أختاه : كانت تلك الكلمات مقدمة لموضوع تلك الرسالة القصيرة التي أهديها إلى أُختي المسلمة الغالية , و اعلمي يا أختاه أنه لا راحة للقلب إلا في رضا الله و في طاعة الله , و لذلك فإنني أهدي إليكِ قوله تعالى :
(( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ )) ( الذاريات : 50 )
فهيا نُرضي ربنا و نفر إليه و هيا بنا نؤمن ساعة لعلها تكون آخر ساعة و بعدها نلقى النبي صلى الله عليه و سلم على الحوض و نعيش معه في جنة الرحمن , و ننظر إلى وجه الرحيم الرحمن .
إنها الجنة يا أُختاه
إننا اليوم نسير في طريقنا إلى الجنة .. و مع أول خطوة نخطوها نجد لافتة كبيرة مكتوب عليها
(( الحجاب قائد إلى جنة الرحمن )) و لذلك فلابد أن نعرف فضائل و مزايا الحجاب .
* الحجاب يجلب التقوى *
قال تعالى :
(( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ )) ( الأعراف : 26 )
أي نزلنا عليكم لباسين : لباسًا يستر عوراتكم و لباسًا يزينكم و تتجملون به
( وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ) , أي و لباس الورع و الخشية من الله تعالى خير ما يتزين المرء فإن طهارة الباطن أهم من جمال الظاهر .
و خيــر لبـاس المــرء طاعة بـــهِ ولا خيــر فيمـــن كــان الله عاصيًـــــــا
* الحجاب طهارة للقلب *
قال تعالى :
(( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) ( الأحزاب : 53 )
فعن عائشة أن عمر بن الخطاب قال : يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر و الفاجر فلو أمرتهن أن يتحجبن , فنزلت آية الحجاب :
(( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) ( الأحزاب : 53 )
فأثبتت تلك الآية أن الحجاب حائل بين المسلمين و بين شهوات النفوس و فتنة القلوب فهو يقطع أطماع أصحاب القلوب المريضة :
(( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ))( الأحزاب : 32 )
* الحجاب يجلب الحياء *
قال صلى الله عليه و سلم :
(( الحًيًاءُ مِنَ الإِيمَانِ وَ الإِيمَانُ فِي الجَنَّة ))رواه الترمذي و صححه الألباني . إنه لا شك في أن الحجاب يجعل المسلمة تشعر بقمية نفسها في ظل هذا الدين العظيم , بل إنه يجعلها تحذر دائمًا أن يصدر منها شيء يتنافى مع مظهرها الإسلامي الرائع , و لذلك فهويقودها شيئًا فشيئًا إلى الحياء .. و الحياء يفرض عليها الحجاب , و هكذا فإن الطاعة تؤدي إلى طاعة أخرى .
قالت أمنا عائشة رضي الله عنها :
(( كُنْتُ أَدْخُل البَيْت الَّذي دُفِنَ فِيه رَسُول الله صلى الله عليه و سلم و أَبي رضي الله عنه وَاضِعَة ثَوْبِي وَ أَقُول : إنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَ أَبِي , فَلَمَّا دُفِنَ عُمَر رضي الله عنه وَ الله مَا دَخَلْتُهُ إلَّا مَشْدُودَة عَلَىَّ ثِيَابِي حَيَاءً مِنْ عُمَر رضي الله عنه )) رواه أحمد و صححه الحاكم على شرط الشيخين .
* الحجاب دعوة إلى الستر *
قال صلى الله عليه و سلم :
(( أَيُّمَـا امْرَأَة وَضَعَت ثِيَابَهَا فِي غَيْر بَيْتِ زَوْجِهَا فَقَد هَتَكَت سِتْر مَا بَيْنهَا وَ بَيْنَ الله عز و جل )) رواه أحمد و صححه الألباني . فمن حافظت على حجابها فقد فازت بستر الله عليها في الدنيا و الآخرة و كانت من أهل الجنة التي هي دار الستر .
* الحجاب هو الفطرة *
فالحجاب و الستر هو فطرة المرأة فهي بطبعها لا تحب أن يراها أحد حتى إن المسلمة صاحبة الحياء تستحي و الله من زوجها الذي أحلها الله له . ففظرة الإنسان تدعو إلى الستر , و فطرة الحيوان تدعو إلى التعري .
* الحجاب عبودية لله *
إنه مشهد من مشاهد العبودية لله , لأن الذي أمرها بذلك هو الله :
(( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ )) ( النور : 31 )
و المسلمة التي تذعن لأمر الله هي التي امتلأ قلبها حبًا لله . فقضية الحجاب ليست منفصلة عن شرع الله و منهجه للحياة .. إنها قضية ترتبط بالعقيدة و الشريعة في آن واحد .
* الحجاب يقودك إلى حُسن الخاتمة *
يقول أحد السلف الصالح : إذا أردت أن تعرف عند الله مقامك فانظر فيما أقامك . فإن أقام الله الأخت المسلمة فى طاعة و الحجاب فتلك منزلتها عند ربها , بل إن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
(( إِذَا أَرَادَ الله بِعَبْد خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ ))قِيلَ كَيْفَ يَسْتَعْمَلَهُ ؟ قَالَ : (( يُوَفِّقَهُ لِعَمَلِ صَالِحٍ قَبْلَ المَوْتِ ثُمَّ يَقْبِضَهُ عَلَيْهِ ))رواه الترمذي و صححه الألباني
فإن وفقكِ الله للحجاب لآخر لحظة في عمرك فقد استعملك فاسجدي لله شكرًا أيتها الأخت الطاهرة .
* الحجاب وقاية من العذاب *
قال صلى الله عليه و سلم :
(( صَنْفَان مِنْ أَهْلِ النَّار لَمْ أَرَهُمَا - و ذكر منهما - وَ نِسَاء كَاسِيَات عَارِيَات )) رواه مسلم .
فمن لبست حجابها فقد أبعدت نفسها عن عذاب الله عزو جل .
*الحجاب عنوان المرأة الحرة *
فعن السدي : أن الفُساق كانوا يؤذون النساء إذا خرجن بالليل فإذا رأوا المرأة عليها قناع (( حجاب )) تركوها و قالوا : هذه حُــرة , و إذا رأوها بغير قناع قالوا : إنها أمة فآذوها . فأنزل الله :
(( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً )) ( الأحزاب : 59 )
* الحجاب عِفـــة *
لقد خاطب الله عز وجل العجائز من النساء اللاتي لا يرغب فيهن الرجال بهذا الخطاب فقال :
(( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )) ( النور : 60 )
أي لا حرج و لا إثم أن يضعن بعض ثيابهن كالرداء و الجلباب و يظهرن أمام الرجال بملابسهن المعتادة التي لا تلفت انتباهًا و لا تثير شهوة
( غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ) أي : غير متظاهرات بالزينة لينظر إليهن
( وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ) أي : و أن يستترن بارتداء الجلباب و لبس الثياب كما تلبسه الشابات من النساء مبالغة فى التستر و التعفف خير لهن و أكرم و أزكى عند الله و أطهر .
* الحجاب خطاب لكل مؤمنة *
إن الله عز و جل لم يخطاب بالحجاب إلا كل مؤمنة تؤمن بالله و اليوم الآخر .. قال تعالى
(( وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ )) , و قال تعالى :
(( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ )) ,
.و هكذا فإن الإستجابة لأمر الله لا تكون إلا من المؤمنة الصادقة التي لامس الإيمان شغاف قلبها