المساعد الشخصي الرقمي

اعرض النسخة الكاملة : الجزية في الإسلام


أبوحمزة السيوطي
25.04.2009, 17:54
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله سيد الأولين والآخرين

أما بعد ,,,

فهذا هو مفهوم الجزية بالمنظور الإسلامي لنظهر حقيقة هذا الأمر لزملائنا من أهل الكتاب من منبعه الأصلي وليس من تشويهات قساوستهم .

إعتمدت في التعريفات على كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق رحمه الله وأضفت إضافات من غيره :

الجزية : معناها :
هي: " مبلغ من المال يوضع على من دخل في ذمة المسلمين وعهدهم من أهل الكتاب وغيرهم "

حكمتها :
وقد فرض الاسلام الجزية على الذميين في مقابل فرض الزكاة على المسلمين، حتى يتساوى الفريقان، لان المسلمين والذميين يستظلون براية واحدة، ويتمتعون بجميع الحقوق وينتفعون بمرافق الدولة بنسبة واحدة، ولذلك أوجب الله الجزية للمسلمين نظير قيامهم بالدفاع عن الذميين وحمايتهم في البلاد الاسلامية التي يقيمون فيها: ولهذا تجب - بعد دفعها - حمايتهم والمحافظة عليهم، ودفع من قصدهم بأذى.

قال ابن العربي في أحكام القرآن :
وجهان من الحكمة :
أحدهما : أن في أخذها معونة للمسلمين وتقوية لهم ، ورزق حلال ساقه الله إليهم .
الثاني : أنه لو قتل الكافر ليئس من الفلاح ووجب عليه الهلكة ; فإذا أعطى الجزية وأمهل لعله أن يتدبر الحق ، ويرجع إلى الصواب ، لا سيما بمراقبة أهل الدين ، والتدرب بسماع ما عند المسلمين .

من تؤخذ منهم:
وتؤخذ الجزية من كل الامم، سواء أكانوا كتابيين أم مجوسا أم غيرهم، وسواء أكانوا عربا أم عجما وقد ثبت بالقرآن الكريم أنها تؤخذ من الكتابيين كما ثبت بالسنة أنها تؤخذ من المجوس، ومن عداهم يلحق بهم .

قلت ودليل أخذها من المجوس :
ما قاله المغيرى لكسرى كما رواه البخاري في حديث طويل فيه :
" فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ "

ودليل أخذها من المشركين :
ما رواه مسلم من حديث بريدة قال :
" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ "

وليس كما يظن الجماهير أنها تؤخذ من أهل الكتاب فقط فهذه أدلة نصية في أخذها من كل الأمم وجواز التصالح عليها .

شروط أخذها:
وقد روعي في أخذها: الحرية والعدل والرحمة.
ولهذا اشترط فيمن تؤخذ منهم:
1 - الذكورة.
2 - التكليف.
3 - الحرية.

معنى قوله تعالى " عن يد " :
أي عن قدرة وغنى، فلاتجب على امرأة، ولاصبي، ولاعبد، ولا مجنون.
كما أنها لا تجب على مسكين يتصدق عليه، ولا على من لا قدرة له على العمل، ولا على الاعمى، أو المقعد، وغيرهم من ذوي العاهات، ولا على المترهبين في الاديرة إلا إذا كان غنيا من الاغنياء.

( خبر أسلم : أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد : لا تضربوا الجزية على النساء والصبيان ولا تضربوها إلا على من جرت عليه المواسي . رواه سعيد ) . ص 299 صحيح ( الإرواء)

قال مالك رضي الله عنه: " قضت السنة أن لا جزية على نساء أهل الكتاب ولا على صبيانهم، وأن الجزية لا تؤخذ إلامن الرجال الذين قد بلغوا الحلم ".

قدرها :
إجتهد فيه العلماء ولم يؤثر عن النبي عليه السلام حديثا صحيحا في ذلك والراجح من أقوال أهل العلم ما يلي :

" إنه لا حد لاقلها ولالاكثرها، والامر فيها موكول إلى اجتهاد ولاة الامر، ليقدروا على كل شخص ما يناسب حاله ".

" ولا ينبغي أن يكلف أحد فوق طاقته ".

