و لعل فى النص السابق وصف لمجئ المسلمين من أماكن بعيدة من شتى بقاع الأرض إلى مكة لأداء الحج و العمرة
6 تَكْتَظُّ أَرْضُكِ بِكَثْرَةِ الإِبِلِ. مِنْ أَرْضِ مِدْيَانَ وَعِيفَةَ تَغْشَاكِ بُكْرَانٌ، تَتَقَاطَرُ إِلَيْكِ مِنْ شَبَا مُحَمَّلَةً بِالذَّهَبِ وَاللُّبَانِ وَتُذِيعُ تَسْبِيحَ الرَّبِّ.
و من المعروف أن أهل مكة كانوا يخرجون فى رحلتين للتجارة رحلة الشتاء و رحلة الصيف فيشترون البضائع من البلاد البعيدة و يعودون بها إلى مكة
فضلا عن النشاط التجارى فى مكة أثناء الحج
فقد يأتى الناس بالبضائع من البلاد البعيدة و يبيعونها فى مكة أثناء الحج
جَمِيعُ قُطْعَانِ قِيدَارَ تَجْتَمِعُ إِلَيْكِ، وَكِبَاشُ نَبَايُوتَ تَخْدُمُكِ، تُقَدِّمُ قَرَابِينَ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي، وَأُمَجِّدُ بَيْتِي الْبَهِيَّ.
قيدار و نبايوت هم من أبناء إسماعيل عليه السلام
وَهَذَا سِجِلُّ مَوَالِيدِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي أَنْجَبَتْهُ هَاجَرُ الْمِصْرِيَّةُ جَارِيَةُ سَارَةَ لإِبْرَاهِيمَ. وَهَذِهِ أَسْمَاءُ أَبْنَاءِ إِسْمَاعِيلَ مَدَوَّنَةً حَسَبَ تَرْتِيبِ وِلاَدَتِهِمْ: نَبَايُوتُ بِكْرُ إِسْمَاعِيلَ، وَقِيدَارُ وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ، وَمِشْمَاعُ وَدُومَةُ وَمَسَّا، 15وَحَدَارُ وَتَيْمَا وَيَطُورُ وَنَافِيشُ وَقِدْمَةُ" التكوين 25 :12-14
و هؤلاء هم جدود العرب
و المقصود أن أغنام العرب تقاد إلى مكة و تذبح عند بيت الله الحرام
و فى النص إشارة واضحة و قاطعة لما يقوم به الحجاج من نحر الهدى
و نلاحظ أن النص يتحدث عن بيت الله و يصفه بالبهى
8 مَنْ هُؤُلاَءِ الطَّائِرُونَ كَالسَّحَابِ وَكَالْحَمَامِ إِلَى أَعْشَاشِهَا؟
9 فَالْجَزَائِرُ تَنْتَظِرُنِي، وَفِي الطَّلِيعَةِ سُفُنُ تَرْشِيشَ حَامِلَةٌ أَبْنَاءَكِ لِتَأْتِيَ بِهِمْ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ، وَمَعَهُمْ فِضَّتُهُمْ وَذَهَبُهُمْ، تَكْرِيماً ِلاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكِ وَلِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ قَدْ مَجَّدَكِ.
و فى النص إشارة إلى مجئ الحجاج من الأماكن البعيدة فى السفن و معهم ثرواتهم و أيضا جوا فى زمننا راكبين الطائرات
تَنْفَتِحُ أَبْوَابُكِ دَائِماً وَلاَ تُوْصَدُ لَيْلَ نَهَارَ، لِيَحْمِلَ إِلَيْكِ النَّاسُ ثَرْوَةَ الأُمَمِ، وَفِي مَوْكِبٍ يُسَاقُ إِلَيْكِ مُلُوكُهُمْ،
أبواب مكة لا تغلق ليلا و لا نهارا ففى كل وقت يدخل الناس إليها و معهم ثرواتهم و خيرات بلادهم لأداء الحج و العمرة
لأَنَّ الأُمَّةَ وَالْمَمْلَكَةَ الَّتِي لاَ تَخْضَعُ لَكِ تَهْلِكُ، وَهَذِهِ الشُّعُوبُ تَتَعَرَّضُ لِلْخَرَابِ السَّاحِقِ.
