أقبل المسلمون في هذه الأيام إقبالا كبيرا على مشاهدة مباريات كرة القدم عبر الشاشات, وقد حاولت البحث في فتاوى أهل العلم المعتبرين حول هذه المسألة فوجدت فتاوى كثيرة, لعل من أصرحها في بيان ذلك هاتين الفتويين, فقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم مشاهدة المباريات الرياضية، المتمثلة في مباريات كأس العالم وغيره؟
فأجابت اللجنة: "مباريات كرة القدم التي على مال أو نحوه من جوائز حرام ؛ لكون ذلك قمارا ؛ لأنه لا يجوز أخذ السَّبَق وهو العوض إلا فيما أذن فيه الشرع، وهو المسابقة على الخيل والإبل والرماية ، وعلى هذا فحضور المباريات حرام ، ومشاهدتها كذلك ، لمن علم أنها على عوض ؛ لأن في حضوره لها إقرارا لها.
أما إذا كانت المباراة على غير عوض ، ولم تشغل عما أوجب الله من الصلاة وغيرها ، ولم تشتمل على محظور : ككشف العورات ، أو اختلاط النساء بالرجال ، أو وجود آلات لهو - فلا حرج فيها ولا في مشاهدتها". (فتاوى اللجنة الدائمة: المجلد الخامس عشر: 238)
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: نحن مجموعة من الشباب .... ويحصل منا في بعض الليالي أن يكون هناك مباريات ونضطر إلى تأخير صلاة العشاء نصف ساعة ونصليها جماعة فما حكم ذلك؟
فأجاب:....أما تأخيركم الصلاة من أجل مشاهدة المباراة, فإني والله أنصحكم نصيحة أخ مشفق,ألا تذهبوا أوقاتكم الثمينة في مشاهدة المباراة لأني لا أعلم لكم خيراً في ذلك,لا في الدنيا,ولا في الآخرة,وإنما هي إضاعة أوقات,ثم إن كثيراً من المباريات,حسب ما نسمع عنها, يكون فيها إبداء عورة,فتجد السراويل إلى نصف الفخذ.... ثم إن هذه المباريات قد ينجح فيها من يعظمه المشاهدون تعظيماً ليس أهلاً له من جهات أخرى (كاللاعبين الكفار),فأرجو أن يكون اجتماعكم في هذه الحال على دراسة شيء نافع؛مثل رياض الصالحين,أو غيره من الكتب التي فيها مصلحة تصلح القلوب والأعمال,وكما تعلمون أن ساعات العمر محدودة,وإن الإنسان لا يدري متى تنتهي هذه الساعات فاغتنموا الفرصة بارك الله فيكم. (مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله, الطبعة الثانية, دار الثريا, المجلد الخامس عشر: باب صلاة الجماعة, ص: 937 )
ومن أراد التوسع في بحث هذه المسألة فأنصحه بقراءة كتاب (كرة القدم بين المصالح و المفاسد) للشيخ مشهور بن حسن آل سلمان, وكتاب (حقيقة كرة القدم) للشيخ ذياب الغامدي والذي قدم له الشيخ ابن جبرين رحمه الله.
ختاما أذكرك أخي الحبيب بقول ربعي بن عامر إلى رستم قائد الفرس: (إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد, و من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة, ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام) فهلا اقتدينا بهذا الجيل العظيم, وشغلنا أنفسنا بهذه المهمة الجليلة.
وفق الله الجميع لاغتنام أوقاتهم فيما ينفع الإسلام والمسلمين, في عصر تكالبت فيه قوى كثيرة لشغل المسلمين عن حمل هم الدعوة لهذا الدين العظيم.
للمزيد من مواضيعي