معنى قوله تعالى " وهم صاغرون " :

قال ابن العربي في أحكام القرآن :
المسألة الثانية عشرة : شرط الله تعالى هذين الوصفين ، وهما قوله : { عن يد وهم صاغرون } ; للفرق بين ما يؤدى عقوبة وهي الجزية ، وبين ما يؤدى طهرة وقربة وهي الصدقة ، حتى قال النبي [ ص: 482 ] صلى الله عليه وسلم : { اليد العليا خير من اليد السفلى } .

واليد العليا هي المعطية ، واليد السفلى هي السائلة " ; فجعل يد المعطي في الصدقة عليا ، وجعل يد المعطي في الجزية صاغرة سفلى ، ويد الآخذ عليا ، ذلك بأنه الرافع الخافض ، يرفع من يشاء ويخفض من يشاء ، وكل فعل أو حكم يرجع إلى الأسماء حسبما مهدناه في الأمد الأقصى " .

قلت : يعني بذلك أن معناها هو أن يعطي أهل الذمة الجزية وأيديهم أسفل يد الآخذ حتى يختلف وضع الأخذ عن وضع أخذ الصدقة والذي يكون فيها المسكين مادا كفه يأخذ الصدقة ولا يجب التشدق والتمسك بظاهر إجتهاد بعض اهل العلم مما فيه ما هو مخالف لأصل الإسلام في الإحسان وعدم الظلم مما يثبت منه الكثير في القرآن والسنة وليس المقام لذكرها وما ذكرته إنما هو إستنباطا من الكتاب والسنة بغير تقليد وقص ولصق أجوف عاري عن العلم والمعرفة مخالف للشريعة الغراء ...

ملحوظة :
1- الجزية حسب الطاقة وليست مفروضة على الجميع وليس لها مقدار ثابت ولا ميعاد ثابت وقال بعض العلماء كل عام .

الزكاة فرض على المسلمين يجب دفعها لها مقدار ثابت لا يجوز أن قل عنه تفرض على جميع الأشخاص ممن حال أموالهم الحول والنصاب المقدر لها من ذهب وفضة ومال على النساء والرجال والشيوخ .
كما يستحب للمسلم أيضا أن يؤخذ منه الصدقات والتبرعات ويحث عليها أما الذمي فالجزية فقط إن استطاع .

2- ضرورة جمع الأموال هذه يعلمها كل ذي لب هذا إذا علم أن فرض الضرائب على الناس محرما في الإسلام فليس هناك مصتدر للدولة المسلمة إلا الجزية والزكاة .
تجهز الجيوش وترصف الطرق وتبنى المنشآت والجسور وتصلح الطرق والأراضي الزراعية مما لا يخفى على ذي علم .

وأخيرا أقول أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الجزية باب الوصاة بأهل ذمة رسول الله :
قال حدثنا ‏ ‏آدم بن أبي إياس ‏ ‏حدثنا ‏ ‏شعبة ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو جمرة ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏جويرية بن قدامة التميمي ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏عمر بن الخطاب ‏ ‏رضي الله عنه ‏
‏قلنا أوصنا يا أمير المؤمنين قال ‏ " ‏أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم " .

شرح ابن حجر :‏
قوله : ( أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم ) ‏
‏في رواية عمرو بن ميمون " وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم , وأن يقاتل من ورائهم وأن لا يكلفوا إلا طاقتهم " قلت : ويستفاد من هذه الزيادة أن لا يؤخذ من أهل الجزية إلا قدر ما يطيق المأخوذ منه .
وقوله في هذه الرواية " ورزق عيالكم " أي ما يؤخذ منهم من الجزية والخراج , قال المهلب : في الحديث الحض على الوفاء بالعهد , وحسن النظر في عواقب الأمور , والإصلاح لمعاني المال وأصول الاكتساب .

والحمد لله رب العالمين

سيف الحتف
26.04.2009, 13:48
بارك الله فيك أستاذى ..موضوع رائع

هل تتذكر أستاذى نفس الموضوع مع أحد مشرفي منتديات النصارى ..قدّر الله أن لا يكتمل ..

معنى قوله تعالى " عن يد " :
أي عن قدرة وغنى، فلاتجب على امرأة، ولاصبي، ولاعبد، ولا مجنون.
كما أنها لا تجب على مسكين يتصدق عليه، ولا على من لا قدرة له على العمل، ولا على الاعمى، أو المقعد، وغيرهم من ذوي العاهات، ولا على المترهبين في الاديرة إلا إذا كان غنيا من الاغنياء.

( خبر أسلم : أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد : لا تضربوا الجزية على النساء والصبيان ولا تضربوها إلا على من جرت عليه المواسي . رواه سعيد ) . ص 299 صحيح ( الإرواء)

رد ولا أروع ..بارك الله فيك أخى الحبيب .

أبوحمزة السيوطي
26.04.2009, 15:58
بارك الله فيك أخي الحبيب

هذا هو الذي دفعني للعمل هذا الموضوع لما رأيت عنده من جهل وحشو باطل ... وأسأل الله عز وجل أن يهذي القوم الضالين .
وأكثر ما أعجبني شخصيا تفسير ابن العربي لقوله تعالى وهم صاغرون فتأمله ..

شرفني مرورك أخي الحبيب

Dr-AlGharieb
27.04.2009, 10:29
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
جزيت خيرا أخي على هذا الموضوع الذي أصبت في أكثره..
لكن مع كثرة صوابك قد وقعت في خطأ عظيم شنيع لا ينبغي أن يخرج من مثلك.. هذا الخطأ هو قولك:

قلت : يعني بذلك أن معناها هو أن يعطي أهل الذمة الجزية وأيديهم أسفل يد الآخذ حتى يختلف وضع الأخذ عن وضع أخذ الصدقة والذي يكون فيها المسكين مادا كفه يأخذ الصدقة ولا يجب التشدق والتمسك بظاهر إجتهاد بعض اهل العلم مما فيه ما هو مخالف لأصل الإسلام في الإحسان وعدم الظلم مما يثبت منه الكثير في القرآن والسنة وليس المقام لذكرها وما ذكرته إنما هو إستنباطا من الكتاب والسنة بغير تقليد وقص ولصق أجوف عاري عن العلم والمعرفة مخالف للشريعة الغراء ...

والله يعلم الله أن قولك هذا أخي هو القول الأجوف العاري عن العلم والمعرف بل وهو المخالف للشريعة الغراء..وما مثلك ومثل من نبذت كلامهم من أئمة الدين والعلماء والتفسير إلا كقول القائل رمتني بدائها وانسلتِ..
كيف تعمد إلى قول لم تذكر لك فيه سلف ضاربا بأقوال أئمة المسلمين عرض الحائط زاعما أن هذا مخالف لحكم الإسلام قائلا إن هذا ظاهر اجتهادهم.. فوالله ما عدلت في القضية ولا حكمت بالسوية..
قلي بربك أين لك أن ما نقلوه هو اجتهاد ..
ألا تعلم أن الاجتهاد لا يكون مع نص منزل..
وإن صرفت هذه الآية عن ظاهرها فماذا تقول في قوله (وضربت عليهم الذلة والمسكنة)..
وقد فسرها أهل العلم بأنه أخذ الجزية عن يد وهم صاغرون.. فالصغار هنا هو الذلة المذكورة في تلك الاية..
وماذا تقول في قوله تعالى ( سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد..)..
وماذا تقول في أقوال أرباب اللغة أن الصغار هو الذلة ..أمل تعلم أن القرآن أنزل بلسان عربي مبين ..وأن من فقه القرآن وعلم لغته - الذين رميتهم أنت بقلة العلم والمعرفة والابتعاد عن الشريعة الغراء- قد فسر الآية بما هو معروف مسطور ثم تأتي لنا بعد مئات القرون وتزعم أن لك قولا حادثا تخالف فيه كافة السلف
ترى أنه من اجتهادك..فبئس الاجتهاد الذي يجعل صاحبه ينتقص اهل العلم بل والصحابة الكرام والتابعين ومن تبعهم..
أخي الكريم دفاعنا عن دينا وحميتنا في ذب الشبهات عنه لا تجعلنا نتنازل عن أصولنا ومبادئنا وقواعدنا ..فلا نسفِّه أهل العلم ولا نجهلهم.. وليتك ذكرت من هم الأئمة الذين رفضت قولهم راميا إياهم بالجهل وقلة المعرفة.. ولكنك خجلت من ذكر أسمائهم حين وصمتهم بالجهل لعلمك بقدرهم في قلوب الناس..
أخي أخيرا وليس آخرا..يعلم الله أن هذا ليس أسلوبي في نقاشاتي ومن قرأ لي أو سمعني علم عني ذلك.. لكنك تطاولت على علمائنا وسلفنا فكان ينبغي الرد على ردك بمثل ردك عليهم..
وإني عليك لمشفق من هذا القول الشاذ الذي أتيت به ..وليتك أتيت به وسكتَّ..لكنك أتيت به زاعما أنه هو الصواب وهو من جعبتك راميا سلفنا الصالح وعلماءنا بالجهل وقلة المعرفة..
هذا كله حمية لدين الله ووالله لو كان كلامك هذا عن شخصي أنا لما شددت عليك لكن أئمتنا وعلماؤنا ليس لنا غيرهم بعد ربنا في فهم ديننا.
فتب إلى الله وعليك بطريق الأولين من السلف الصالح ففي علمهم البركة والدقة وطريقتهم أسلم وأعلم وأحكم.
غفر الله لي ولك ..
والسلام.

