إيمان 1
03.09.2010, 03:12
بسم الله الرحمن الرحيم
الشعراء مثل كل المخلوقات ، ألمّ المرض بهم أو بأقربائهم ، فمنهم من تلقاه بالصبر ورحابة الصدر ، ومنهم من حزن وسالت دموعه ، ومنهم من سخر من المرض وتصدى له .
وفي كل هذا وذاك أوحى المرض إليهم شعرا ، وفاضت أنفسهم بشعر نضحت حروفه بالحزن
والمرارة والألم .
وهذا أبو العتاهية في مرضه الأخير ، وقد أحس بقرب الأجل ، ينظم قصيدة رائعة يرجو فيها عفو ربه، ويندم على ما أسرف من عمل في دنياه :
إلهي لا تعذبني فإني **** مقر بالذي قد كـان مني
فما لي حيلة إلا رجائي **** لعفوك فاحطط الأوزار عني
وكم من زلة لي في الخطايا**** وأنت علي ذو فضل ومَنِّ
إذا فكرت في ندمي عليها****عضضت أناملي وقرعت سني
ومن الشعراء من سخط على المرض ، ونقم عليه .. فهذا أبو القاسم الشابي وقد أصبح جل شعره مسطرا بالمرض ، فقد راح المرض ينخر في صدره ، وصار شبحا لا يفارقه في ليل أو نهار . وهذه قصيدة قالها قبل وفاته وهو في سن الخامسة والعشرين ، يقول :
سأعيش رغم الداء والأعداء**** كالنسر فوق القمة الشماء
أدنو إلى الشمس المضية هازئا****بالسحب والأمطار والأنواء
لا ألمح الظل الكئيب ولا أرى****ما في قرار الهوة السوداء
فالمرض تسلل إلى ألفاظه ومعانيه: الداء والأعداء ، والسحب والمطار والأنواء ، وهو يحاول التخلص منها ويتمرد تارة عليها فيقول :
فاصدم فؤادي ما استطعت فإنه***سيكون مثل الصخرةالصماء
لا يعرف الشكوى الذليلة والبكا***وضراعة الأطفال والضعفاء
ولكنه يبدو في النهاية ضعيفا أمام الداء ، إذ يقول :
أما إذا خمدت حياتي وانقضى**عمري وأخرست المنية نائي
وخبا لهيب الكون في قلبي الذي**قد عاش مثل الشعلة الحمراء
فأنا السعيد بأنني متحول****عن عالم الآثام والبــغضاء
أما الشاعر عبد السلام حافظ فقد أصيب بمرض في أحد صمامات قلبه ، فأثر فيه أشد تأثير ، وطبع شعره بمسحة من الحزن . ويثور الشاعر مرة فيقول :
أنا لست وحدي في الحياة أعذب **** كل الوجود تألــم وتغرب
فمن يرى مصائب الآخرين تهون عليه مصيبته . وهو يحمل بذلك إيمانا قويا ، ونظرة ثاقبة تتجاوز تلك النظرة السوداوية التي غلفت نفس الشاعر وطبعت شعره بمسحة الحزن والألم :
أوّاه للقلب عانى بالقلاب صبا****وجاءه الألم المجــنون يخترم
أصاب صمامه ضيق يغلغله****ويرهب الجسم يا للنفس تنهدم
وفي قصيدة " راهب الفكر " يصف الشاعر عبد السلام حافظ معاناته مع مرضه فيقول :
أنا لوعة شوهاء يهواها النواح **أنا ليل أحزان تجاهله الصباح
أنا عالم ضلت بمركبة الحياة****فغدا يصارع موجها العاتي الرهي
قلبي المجرح لا يجاب على نداه****والهم يأكل منه ألحــان اللهيب
أحيا بآلامي الكئيبة في متاه****شط السلامة من جحيمي لا أراه
وفي غمرة هذا كله يدرك الشاعر أن ليس للإنسان من ملجأ إلا الله ، فلا يشكو إلا لرب الأكوان . يقول في قصيدة بعنوان ( إلى الله ) :
رباه هذه شكاة الكل يا أملي****البؤس والزمن الداجي وأسـقامي
إني بليت بداء القلب يحرمني****من متعة العيش والذكرى وأحلامي
أدعوك يا رب تفريجا لكربتنا****فجودك الخالد المحمود إلــهامي
من منحك العادل المرجو لضائقتي**** فأنت كل الرجا يا رية الظـامـي
من كتابات الدكتور حسان شمسي باشا
منقوول
اللهم اشفيني من مرضي واشف جميع مرضى المسلمين والمسلمات
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
الشعراء مثل كل المخلوقات ، ألمّ المرض بهم أو بأقربائهم ، فمنهم من تلقاه بالصبر ورحابة الصدر ، ومنهم من حزن وسالت دموعه ، ومنهم من سخر من المرض وتصدى له .
