الرد على الإلحاد و الأديان الوثنية قسم مخصص للرد على الملحدين و اللادينيين و أتباع الأديان الوثنية |
آخر 20 مشاركات |
|
أدوات الموضوع | أنواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
تٲمل حكمة التدبير
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تٲمل حكمة التدبير في تدبير تركيب البدن ، ووضع هذه الأعضاء مواضعها وإعداد هذه الٲوعية فيه لتحمل تلك الفضول ، ولا تنشر في البدن فتسقمه ولو أخذت تمثالاً صغيراً من شبة أو نحاس ، أو شمع وأردت أن تجعله كبيراً هل كان يمكنك ذلك . إلا بأن تكسره وتصوغه من الرأس صياغة أخرى ؟! أفلا ترى جسم الصبى كيف ينمو بجميع أعضائه ، وهو ثابث على شكله وعينه وهيئته لا يتزيد ، ولا يتنقص وأعجب من هذا تصويره في الرحم حيث لا تراه عين ، ولا تناله يد يخرج سويًا مستوياً بجميع ما به قوامه وصلاحه من الأحشاء والجوارح ، والعوامل ، والحوامل إلى ما فى تركيب أعضائه من العظام ، واللحم، والشحم والمخ، والعصب ، والعروق ، والغضاريف دقائق من التركيب ، والتقدير والحكمة. انظر إلى ماخص به الإنسان فى خلقه تشريفاً وتفضيلاً له على البهائم فإنه خلق ينتصب قائماً ويستوى جالساً ليستقبل الأشياء بيديه وجوارحه ، ويمكنه العلاج والعمل فيها ، ولو كان مكبوباً على وجهه كذوات الأربع لما استطاع أن يعمل شيئاً من الأعمال ، ولهذا المعنى صار الإنسان اسمه باليونانية مشتقاً من النظر الى العلو كما قال قائلون أو من تأمل الأمور العلوية كما قال أفلاطون . انظر إلى هذه الحواس التي منها تشرف النفوس على الأشياء كيف جعلت فى الرأس كالمصابيح فوق المنارة ليتمكن من مطالعة الأشياء، ولم يجعل فى الأعضاء التى تمتهن كاليدين والرجلين فتعرض للآفات التى تصيبها من مباشرة العمل والحركة ، ولا في الأعضاء التى تجىء وسط البدن كالبطن والظهر فيعسر تلقيها واطلاعها نحو الأشياء فلما لم يكن لها فى شىء من هذه الأعضاء مواضع كان الرأس هنا الموضع لها وقد أحسن فى وصف الرأس بعض الحكماء فقال : هو صومعة الحواس من جعل الحواس خمساً إلا من جعل المحسوسات مثل ذلك قدّرها خمساً تلقى خمساً لكيلا تفوت الحواس شىء من المحسوسات. فإن قلت : فلعل في الأجسام محسوسات أخرى ليس تلقاها حواس تدركها ؟ قلنا : محال أن يكون محسوسات ليس تلقاها حواس تدركها لأنها كانت تكون فضلاً لا معنى له ، وليس فى الخلقة شىء لا معنى له كالذى حكمت به الحكماء وشهدت عليه المحنة لم يخلق البصر إلا ليدرك الألوان والأشكال والأضواء . ولم يخلق السمع إلا ليدرك الأصوات فلو كانت الألوان ولم يكن بصر يدركها هل كانت تكون فى الألوان منفعة ؟! ولو كانت الأصوات ولم يكن سمع يدركها هل كان في الأصوات أرب ؟! وكذلك سائر الحواس . ثم هذه كلها أيضاً ترجع متكافئة فإنه لو كان بصر ولم يكن ألوان لم يكن للبصر معنى ولو كان سمع ولم يكن أصوات لم يكن للسمع موضع انظر كيف قدر بعضها تلقاء بعض فجعل لكل حاسة محسوساً تعمل فيه ، ولكل محسوس حاسة تدركه . وفكر مع هذا في أشياء جعلت متوسطة بين الحواس والمحسوسات لا يتم الحسن إلا بها كمثل الضياء والهواء ، فإنه لو لم يكن ضياء يظهر اللون للبصر لم يكن البصر يدرك اللون ، ولو لم يكن هواء يؤدى الصوت إلى السمع لم يكن السمع يدرك الصوت فهل يخفى على من صح نظره أن مثل هذا الذى وصفنا من تهيئة الحواس والمحسوسات بعضها تلقاء بعض وتهيئة أشياء أخرى بها تتم الحواس لايكون إلا بعمدٍ وتقدير. فكر في الذي عدم البصر من الناس وما ناله من الخلل فى أموره ، فإنه لا يبصر موضع قدمه ، ولا يعرف ما بين يديه ، ولا يفرق بين الألوان ولا بين المنظر الحسن والقبيح ، ولاينذر بحفرة إن هجم عليها ، ولايعدو أن يبعد ولايعرف إن أهوى إليه بسيف ، ولايكون له سبيل إلى تعلم هذه الصناعات كالتجارة والكتابة والصياغة ، حتى لولا بقاء ذهنه لكان بمنزلة الحجر الملقى. وكذلك من عدم السمع قد يختل فى أمور كثيرة فإنه يفقد روح المخاطبة والمحاورة ويعدم لذة الأصوات واللحون الشجية والمطربة ، وتعظم المؤنة على الناس حتى يتبرموا به ولا يسمع شيئاً من أخبار الناس وأحاديثهم حتى يكون كالغائب وهو حى أما من عدم العقل فإنه يلحق بمنزلة البهائم بل يجهل كثيراً مما تهتدى إليه البهائم أفلا ترى كيف صارت هذه الجوارح ، والعقل ، وسائر الخلال التي بها صلاح الإنسان ، والتى لو فقد منها شىء لعظم ما يناله فى ذلك من الخلل فيوافي في خلقه على التمام حتى لا يفقد منها شيئاً ، ولما كان ذلك لولا أن خلقه بعمد وتقدير. والقول المجمل : إن الصانع جل ثناؤه إذا ثبت أنه حكيم عدل زالت. عنه التهمة فيما فعله إذ هو اعرف بمنافع الإنسان ، ومصلحته ، وعواقب اموره، وان المصانع جل عن التمثيل كطبيب حاذق مأمون الخطٲ يعالج بما فيه مضض وٲلم ولا ينسيب الى قساوة قلبه ، ولا إلى جوره وإضراره بالعليل ، ولا إلى الخطٲ. فإن قلت : ولم صار بعض الناس يفقد شيئاً من هذه الجوارح حتى يناله مثل هذا الخلل ؟ قلنا : للتٲديب والموعظة للواقع ذلك به ولغيره، بسبب كما قد يؤدب ملوك الأرض بأشياء للتنكيل والموعظة ، فلا ينكر ذلك عليهم بل يحمد ويستصوب من تدبيرهم . ثم إن للذين بهم هذه البلايا من الثواب فى الآخرة إن صبروا وشكررا ، وأنابوا ما يستصغرون معه ما يناهم منها حتى إنهم لو خيروا بعد البعث لاختاروا أن يردوا إلى البلاء ليزدادوا من الثواب . الدلائل والإعتبار على الخلق والتدبير للجاحظ صــ 62, 63, 64, 65. للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
تٲمل حكمة التدبير
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
ابن النعمان
المزيد من مواضيعي
آخر تعديل بواسطة ابن النعمان بتاريخ
21.09.2018 الساعة 17:14 .
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
التدبير, تٲمل, حكمة |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|
الموضوعات المتماثلة | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
تأمل التدبير في خلق الشعر والأظافر | ابن النعمان | الرد على الإلحاد و الأديان الوثنية | 0 | 17.08.2014 15:15 |
*(... حكمة اليوم ...)* | انصر النبى محمد | قسم الحوار العام | 0 | 24.08.2013 22:40 |
حكمة الطلاق في الإسلام . | زهراء | إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول الفقه و الشريعة | 0 | 17.09.2012 22:25 |
حكمة شيخ | ابوالسعودمحمود | قسم الحوار العام | 8 | 02.01.2011 00:54 |