أبو صهيب الأثري
11.05.2009, 07:08
السلام عليكم
بورك فيك أخي أباحمزة ونفع بك
والكلمة الطيبة صدقة ونسال الله التوبة

أبوحمزة السيوطي
11.05.2009, 12:16
أستاذنا الفاضل الدكتور غريب بارك الله فيك ..

لا أدري كيف أشكرك على نصيحتك ولا أجد أفضل من جزاك الله خيرا فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من قالها فقد أبلغ الثناء .

لكن يا دكتور لا أنكر عليك الشدة في الرد على المخالف الذي يتعدى على أئمة السلف وتسفيههم وتجهيلهم فلا أجدني كذلك حتى تُنزل علي صواعقك هذه ..

وقبل البيان أقول :
هذا المقال ليس بحثا شاملا في الجزية إنما هو مجرد تعريفات من رأس القلم وضعته في منتديات نرد فيها على شبهات النصارى المعروفة لدى رواده ردا فيها على ما سأبينه لاحقا مما لم أرى - ولعل ذلك من قصر نظري - أن أكرر كلامهم المعروف لدى المهتمين بالحوار مع النصارى ..


أستاذي وأخي الحبيب قد اتهمتني بتُهمتين أبرأ إلى الله أن أقترفهما وادعيت علي ما لم أقله وهما :

1- حيث قلت لي :
ضاربا بأقوال أئمة المسلمين عرض الحائط زاعما أن هذا مخالف لحكم الإسلام قائلا إن هذا ظاهر اجتهادهم.. فوالله ما عدلت في القضية ولا حكمت بالسوية..
قلي بربك أين لك أن ما نقلوه هو اجتهاد ..

فأنت ادعيت أنني ضربت بأقوال أئمة المسلمين عرض الحائط ... وكأني يا دكتور خالفت إجماعا !!! أو أنك لم تقرأ !

أنا قلت بالنص " بعض اهل العلم مما فيه ما هو مخالف لأصل الإسلام في الإحسان وعدم الظلم "
ولم أعمم ولم استحق ما قلته في ..

وسألتني ما هو فأقول .. نقل بعض المفسرين :
أن معنى صاغرون :
قال الكلبي : إذا أعطي يصفع قفاه وقال هو أن يؤخذ بلحيته ويضرب في لهزمتيه ويقال له أدِّ حق الله يا عدو الله .
وقيل : إنه يلبب ويجر إلى موضع الإعطاء بعنف . وغيره الكثير ..

ومثل هذا يا دكتور هو مقصود الموضوع لأن هذا ومثله هو ما يتمسك به النصارى في الكلام على الجزية وقد أنكرته وقلت أنه مُخالف لأصل الإسلام ولا زلت على رأيي ولست في ذلك سابق زماني أو من يجتهد أصلا وإنما أنكره قبلي من العلماء الكثير وإنما أنا تابع ..

