رقم المشاركة :51 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
الالتفات في الصلاة قسمان ؛ التفات القلب إلى غير الله والتفات البصر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي ذر : (( لا يزال الله عز وجل مُقْبِلا على العبد وهو في صلاته ، ما لم يلتفت فإذا التفت انصرف عنه )) [ أخرجه أبو داود والنسائي عن أبي ذر ] الالتفات في الصلاة قسمان ، التفات القلب إلى غير الله ، والتفات البصر ، وكلاهما منهي عنه ، وينقص من أجر الصلاة ، وقد سُئل عليه الصلاة والسلام عن الالتفات في الصلاة فقال : (( اختلاسة يختلسها الشيطان من صلاة العبد )) [أخرجه البخاري وأبو داود وابن خزيمة عن عائشة أم المؤمنين ] الالتفات في الصلاة منهي عنك برأسك ، منهي عنه بقلبك ، و كلاهما منهي عنه ، يقول بعض العلماء : " إن الرجلين ليكونان في الصلاة الواحدة ، وإن ما بينهما في الفضل كما بين السماء والأرض ، وذلك أن أحدهما مقبل بقلبه على الله عز وجل ، والآخر ساهٍ وغافل "، مصليان يصليان في مكان واحد ، وفي مسجد واحد ، بين صلاة الأول وصلاة الثاني كما بين السماء والأرض ، لأن الأول مقبل على الله عز وجل ، والثاني ملتفت إلى ما سوى الله عز وجل . لكن هناك التفات مشروع سنّه لنا النبي : لو أن الابن اقترب من المدفأة حتى كاد يحترق ينبغي أن تلتفت ، ينبغي أن ترفع صوتك ، ينبغي للمرأة أن تصفق ، ينبغي أن تقوم بحركة كي تنقذ هذا الطفل من الوقوع في نار المدفأة ، هناك حالات ضرورية يقدرها الله عز وجل حينما ترى أن خطراً سيقع على أحد أولادك ، أو على والدتك ، أو على زوجتك ، وأنت في الصلاة ينبغي أن تلتفت ، وينبغي أن تفعل إشارة ما كي تشير إلى هذا الخطر ، أو أن ترفع صوتك ، أحياناً تصلي وحدك في الغرفة وفيها ابن صغير كاد يقع من النافذة ، ترفع صوتك بالقرآن حتى تلتفت الأم ، فتأتي وتأخذ الصبي من النافذة المفتوحة . موسوعة النابلسى --------------------- |
رقم المشاركة :52 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)﴾
درجات الخاشعين في الصلاة : الخاشعون في الصلاة درجات ، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( اللَّهمَّ إِني أَعُوذُ بك من قَلْبٍ لا يَخْشَعُ )) [أخرجه الترمذي والنسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ] الخاشعون في الصلاة على درجات خمس ، المرتبة الأولى مرتبة الظالم لنفسه ، المفرط وهو الذي انتقص من وضوئها ، ومواقيتها ، وحدودها ، وأركانها . المرتبة الثانية : من يحافظ على مواقيتها ، وحدوها ، وأركانها الظاهرة ، ووضوئها لكنه ضيّع مجاهدة نفسه في الوسوسة فذهب مع الوسواس والأفكار . المرتبة الثالثة : من حافظ على حدودها ، وأركانها ، وجاهد نفسه في دفع الوساوس والأفكار ، فهو مشغول بمجاهدة عدوه لئلا يسرق من صلاته ، فهو في صلاة وجهاد . والمرتبة الرابعة : من إذا قام إلى الصلاة أكمل حقوقها ، وأركانها ، وحدودها ، واستغرق قلبه مراعاة حدودها ، وحقوقها ، فلم يضيع شيئاً ، بل همه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي ، وإكمالها ، وإتمامها ، قد استغرق قلبه شأن الصلاة ، وعبودية ربه تبارك وتعالى فيها. والمرتبة الخامسة : من إذا قام إلى الصلاة قام إليها كذلك ولكنه مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه عز وجل ناظراً بقلبه إليه ، مراقباً له ، ممتلئاً من محبته وعظمته ، كأنه يراه ويشاهده ، وقد اضمحلت تلك الوساوس والخطرات ، وارتفعت حجبها بينه وبين ربه ، في الصلاة أعظم مما بين السماء والأرض ، وهذا في صلاته مشغول بربه وهو قرير العين به . ------------------- القسم الأول : الظالم لنفسه ، المفرط الذي انتقص من وضوئها ، ومواقيتها ، وحدودها ، وأركانها معاقب . والقسم الثاني : من حافظ على مواقيتها ، وحدودها ، وأركانها الظاهرة ، ووضوئها ، لكنه ضيع مجاهدة نفسه في الهوى فهو محاسب . والثالث : مكفر عنه . والرابع : مثاب . والخامس : مقرب إلى ربه ، و آخر واحد قال : لأن له نصيباً ممن جعلت قرة عينه في الصلاة ، انطبق عليه جزء من قول النبي : (( أرحنا بها يا بلال )) [أبو داود عن سالم بن أبي الجعد ] موسوعة النابلسى --------------------- |
