رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
تفسير القرآن الكريم ( الدكتور عمر الأشقر )
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سورة «الفاتحة» (1من3) تفسير د. عمر الأشقر للقرآن الكريم الحمد لله الذي أنزل على عبده ورسوله محمد [ خير الكتب وأفضلها، وهو القرآن الكريم؛ فأعزنا به، وأكرمنا، وجعلنا خير أمة أخرجت للناس، والصلاة والسلام على المصطفى المختار محمد صلوات الله وسلامه عليه، الذي أنزل عليه كتابه العظيم، وجعل كتابه خُلقه الذي تخلق به، وعلى آله الأبرار وصحبه الأخيار الذين تلقوا كتاب الله عن نبيهم فحفظوه، وفقهوه، وعلى من سار مسارهم وسلك سبيلهم، وبعد: فقد قامت في نفسي رغبة قوية منذ سنوات بعيدة في تفسير كتاب الله تعالى، ولم تزل هذه الرغبة تقوى وتشتد حتى أذن الله تعالى بالأخذ بالتفسير منذ عامين، وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا التفسير بركات تحلُّ في نفسي، ويهدي بها الله قلبي، ويحشرني بها ربي في زمرة الذين فقهوا كتابه، وعملوا به، ودعوا إليه، فذاك السؤدد والعز والشرف. وقصدي من وراء هذا التفسير تجلية معاني القرآن بأوضح عبارة بعيداً عن التعقيد والمصطلحات النحوية والبلاغية والأصولية وغيرها، فهو تفسير لمتوسط الثقافة، تشف ألفاظه عن معانيه، أعتمد فيه على تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بأقوال الصحابة، ومن سار على إثرهم من علماء التابعين وأبنائهم، بعيداً عن منهج الفرق التي ابتدعت عن المنهج الأصيل من المعتزلة والخوارج والشيعة والمرجئة ونحوهم. ولسهولة تناول سور القرآن؛ قسمت كل سورة من سوره إلى نصوص، يضم النص الواحد في الأغلب الأعم أربع خطوات، الأولى: مقدمة للنص. والثانية: آيات النص القرآني. والثالثة المعاني الحسان لتفسير آيات النص الذي أتناوله. والرابعة: ما تهدي إليه آيات النص من علم وعمل. وقد آثرتُ مجلة «المجتمع» الغراء بنشر هذا التفسير في حلقات متتابعة على صفحاتها، فقد كان لي بها صلة قوية منذ صدورها، ونشرت فيها كثيراً مما خطه قلمي، وسيستمر نشر هذا التفسير في مجلة «المجتمع» إلى أن يقدر الله تعالى إتمامه، ثم طبعه، والله المستعان. سورة الفاتحة سورة الفاتحة مكونة من سبع آيات، وكلماتها خمس وعشرون كلمة، وعدد حروفها ثلاثة عشر ومائة حرف، وهي أولى سور القرآن الكريم، وهي أفضل سور القرآن، فهي أفضل من سورة «البقرة»، وأفضل من سورة «آل عمران»، بل هي أفضل ما نزل من السماء، وهي أساس القرآن وجامعة معانيه، وهي «السبع المثاني والقرآن» الذي آتاه الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم [، قال تعالى: {لّقّدً آتّيًنّاكّ سّبًعْا مٌنّ پًمّثّانٌي الًقٍرًآنّ پًعّظٌيمّ }(الحجر). وهذه الآية مكية باتفاق العلماء، فدلَّ ذلك على أنَّ سورة «الفاتحة» مكية النزول، لأن الله امتنَّ بهذه الآية على رسوله [، والامتنان إنما يكون بما نزل، ويدلُّ على نزولها في مكة أن «الفاتحة» مرتبطة بالصلاة، فلا تصحُّ الصلاة إلا بها، والصلاة فرضت في مكة. أسماء هذه السورة وتسمى هذه السورة بـ: «فاتحة الكتاب»، و«أم الكتاب»، و«أم القرآن»، و«الحمد»، و«السبع المثاني»، و«القرآن العظيم». أسباب تسميتها بهذه الأسماء: أ- وقد سماها الرسول صلى الله عليه وسلم [ بـ«فاتحة الكتاب» في حديث عبادة بن الصامت، في قوله: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»(البخاري: 756، ومسلم: 394)، وسميت بفاتحة الكتاب لافتتاح المصاحف بها، ولأنَّ الذي يتلو القرآن يفتتح التلاوة بها. ب- وسماها الرسول [ في حديث سعيد بن المعلى بـ«السبع المثاني والقرآن العظيم»، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم[: «هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته»(البخاري: 4703). سماها بـ«السبع المثاني»، لأنها تثنى في كل ركعة من ركعات الصلاة، أي تكرر فيها. جـ- وسميت بـ«أمّ الكتاب»، لأنها تجمع علوم القرآن، وكلياته الأساسية في العقيدة والتصور والمشاعر والتوجهات، والعرب - كما يقول ابن جرير - تسمي «كل جامعٍ أمراً، أو مقدماً لأمر أمّاً، إذا كانت له توابع تتبعه هو لها إمام جامع» (ابن جرير الطبري: 1/48). د- وسماها رسولنا [ بـ«الحمد» في الحديث الذي رواه عنه أبو هريرة، ونصه: «الحمد لله، وأم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني»(الترمذي: 3124). وسميت بـ«الحمد»؛ لأنها مفتتحة بهذه الكلمة، وذكر السيوطي أن أسماءها تزيد على عشرين اسماً، وذكر من أسمائها: «الصلاة، والشفاء، والرقية، والأساس، والوافية، والكافية»(قطف الأزهار: ص106). والصواب الاقتصار في عدّها على ما ورد في النصوص، والله أعلم. فضائلها لـ«الفاتحة» فضائل كثيرة، ثبتت في الكتاب والسنة، فمن ذلك: - «الفاتحة» هي المقصودة بقوله تعالى: {$ّلّقّدً آتّيًنّاكّ سّبًعْا مٌَنّ پًمّثّانٌي $ّالًقٍرًآنّ پًعّظٌيمّ >87<} ، وقد صرح الرسول صلى الله عليه وسلم [في حديث أبي سعيد المعلى، وحديث أبيّ بن كعب بأن «الفاتحة» هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي آتاه الله إياه، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن الرسول [ قال: «أمُّ القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم»(البخاري: 4704). وإنما كانت «الفاتحة» هي السبع المثاني، لأنها سبع آيات تثنى في كل ركعة من ركعات الصلاة فريضة كانت أو تطوعاً. - «الفاتحة» أحد أعظم نورين أوتيهما الرسول صلى الله عليه وسلم[ لم يؤتهما نبي من قبله، وقد أخبر الرسولَ صلى الله عليه وسلم [ بذلك ملكٌ نزل من السماء، لم ينزل قبل ذلك اليوم، من باب لم يفتح قبل ذلك اليوم. روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس، قال: «بينما جبريل قاعد عند النبي [ سمع نقيضاً من فوقه، فرفع رأسه فقال: «هذا باب من السماء فُتح اليوم، لم يُفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض، لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم وقال: أبشر بنورين أُوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته»(صحيح مسلم 806). وقد دل هذا الحديث على فضل نور سورة «الفاتحة»، ونور خواتيم سورة «البقرة»، وسيأتي نور سورة الفاتحة أفضل من نور خواتيم سورة البقرة. أفضل القرآن: دل أكثر من حديث على أن سورة «الفاتحة» أفضل ما نزل من القرآن، فقد روى البخاري عن سعيد بن المعلى، قال: «مرّ بي النبي صلى الله عليه وسلم [ وأنا أصلي، فدعاني فلم آته حتى صليت، ثم أتيت، فقال: «ما منعك أن تأتيني؟» فقلت: كنت أصلي، فقال: «ألم يقل الله: {يّا أّيَهّا پَّذٌينّ آمّنٍوا اسًتّجٌيبٍوا لٌلَّهٌ ولٌلرَّسٍولٌ إذّا دّعّاكٍمً لٌمّا يٍحًيٌيكٍمً}(الأنفال:24)»، ثم قال: «ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد؟» فذهب النبي [ ليخرج من المسجد فذكرته، فقال: {الًحّمًدٍ لٌلَّهٌ رّبٌ العّالّمٌينّ (2)}(الفاتحة)، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته»(البخاري: 4703، وانظر رقم: 4647، 5006)، فهذا الحديث صريح في أن «الفاتحة» هي أعظم سورة في القرآن. - وجاءت بعض النصوص دالة على أن «الفاتحة» أفضل ما نزل من عند الله في الكتب كلها، ففي سنن الترمذي عن أبي هريرة، أن الرسول صلى الله عليه وسلم [ خرج على أُبيّ بن كعب، فناداه الرسول [ قائلاً: «يا أُبيّ» وهو يصلي، فالتفت أُبيّ ولم يجبه، وصلى أُبيّ، فخفف، ثم انصرف إلى رسول الله [ فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال رسول الله [: «وعليك السلام، ما منعك يا أبي أن تجيبني إذ دعوتك؟» فقال: يا رسول الله، إني كنت في الصلاة، قال: «أفلم تجد فيما أوحى الله إليّ أن {يّا أّيهّا الذٌينّ آمّنٍوا اسًتّجٌيبٍوا لٌلَّهٌ ولٌلرَّسٍولٌ إذّا دّعّاكٍمً لٌمّا يٍحًيٌيكٍمً}»، قال: بلى، ولا أعود إن شاء الله. قال: «أتحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها»، قال: نعم يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم[: «كيف تقرأ في الصلاة؟» قال: فقرأ «أم القرآن»، فقال رسول الله [: «والذي نفسي بيده ما أُنزل في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها، وإنها سبع من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته»(الترمذي: 2875، وقال فيه: هذا حديث حسن صحيح. وأورده الألباني في صحيح سنن الترمذي: ورقمه: 2307). وهاتان واقعتان، جرت كل واحدة منهما مع صحابيّ، وقرر الرسول صلى الله عليه وسلم[ في الأولى أن «الفاتحة» أفضل سور القرآن، وفي الثانية أنها أفضل ما أنزل في التوراة والإنجيل والزبور والقرآن، فهما فضيلتان، لا فضيلة واحدة. شفاء من الأمراض - القرآن شفاء، و«الفاتحة» فيها من الشفاء ما ليس في غيرها، فعن أبي سعيد قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم [ في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلُدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء. فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا، لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لُدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله، إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ: {الًحّمًدٍ لٌلَّهٌ رّبٌ العّالّمٌينّ (2)}، فكأنما نُشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قَلبَة. قال: فأوفوهم جُعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسِموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم [ فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم[ فذكروا له، فقال: «وما يدريك أنها رقية»، ثم قال: «قد أصبتم، اقسموا واضربوا لي معكم سهماً»، فضحك النبي [ (البخاري: 2276، ومسلم: 2201). والحديث واضح الدلالة على شفاء ذلك الرجل اللديغ بقراءة ذلك الصحابي «الفاتحة» عليه. يتبع بإذن الله من هو الدكتور عمر الأشقر ؟ الشيخ الدكتور عمر بن سليمان بن عبد الله الأشقر (ولد في نابلس، فلسطين سنة 1940) هو أحد علماء الدين السنة ويشغل حالياً منصب أستاذ في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية في عمان، الأردن خرج الأشقر من فلسطين وهو ابن ست عشرة سنةٍ، إلى المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية، وأكمل دراسته الثانويَّة العامَّة هناك، ثمَّ أكمل الدراسة في الجامعة الإسلاميَّة بالمدينة المنوَّرة، وحصل على البكالوريوس من كليَّة الشريعة، ومكث فيها فترةً من الزمن، ثمَّ غادر إلى الكويت عام 1966م، واستكمل الأشقر رحلته العلميَّة بدراسة الماجستير في جامعة الأزهر، ثمَّ حصل على الدكتوراه من كليَّة الشريعة بجامعة الأزهر عام 1980م، وكانت رسالته في "النيَّات ومقاصد المكلَّفين" في الفقه المقارن، وعمل مدرسًا في كليَّة الشريعة بجامعة الكويت. بقي الشيخ بالكويت حتى عام 1990م، ثمَّ خرج منها إلى المملكة الأردنيَّة، فعُيِّن أستاذًا في كليَّة الشريعة بالجامعة الأردنيَّة، وحالياً لا يزال يشغل هذا المنصب. وكان عميد كلية الشريعة بجامعة الزرقاء سابقا قال العلامة (محمد إسماعيل المقدَّم) -حفظه الله تعالى-: "إذا وجدت كتابًا عليه اسم (د. عمر الأشقر) فلا تنظر إلى اسم الكتاب، واشتره فورًا، وإلا سيفوتك خير كثير" اهـ كلامه بمعناه من سلسلته «المنهج العلمي». للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
