السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الى شيخنا الفاضل عبدالرحمن السحيم
افتونا بهذا الموضوع
بارك الله فيكم
الصيام ريجيم إسلامي
الجواب:
جواب الشيخ عبدالرحمن السحيم حفظه الله
عضو مركز الدعوة والإرشاد
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك .
هذا ليس بصحيح مِن ثلاثة أوجه :
الوجه الأول :
أن الصيام عِبادة وطاعة وقُرْبَة لله تبارك وتعالى قبل أن يكون صِحّة ، فالصيام إنما شُرِع لتحقيق
التقوى ، كما قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) .
بل إن الله عزّ وجلّ ما أنْزَل الكُتُب ، ولا أرسل الرُّسُل ، ولا شَرَع الشرائع إلاّ لتحقيق التقوى ، كما
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) .
فتحقيق التقوى أعظم مقصود من فَرْض الفرائض ، وتشريع الشرائع .
الوجه الثاني :
أن تلك الدراسات الطبية – إن صَحّت – والتي أُجرِيت على مَن امتنع عن الطعام والشراب لم يُتَّبَع
فيه هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كان عليه الصلاة والسلام يُفطِر على رُطبات ، فإن لم يكن
فعلى تمرات ، فإن لم يجد احتسى حسوات من ماء .
فعلى من يُريد إجراء دراسات عن الصيام فليتّبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم ليرى كيف تكون
نتيجة الصيام ، وأن هدْيَه عليه الصلاة والسلام أكمل هدي ، وأصَحّ هدي .
وقد أثبتت دراسات طبية فوائد الإفطار على الرطب أو على التمر ؛ وذلك لاحتواء التمر على
سُكّريات مُتوازنة ، بالإضافة إلى كون الجسم يمتصّ تلك السكريات سريعا . فيتمّ تعويض الجسد ما
فقده أثناء النهار من سُكريات بل ومن مواد أخرى ، مثل : الماء والدهون .
وهذا قد ذَكَره العلماء قديما ، وذكره الأطباء حديثا .
قال ابن القيم : طَبْعُ الرّطَبِ طَبْعُ الْمِيَاهِ ، حَارّ رَطْبٌ ، يُقَوّي الْمَعِدَةَ الْبَارِدَةَ وَيُوَافِقُهَا .
وقال في فَوَائِدُ فِطْرِ الصّائِمِ على الرُّطَب : وَفِي فِطْرِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الصّوْمِ عَلَيْهِ أَوْ
عَلَى التّمْرِ أَوْ الْمَاءِ تَدْبِيرٌ لَطِيفٌ جِدّا ، فَإِنّ الصّوْمَ يُخَلّي الْمَعِدَةَ مِنْ الْغِذَاءِ ، فَلا تَجِدُ الْكَبِدُ فِيهَا مَا
تَجْذِبُهُ وَتُرْسِلُهُ إلَى الْقُوَى وَالأَعْضَاءِ ، وَالْحُلْوُ أَسْرَعُ شَيْءٍ وُصُولا إلَى الْكَبِدِ ، وَأَحَبّهُ إلَيْهَا ، وَلا
سِيّمَا إنْ كَانَ رُطَبًا ، فَيَشْتَدّ قَبُولُهَا لَهُ ، فَتَنْتَفِعُ بِهِ هِيَ وَالْقُوَى ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالتّمْرُ لِحَلاوَتِهِ وَتَغْذِيَتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَحُسُوَاتُ الْمَاءِ تُطْفِئُ لَهِيبَ الْمَعِدَةِ وَحَرَارَةَ الصّوْمِ ، فَتَتَنَبّهُ بَعْدَهُ لِلطّعَامِ وَتَأْخُذُهُ بِشَهْوَةٍ . اهـ .
وقال ابن حجر في الإفطار على التمر قبل صلاة العيد : والحكمة في استحباب التمر لِمَا في الحلو
من تقوية البصر الذي يُضْعِفه الصَّوم ، ولأن الحلو مما يُوافِق الإيمان ، ويُعَبَّر به المنام ، ويَرِقّ به القلب ، وهو أيسر من غيره . اهـ .
وقال الدكتور عبد الباسط محمد سيد : فالتمر غني بالسكريات الأحادية التي تٌعطي سعرات حرارية
عالية في فترة زمنية قصيرة لسهولة هضمه وامتصاصه ، لذلك أوصى الرسول صلى الله عليه
وسلم الصائمين أن يبدءوا إفطارهم بِرُطَب أو تمر لكي يُعَوِّضوا ما فقدوا من سكريات في يوم
صيامهم ... وقد أوضحت الدراسات العلمية والطبية الحديثة صحة وفاعلية ما نَصَح به الرسول صلى الله عليه وسلم الصائمين عن بدء إفطارهم .