وفي كل هذا وذاك أوحى المرض إليهم شعرا ، وفاضت أنفسهم بشعر نضحت حروفه بالحزن
والمرارة والألم .
وهذا أبو العتاهية في مرضه الأخير ، وقد أحس بقرب الأجل ، ينظم قصيدة رائعة يرجو فيها عفو ربه، ويندم على ما أسرف من عمل في دنياه :
إلهي لا تعذبني فإني **** مقر بالذي قد كـان مني
فما لي حيلة إلا رجائي **** لعفوك فاحطط الأوزار عني
وكم من زلة لي في الخطايا**** وأنت علي ذو فضل ومَنِّ
إذا فكرت في ندمي عليها****عضضت أناملي وقرعت سني
ومن الشعراء من سخط على المرض ، ونقم عليه .. فهذا أبو القاسم الشابي وقد أصبح جل شعره مسطرا بالمرض ، فقد راح المرض ينخر في صدره ، وصار شبحا لا يفارقه في ليل أو نهار . وهذه قصيدة قالها قبل وفاته وهو في سن الخامسة والعشرين ، يقول :
سأعيش رغم الداء والأعداء**** كالنسر فوق القمة الشماء
أدنو إلى الشمس المضية هازئا****بالسحب والأمطار والأنواء
لا ألمح الظل الكئيب ولا أرى****ما في قرار الهوة السوداء
فالمرض تسلل إلى ألفاظه ومعانيه: الداء والأعداء ، والسحب والمطار والأنواء ، وهو يحاول التخلص منها ويتمرد تارة عليها فيقول :
فاصدم فؤادي ما استطعت فإنه***سيكون مثل الصخرةالصماء
لا يعرف الشكوى الذليلة والبكا***وضراعة الأطفال والضعفاء
ولكنه يبدو في النهاية ضعيفا أمام الداء ، إذ يقول :
أما إذا خمدت حياتي وانقضى**عمري وأخرست المنية نائي
وخبا لهيب الكون في قلبي الذي**قد عاش مثل الشعلة الحمراء
فأنا السعيد بأنني متحول****عن عالم الآثام والبــغضاء
أما الشاعر عبد السلام حافظ فقد أصيب بمرض في أحد صمامات قلبه ، فأثر فيه أشد تأثير ، وطبع شعره بمسحة من الحزن . ويثور الشاعر مرة فيقول :
أنا لست وحدي في الحياة أعذب **** كل الوجود تألــم وتغرب
فمن يرى مصائب الآخرين تهون عليه مصيبته . وهو يحمل بذلك إيمانا قويا ، ونظرة ثاقبة تتجاوز تلك النظرة السوداوية التي غلفت نفس الشاعر وطبعت شعره بمسحة الحزن والألم :
أوّاه للقلب عانى بالقلاب صبا****وجاءه الألم المجــنون يخترم
أصاب صمامه ضيق يغلغله****ويرهب الجسم يا للنفس تنهدم
وفي قصيدة " راهب الفكر " يصف الشاعر عبد السلام حافظ معاناته مع مرضه فيقول :
أنا لوعة شوهاء يهواها النواح **أنا ليل أحزان تجاهله الصباح
أنا عالم ضلت بمركبة الحياة****فغدا يصارع موجها العاتي الرهي
قلبي المجرح لا يجاب على نداه****والهم يأكل منه ألحــان اللهيب
أحيا بآلامي الكئيبة في متاه****شط السلامة من جحيمي لا أراه
وفي غمرة هذا كله يدرك الشاعر أن ليس للإنسان من ملجأ إلا الله ، فلا يشكو إلا لرب الأكوان . يقول في قصيدة بعنوان ( إلى الله ) :
رباه هذه شكاة الكل يا أملي****البؤس والزمن الداجي وأسـقامي
إني بليت بداء القلب يحرمني****من متعة العيش والذكرى وأحلامي
أدعوك يا رب تفريجا لكربتنا****فجودك الخالد المحمود إلــهامي
من منحك العادل المرجو لضائقتي**** فأنت كل الرجا يا رية الظـامـي
من كتابات الدكتور حسان شمسي باشا
منقوول
اللهم اشفيني من مرضي واشف جميع مرضى المسلمين والمسلمات
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال