المساعد الشخصي الرقمي

اعرض النسخة الكاملة : أدب الاختلاف في الاسلام الحلقة الرابعة مذاهب الأئمة ومعالها


m7b Alrswl
17.09.2010, 00:19
اختلاف مناهج الأئمة في الاستنباط:
المذاهب الفقهية التي ظهرت بعد عصر الصحابة وكبار التابعين يعدها بعضهم ثلاثة عشر مذهباً وينسب جميع أصحابها إلي ((أهل السنة)) الذي كان وبقي مذهب جماهير المسلمين وعامتهم ولكن لم ينل حظ التدوين سوي فقه ثمانية أو تسعة من هؤلاء الأئمة عرفت أصول مذاهبهم ومناهجهم الفقهية وهؤلاء هم :
1-الإمام أبو سعيد الحسن بن يساتر البصري توفي سنة (110هـ)
1.الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي توفي سنة((150هـ))
2.الإمام الأوزاعي أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن محمد توفي سنة(157هـ)
3.الإمام سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري توفي سنة (160هـ)
4.الإمام الليث بن سعد توفي سنة(175هـ)
5.الإمام مالك بن أنس الأصبحي توفي سنة(198هـ)
6.الإمام محمد بن ادريس الشافعي توفي سنة (204هـ)
7.الإمام أحمد بن حنبل توفي سنة (241هـ)
هناك الإمام داود علي الأصبهاني البغدادي المشهور بالظاهري نسبة إلي الأخذ بظاهر ألفاظ الكتاب والسنة توفي سنة (270هـ) .
وغير هؤلاء كثير أمثال: إسحاق بن راهويه المتوفي سنة 238هـ وأأبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي المتوفي سنة 240هـ وهناك أخرون لم تنتشر مذاهبهم ،ولم يكثر أتباعهم ،أو اعتبروا مقلدين لأصحاب المذاهب المشهورة .
اما الذين تأصلت مذاهبهم وبقيت إلي يومنا هذا ولا يزال لها الكثير من المقلدين في ديار الأسلام كلها ،ولايزال فقههم وأصول مدار التفقه والفتوي عند الجمهور أولئك هم الأئمة الأربعة ابو حنيفة والشافعي وأحمد .
مناهج الأئمة المشهورين:
يعتبر الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد فقهاء حديث وأثر فهم الذين تلقوا فقه أهل المدينة وحملوا علومهم أما الإمام أبو حنيفة فهو وارث فقه الرأي ومقدم مدرستهم في عصره .
إن الاختلاف الذي كان بين مدرسة ((سعيد بن المسيب))التي قامت علي فقه الصحابة وآثارهم ،وسار علي نهجها المالكية والشافعية والحنابلة وبين مدرسة ((إبراهيم النخعي))التي تعتمد الرأي إن غاب الأثر ،هذا الاختلاف كان طبيعياً أن ينتقل إلي كل من أخذ بمنهج احدي المدرستين ،لا ينكر أحد أن الخلاف قد خفت حدته كثيراً في هذا الطور ،ذلك أنه بعد انتقال الخلافة إلي بني العباس ،نقل العباسيون بعض كبار علماء الحجاز إلي العهراق لنشر السنة هناك منهم :ربيعة بن أبي عبد الرحمن ،ويحي بن سعيد ،وهشام بن عروة ،ومحمد بن اسحاق وغيرهم ،كما أن بعض العراقيين رحلوا إلي المدينة وتلقوا عن علمائها كأبي يوسف يعقوب بن ابراهيم ،ومحمد بن الحسن اللذين أخذوا عن مالك ،كما انتقل كثير من آراء العراقيين وأفكارهم إلي الحجاز كانتقال مالكاً والشافعي وأحمد يشكلون منهجاً متقارباً فيما بينهم وان اختلفوا في بعض مناهج الاستنباط وطرائقه علي حين تميز الإمام أبو حنيفة عنهم في منهجه.
منهج الأمام أبو حنيفة :
بقي الإمام أبو حنيفة رمزاً لمنهج مختلف عن مناهج الأئمة الثلاثة وبشكل ظاهر ،فقواعد مذهبه كما بينها هو تتلخص بقوله ((إني آخذ بكتاب الله إذا وجدته ،فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول الله صلى الله علي وآله وسلم والأثار الصحاح عنه صلى الله عليه وآله وسلم التي فشت في أيدي الثقات ،فإذا لم أجد في كتا بالله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخذت بقول أصحابه ،آخذ بقول من شئت ثم لا أخرج عن قولهم إلي قول غيرهم .فإذا انتهي الأمر إلي إبراهيم والشعبي وابن المسيب (وعدد رجالاً )فلي أن أجتهد كما اجتهدوا )).
هذه هي الصول الكبري لمذهب أبي أبي حنيفة ،وهناك أصول فرعية أو ثانوية مفرغة علي هذه الأصول أو راجعة إليها ،هي التي يبدو فيها الخلاف ويظهر كقولهم ((قطيعة دلالة اللفظ العام كالخاص)).....