الدكتور أحمد عبد الرؤوف هشام ، والدكتور علي أحمد الشحات - النتائج التالية :
1- إن تناول الرطب أو التمر عند بدء الإفطار يزود الجسم بنسبة كبيرة من المواد السكرية فتزول
أعراض نقص السكر ويتنشط الجسم
2- إن خلو المعدة والأمعاء من الطعام يجعلهما قادرين على امتصاص هذه المواد السكرية
البسيطة بسرعة كبيرة .
3- إن احتواء التمر والرطب على المواد السكرية في صورة كيميائية بسيطة يجعل عملية هضمها
سهلا جدا ، فإن ثلثي المادة السكرية الموجودة في التمر تكون على صورة كيميائية بسيطة ، وهكذا
يرتفع مستوى سكر الدم في وقت وجيز .
4- إن وجود التمر منقوعا بالماء ، واحتواء الرطب على نسبة مرتفعة من الماء ( - 70 % )
يزود الجسم بنسبة لا بأس بها من الماء ، فلا يحتاج لشرب كمية كبيرة من الماء عند الإفطار
الوجه الثالث :اعتبار صلاة التراويح رياضة !
والصلاة إنما شُرِعت لِذكر الله قبل كل شيء ، بل هذا في كثير من الفرائض .
قال صلى الله عليه وسلم : إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذِكْر
الله . رواه الإمام أحمد وأبو داود . وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن .
شرع الله الصوم وجعل له شهراً قمرياً كاملاً تتراوح مدته بين 29 إلى 30 يوماً ، وهو الشهر الذي
كان فيه أول نزول الوحي بالقرآن الكريم ، يقول الله تعالى في الآية 185 من سورة البقرة :
( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) .
وتشير دراسة قام بها " جليسون ومايجون " عام 1988 إلى أن الصيام الكامل لأكثر من 37
ساعة ينقص من القدرة على العمل كما يقلل القدرة العضلية ويهدد الجهاز الدوري بشدة ويوضح "
وليام ومارلي" أن زيادة كمية العرق الناتج عن ممارسة النشاط الرياضي أثناء الصيام كنتيجة
لزيادة درجة حرارة الجسم تؤدي إلى تقليل كفاءة الأنزيمات العاملة على حرق الدهون .
- كما يعمل على :
اضطرابات في التوازن الأيوني المحلى للجسم ، وبالذات في البوتاسيوم الذي ينتج عنه اختلال ضربات القلب .
- زيادة مشاكل الجهاز الدوري .
- حدوث جلطات الأوعية الدموية .
- احتمال حدوث تأثير ضار بالكليتين .
وقد لوحظ أن تناول الطعام بعد الصيام له تأثير كبير على زيادة تكوين الدهون من مركبات تتكون أثناء الصيام ، كما أن طول فترة الصيام من 15-16 ساعة وشعور الصائم بالجوع يساعد على تناول الطعام بنهم وبكمية كبيرة خاصة عند الإفطار مما يعوض الانخفاض الحاد خلال النهار ، والامتناع عن تناول الطعام يمكن أ، يؤدي إلى فقد النسيج العضلي حيث تستنفذ العضلات الجليكوجين فيبدأ الجسم في اللجوء إلى الأحماض الأمينية ليحولها إلى جلوكوز، وفي إحدى التجارب على الفئران لمدة ستة أسابيع من التجويع وتناول وجبة واحدة زادت أنزيمات تخزين الدهن عشرة أضعاف قدرها واستغرقت من الوقت 18 أسبوعاً لتعود إلى حالتها وكميتها الطبيعية بعد انتهاء النظام الغذائي ، ويرى " جينارو جوزيف " عام 1974 أن انقاص السعرات الحرارية الداخلة للجسم يومياً إلى 1000 سعر أو أقل تؤثر على مقاومة الجسم وقد يسبب الصيام اليومي مشاكل في الهضم والتمثيل الغذائي والإحساس بالتعب الناتج عن الجوع والقلق والدوخة والرغبة والنوم وعند الصيام يجب مراعاة تجنب الآتي :
- زيادة فقد البروتين من الجسم .
- إنقاص المواد المعدنية والفيتامينات في الغذاء .
- الضيق الذي ينشأ من اشتداد الجوع والضعف الشديد .
حيث يمكن تجنب ذلك عن طريق تعويض الجسم بعض المواد الغذائية والمعادن والفيتامينات كما يمكن التغلب على حالة الضيق الناشئ ( عن اشتداد الجوع بالانشغال في أنشطة رياضة هادفة ) .
احتياجات الجسم من الطاقة :
تختلف كمية السعرات اللازمة والضرورية للحياة ولقيام الأجهزة الداخلية بوظائفـها من شخص لآخر "القاعدي" تبعاً لعوامل متعددة أهمها وزن الجسم وطوله والسن .
