رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
هذه تربيتك.. فلتهنأ!
(1) حان وقت الصلاة المكتوبة والموقوتة، خَرَجَ الأستاذ من الاجتماع، وتهيَّأ للصلاة؛ لِيَرجع إليه بعدها، دخل المسجد وإذا بالإمام يقرأ بصوت جميل يأخذ بالألباب، لكنَّه... لكنَّه يَلْحن (لَحنًا جليًّا) في أغلب الآيات! كَرِهَ الأستاذ قراءةَ الإمام، ولمَّا قضيت الصلاة، وكادت لم تنقَضِ من شدَّة الأخطاء على العارف باللَّحْن، وإذ بالأستاذ يرمق الإمام، ويرجع لذاكرته ليتذكَّر الإمامَ حينما كان طالبًا عنده في مدرسة عبدالله بن عباس- رضي الله عنه. (2) استأذن الأستاذ في اليوم التالي من مديره، وخرج مسرعًا ليتابع معاملة بإحدى الدوائر الحكومية، دخل على الموظف وسلَّم ولمَّا حقق النظر، رأى تلميذه المشاغب يجلس خلف المكتب، وقد كَبِر وصار ذا شارِبٍ كبير. حيَّاه الطالب سابقًا، وتذكَّرا بعض المشاغبات، وتندَّرَا عليها، وتناول المُعاملة لينهيها، أُنْهِيت المعاملة، لكن أستاذنا لا يكاد يجد كلمة مكتوبة بشكل صحيح! (3) دُعِيَ أستاذنا لحضور حفل زفافِ أحَدِ طُلاَّبه، واستُقْبِل المُعلِّم من قِبَل طلاَّبه استقبالاً لا بأس به، وصاروا يُحادِثُونه. والكثير من الطلاب مكث في مكانه، ولم يُكلِّف نَفْسَه السَّلام على المعلِّم (الذي كان يَحْذِف كُلَّ المنهج إلاَّ بضع وُرَيقات يُلَخِّصها لهم من أجل الاختبار)، والَّذي كان (يلعب معهم ويضيِّع الحصص متعمِّدًا). قال الطَّالب الأكثر نباهة وأدبًا: لقد رأيتُ اليومَ يا أستاذ أحَد الصِّغار يقول لصديقه: أتحدَّاك، مَنْ مُخْتَرع الكهرباء؟ وأجابه الصديق بـ: "أينشتاين"، لقد رأيتُ قِصَّته في فيلم الكرتون، فضحكتُ منهم- أي: الطالب النبيه النجيب - وقلت لهم: إنه فيثاغورس! (4) دَعْني أرجع بك إلى الوراء أيُّها الأستاذ الفاضل، قَبْل أربعَ عشرَةَ سنة، حينما كنتَ تجلس مع زملائك المُعَلِّمين، وتشكو إليهم حماقة الطُّلاَّب وغباءهم وإهمالهم ويَشْكُون إليك، وتقول: "هؤلاء، ما فيهم خير! نظام التعليم يعطي الطَّالب الفرصة ليكون مُهْمِلاً خاملاً، ولو ضربْت طالبًا لتؤدِّبه أتاك أبوه يرعد ويزبد..."، وسلسلة من كلام ينمُّ عن عَجْزك أنت يا أستاذ. أنت مَن فَرِحَ بالأنظمة الجديدة، واستغَلَّها (لتريح دماغك)، ولم تفكِّر يومًا بأن الطالب الجالس أمامك سيكون هو مَن يدير الشركة، ويضبط الأمن، ويثقِّف الناس، وأنت يا معلِّم، ستذهب لربِّك أو سوف تَرْكَن للمكوث في مَنْزلك بعد أن تحيطك الأمراض. والطالب عندما يتخَرَّج وقد التفَتَ إلى نفسه، سيسأل ذاته: ماذا تعَلَّم؟ ماذا حصَّل مِن علم وثقافة في تلك السَّنوات الطوال العِجَاف؟ ولم يجد شيئًا في رأسه بالطَّبع - لعن كلَّ معلِّم تركه ينام في الصَّف، وكلَّ معلِّم بدَّد وقت الحصَّة والمحاضرة بأحاديث سخيفة، وكلَّ معلِّم لم يَهدِه سبيلَ العلم. لم يَدُر بذهنك أنَّ الطالب كان تابعًا لك، وتستطيع صياغة تفكيره والتأثير عليه، وأنَّه مهما أهمل فإنَّك مَن يُقوِّم اعوجاجه، والطَّالب رُبَّما لا يُلام كثيرًا على تقصيره بقدْر ما تُلام أنت؛ لأنَّك أنت الموكل من قِبَل المجتمع به، وأنت وحدك مَن سوف تُحاسَب على تقصيرك في الأمانة الموضوعة بين يديك. وها أنت تَلْمَس نتيجة تربيتك العظيمة لطلاَّبك، فلْتَهْنأ بين طُلاَّبك؛ ما بين لحنٍ جليٍّ، وأخطاء إملائيَّة؛ وعدم التَّمييز بين مَن اخترع ومَن ألَّف ومن كان مفكِّرًا، وبين النقطة والمستقيم، والفاعل والمفعول به. اهْنَأ! كتبه /حمود الباشان شبكة الألوكة للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
هذه تربيتك.. فلتهنأ!
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
راجية الاجابة من القيوم
المزيد من مواضيعي
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
تربيتك.., فلتهنأ! |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
أدوات الموضوع | |
أنواع عرض الموضوع | |
|
|
الموضوعات المتماثلة | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
{{ ** هذه أيام الذاكرين ** }} | نضال 3 | الحج و العشر من ذى الحجة و عيد الأضحى | 2 | 12.01.2011 12:20 |
ما رأيك في هذه السيارة ؟ | نوران | قسم الحوار العام | 12 | 01.05.2010 10:11 |
حياتنا فى هذه القصة.... | أمــة الله | أقسام اللغة العربية و فنون الأدب | 2 | 27.05.2009 17:55 |
احذر هذه الهديه | 3asfoora | قسم الأسرة و المجتمع | 2 | 14.04.2009 14:18 |