m7b Alrswl
12.09.2010, 15:02
الخلاف في عهد التابعين وآدابه :
كان سياسات أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ألا يسمح للصحابة من المهاجرين والأنصار بالأقامة خارج المدينة ،فهم في غير المدينة دأئماً مسافرون يذهبون لغزو أو تعليم أو ولاية أو قضاء أو غير ذلك من المهام ،وتبقي المدينة المستقر والمقام لهم بعد ذلك فهي حاضرة الدولة وقاعدة الخلافة ،وهم حملة رسالة الإسلام ورعيله الأول فيجب ان يكونوا قريبين من الخليفة ،اعواناً علي أعبائه ، مشاركين إياه في شؤن الدولة كلها .
فلما ولي عثمان بن عفان رضى الله عنه لم ير بأساً فى أن يسمح لكل من أراد من الصحابة مغادرة المدينة أو يستوطن حيث يشاء من ديار الأسلام فتفرق فقهاء الصحابة وقراؤهم فى الأمصار التي فتحت ،وقد نقل ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن رجع من حنين ترك في المدينة عشر ألفاً من الصحابة بقي منهم فيها حتي وفاته صلى الله علي وآله وسلم ألفان منهم فى الأمصار وقد حمل علم وفقه الفقهاء والقراء من الصحابة بعدهم من تلقي عنهم من التابعين أمثال سعيد بن المسيب الذي يعتبر راوية عمر وحامل فقهه في المدينة ،وعطاء بن أي رباح في مكه وطاووس فى اليمن ويحيي بن أبي كثير في اليمامة والحسن في البصرة ومكحول في الشام وعطاء في خرسان وعلقمة في الكوفة وغيرهم وهؤلاء كانوا كثيراً ما يمارسون الفتوي والاجتهاد بمشهد باصحاب رسول الله عليه وآله وسلم الذين تلقوا العلم والفقه عنهم ،وتربوا على أيديهم ،وتأدبوا بآدابهم ،وتأثروا بمناهجهم في الاستنباط ،فما خرجوا عن آداب الصحابة في الأختلاف عندما اختلفوا ،ولا جاوزوا تلك السيرة ،وهؤلاء هم فقهاء الجمهور الذين تأثرت بهم جماهير الأمة ،وعنهم تلقوا الفقه ،ولعل مما يوضح ذلك الأدب هاتان المناظرتان في الدية .
أخرج عبد الرازق ((المصنف والفكر الأسلامي (1/391)وقد اخرجه ابن المنذر وسنده صحيح))من طريق الشعبي قال: جاء رجل الى شريح فسأله عن دية الأصابع ،فقال في كل أصبع عشرة إبل . فقال الرجل : سبحان الله ..هذه وهذه سواء (مشيراً الي الإبهام والخنصر)فقال شريح :ويحك ،إن السنة منعت القياس ،واتبع ولا تبتدع وأخرج مالك في الموطأ عن ربيعة قال :سألت سعيد بن المسيب كم في أصبع المرأة ؟قال عشرة من الأبل .قلت ففي أصبعين قال عشرون قلت ففي ثلاث قال ثلاثون قلت ففي اربع قال عشرون قلت حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها (أي ديتها ) فقال سعيد أعهراقي أنت فقال ربيعة بل عالم متثبت .أو جاهل متعلم .قال سعيد هي السنة أخي (الموطأ ، وسنن البيهقي).
وينتهي الأمر عند هذا الحد دون أن يحتد طرف ويتهم الآخر بالجهل ،أو يزعم لنفسه إصابة الحق ومايراه غيره الباطل ، فذهب سعيد والحجازيين أن دية المرأة كدية الرجل حتي تبلغ الثلث من ديته . فما زاد عن الثلث تكون فيه ديتها نصف دية الرجل ،ذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (عقل المرأة مثل عقل الرجل حتي تبلغ الثلث من ديتها)(أخرجه النسائي والدارقطني)
وناظر الشعبي (عامر بن شراحيل الكوفي) رجلاً في القياس ،فقال له :أرايت لوقتل الأحنف بن قيس وقتل معه طفل صغير أكانت ديتهما واحدة أم يفضل الأحنف لعقله وحلمه ؟ قال الرجل : بل سواء ،قال: فليس القياس بشئ .
والتقى الأوزاعي بأبي حنيفة في مكه فقال الاوزاعي:مابالكم لا ترفعون أيدكم عند الركوع والرفع منه ؟ فقال ابو حنيفة لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال الأوزاعي كيف وقد حدثني الزهري عن سالم عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وعند الركوع وعند الرفع منه.
فقال ابو حنيفة : حدثنا حماد عن ابراهيم عن عقلمة الأسود عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ولا يعود لشئ من ذلك .
فقال الأوزاعي أحدثك عن الزهري عن سالم ،عن أبيه وتقول حدثني حماد عن ابراهيم؟
فقال ابو حنيفة : كان حماد أفقه من الزهري ،وكان إبراهيم أفقه من سالم وعلقمة ليس بدون ابن عمر ،وان كان لابن عمر فضل صحبة فالأسود له فضل كثير،وعبد الله هو عبد الله ،فسكت الأوزاعي .
ونقل عن ابو حنيفة أنه قال : (هذا الذي نحن فيه رأي لا نجبر أحداً عليه ولا نقول : يجب علي احد قبوله بكراهية فمن كان عنده شئ أحسن منه فليأت به ).
فالجميع متبعون ،فحين تصح السنة لا يخالفها أحد وإذا حدث فإنه اختلاف في فهمها ،ويسلم كل للآخر ما يفهمه ، مادام اللفظ يحتمله ، ولا شئ من الأدلة الصحيحة عند الفريقين يعارضه .