[ العام هو: اللفظة المستغرقة لجميع ما وضعت له كلفظة ((كل))وجميع ونحوهما]
الخاص:[هو اللفظ الدال علي معين كأسماء الأعلام ونحوها]
القطعي هو:[ما يفيد القطع أي الجزم ،وأحياناً تكون النصوص قطعية الدلالة وقطعية الثبوت كآيات القران الظاهرة ،ونصوصه الصحيحة المحكمة ،وأحياناً تكون النصوص قطعية الثبوت ظنية الدلالة ،وذلك حينما تثبت بطريقة لا يقبل الاحتمال ويفيد القطع كآيات الكتاب والأحاديث المتواترة ،فإذا كان المعني يحتمل أكثر من وجه كان ظني الدلالة علي المعني المحتمل كقوله تعالي )يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ )(البقرة: من الآية228)فهذا نص قطعي لأنه قرآن ،لكنه ظني الدلالة علي الطهر او الحيض فإن العلماء قد اختلفوا في المراد بالقرء أهو الحيض أم الطهر ،وبكل قال فريق .]....((ومذهب الصحابي علي خلاف العموم مخصوص له ))((وكثرة الرواة لا تفيد الرجحان)) ((وعدم اعتبار مفهوم الشرط والصفة ))((وعدم قبول خبر الواحد فيما تعم البلوي ))((ومقتضى الأمر الوجوب قطعاً مالم يرد صارف)) و ((اذا خالف الراوي الفقيه روايته بأن عمل علي خلافها :فالعمل بمارأي لا بما روي)) و((تقديم القياس الجلي علي خبر الواحد المعارض له )) و((الأخذ بالأستحسان وترك القياس عندما تظهر إلي ذلك حاجة )) ولذلك نقلوا عن الأمام أبي حنيفة قوله ((علمنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه ،ومن جاءنا بأحسن منه قبلناه )).
منهج الإمام مالك :
اما الأمام مالك رحمه الله فذو منهج مختلف ،فهو يقول ((أفكلما جاءنا رجل تركنا ما نزل به جبريل علي محمد صلى الله عليه وآله وسلم )) وقد مربنا أن مذهبه هو مذهب الحجازيين أصحاب مدرسة الإمام سعيد بن المسيب رحمه الله ،وتتلخص قواعد مذهب مالك بما يلي :
الأخذ بنص الكتاب الكريم
ثم بظاهره وهو العموم
ثم بدليله وهو مفهوم المخالفة
ثم بمفهومه (وويريد مفهوم الموافقة )
ثم بتنبيه وه تنبيه علي العلة كقوله تعالي: )ٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً)(الأنعام: من الآية145)
وهذه الأصول خمسة ومن السنة مثلها فتكون عشرة .
·ثم الأجماع
·ثم القياس
·ثم عمل أهل المدينة
·ثم الأستحسان
·ثم الحكم بسد الذرائع
·ثم المصالح المرسلة
·ثم قول الصحابي (إن صح سنده وكان من الأعلام )
·ثم مراعاة الخلاف (إذا قوي دليل المخالف).
·ثم الاستصحاب
·ثم شرع من قبلنا .
منهج الإمام الشافعي:
واما قواعد وأصول مذهب الإمام الشافعي، رحمه الله، فهي ما اجمله في رسالته الأصولية (الرسالة) التي تعتبر أول كتاب أصولي جامع أُلف في الأسلام .
قال رحمه الله ((الأصل قرآن وسنة ، فإن لم يكن فقياس عليهما ،وإذا اتصل بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصح الأسناد به فهو المنتهي ، والأجماع أكبر من الخبر المفرد ، والحديث علي ظاهره وإذا احتمل المعاني فما أشبه منها ظاهرة أولاها به .وإذا تكافأت الأحاديث فأصحها إسناداً اولاها ، وليس المنقطع بشئ ماعدا منقطع بن المسيب ،ولا يقاس أصل علي أصل ولا يقال للأصل لم وكيف ؟ وإنما يقال للفرع لم ؟ فإذا صح قياسه علي الأصل صح وقامت به الحجة .))
فالإمام الشافعي إذاً يري أن القرآن والسنة سواء في التشريع فلا يشترط في الحديث شرطاً غير الصحة والأتصال لأنه أصل ، والأصل لا يقال له لم وكيف ؟ فلا يشترط شهرة الحديث وإذا ورد فيما تعم به البلوي – كما اشترط ذلك اإمام أيو حنيفة – ولم يشترط عدم مخالفة الحديث لعمل أهل المدينة – كما اشترط ذلك مالك – ولكنه لم يقبل من المراسيل إلا مراسيل سعيد بن المسيب ، لأن لها طرق متصلة عنده ، وقد خالف في هذا مالكاً والثوري ومعاصريه من أهل الحديث الذين كانوا يحتجون بها وأنكر الأحتجاج ب(الاستحسان ) مخالفاً في ذلك المالكية والحنفية معاً ، وكتب في رد الأستحسان كتابه (إبطال الأستحسان ) وقال قولته المشهورة (من استحسن فقد شرع ) كما رد ( المصالح المرسلة ) وأنكر حجيتها ، وأنكر الأحتجاج بقياس لا يقوم علي علة منضبطة ظاهرة ، وأنكر الأحتجاج بعمل أهل المدينة ، كما أنكر علي الحنفية تركهم العمل بكثير من السننن لعدم توافر ما وضعوه فيها من الشروط كالشهرة ونحوها ، كما أنه لم يقتصر – كمالك – علي الأخذ بأحاديث الحجازيين.
هذه هي أهم وأبرز أصول مذهب الامام الشافعي إجمالاً ، وفيها من المخالفة لأصول الحنفية والمالكية ما لا يخفي .
منهج اإمام أحمد بن حنبل :
وأما الأمام أحمد رحمه الله فقواعد مذهبه شديدة القرب من قواعد المذهب الشافعي التي تقدم ذكرها فهو يأخذ :
أولاً: بالنصوص في القرآن والسنة، فإذا وجدها لم يلتفت الي سواها ، ولا يقدم علي الحديث الصحيح المرفوع شيئاً من ( عمل أهل المدينة أو الرأي او القياس أو قول الصحابي أو الاجماع القائم علي عدم العلم بالمخالف )
ثايناً : إن لم يجد في السألة نصاً انتقل الي فتوي الصحابة ، فإذا وجد قولاً لصحابي لا يعلم له مخالفاً من الصحابة لم يعده الي غيره ، ولم يقدم عليه عملاً ولا رأياً ولا قياساً .
ثالثاً: فإذا اختلف الصحابة تخير من أقولهم أقربها الي الكتاب والسنة ولم يخر عن أقوالهم ، فإن لم يتضح له الأقرب الي الكتاب أو السنة حكي الخلاف ولم يجزم بقول منها .
رابعاً : يأخذ بالحديث المرسل والضعيف إذا لم يجد أثر يدفعه أو قول صحابي أو إجماعاً يخالفه ويقدمه علي القياس .
خامساً : القياس عنده دليل ضرورة يلجأ اليها حين لا يجد واحداً من الأدلة المتقدمة .
سادساً : يأخذ بسد الذرائع .
منهج الأمام الظاهري :
ولعل من المناسب التعرض الي قواعد المذهب الظاهري وأصوله بإختصار ،ذلك لأن هذا المذهب من المذاهب الإسلامية ذات الأثر والتي لا يزال لها بين أهل السنة اتباعاً ، وقد وقع أشد انواع الخالف بين الظاهرية وبين الحنفية ثم المالكية ثم الجنابل ثم الشافعية وقد كان داود يعترف للشافعي بكثير من الفضل .
وأبرز أصول المذهب الظاهري : التمسك بظواهر آيات القرآن الكريمة والسنة وتقديمها علي مراعاة المعاني والحكم والمصالح التي يظن لأجلها أنها شرعت . ولا يعمل بالقياس مالم تكن العلة منصوصة في المحل الأول (المقيس عليه)ومقطوعاً بوجودها في المحل الثاني (المقيس) بحيث ينزل الحكم منزله (تحقيق المناط) .
كما يحرم العمل بالأستحسان ، ويستبدل بالأجماع الواقع في عصر الصحابة فقط ؛ ولا يعمل بالمرسل والمنقطع خلافاً للمالكية والحنفية والحنابلة ولا يعمل بشرع من قبلنا ، ولا يحل لأحد العمل بالرأي لقوله تعالي : )مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء)(الأنعام: من الآية38) وتعدية الحكم المنصوص عليه إلي غيره تعد لحدود الله تعالي ولا يحل لأحد القول بمفهوم المخالف .
والتقليد حرام علي العامي كما هو حرام علي العالم وعلي الملكف جهده الذي يقدر عليه من الأجتهاد .
وللدكتو ر( طــــــــــه جابر فياض العلواني ) هنا كلمة :
يقول : والحقيقة أن كثيراً من الأصول التي تنسب إلي الأئمة المتبوعين هي أصول مخرجة علي أقوالهم ،لا تصح بها الروايات عنهم ،فالتشبث بها ،والدفاع عنها ،وتكلف إيراد الاعتراضات والاجابات عنها ،والرد علي مخالفها ،والانشغال بكل ذلك عن كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،ذلك كله من أبرز دواعي الاختلاف السئ الذي لم يهدف اليه الأئمة أنفسهم رحمهم الله ، وقد أبعد هذا المتأخرين من المسلمين عن معالي الأمور ،وشغلهم بسفاسفها حتي تدنت الي ذلك الدرك الهابط الذي تتمرغ فيه اليوم .

m7b Alrswl
17.09.2010, 00:24
الحلقة الثالثة
http://www.kalemasawaa.com/vb/t8691.html