رد / لماذا بدأ محمد دعوته سرا

[فداء الرسول]

بسم الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤ أحد


جاءت احدى الشبهات الواهية ' وما اكثرهم ' تستنكر سرية الدعوة للرسول صلى الله عليه وسلم

هذا نصها:

اقتباس لماذا بدأ محمد دعوته سراً؟؟ اجابات كثيرة ومحتملة، هل هي خطة سياسية؟ وهل الانبياء من قبله ساروا على نفس النهج ؟ ام انه خاف ان يموت الاسلام في المهد؟ والقران يقول انه لا يخاف لدي المرسلون، ام انه لم يقدر على صنع المعجزات ليقنع قومه؟ الم يكفهم القران معجزة تتلى عليهم اناء الليل واطراف النهار ، ام انه اراد ان يفاجىء قومه بحجة وقوة لاطاقة لهم بها ؟ لماذا لم تكن بداية دعوته علانية جهارا نهارا ؟ فليرضى من يرضى وليرفض من يرفض ، لأن الله متم نوره ولو كره الكافرون ؟

اقتباس قل لي ما تشاء لكن لا تقل لي انها حكمة لا يعلمها الا الله،

اقتباس الفكرة العامة للشبهة : ما السبب في سرية الدعوة وقد جاء القرآن بما يثبت حماية الله لمرسليه؟

الرد




السيرة النبوية لم تكن سجلا للمعجزات و الخوارق ليأتي النبي الكريم في زمن الجاهلية على قوم تستهويهم العصبية القبيلة وعبادة الأوثان ويجهر لهم بأنهم أهل ظلالة ، لقد كانت جهادا جهيدا و توكلا سليما

تعامل النبي الكريم مع نواميس الكون و قوانينه و هو يدرك عنها غلابة قاهرة و ان ذللها الله تعالى في بعض المواطن فإن هذا التذليل لا يدوم ولذلك فهو صلى الله عليه وسلم من أولى العزم من الرسل فهو أكثر الأنبياء جهادا و صبرا و تضحية



ولأنه يتبع ما يوحى اليه فطبق ما جاء به نص القرآن:



قال تعالى :


‏‏«وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ»

الشعراء 214





فكانت دعوته سرية لثلاث سنوات يدعو أهله وأصحابه للدين



ما الحكمة من سرية الدعوة:



1 ـ التريث ريثما تتكون لبنات قوية المزج ، شديدة التماسك في جو بعيد عن إثارة المعوقات في طريق سير الدعوة ؛ لأن هذه اللبنات هي القوة الدافعة التي سيعتمد عليها بناء المجتمع الإيماني الجديد في مواجهة قوى الظلم والبغي المتربصة بهذا الدين في صبر لا يعرف الوهن ، وجهاد لا يعرف اليأس .




2 ـ نهج المسالمة المؤقتة في البداية ؛ لأن مهاجمة هذا المجتمع الغارق في شروره ومواجهته بضلاله وساق الدعوة لم يستو بعد ، يؤذن بتحريك دوافع المقاومة للدعوة في نفوس المستكبرين ، والدعوة لا تزال في أول خطواتها ، فتتعثر في سيرها ، وهي لا تزال وليدة طرية .




لذلك آثر النبي صلى الله عليه وسلم الإستمرار بدعوته وتبليغ رسالته ، حرصاً منه أن يكون سيرها مطرداً وئيداً هادئاً ، تسير إلى القلوب بخطى ثابتة ، حتى تتمكن من الإعلان عن نفسها في الوقت المناسب1، بعد أن يؤمن بها عدد من الناس يضحون في سبيله بالغالي والنفيس ، مما يضمن إستمرارها وبقاءها .




3 ـ إتاحة الفرصة للدعوة حتى تصل إلى مسامع العرب في مواسمهم ومحافلهم وأسواقهم ومضارب منازلهم ، فأتت هذه الخطوة أكلها ، حيث أقبل إلى مكة فريق منهم ، يتحسس أخبارها ، ويتعرف مكانها في خفية وحذر ، حتى إذا بلغوا مأمنها في مقرها (دار الأرقم) أسلموا لله تعالى ، وإتبعوا رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإهتدوا بهديه ، وآمنوا بما جاء به من الحق2 .

-4خشية النبي صلى الله عليه وسلم من أن يُقضى على أصحابه أو يُضطهدوا في فترة مبكرة وقبل أن تتكون لهم قوة أو ينتشر لهم ذكر ويعلم عدد لا بأس به من الناس بمبادئ دعوته ، فلو أنه أعلن الدعوة مباشرة ، فسيكون أول من يتبعه قلة مع الاضطهاد ، ولن يتعرف أحد على مبادئ الدعوة لأنه لا يعرفها إلاّ صاحبها r ،وإنما كانت تربية أصحابه أولاً أهم من الإعلان والجهر بالدعوة .

5-الأهم من هذا كله ، أن النبي r لا ينطق عن الهوى ، فهو مرسل مخاطب بالوحي ، لم يأته الأمر بالجهر بالدعوة ، لذا عليه أن يخضع لأمر الله تعالى ويلتزم بما خططه الله تعالى له من أمر الدعوة وسريتها حتى يأتيه الأمر بالجهر







يتبع باذن الله ..




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

1-أخرجه البخاري في الجامع الصحيح ، كتاب الديات ، باب قول الله تعالى : (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّدأً) ، ج8 ، ص 35 .

2-أنظر : إبن هشام : السيرة ، ج1 ، ص 274 . وإبن سعد : الطبقات ، ج1 ص 199 .

للمزيد من مواضيعي