رقم المشاركة :53 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)﴾
الصلاة نور و طهور و حبور : الصلاة نور ، أنت بالصلاة تملك رؤيا صحيحة ، والصلاة طهور ، أنت بالصلاة لا تحقد ، ولا تكذب ، ولا تغش ، كما قال الله عز وجل : ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ ( سورة العنكبوت الآية : 45 ) نهياً ذاتياً ، الصلاة نور . ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾ ( سورة الحديد الآية : 38 ) ترى الحق حقاً فتتبعه ، وترى الباطل باطلاً فتجتنبه ، يصعب أن يرتكب المصلي خطأ فاحشاً لأن معه نوراً من الله عز وجل ، والصلاة طهور ، كل أدران النفس ، كل مسالك النفس أنت بعيد عنها ، لأن الله طهرك منها ، لأن الصلاة كما قال الله عز وجل ، ﴿ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ والصلاة حبور . (( أرحنا بها يا بلال )) [أبو داود عن سالم بن أبي الجعد ] (( وجُعِل قُرَّةُ عَيْني في الصلاة )) [أخرجه النسائي عن أنس بن مالك ] الإنسان يستمتع بمخلوقات الله عز وجل لأن الله أودع فيها مسحة من جمال ، فكيف إذا اتصل بخالق الجمال ، وبأصل الجمال ؟. الصلاة عماد الدين وعصام اليقين وسيدة القربات وغرة الطاعات : هذا الذي نقوله دائماً أيها الأخوة ، العبادة طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية . فالسلوك هو الأصل في الدين ، والعلم هو السبب ، والجمال هو الثمرة ، لذلك كما قال بعض العلماء : " في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة " . ماذا يفعلوا أعدائي بي بستاني في صدري ، إن أبعدوني فإبعادي سياحة ، وإن حبسوني فحبسي خلوة ، وإن قتلوني فقتلي شهادة ، يؤكد هذا الكلام قول الله عز وجل : ﴿ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ ﴾ في الآخرة : ﴿ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾ ( سورة محمد ) في الدنيا ، ذاقوا طعمها ، ذاقوا نموذجاً منها ، ذاقوا نصيباً منها ، فإن لم تقل أنا أسعد الناس في الأرض إلا أن يكون أحد أتقى مني فهناك خلل في الصلاة ، الصلاة عماد الدين ، وعصام اليقين ، وسيدة القربات ، وغرة الطاعات ، ومعراج المؤمن إلى رب الأرض والسماوات . أيها الأخوة الكرام ، من تركها تهاوناً فقد عصى ، وقد ارتكب كبيرة ، ومن تركها جحوداً بفرضيتها فقد كفر . المصلي مع المنعم لا مع النعمة : هذا المخلوق الضعيف ، الذي خُلق ضعيفاً : ﴿ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾ ( سورة المعارج ) وخلق عجولاً ، هذه نقاط ضعف في أصل خلقه ، ما الذي يزيلها ؟ الصلاة ، والدليل: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾ ( سورة المعارج ) المصلي يرى أن الله يعمل وحده في الكون ، يرى أن الله بيده كل شيء ، يرى أن الله لن يسلمه لأعدائه ، يرى أن الله حيّ قيوم ، يرى أن الله : ﴿ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾ ( سورة الزخرف الآية : 84 ) يرى أن الأمر كله يرجع إليه ، يرى أنه الأول ، والآخر ، والظاهر ، والباطن ، يرى أن الله حسيب على كل شيء ، أمره بيد الله لا بأيدي الخلق ، المصلي مع المنعم لا مع النعمة والحمد لله رب العالمين موسوعة النابلسى ----------------- والى لقاء آخر إن شاء الله |
رقم المشاركة :54 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ{46} .