الأمم و الممالك التى عادت المسلمون و حاربتهم مثل الروم و الفرس كان مصيرها الهزيمة و انتصار المسلمين عليهم
13 يَأْتِي إِلَيْكِ مَجْدُ لُبْنَانَ بِسَرْوِهِ وَسِنْدِيَانِهِ وَشِرْبِينِهِ لِتَزْيِينِ مَوْضِعِ مَقْدِسِي، فَأَجْعَلُ مَوْطِيءَ قَدَمَيَّ مَجِيداً.
14 وَيُقْبِلُ إِلَيْكِ أَبْنَاءُ مُضَايِقِيكِ خَاضِعِينَ، وَكُلُّ الَّذِينَ احْتَقَرُوكِ يَنْحَنُونَ عِنْدَ قَدَمَيْكِ، وَيَدْعُونَكِ مَدِينَةَ الرَّبِّ، صِهْيَوْنَ قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ.
الثروات تحمل إلى مكة و أعداء المسلمين هزموا و حطمت ممالكهم
و تجدر الإشارة إلى أن العدد 14 يقول أن تلك المدينة تدعى صهيون
و نقول إن القدس ليس فيها بيت للرب تذبح عنده أغنام قيدار و العرب و لا يقبل عليها الناس من كل مكان بحرا و برا و جوا كما يحدث لمكة لأداء الحج و العمرة
فلا شك أن كلمة صهيون هى تحريف من اليهود
فإن أبي
النصارى أن يصدقونا
فنقول لهم بكل بساطة
أرونا بيت الرب الموجود فى صهيون الذى تذبح عنده غنم قيدار ةو أغنام العرب
و ربما يكون المقصود بصهيون هنا مدينة لها مكانة روحية و ليس صهيون الخاصة باليهود
15 وَبَعْدَ أَنْ كُنْتِ مَهْجُورَةً مَمْقُوتَةً لاَ يَعْبُرُ بِكِ أَحَدٌ، سَأَجْعَلُكِ بَهِيَّةً إِلَى الأَبَدِ، وَفَرَحَ كُلِّ الأَجْيَالِ،
كانت مكة صحراء جرداء لا زرع فيها و لا ماء
و كانت منطقة مهجورة لا يعبر بها أحد
قال الله عز و جل على لسان إبراهيم عليه السلام واصفا مكة فى سورة إبراهيم:
رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)
فقد كانت مكة واد ليس فيه زرع و دعا إبراهيم عليه السلام أن
يجعل الناس يمرون به
و قد أصبحت زيارة مكة بالفعل لأداء الحج و العمرة فرحا لكل الأجيال من المسلمين
وَلاَ يُسْمَعُ بِظُلْمٍ فِي أَرْضِكِ، وَلاَ بِدَمَارٍ أَوْ خَرَابٍ دَاخِلَ تُخُومِكِ،
قال تعالى فى سورة القصص
:
وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ۚ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57)
و قال سبحانه أيضا فى سورة العنكبوت
:
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67)
فكل من القرآن الكريم و نصوص العهد القديم تفيد أن مكة مكانا آمنا ليس فيه خراب أو دمار
.
19 وَلاَ تَعُودُ الشَّمْسُ نُوراً لَكِ فِي النَّهَارِ وَلاَ يُشْرِقُ ضَوْءُ الْقَمَرِ عَلَيْكِ لأَنَّ الرَّبَّ يَكُونُ نُورَكِ الأَبَدِيَّ، وَإِلَهُكِ يَكُونُ مَجْدَكِ.
20 وَلاَ تَغْرُبُ شَمْسُكِ مِنْ بَعْدُ، وَلاَ يَتَضَاءَلُ قَمَرُكِ، لأَنَّ الرَّبَّ يَكُونُ نُورَكِ الأَبَدِيَّ، وَتَنْقَضِي أَيَّامُ مَنَاحَتِكِ
كناية عن المنزلة الروحية العالية لمكة و أنها مصدر للهداية
21 وَيَكُونُ شَعْبُكِ جَمِيعاً أَبْرَاراً وَيَرِثُونَ الأَرْضَ إِلَى الأَبَدِ، فَهُمْ غُصْنُ غَرْسِي وَعَمَلُ يَدَيَّ لأَتَمَجَّدَ
صحابة النبي صلى الله عليه و سلم كانوا جميعا أبرارا و عدولا
و بعد أن كانوا مستضعفين مكن الله لهم و أورثهم أرض الفرس و الرومان و سائر الشعوب و صارت جزءا من الدولة الإسلامية
قال تعالى
:
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)