النشاط الرياضي واستهلاك الطاقة :
تؤكد الدراسات بطلان الاعتقاد بأن التمرين يؤدي إلى استهلاك قليل من السعرات الحرارية حيث
تتراوح السعرات اللازمة للأفراد بين 1500 سعر حراري للشخص الخامل إلى أكثر من 500
سعر حراري للشخص بالغ النشاط البدني بل أن الرياضيين غالباً ما يحتاجون إلى أكثر من 6000 سعر حراري يومياً وكمية السعرات المستهلكة خلال فترات التدريب كما تذكرها جداول " جان مايو " التي تحدد الطاقة المبذولة خلال فترات التدريب فقط حيث أثبتت دراسات " هيربرت ووليم " عام 1983 أن معدل التمثيل الغذائي يرتفع عند التدريب لمدة ساعة تقريباً .
يتم قياس استهلاك الأوكسجين بطريقتين :
- الطريقة المباشرة : وتتم بواسطة أجهزة عمليات تستخدم داخل معمل خاص حيث يتم تحليل هواء الزفير من اللاعب مباشرة عن طريق جهاز الاجواوكسكرين وفيها يتم سحب نسبة من الأوكسجين وثاني أوكسيد الكربون ، ويتم ذلك حالياً باستخدام أجهزة إلكترونية تعمل بالكمبيوتر وتعطي النتائج أولاً بأول .
- الطريقة غير المباشرة : وتتم بواسطة قياس النبض وتقدير استهلاك الأوكسجين بالاستعانة بجدول استراند وما يعرف باسم " استراند نوموجرام " ، وتوجد علاقة بين وزن الجسم ومعدل استهلاك الأوكسجين ، ويقاس بعدد ميلليلترات الأوكسجين مقابل كل كيلو جرام من وزن الجسم في الدقيقة الواحدة وتحسب بقسمة الحد المطلق لأقصى استهلاك للأوكسجين بالملليتر على وزن الجسم بالكيلو جرام فيكون تمييز الناتج ميللتر / كيلو جرام / دقيقة .
الأسس التي يعتمد عليها الريجيم الإسلامي بالصيام :
1- عدم الإسراف في الطعام مصداقاً لقوله تعالى : ( كلوا واشربوا ولا تسرفوا ) صدق الله العظيم .
2- ممارسة الرياضة الكبرى بكثير من المتعة والتمتع وهي صلاة التراويح .
3- المشي لمدة ساعة يومياً وممارسة بعض التمارين الرياضية لمدة نصف ساعة على الأقل قبل
الإفطار بساعة ونصف أو بعد صلاة التراويح على أن يحتوي البرنامج الغذائي على سعرات حرارية من ( 1200 – 2000 ) سعر حراري ليس أكثر .
4- على الصائم أن يتبع نفس نظام حياته العادية قبل الصيام ، وخاصة من حيث العمل والحركة والنوم .
5- الصيام فرصة للتعود على تنظيم الغذاء والاعتدال فيه ويمكن الاستمرار في نظام مشابه بعد رمضان .
6- على الصائم أن يدرك أن عملية إنقاص الوزن يجب أن تكون متدرجة وثابتة عن طريق حذف الأطعمة ذات الطاقة الزائدة ( الدهون والسكريات والنشويات ) ويحتاج ذلك إلى إرادة قوية مثل إرادتك .
7- الصيام فرصة لراحة المعدة فلا تسرف في تناول اللحوم والأغذية الصعبة الهضم .
8- الصوم ليس حرمان من الطعام للجوع فقط بل هو فرصة لتحريك سكر الكبد والدهون المخزونة تحت الجلد وبروتينات العضلات والغدد وخلايا الكبد مما يؤدي لتنظيف الجسم والأنسجة وتبديل الخلايا .
9- على الصائم أن يدرك أن صوم شهر رمضان فيه وقاية وعلاج لبعض أمراض الجهاز الهضمي والعصبي والجلد وأمراض أخرى كثيرة كما تشير إلى ذلك البحوث العلمية .
وفي أقل من ساعة تكون المعدة قد امتلأت بعد فترة صيام تام مع الجوع لفترة لا تقل عن ( 13-
17) ساعة ، فيؤدي ذلك إلى ارتخاء في عضلات المعدة وتصاب المعدة بالتلبك وهذا أمر طبيعي
لأن المواد الدهنية عسرة الهضم والكربوهيدرات تملأ المعدة وبخاصة إذا ما أضيف إليها الماء
فيتبع ذلك انتفاخ البطن وضيق التنفس الذي يكون السبب فيه امتلاء البطن والضغط على الحجاب
الحاجز بين البطن والصدر فيرتفع إلى أعلى فيسبب عدم تمدد الرئتين إلى الوضع الطبيعي فيشعر
الشخص بضيق التنفس بعد حوالي ساعة من الأكل ، وكما سبق وذكرنا فإن الإكثار من البروتينات
يؤدي إلى عسر الهضم وزيادة التعرض للإمساك ويزيد من ظهور أعراض مرض التنفس بالنسبة
للمصابين به أو اللذين عندهم استعداد له ، هذا بالإضافة إلى أضراره بمرضى الكلى وتكيف الكبد .