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله : الْمُرَادُ بِالظَّنِّ هُنَا: الْيَقِينُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) [البقرة: 4] ، وَقَوْلِهِ: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) [المومنون: 60]. أَيْ: يُوقِنُونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ، ملتقى أهل التفسير ------------------ من فوائد الشعراوي في هذه الآية : قال رحمه الله: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُواْ رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}. بعد أن أوضح لنا الحق سبحانه وتعالى أن الصبر والصلاة كبيرة إلا على كل من خشع قلبه لله. فهو يقبل عليهما بحب وإيمان ورغبة. أراد أن يعرفنا من هم الخاشعون. فقال جل جلاله: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُواْ رَبِّهِمْ}. .فصل في أوجه ورود لفظ الظن: قال أبو العباس المقرئ: وقد ورد الظَّن في القرآن بإزاء خمسة معان: الأول: بمعنى اليقين كهذه الآية، ومثله: {إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ} [الحاقة: 20] ومثله: {الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُواْ الله} [البقرة: 249]. الثاني: بمعنى الشَّك قال تعالى: {إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثية: 32]. الثالث بمعنى حسب قال تعالى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ} [الانشقاق: 14] أي: حسب ألا يرجع، ومثله: {ولكن ظَنَنتُمْ أَنَّ الله لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 22]. الرابع: بمعنى الإنكار قال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السماء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الذين كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ} [ص: 27] أي: إنكارهم. والخامس: بمعنى الجَحْد قال تعالى: {وَمَا ظَنُّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب} [يونس: 60] أي: وما جَحْدُهم. الشعراوى ------------ ﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ (46) ﴾ كل عمل يعمله يتصوَّر أنه واقفٌ بين يدي الله عزَّ وجل، لماذا فعلت كذا ؟ لماذا أعطيت ظلماً ؟ لماذا منعت ؟ لماذا طلَّقت ؟ لماذا غدرت ؟ لماذا كذبت ؟ لماذا احتلت ؟ لماذا اغتصبت هذا البيت ؟ لماذا لم تنصح فلاناً ؟ أما إذا كان كل يومه أخطاء ومعاصي وآثاماً فأي صلاة هذه ؟! نقول له : صل، ولكن استقم من أجل أن تتصل بالله عزَّ وجل: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ المفتاح الدقيق للآية أن تؤمن بالآخرة، أن تؤمن أنه لا بد أن تقف بين يدي الله عزَّ وجل ليسألك: لـماذا فعلت هذا ؟ دخلت زوجة سـيدنا عمر بن عبد العزيز عليه وهو يبكي في مصلاَّه، فقالت له: " ما يبكيك ؟ قال لها: " دعيني وشأني "، ألحَّت عليه ما يبكيك؟ فلمَّا ألحَّت عليه قال: " يا فلانة إني نـظرت إلى الفقير البائس، والشيخ الكبير، وذي العـيال الكثير، وابن الـسبيل، والمرأة الأرملة، والشيخ الفاني ـ ذكَّر أصنافاً من المعذَّبين في الأرض ـ كل هؤلاء سيسألني الله عنهم جميعاً." عندما تدخل الآخرة بحساباتك اليوميَّة تنعكس كل موازينك: عندما يؤمن الإنسان بالآخرة يتصوَّر أنه سوف يُسأل عن كل عمل، هذا الإنسان إذا صلَّى فصلاته مقبولة، وصلاته مجدية، وصلاته طيّبة، وصلاته مسعدة لأن وجهه أبيض يوجد فندق