قال القاسمي في محاسن التأويل :
الرابع : قال السيوطي أيضاً : استدل بقوله تعالى : { وَهُمْ صَاغِرُونَ } من قال إنها تؤخذ بإهانة ، فيجلس الآخذ ويقوم الذمي ويطأطئ رأسه ، ويحني ظهره ، ويضعها في الميزان ، ويقبض الآخذ لحيته ، ويضرب لهزمتيه .
قال : ويردّ به على النووي حيث قال : إن هذه سيئة باطلة . انتهى .
قلت : ولقد صدق النووي عليه الرحمة والرضوان ، فإنها سيئة قبيحة ، تأباها سماحة الدين ، والرفق المعلوم منه ، ولولا قصده الرد على من قاله لما شوهت بنقلها ديباجة الصحيفة .
ثم رأيت ابن القيّم رد ذلك بقوله : هذا كله مما لا دليل عليه ، ولا هو مقتضى الآية ، ولا نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه ، قال : والصواب في الآية أن الصغار هو التزامهم بجريان أحكام الله تعالى عليهم ، وإعطاء الجزية ، فإن ذلك الصغار ، وبه قال الشافعي . انتهى .

وأفضل ما يُستشهد به في ذلك كلام المعصوم صلى الله عليه وسلم :
" ألا من ظلم معاهداً، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أوأخذ شيئاً بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة " رواه أبوداود وأحمد والبيهقي وصححه الألباني رحمة الله على الجميع .

فكيف والنبي عليه السلام يمنع انتقاصهم ان نقبل كلام من ادعى صفعهم بالقفا ولبهم على أصداغهم ولطمهم وجرهم من اللحى وركلهم وضربهم !!!

هذا هو المقصود يا دكتور مما لم تستوعبه من كلامي ... ولعل خطأي أني لم أبين لكن خطأك يادكتور وأنت الناصح أنك عنفت جدا وتكلمت وكأن بالمسألة إجماع ولم تطلب بيانا .

2- تقول :
والله يعلم الله أن قولك هذا أخي هو القول الأجوف العاري عن العلم والمعرف بل وهو المخالف للشريعة الغراء..وما مثلك ومثل من نبذت كلامهم من أئمة الدين والعلماء والتفسير إلا كقول القائل رمتني بدائها وانسلتِ..
كيف تعمد إلى قول لم تذكر لك فيه سلف


وعتابي عليك يا أستاذي الحبيب أنك لم تقرأ هذه الجزئية جيدا فأنا قد ذكرت سلفي في الكلام بل أنا أبين كلامه وليس لي فيها اجتهاد شخصي وهو القاضي ابن العربي الذي ذكر هذا التفسير في أحكامه ونقله عنه القرطبي في تفسيره ..

قال ابن العربي في أحكام القرآن :
المسألة الثانية عشرة : شرط الله تعالى هذين الوصفين ، وهما قوله : { عن يد وهم صاغرون } ; للفرق بين ما يؤدى عقوبة وهي الجزية ، وبين ما يؤدى طهرة وقربة وهي الصدقة ، حتى قال النبي [ ص: 482 ] صلى الله عليه وسلم : { اليد العليا خير من اليد السفلى } .
واليد العليا هي المعطية ، واليد السفلى هي السائلة " ; فجعل يد المعطي في الصدقة عليا ، وجعل يد المعطي في الجزية صاغرة سفلى ، ويد الآخذ عليا ، ذلك بأنه الرافع الخافض ، يرفع من يشاء ويخفض من يشاء ، وكل فعل أو حكم يرجع إلى الأسماء حسبما مهدناه في الأمد الأقصى " .

