِ
ولعمـري لا بكـيـن بجـيـراً = ماأتى الما مـن رؤوس الجبـالِ
لهف نفسي على بجيـر اذا مـا = جالت الخيل يوم حرب عضـالِ
وتساقـى الكمـاة سمـاً نقيعـاً = وبدا البيض من قبـاب الحجـالِ
وسعت كل حرة الوجـه تدعـو = يالبـكـر غــراء كالتمـثـالِ
يابجير الخيرات لا صلح حتـى = نملأ البيد مـن رؤوس الرجـالِ
وتقـر العيـون بـعـد بكـاهـا = حين تسقي الدماء صدور العوالي
أصبحت وائل تعج من الحـرب = عجيـج الحـجـال بالاثـقـالِ
لـم اكـن جناتـهـا عـلـم الله = وإنـي بحرّهـا اليـوم صــالِ
قد تجنبـت وائـلا كـي يفيقـوا = فأبـت تغلـب علـيّ اعتزالـي
وأشـابـوا ذؤابـتـي ببجـيـر = قتلـوه ظــلاً بغـيـر قـتـالِ
قتلـوه بشسـع نـعـل كلـيـب = ان قتل الكريـم بالشسـع غـال
قربـا مربـط النعامـة مـنـي = لقحت حرب وائل عـن حيـال
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = ليس قولي يـراد لكـن مغالـي
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = جـدّ نـوح النسـاء بالاعـوال
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = شاب راسي وأنكرتني الغوالـي
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = للسـرى والغـدو والآصــالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = طال ليلي على الليالـي الطـوال
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = لا عتنـاق الأبطـال بالأبـطـالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = واعـدلا عـن مقالـة الجهـالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = ليس قلبـي عـن القتـال بسـالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = كلما هـب ريـح ذيـل الشمـال
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = لبجـيـر مفـكـك الاغــلالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = لكـريـم مـتـوّج بالـجـمـالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = لا نبيـع الرجـال بيـع النعـالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي = لبجيـر فـداه عمـي وخـالـي
قرّباهـا لحـي تغلـب شوسـاً = لاعتنـاق الكمـاة يـوم القتـال
قرّبـاهـا بمرهـفـات حــداد = لقـراع الابطـال يـوم النـزالِ
رب جيش لقيته يمطـر المـوت = علـى هيكـل خفيـف الجـلالِ
سائلـوا كنـدة الكـرام وبكـرا ً = واسألوا مذحجـاً وحـي هـلالِ
اذا اتونـا بعسكـر ذي زهــاء = مكفهـر الأذى شديـد المصـالِ
فقريـنـاه حـيـن رام قـرانـا = كل ماضي الذباب عضب الصقالِ
(1) ـ اي نقتلك بدل شسع النعل ، وهو السير الذي يدخل بين الاصبعين
.................................................. ................................................
ضاق الوقت فنقلت - ولم أكتب من محفوظي ولا من مراجعي فعذرًا ثم عذرًا -