تفسير القرآن الكريم ( الدكتور عمر الأشقر )
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
نوران
المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :2 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تفسير د. عمر الأشقر للقرآن الكريم سورة «الفاتحة» (2من3) مجّد الله مجد الله نفسه في الفاتحة أعظم التمجيد.. وأثنى فيها على ذاته بأسمائه وصفاته أفضل الثناء شَرُفت «الفاتحة» بموضوعها، فالقرآن كله كلام الله تعالى، وكلامه أشرف الكلام، وكلام الله متساوٍ في الفضل، وإنما تتفاضل سُوَر القرآن وآياته من جهة موضوعاتها، فالآيات التي تتحدّث عن مخلوقات الله من الجماد والنبات لا تتساوى مع الآيات التي تتحدّث عن الله وصفاته وأفعاله، ولذلك كانت آية الكرسي أفضل آية، وسورة «قل هو الله أحد» تعدل ثلث القرآن. ومن هنا، كانت «الفاتحة» - التي حمد الله فيها نفسه أعظم الحمد، وأثنى فيها على نفسه بأسمائه وصفاته أفضل الثناء، ومجَّدته أعظم التمجيد، وبيّنت حقوقه أعظم البيان، ودلّت العباد على طلب الهداية منه، واتّباع الصراط المستقيم كانت أفضلَ السور. «الفاتحة» ركن الصلاة الأعظم، فعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»(البخاري 756، ومسلم 394). وعن أبي هريرة ] عن النبي صلى الله عليه وسلم [ قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج» ثلاثاً، غير تام» (مسلم 395). وسورة «الفاتحة» أفضل ما نزل من عند الله في الكتب الإلهية قاطبة، وهذا الفضل لما حوته من حقائقَ وتوجيهاتٍ ومقاصدَ ومعانٍ وفوائدَ وتوجيهات، ولما في تلاوتها من تحميد وثناء وتمجيد لرب العزة ودعاء له، واستعانة به، وعلى القارئ لها أن يتنبّه إلى أن هذا الفضل الذي حدثتنا النصوص عنه يهدف إلى استثارة قلوبنا وعقولنا لمعرفة ما حوته وإلى الإكثار من تلاوتها. والفاتحة ذات قسمين: فقد قسّم الله «الفاتحة» إلى قسمين.. وعلى من يريد قراءة هذه السورة أن يكون على ذكر من الحديث القدسي الذي أخذه أبو هريرة من الرسول صلى الله عليه وسلم [، والذي يقول فيه: «قال الله تعالى: قسّمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل. فإذا قال العبد: { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (3) } قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} قال: مجّدني عبدي، وقال مرة: فوّض إليَّ عبدي». فإذا قال: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. فإذا قال: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7))} قال: هذه لعبدي، ولعبدي ما سأل»(مسلم 395). وهذا الحديث ينبّه المصلي إلى أن «الفاتحة» هي الصلاة، ولذلك قال: «قسّمت الصلاة بيني وبين عبدي قسمين»: - فالقسم الأول: هو حمد لله، وثناء عليه، وتمجيد له، وإعطاؤه العهد على عبادته وحده لا شريك له. - والثاني: هو سؤال القارئ ربّه العون على ما يهمّه ويعينه، وأهمّه إعانته على أعظم مُهم، وأعلى مطلوب، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وسؤال الله هدايته إلى الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم، بعيداً عن طريق المغضوب عليهم والضالين. معنى الحمد والمراد بقوله: {الًحّمًدٍ لٌلَّهٌ}الثناء التام الكامل على ربّ العزة سبحانه، والألف واللام تدلان على استغراق جنس المحامد لله الواحد الأحد، فالله - سبحانه - يستحقه على كماله في ذاته وصفاته، كما يستحقه على نعمه وآلائه، والله وحده هو الكامل في ذاته وصفاته، وكل النعم منه وحده: {ومّا بٌكٍم مٌن نٌعًمّةُ فّمٌنّ اللَّهٌ}(النحل:53)، {الًحّمًدٍ لٌلَّهٌ رّبٌ العّالّمٌينّ (2)} أبلغ صيغ الحمد كما قال البلقيني في(الإكليل في استنباط التنزيل، ص 25). وقد أكثر الله تعالى من حمد نفسه في مواطن كثيرة في كتابه، تعليماً لعباده أن يكثروا من حمده، كقوله: {الًحّمًدٍ لٌلَّهٌ الذٌي خّلّقّ پسَّمّوّاتٌ والأّرًضّ}(الأنعام:1)، وكقوله تعالى : {الًحّمًدٍ لٌلَّهٌ الذٌي أّنزّلّ عّلّى عّبًدٌهٌ الكٌتّابّ ولّمً يّجًعّل لَّهٍ عٌوّجْا (1)}(الكهف)، وقوله تعالى : {لّهٍ الحّمًدٍ فٌي پسَّمّوّاتٌ والأّرًضٌ وعّشٌيْا وحٌينّ تٍظًهٌرٍونّ (18 )}(الروم). وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم [ بحمده في قوله تعالى : {وّقٍلٌ الحّمًدُ لٌلَّهٌ الذٌي لّمً يّتَّخٌذً ولّدْا ولّمً يّكٍن لَّهٍ شّرٌيكِ فٌي پًمٍلًكٌ ولّمً يّكٍن لَّهٍ ولٌيٌ مٌنّ الذَلِ وكّبٌرًهٍ تّكًبٌـيرْا>111<}(الإسراء)، وقال تعالى : {قٍلٌ الحّمًدٍ لٌلَّهٌ وَسّلامٌ عّلّى عٌبّادٌهٌ الذٌينّ اصًطّفّى ءآللَّهٍ خّيًرٌ أّمَّا يٍشًرٌكٍونّ >59<}(النمل). وحَمْدُ الله هو دأب الملائكة والأنبياء والمرسلين وأتباعهم على طريقتهم {الذٌينّ يّحًمٌلٍونّ پًعّرًشّ ومّنً حّوًلّهٍ يٍسّبٌحٍونّ بٌحّمًدٌ رّبٌهٌمً}(غافر: 7)، وقال إبراهيم عليه السلام: {الحّمًدٍ لٌلَّهٌ الذٌي وهّبّ لٌي عّلّى الكٌبّرٌ إسًمّاعٌيلّ وإسًحّاقّ إنَّ رّبٌي لّسّمٌيعٍ الدَعّاءٌ >39<}(إبراهيم)، وأخبرنا عن داود وسليمان أنهما {ولّقّدً آتّيًنّا دّاوٍدّ وسٍلّيًمّانّ عٌلًمْا وقّالا الحّمًدٍ لٌلَّهٌ الذٌي فّضَّلّنّا عّلّى كّثٌيرُ مٌنً عٌبّادٌهٌ المٍؤًمٌنٌينّ >15<}(النمل). التعريف برب العالمين والرب في قوله: {رّبٌ العّالّمٌينّ}الخالق المالك المدبِّر المصرِّف، و{العّالّمٌينّ}جمع عالَم، والعالم هو كل موجود من دون الله، وقد سأل فرعون موسى عن رب العالمين، فأجابه بأنه رب السموات والأرض {قّالّ فٌرًعّوًنٍ ومّا رّبَ العّالّمٌينّ >23< قّالّ رّبَ السَّمّوّاتٌ والأّرًضٌ}(الشعراء)، ومما يدلُّ على أن العالمين كل مخلوق قوله تعالى: {وَهٍوّ رّبَ كٍلٌ شّيًءُ }(الأنعام: 164). وقد كثر في كتاب الله إضافة «رب» إلى بعض ما خلقه الله كقوله: {قٍلً مّن رَّب السَّمّوّاتٌ السَّبًعٌ وَرّبَ العّرًشٌ العّظٌيمٌ >86<}(المؤمنون)، وقوله: {رّبٌ مٍوسّى وهّارٍونّ >122<}(الأعراف)، وقد يُضاف الرب إلى العالمين، وهو كثير أيضاً في كتاب الله، كهذه الآية في أول «الفاتحة». وقد يُطلق العالَم على الصنف من المخلوقات، فيقول: عالَم الملائكة، عالم الإنس، عالم الجن، عالم الحيوان، عالم النبات، عالم الجماد. باب الرجاء : {الرَّحًمـّنٌ الرَّحٌيـمٌ (3)} اسمان كريمان رقيقان دالان على الرحمة، أحدهما أرق من الآخر، وهما صفتان لاسم الله، وهما صيغتا مبالغة من الرحمة، وهما يفتحان باب الرجاء تجاه الرحمن الرحيم. وذكر الراغب الأصفهاني أنّ معنى «الرحمن» الذي كثرت رحمته، وتكررت ووسعت كلَّ شيء، وذكر الفرق بين «الرحمن» و«الرحيم».. فالرحمن مختص بالله تعالى، لا يُطلق على غيره، مثله في ذلك مثل لفظ الجلالة «الله»، ولأجل ذلك قال تعالى: {قٍلٌ ادًعٍوا اللَّهّ أّوٌ ادًعٍوا الرَّحًمّنّ أّيْا مَّا تّدًعٍوا فّلّهٍ الأّسًمّاءٍ الحٍسًنّى}(الإسراء:110)، أما «الرحيم»، فقد يُوصف به غير الله وإذا كان معناه: الذي كثرت رحمته.