ولم يتفرد به ابن العربي وحده .. قال ابن القيم :
" قلت لما كانت يد المعطي العليا ويد الآخذ السفلة احترز الأئمة أن يكون الأمر كذلك في الجزية وأخذوها على وجه تكون يد المعطي السفلى ويد الآخذ العليا "

ونقل المفسرين عن عكرمة ما يشابهه :" أن يدفعها وهو قائم ويكون الآخذ جالسا "

فأنا لم أخترع كلاما من عندي !
وقد فسرها أهل العلم بأنه أخذ الجزية عن يد وهم صاغرون.. فالصغار هنا هو الذلة المذكورة في تلك الاية..
وماذا تقول في قوله تعالى ( سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد..)..
وماذا تقول في أقوال أرباب اللغة أن الصغار هو الذلة ..أمل تعلم أن القرآن أنزل بلسان عربي مبين ..وأن من فقه القرآن وعلم لغته - الذين رميتهم أنت بقلة العلم والمعرفة والابتعاد عن الشريعة الغراء- قد فسر الآية بما هو معروف مسطور ثم تأتي لنا بعد مئات القرون وتزعم أن لك قولا حادثا تخالف فيه كافة السلف ترى أنه من اجتهادك..فبئس الاجتهاد الذي يجعل صاحبه ينتقص اهل العلم بل والصحابة الكرام والتابعين ومن تبعهم..



رحمني الله وإياك أخي الحبيب ووالله ما ادعيت اجتهاد قط ولا محدثة ولم أنتقص أحدا وقد بينت سالفا سَلَفي ..

ودعنا نناقش هذه النقطة وننسى للحظات الإتهامات الشخصية لي .. حتى يستفيد القراء من هذا الموضوع حقا ..

لا ننكر أن بعض العلماء فسر الصغار بالذلة مثل البخاري وغيره ونحن اتباعهم فيه ولكن ما هي الذله ؟؟

هل هي في فرض الجزية عليهم مرغومين أم في أداء الجزية عن طريق أن يأتي المُعاهد مطأطأ الرأس ويصفع على قفاه ؟!

نقل ابن المنذر في الأوسط عن الشافعي قال :
وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: " سَمِعت عددا من أهل الْعلم يَقُولُونَ: الصغار أَنيجْرِي عَلَيْهِم حكم الْإِسْلَام، قَالَ الشَّافِعِي: وَمَا أشبه مَا قَالُوا بِمَا قَالُوا، قَالَ الشَّافِعِي: فَإِذا أحَاط الإِمَام بِالدَّار، فعرضوا عَلَيْهِ أَنيُعْطوا الْجِزْيَة على أَن يجْرِي عَلَيْهِم حكم الْإِسْلَام، لزمَه أَن يقبلهَامِنْهُم، وَلَو سَأَلُوهُ أَن يعطوها على أَن لَا يجْرِي عَلَيْهِم حكم الْإِسْلَام،لم يكن ذَلِك لَهُ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يقاتلهم حَتَّى يسلمُوا، أَو يُعْطوا لْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون، بِأَن يجْرِي عَلَيْهِم حكم الْإِسْلَام ". وانظر كتاب الأم

وقال ابن حزم في المحلى :
" وَقَالَ تَعَالَى حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ، عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَالصَّغَارُ هُوَ جَرْيُ أَحْكَامِنَا عَلَيْهِمْ، فَإِذَا مَا تُرِكُوا يَحْكُمُونَ بِكُفْرِهِمْ فَمَا أَصْغَرْنَاهُمْ بَلْ هُمْ أَصْغَرُونَا وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ "

وقال ابن عبد البر كما في التمهيد والاستذكار :
" وقال في كتاب الجزية لا خيار للامام ولا للحاكم اذا جاءه في حد الله عز و جل وعليه ان يقيمه عليهم في قول الله عز و جل ( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) التوبة 29 والصغار ان يجري عليهم حكم الاسلام وهذا القول اختاره المزني "

وقال ابن قيم الجوزيه :
قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة :
" واختلف الناس في تفسير الصغار الذي يكونون عليه وقت أداء الجزية فقال عكرمة أن يدفعها وهو قائم ويكون الآخذ جالسا .
وقالت طائفة أن يأتي بها بنفسه ماشيا لا راكبا ويطال وقوفه عند إتيانه بها ويجر إلى الموضع الذي تؤخذ منه بالعنف ثم تجر يده ويمتهن .
وهذا كله مما لا دليل عليه ولا هو مقتض الآية ولا نقل عن رسول الله ولا عن الصحابة أنهم فعلوا ذلك والصواب في الآية أن الصغار هو التزامهم لجريان أحكام الملة عليهم وإعطاء الجزية فإن التزام ذلك هو الصغار "

ولخص ذلك الشيخ أبو بكر الجزائري في أيسر التفاسير :
وهم صاغرون : أي أذلاء منقادون لحكم الإِسلام هذا .