كان سياسات أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ألا يسمح للصحابة من المهاجرين والأنصار بالأقامة خارج المدينة ،فهم في غير المدينة دأئماً مسافرون يذهبون لغزو أو تعليم أو ولاية أو قضاء أو غير ذلك من المهام ،وتبقي المدينة المستقر والمقام لهم بعد ذلك فهي حاضرة الدولة وقاعدة الخلافة ،وهم حملة رسالة الإسلام ورعيله الأول فيجب ان يكونوا قريبين من الخليفة ،اعواناً علي أعبائه ، مشاركين إياه في شؤن الدولة كلها .
فلما ولي عثمان بن عفان رضى الله عنه لم ير بأساً فى أن يسمح لكل من أراد من الصحابة مغادرة المدينة أو يستوطن حيث يشاء من ديار الأسلام فتفرق فقهاء الصحابة وقراؤهم فى الأمصار التي فتحت ،وقد نقل ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن رجع من حنين ترك في المدينة عشر ألفاً من الصحابة بقي منهم فيها حتي وفاته صلى الله علي وآله وسلم ألفان منهم فى الأمصار وقد حمل علم وفقه الفقهاء والقراء من الصحابة بعدهم من تلقي عنهم من التابعين أمثال سعيد بن المسيب الذي يعتبر راوية عمر وحامل فقهه في المدينة ،وعطاء بن أي رباح في مكه وطاووس فى اليمن ويحيي بن أبي كثير في اليمامة والحسن في البصرة ومكحول في الشام وعطاء في خرسان وعلقمة في الكوفة وغيرهم وهؤلاء كانوا كثيراً ما يمارسون الفتوي والاجتهاد بمشهد باصحاب رسول الله عليه وآله وسلم الذين تلقوا العلم والفقه عنهم ،وتربوا على أيديهم ،وتأدبوا بآدابهم ،وتأثروا بمناهجهم في الاستنباط ،فما خرجوا عن آداب الصحابة في الأختلاف عندما اختلفوا ،ولا جاوزوا تلك السيرة ،وهؤلاء هم فقهاء الجمهور الذين تأثرت بهم جماهير الأمة ،وعنهم تلقوا الفقه ،ولعل مما يوضح ذلك الأدب هاتان المناظرتان في الدية .
أخرج عبد الرازق ((المصنف والفكر الأسلامي (1/391)وقد اخرجه ابن المنذر وسنده صحيح))من طريق الشعبي قال: جاء رجل الى شريح فسأله عن دية الأصابع ،فقال في كل أصبع عشرة إبل . فقال الرجل : سبحان الله ..هذه وهذه سواء (مشيراً الي الإبهام والخنصر)فقال شريح :ويحك ،إن السنة منعت القياس ،واتبع ولا تبتدع وأخرج مالك في الموطأ عن ربيعة قال :سألت سعيد بن المسيب كم في أصبع المرأة ؟قال عشرة من الأبل .قلت ففي أصبعين قال عشرون قلت ففي ثلاث قال ثلاثون قلت ففي اربع قال عشرون قلت حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها (أي ديتها ) فقال سعيد أعهراقي أنت فقال ربيعة بل عالم متثبت .أو جاهل متعلم .قال سعيد هي السنة أخي (الموطأ ، وسنن البيهقي).
وينتهي الأمر عند هذا الحد دون أن يحتد طرف ويتهم الآخر بالجهل ،أو يزعم لنفسه إصابة الحق ومايراه غيره الباطل ، فذهب سعيد والحجازيين أن دية المرأة كدية الرجل حتي تبلغ الثلث من ديته . فما زاد عن الثلث تكون فيه ديتها نصف دية الرجل ،ذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (عقل المرأة مثل عقل الرجل حتي تبلغ الثلث من ديتها)(أخرجه النسائي والدارقطني)
وناظر الشعبي (عامر بن شراحيل الكوفي) رجلاً في القياس ،فقال له :أرايت لوقتل الأحنف بن قيس وقتل معه طفل صغير أكانت ديتهما واحدة أم يفضل الأحنف لعقله وحلمه ؟ قال الرجل : بل سواء ،قال: فليس القياس بشئ .
والتقى الأوزاعي بأبي حنيفة في مكه فقال الاوزاعي:مابالكم لا ترفعون أيدكم عند الركوع والرفع منه ؟ فقال ابو حنيفة لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال الأوزاعي كيف وقد حدثني الزهري عن سالم عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وعند الركوع وعند الرفع منه.
فقال ابو حنيفة : حدثنا حماد عن ابراهيم عن عقلمة الأسود عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ولا يعود لشئ من ذلك .
فقال الأوزاعي أحدثك عن الزهري عن سالم ،عن أبيه وتقول حدثني حماد عن ابراهيم؟
فقال ابو حنيفة : كان حماد أفقه من الزهري ،وكان إبراهيم أفقه من سالم وعلقمة ليس بدون ابن عمر ،وان كان لابن عمر فضل صحبة فالأسود له فضل كثير،وعبد الله هو عبد الله ،فسكت الأوزاعي .
ونقل عن ابو حنيفة أنه قال : (هذا الذي نحن فيه رأي لا نجبر أحداً عليه ولا نقول : يجب علي احد قبوله بكراهية فمن كان عنده شئ أحسن منه فليأت به ).
فالجميع متبعون ،فحين تصح السنة لا يخالفها أحد وإذا حدث فإنه اختلاف في فهمها ،ويسلم كل للآخر ما يفهمه ، مادام اللفظ يحتمله ، ولا شئ من الأدلة الصحيحة عند الفريقين يعارضه .