(مقدمة جامع التفاسير: ص 115 تحقيق: د. أحمد فرحات). تمجيدُ اللهِ ذاتَه : مجّد الحق نفسه في هذه السورة بقوله: {مّالٌكٌ يّوًمٌ الدِّينٌ (4)}، وفي القراءة الصحيحة الأخرى: {مّالٌكٌ يّوًمٌ الدٌينٌ (4)}(حجة القراءات، ص77). و«يوم الدين» هو اليوم الذي يُدين الله فيه العباد أي يحاسبهم، وهو يوم القيامة، وأفرد الله نفسه بالملك في ذلك اليوم؛ لأن ما ملكه الناس في الدنيا من مال ومتاع ولباس وطعام زال عنهم، فيأتون في ذلك اليوم حفاة عراة غرلاً بهما، لا يملك أحد لأحد شيئاً {يّوًمّ لا تّمًلٌكٍ نّفًسِ لٌنّفًسُ شّيًئْا والأّمًرٍ يّوًمّئٌذُ لٌلَّهٌ >19<}(الانفطار)، وعند ذلك يدرك العباد أنه ليس لهم من الأمر شيء، وينادي ربُّ العزة فيقول: {لٌمّنٌ پًمٍلًكٍ اليّوًمّ >16<}(غافر)، فلا يجيبه أحد، فيجيب نفسه بنفسه قائلاً: {لٌلَّهٌ الوّاحٌدٌ القّهَّارٌ}(غافر:16). كلمة التوحيد : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)}: وفي ختام ما خص الله به نفسه في هذه السورة علّمنا أن نقول: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }أي لا نعبد إلا أنت، فأنت الإله الحق المعبود المقصود، وغيرك مأمور مربوب، وهذه الآية تفيد كلمة التوحيد، وهي: «لا إله إلا الله». وهذا الذي سبق بيانه هو ما اختص الله به نفسه في سورة الفاتحة. يتبع بإذن الله تعالى المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :3 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تفسير د. عمر الأشقر للقرآن الكريم سورة «الفاتحة» (3من3) تضمّنت الفاتحة أنواع التوحيد الثلاثة.. وفيها إقرارٌ بيوم الدين الذي يقوم فيه الناس لرب العالمين ويحاسبهم على ما قدّموا ترشدنا آيات القسم الثاني من سورة «الفاتحة» إلى أمرَيْن.. أولهما: أن نتوجّه إلى الله ربِّنا سائلين إيّاه أن يُعيننا على ما كلّفنا به من أعمال وأقوال، وأن يُبعدنا عما نهانا عنه من أعمال وأقوال، فإنه إذا لم يكن للعبد عون من مولاه، ضلَّ وتاه، واعتمادُ المرء على نفسه أو غيره لا ينفعه، ولا يجعله يدرك غايته.. وفي مقدّمة الأفعال والأقوال التي نحتاج فيها إلى عون ربِّنا عبادتُه، وإخلاصُ الدين له وحده، ولذلك قَرَنَ سبحانه بين العبادة والاستعانة في الآية الخامسة من هذه السورة. والأمر الثاني: أن نتوجّه إليه سبحانه بطلب الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو صراط الذين يطيعون الله ورسوله { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا (69)(النساء). سبيلُ الله الصراط المستقيم هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد ديناً سواه (( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) والإسلام هو طريق بين طرق كثيرة، بعضها دين سماوي، ولكنه محرّف مغيّر منسوخ؛ كاليهودية والنصرانية، وبعضها مخترَع من قِبَل أئمة الضلال في القديم والحديث؛ كعبادة الأصنام والشمس والقمر والنجوم، ومنها طريق الشيوعية والعلمانية والبوذية، وهي طرق كثيرة متنوعة. وقد ضرب الرسول [ مثلاً لصراطه المستقيم وللسبل المنحرفة عنه، فعن عبدالله ابن مسعود ] قال: «خط لنا رسول الله [ خطاً ثم قال: «هذا سبيل الله»، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله، ثم قال: «هذه سبل - قال يزيد: متفرّقة - على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه»، ثم قرأ: وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)}(الأنعام:153) (مسند أحمد: 4142، وإسناده حسن كما قال محقق المسند). المغضوبُ عليهم والضالون أخطر الطرق التي يجب اجتنابها طريق المغضوب عليهم، وطريق الضالين، ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) الفاتحة )) ، والمعنى: اجنبنا يا ربنا طريق المغضوب عليهم وطريق الضالين. والمغضوبُ عليهم اليهود، والضالون النصارى، والغضب أشدُّ من الضلال، ولبُّ الدين الذي عليه اليهود قائم على معرفة الحقِّ، ورفض اتباعه، فاليهود يعلمون أن محمداً مرسَلٌ من ربه، ولكنهم يعاندون، والنصارى ضالون، فهم يعبدون الله على جهل. وقد حدّثنا الله تبارك وتعالى عن اليهود في كتابنا، فقال: ( قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)المائدة). وقد قال الرسول [ لعدي بن حاتم عندما جاء إلى رسول الله [ مسلماً: «إن اليهود مغضوب عليهم، وإن النصارى ضُلاَّل»(الترمذي: 2953، 2954)، وانظره في صحيح سنن الترمذي). ووجه وصف اليهود بالغضب أنهم يعرفون الحق، وينكرونه ويخالفونه، ويأتون الباطل عمداً، والنصارى يعبدون الله على جهل، أما المؤمنون أتباع الصراط المستقيم فيعلمون الحقَّ، وينصاعون له، فهم مهتدون. ما تهدي إليه السورة بتدبّر آيات هذه السورة نجدها تهدينا إلى ما يأتي من علم وعمل: - أفادتنا بالمعرفة بالله معبودنا، فهو الله الرحمن الرحيم الرب مالك يوم الدين. - أرشدنا الله تبارك وتعالى إلى أن نحمده، ونُثني عليه ونمجّده بتلاوة قوله تعالى: (( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) الفاتحة )) - الله وحده المستحق للحمد كله، لأنه ربنا ورب كلِّ الخلائق، ولأنه المتصف بصفات الرحمة وغيرها من جميل الصفات، ولأنه وحده الذي يحاسب الخلائق بعد أن يأتي بهم يوم الدين. - الله هو الربُّ الخالق الرازق المدبِّر، لا رب غيره، ولا خالق سواه، ومن جعل من دون الله أرباباً فقد ضل ضلالاً عظيماً. - الإقرار بيوم الدين، الذي يقوم فيه الناس لرب العالمين، ويحاسبهم على ما قدّموا، والله هو المالك وحده لذلك اليوم. - قدّم العبادة على الاستعانة في قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)}(الفاتحة)، وفي ذلك إرشاد إلى تقديم الخضوع لله على طلب الحاجة. - الله وحده المستحق للعبادة، وكل إله غير الله فهو معبود باطل لا يستحق أن يُدعى، ولا يُستعان به ولا يُستغاث به من دون الله. - الذي يدلنا على الطريق التي توصلنا إلى رضوان الله في الدنيا والآخرة، هو الله وحده، فمنه نسأل الهداية. - الصراط المستقيم صراط الله الذي سلكه الأنبياء، والصدّيقون والشهداء والصالحون، وهو التوحيد، وهو الدين الذي لا دين سواه. - على العبد أن يعلم أنه كلما قرأ الفاتحة أعطى ربه عهداً أن يعبده وحده لا شريك له، ويستعين به وحده دون سواه: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) الفاتحة). - حَوَتْ هذه السورة أنواع التوحيد الثلاثة، وهي: 1- توحيد «الألوهية»: وهو المذكور في قوله تعالى: {إيَّـاكّ نّعًـبٍدٍ}، والذي لا يعبد إلا ربه، هو الذي يُفرد الله بالعبادة. 2- توحيد الربوبية: فالله تبارك وتعالى { رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}، فكل ما سوى الله مخلوق مربوب، والله رب الخلائق جميعاً. 3- توحيد الأسماء والصفات: وقد ذكر سبحانه من أسمائه في هذه السورة ستة أسماء، هي: الله، والرحمن، والرحيم، ورب العالمين، والمالك، والملك.. وقد كان الصحابة والذين ساروا على أثرهم يُثبتون لله ما أثبته لنفسه من أسماء وصفات وأفعال، من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل، على حدِّ قوله تعالى:( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)الشورى). أحكام متعلقة بالفاتحة : هناك مجموعة من الأحكام التي تتعلق بهذه السورة، دلت عليها الأحاديث الصحيحة، وهي: - وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة من ركعات الصلاة، لا يغني عنها غيرها، وقد سبق ذكر الحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم [: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»(البخاري: 751، ومسلم: 394)، ويقول صلى الله عليه وسلم [: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تام»(مسلم: 395). والخداج: النقصان. والناقة الخداج: التي ألقت حملها قبل تمام مدته. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم [ يداوم على قراءة الفاتحة في كل ركعة، ولم يُؤْثَر عنه أنه صلى ركعة من غير الفاتحة، وأمرنا [ أن نصلي كما كان يصلي. (البخاري:251). وثبت في الصحيحين أنه [ كان يقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين. (البخاري: 759، ومسلم: 451)، وانفرد مسلم بذكر قراءته [ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب. - الراجح أن المأموم لا يقرأ الفاتحة في الصلاة الجهرية، فقد أمر سبحانه بالإنصات والاستماع في قوله: {$ّإذّا قٍرٌئّ پًقٍرًآنٍ فّاسًتّمٌعٍوا لّهٍ $ّأّنصٌتٍوا لّعّلَّكٍمً تٍرًحّمٍونّ >204<}(الأعراف). ويدلُّ قوله صلى الله عليه وسلم [: «إنما جُعل الإمام ليُؤتَم به، فإذا كبّر فكبّروا وإذا قرأ فأنصتوا»(البخاري: 734) ، ويدلُّ له قوله صلى الله عليه وسلم [: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة»(سنن ابن ماجه: 850 ، وحسَّن الألباني إسناده)، وروى مالك في موطّئه عن ابن عمر أنه قال: «إذا صلى أحدكم خلف الإمام فَحَسْبُه قراءة الإمام، وإذا صلى وحده فليقرأ»(الموطّأ: ص75). وروى الترمذي عن جابر موقوفاً عليه: «من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصلِّ إلا وراء إمام»(الترمذي: 313، وقال فيه: حسن صحيح). وروى ابن ماجه بإسناد صحيح عن جابر بن عبدالله قال: «كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب» (صحيح ابن ماجه: 843). ومن المعلوم أن المأمومين إذا قرؤوا خلف إمامهم فيما جهر به شوّش بعضهم على بعض، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم [ المصلين أن يفعلوا ذلك (الموطأ: 1/72). - إذا صلى المأموم خلف إمامه في الصلاة السرّية، قرأ بالفاتحة سراً، كما دلت عليه الأحاديث السابقة، يقول الإمام مالك: «الأمر عندنا أن يقرأ الرجل وراء الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة، ويترك القراءة فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة»(الموطأ: ص75). وهذا يوافق النص القرآني الآمر بالاستماع حين القراءة، وهذا لا يكون إلا عندما يجهر الإمام بالقراءة. - يُستحَب لمن أتم قراءة الفاتحة في الصلاة أو في غيرها أن يقول: آمين، ويتأكد الاستحباب إذا قُرئت في الصلاة، لا فرق في ذلك بين الإمام والمأموم. والدليل على استحباب التأمين للإمام والمأموم ما رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [: «إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا، فإنه من يوافق تأمينه تأمين الملائكة غُفر له ما تقدمّ من ذنبه». قال ابن شهاب: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم [ يقول: «آمين»(رواه البخاري: 780، ومسلم: 410). وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم[: «إن اليهود ما حسدتنا على شيء ما حسدتنا على السلام والتأمين»(صحيح ابن ماجه: 856). بفضل الله تعالى تمَّ تفسير الفاتحة وبإذن الله نبدأ في تفسير سورة البقرة منقول عن مجلة المجتمع الكويتية مع تصحيح الآيات المزيد من مواضيعي
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
الأشقر, الدكتور, الكريم, القرآن, تفسير |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|
الموضوعات المتماثلة | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
كتاب تفسير العشر الأخير من القرآن الكريم ويليه أحكام تهم المسلم | د/مسلمة | دعم المسلمين الجدد | 4 | 06.11.2014 19:53 |
تفسير العشر الأخير من القرآن الكريم ويليه أحكام تهم المسلم | نور عمر | القرآن الكـريــم و علـومـه | 8 | 30.09.2010 08:02 |
تفسير القرآن الكريم للشيخ الشعرواي | simple_happy | القرآن الكـريــم و علـومـه | 1 | 06.04.2010 15:48 |