فما ذهب إليه هؤلاء العلماء في معنى الصغار وما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام في النهي عن انتقاص الذمي لا يُعارض الاية مُطلقا ..

لكنك تطاولت على علمائنا وسلفنا فكان ينبغي الرد على ردك بمثل ردكعليهم..
وإني عليك لمشفق من هذاالقول الشاذ الذي أتيت به ..وليتك أتيت به وسكتَّ..لكنك أتيت به زاعما أنه هوالصواب وهو من جعبتك راميا سلفنا الصالح وعلماءنا بالجهل وقلةالمعرفة..
هذا كله حمية لدينالله ووالله لو كان كلامك هذا عن شخصي أنا لما شددت عليك لكن أئمتنا وعلماؤنا ليسلنا غيرهم بعد ربنا في فهم ديننا.



لا أنكر عليك سيدي الكريم عصبيتك لأئمتنا وأنا على الدرب معك لكن أنكر عليك أنك وضعت حميتك في غير موضعها وتقولت علي ما لم أقله مما يُظهر أنني أخترع دينا وخالفت إجماع السلف وجهلتهم ولا أرى أن ما كتبته يستحق منك ذلك والله يعلم أني بريء من هذا الإفتراء .. ولكني مُتقبله وسعيد بمداخلتك ومتشرف بمرورك في موضوعي .

فتب إلى الله وعليك بطريق الأولين من السلف الصالح ففي علمهم البركة والدقة وطريقتهم أسلم وأعلم وأحكم


التوبة مطلوبة لكن طريق الأولين أنا عليه بفضل الله والمنصف يعرف ذلك ومن يعرفني يعرف ذلك ولكنك لم تُحط بكل علم الأولين فظننت أني اخترعت ولم تتبين كلامي فاتهمتني بأبشع التهم وخرجت عن حسن الظن .
وياليت الإخوة يترفقون بإخوانهم ولا يهدمونهم سريعا ويخرجوهم من المنهج بهذه السرعة وبأقل الأخطاء وأسأل الله أن يُعافينا من هذا الذي تفشى فينا .

والسلام

أرجوا أنك لم تعن تعليق السلام ولم تترفع عن إلقاءه علي فأنا أخوك المسلم الذي يجب أن يُلقى عليه السلام من المسلمين لا أن يُعلق هكذا ..

وعليك السلام يا دكتور ورحمة الله وبركاته .

نوران
11.05.2009, 15:46
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله
وعلى آله وصحبه ومن امن به وا تبع هداه ودعا بدعواه إلى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

http://i132.photobucket.com/albums/q17/lola-4/flowers/ro72.gif



أخي الكريم أبا حمزة

بارك الله فيك وفيمن كان سببا في تحليك بهذا الخلق الرفيع والأدب الجمّ

وهذا هو العهد بك وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم

ذكرتني بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم لزيد الخير رضي الله عنه : ( إنَّ فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله )

أتدري يا بني ما هما ؟

نعم هما الحلم والآناة

فطوبى لمن تحلى بهما

شكرا لك إبني الكريم

بارك الله فيك وفي قولك وعملك وزادك علما وعملا صالحا مقبولا


http://www.lovely0smile.com/2006/islamic/i-048.gif

أبوحمزة السيوطي
16.05.2009, 09:59
بارك الله فيك أمنا الفاضلة نوران

وأشكرك على هذا الكلام الطيب الذي أرجوا أن أكون أهلا له .

جزاك الله خيرا

miran dawod
16.05.2009, 14:37
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

بارك الله فيك وأحسن إليك أخي الفاضل اللهم آمين

أبوحمزة السيوطي
20.05.2009, 07:50
بسم الله الرحمن الرحيم


اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


بارك الله فيك وأحسن إليك أخي الفاضل اللهم آمين


وفيك بارك أختنا الفاضلة

شرفني مرورك و جزاك الله خيرا

إيمان 1
21.08.2010, 03:24
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

بارك الله فيكم اخي الفاضل على هذا الطرح المتميز

جزاكم الله خير الجزاء

تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال