اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 07.06.2009, 13:57
صور هِداية الرمزية

هِداية

عضوة مميزة

______________

هِداية غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 29.05.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 438  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
23.03.2014 (22:22)
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي رد: أهمية رحابة صدر الداعية وسماحة نفسه


ثانياً: الحلم والأناة:
في مسيرة الدعوة تمر بالداعية أحداث مثيرة، وأفعال مستفزة، والناس – باختلاف طبائعهم – تختلف مواقفهم إزاء المثيرات التي تعمل على دفعهم نحو الرعونة والطيش، فمنهم من "تستخفه التوافه فيستحمق على عجل، ومنهم من تستفزه الشدائد فيبقى على وقعها الأليم محتفظاً برجاحة فكره وسجاحة خلقه"[13].
والحلم "فضيلة خلقية نافعة تقع في قمة عالية دونها منحدرات، فهو أناة حكيمة بين التسرع والإهمال أو التواني، وضبط للنفس بين الغضب وبلادة الطبع، ورزانة بين الطيش وجمود الإحساس"[14].
والأناة عند الداعية إلى الله تعالى "تسمح له بأن يُحكم أموره، ويضع الأشياء في مواضعها، بخلاف العجلة فإنها تعرضه للكثير من الأخطاء والإخفاق، وتعرضه للتعثر والارتباك، ثم تعرضه للتخلف من حيث يريد السبق، ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، وبخلاف التباطؤ والكسل فهو أيضاً يعرض للتخلف والحرمان من تحقيق النتائج التي يرجوها"[15]، وقد امتدح النبي r الأشج فقال "إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة"[16]. فرحابة الصدر وسعة النفس تقتضي عدم الانفعال المخرج عن حد الصواب والاعتدال، وجمهور الدعوة قد يقع منهم ما يدفع إلى الغضب، وكثيراً ما يتصرفون بدافع من العجلة والرغبة في الحصول على النتائج السريعة، ومجاراة الداعية لهم في الحالتين خلل في مسلك الدعوة، لأن المسايرة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة، وقد يكون أولئك العامة مندفعين إلى تلك العواقب بحمية عصبية وحماسة استفزازية، "لكن المصلحين العظماء لا ينتهون بمصائر العامة إلى هذا الختام الأليم، إنهم يفيضون من أناتهم على ذوي النزق حتى يلجئوهم إلى الخير إلجاءً، ويطلقوا ألسنتهم تلهج بالثناء"[17].
ومن الأمثلة من سيرة النبي r ما رواه أنس بن مالك حيث قال: جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجره الناس، فنهاهم النبي r فلما قضى بوله أمر النبي r بذنوب ماء فأهريق عليه[18].
ومواقف أخرى كثيرة تبين حلمه الذي لا يندفع فيه مع مقتضى الطبع، ولا يمضي معه وفق أعراف الجاهلية وانتصاراتها المبنية على الحمية؛ لأن "الجاهلية التي عالج رسول الله r محوها كانت تقوم على ضربين من الجهالة، جهالة ضد العلم وأخرى ضد الحلم، فأما الأولى فتقطيع ظلامها يتم بأنواع المعرفة وفنون الإرشاد، وأما الأخرى فكف ظلمها يعتمد على كبح الهوى ومنع الفساد، وقد كان العرب الأولون يفخرون بأنهم يلقون الجهل بجهل أشد.
ألا لا يجهلن أحد علينا



فنجهل فوق جهل الجاهلينا[19]








توقيع هِداية


رد باقتباس