في ألمانيا ذكرت عنه كثيراً مكتوب على السرير: " إذا لم تستطع النوم فالعلَّة ليست في فراشنا بل في ذنوبك " ، العلَّة بالذنوب، إذا عمل الإنسان عملاً سيِّئاً، كسب مالاً حراماً، أخطأ مع فتاة ـ فرضاً ـ باع بيعة سيئة جداً بسعر عالٍ جداً، إنه حلَّ مشكلته الماديَّة ولكن مشكلته مع الله لم تُحَل، هو في انهيار. قال له: " بعني هذه الشاة وخذ ثمنها " ، قال: " ليست لي "، قال له: " خذ ثمنها " ، قال: " والله إني لفي أشدِّ الحاجة إلى ثمنها، ولو قلت لصاحبها: ماتت أو أكلها الذئب لصدَّقني، فإني عنده صادقٌ أمين، ولكن أين الله ؟!! " توجد حالات كثيرة لاسيما عند أصحاب المصالح، قد يحفر عشرة أمتار ويقول لك: حفرت أربعين متراً، يضع القمصان أثناء غيابك ويعطيك حساباً عالياً، هو حلَّ مشكلته الماديَّة ولكنه لم يحلَّها مع الله ؟ البطل الذي يحل مشكلته مع الله وليس مع عبد الله، هنا: ﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46) ﴾ إنك لن تستقيم إلا إذا آمنت باليوم الآخر، إن أردت كلاماً دقيقاً، واضحاً، جلياً، بسيطاً، علمياً، واقعيَّاً عن أسباب الاستقامة الحقيقية فهو إيمانك أن الله سيحاسبك تقول لي: ضمير، هذا كلام فارغ، وحينما تؤمن أن هناك حساباً لن تعصي الله أبداً، وحينما تؤمن أن هناك حساباً وأن الله لا تخفى عليه خافية، وأن الله سيسأل الناس جميعاً: ﴿ فَو َرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(92)عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(93) ﴾ (سورة الحجر) انتهى الأمر، قضية إيمان بالآخرة، إيمان بأنك لا بد من أن تقف بين يدي الله عزَّ وجل، ولا يخفى على الله شيء، وسيعرض الله عليك كل أعمالك مصوَّرة، المخالفة مع صورتها، والصورة مسكتة، تجاوز شخص القوانين فبعثوا له المخالفة فقال: أنا لم أكن في المكان الفلاني، فعندما رأى الصورة ـ صورة سيَّارته ـ والتاريخ، والسرعة، الصورة مسكتة، لذلك في الآخرة توجد صور المخالفات، شريط: ﴿ مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً(49) ﴾ (سورة الكهف) لماذا اتصلوا بالله ؟ ﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46) ﴾ تفسير النابلسى ------------------------ |
رقم المشاركة :55 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين ( 47 ) . )
فالمقصود من الحديث عن بني إسرائيل في القرآن الكريم هو المسلمون لأنهم أهل كتابٍ مثل بني إسرائيل، ولأن الأمراض المُهلكة التي حلَّت ببني إسرائيل يمكن أن تَحُلَّ بهم تماماً، وهذا الشيء واضح جداً: ﴿ وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80) ﴾ يعتقد المسلمون بشفاعة النبي، افعل ما شئت، ما دمت من أمة محمدٍ فالنبي الكريم يشفع لك، يفهمون الشفاعة فهماً ساذجاً، ويقعدون عن العمل، وكأنَّ هذه الشفاعة حلَّت لهم كل مشكلة، لو تتبعت الأمراض الوبيلة المُهلكة التي ألمَّت ببني إسرائيل لوجدت المسلمون قد تلبسوا بمعظمها، إذاً هذا أسلوبٌ حكيم، أسلوبٌ أشدُّ تأثيراً، يمكن لأمراضهم أن تنتقل إليكم، هم انحرفوا فهلكوا، وأنتم إذا انحرفتم هلكتم مثلهم، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: (( وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ، وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ )) [البخاري عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِي اللَّه عَنْها] لكن ما الذي سبَّب هلاك بني إسرائيل ؟ قال: كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه، بربكم أليس هذا المرض الذي كان سبب هلاكهم واقعاً بنا جميعاً ؟ كلٌ يجامل أخاه، لا أحد يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يجامله، يمدحه مع أنه يعلم أنه على باطل، يُثني عليه، ويثني على ذكائه وحكمته، يعلم أنه لا يصلي، مع أنه يعلم أنه لا يصلي أحياناً مجاملات بالاحتفالات، بعقود القِران، والمتكلِّم يعلم علم اليقين أن هذه الأسرة متفلِّتة، وغير منضبطة بمنهج الله عزَّ وجل، فإذا لم نتناه عن منكرٍ فعلناه وقعنا في مرض بني إسرائيل ؛ الأمل هذا مرضٌ مهلكِ: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7) ﴾ ( سورة الجمعة) طول الأمل أيضاً وضعف اليقين مرضان مهلكان أهلكا المسلمين، متأمِّل في الدنيا فقط ولم يُدْخِل الآخرة في حساباته إطلاقاً، هذا مرَض أيضاً. ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ (18) ﴾ (سورة المائدة: من آية " 18 ") نحن كذلك ندَّعي أننا أمَّة مختارة، ندعي أننا خير أمةٍ أُخرجت للناس، والله يعذِّبنا كل يوم، ما مرَّ بتاريخ المسلمين وقت أشدُّ إيلاماً من هذه الفترة، إذاً المرض نفسه، الأمراض نفسها. ذكر الله أمراض بني إسرائيل لتكون واعظاً لنا : يا أيُّها الأخوة الكرام، ما ذكر الله أمراض بني إسرائيل في هذا القرآن الكريم إلا لتكون واعظاً لنا من أن تزل أقدامنا فنقع في أمراضٍ قد وقعوا هم بها أيضاً تولَّى المسلمون اليوم عن تطبيق منهج الله كما فعل بنو إسرائيل من قبل: تولوا عن تطبيق منهج الله كما تولَّى المسلمون عن تطبيق منهج الله الآن، ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا الحديث من دلائل نبوَّة النبي: (( يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ )) [ سنن أبي داود عن ثوبان ] كأن النبي عليه الصلاة والسلام بيننا، هذا الذي حدث، جاءت ثلاثون دولة لتحارب بلاد المسلمين، وتنهب ثرواتهم وأموالهم، وتدمِّر أسلحتهم، وتضعفهم، وتكسر شوكتهم، وتحتلَّ أرضهم، وتستبيح المُحَرَّمات. من أسباب هلاك بني إسرائيل : قال تعالى: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ داود وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) ﴾ (سورة المائدة) حينما تدخَّل أحد أصحاب النبي ـ وهو حِبُّ رسول الله سيدنا أسامة بن زيد وكان النبي يحبُّه حبَّاً شديداً ـ في شأن المخزوميَّة التي سرقت ليشفع لها كي لا تُقْطَع يدها، غضب النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشدَّ الغضب، وقَال: (( أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ؟ ثُمَّ قَامَ فَخْطَبَ ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وأيم اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا )) [ البخاري عن عائشة رضي الله عنها ] هذا أحد أسباب هلاك بني إسرائيل أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. صلاتك يجب أن تتوج استقامتك وأخلاقك العالية: يا أخواننا الكرام، صدِّقوني والله إني لكم ناصحٌ أمين، وأنا أنصح نفسي قبلكم، الدين ليس أن تصلي فقط، الصلاة أقل ما في الدين، الصيام أقل ما في الدين، الدين أن تكون صادقاً، أن تكون أميناً، أن تكون عفيفاً، أن تكون ورعاً، أن تؤدِّي الحقوق، أن تعطي كل ذي حقٍ حقَّه، الدين أن تبيع بيعاً شرعياً، الدين أن لا تبيع بضاعةً فاسدة، هل يمكن لإنسان أن يحك تاريخ انتهاء مفعول دواء ليبيعه لمريض ؟! والله أنا كل حياتي كنت أظن أن الدواء المنتهي مفعوله لا ينفع، ثم ثبت لي بشيء مخيف أنه يؤذي، لأن هذه المواد الكيماوية إذا فكِّكت قد تصبح مواد سامَّة، لو كان لا ينفع خسر ثمن الدواء فقط ولم يشف، أما حينما يؤذي !عندما يبيح الإنسان لنفسه أن يغيِّر تاريخ انتهاء مفعول دواء، أو يبيح لنفسه أن يبتز مال إنساناً، يوهم إنساناً، يخدع إنساناً، يغش إنساناً، هذا ولو صلَّى: ﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ (142) ﴾ ( سورة النساء: من آية " 142 " ) يخادعون الله بالصلاة، اعتبر أن صلاتك يجب أن تتوج استقامتك، أن تتوِّج أخلاقك العالية، أن تتوِّج صدقك وأمانتك، إحسانك للخلق، لو فهم المسلمون الدين فهماً عميقاً والله لكنَّا في حال غير هذا الحال موسوعة النابلسى للعلوم الاسلامية ------------------------------------ والى لقاء آخر إن شاء الله ----------------------- المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :56 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
رقم المشاركة :57 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ(48)
( وَاتَّقُواْ يَوْماً ) هذا هو اليوم الذي تسوَّى فيه الحسابات، هذا هو يوم الدين، هذا هو يوم الفصل، هذا يوم القارعة، هذا يوم الحاقَّة، هذا يوم الطامَّة الكبرى، هذا يوم النبأ العظيم الناس في الدنيا مختلفون ؛ أقوياء وضعفاء، أغنياء وفقراء، طلبوا العلم وزهدوا في العلم، استقاموا وانحرفوا، صدقوا وكذبوا، ... هؤلاء الناس لا بد من أن يقفوا يوماً بين يدي الله عزَّ وجل ليحاسبوا عن أعمالهم كلها، صغيرها وكبيرها . ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه(7)وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه(8) ﴾ العاقل كل العاقل هو الذي يُعد لهذا اليوم عدته، هو الذي يدخل هذا اليوم في حساباته اليوميَّة، ويجب عليه قبل أن ينطق بكلمة، وأن يعطي، وأن يمنع، وأن يعادي، وأن يقطع، وأن يصل، وأن يبتسم، وأن يعبس، وأن يغضب، وأن يرضى يجب أن يقول: ماذا سأجيب الله يوم القيامة ؟ ، والله عزَّ وجل سيسألنا عن كل أعمالنا صغيرها وكبيرها . يوم القيامة يحاسب كل إنسان عن عمله: قال تعالى: ﴿ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا (49) ﴾ ( سورة الكهف ) كتاب أعمال الإنسان: ﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً(49)﴾ ( سورة الكهف ) نحن الآن في بحبوحة في الدنيا، لك أن تحسن ولك أن تسئ، لك أن تصدق ولك أن تكذب، لك أن تبالغ ولك أن تقلِّل من أهمية الشيء، هذا لا ينفعك عند الله شيئاً، لا بد من أن تُسأل لماذا فعلت ؟ ولماذا قُلت ؟ ولماذا ضخَّمت ؟ ولماذا قلَّلت ؟ ولماذا اتهمت ؟ ولماذا اغتبت ؟ ولماذا أعطيت ؟ ولماذا منعت ؟ موسوعة النابلسى ----------------- |
رقم المشاركة :58 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ(48)
( وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً ) يوجد في الدنيا تكتُّلات، فهناك جماعات، وهناك إنسان له أتباع، وله مكانة، وسيطرة، وغني كبير، وقوي يحتل منصباً رفيعاً بإمكانه أن يفعل كل شيء، هذا في الدنيا ؛ ولكن في الآخرة: ﴿ لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ) ---------------------- أدلة من القرآن الكريم والسُّنة الشريفة أنه لا تجزى نفس عن نفس شيئاً: يقول الله عزَّ وجل : ﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ (19) ﴾ ( سورة الزمر ) يا محمد يا سيد الخلق: ﴿ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) ﴾ ( سورة الزمر ) (( يا عباس عم رسول الله، يا فاطمة بنت محمد، أنقذا نفسيكما من النار، أنا لا أغني عنكما من الله شيئاً )) [ مسلم عن أبي هريرة ] (( لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم )) [ أحمد عن أبي هريرة] (( من يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه )) [ أحمد عن أبي هريرة] لو أنك استطعت أن تستخلص، أو أن تأخذ من فم رسول الله وهو سيِّد الخلق وحبيب الحق فتوى لصالحك أو حكماً ولم تكن محقاً فإنك لا تنجو من عذاب الله: (( لعلَّ أحدكم ألحن بحجَّته من الآخر فإذا قضيت له بشيء فإنما أقضي له بقطعةٍ من النار )) [الجامع لأحكام القرآن عن أم سلمة ] -------------------------------------------- قد تقف البنت أمام ربها يوم القيامة تقول: يا رب لا أدخل النار حتى أُدخل أبي قبلي . فالإنسان قبل أن يفعل شيئاً، وقبل أن يتجاوز، وقبل أن يطغى، وقبل أن يبغي على أخيه المؤمن، وأن يكذب، وأن يغتاب، قبل أن يطعن، وأن يتهم، قبل أن يقلِّل من قيمة إنسان، وأن يضخِّم إنساناً آخر يجب أن يسأل نفسه: ماذا سأجيب الله يوم القيامة لو سُئلت لمَ فعلت هذا ؟ ---------------- ﴿ وَاتَّقُوا يَوْماً لَا تَجْزِي نَفْسٌ ) نكرة، أي أية نفسٍ كائنةً من كانت: ﴿ لَا تَجْزِي نَفْسٌ ) أي نفسٍ كائنةً من كانت ولو كانت نفس رسول الله: ﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ(19) ﴾. ( سورة الزمر ) ----------------------------- وقال: ﴿ لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ ) هذه النفس التي استحقَّت العذاب مهما كانت مكانتها في الدنيا كبيرة: ﴿ إِذَا وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ(1)لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ(2)خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ(3) ﴾ ( سورة الواقعة ) كل المقاييس تُبدَّل، وسائل التقييم كلها تتبدَّل، الناس في الدنيا يعظمون الغني، ويعظِّمون القوي، أما في الآخرة فالذي استقام على أمر الله، والذي أحسن إلى خلق الله هو الذي يحتل مكانةً رفيعةً عند الله يوم القيامة . ------------------------- الآية التالية من أدق آيات العدل : هذه الآية أيها الأخوة من أدق آيات العَدل: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْماً لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ) مهما كنت، ومهما توسَّطت، لا تستطيع نفسٌ أن تفعل نفعاً مع نفسٍ أُخرى، أي كما قال الله عزَّ وجل : ﴿ قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً(21)﴾ ( سورة الجن) الأبلغ من ذلك: ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً ﴾ ( سورة الأعراف الآية: 188 ) لذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام يوم القيامة: ((إنهم مني فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا سحقاً )) [الجامع لأحكام القرآن عن سهل بن سعد رضي الله عنه ] موسوعة النابلسى ----------------- المزيد من مواضيعي
|
الأعضاء الذين شكروا بن الإسلام على المشاركة : | ||
رقم المشاركة :59 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ(48) سورة البقرة قوله تعالى: "واتقوا يوما" يذكرهم بهذا اليوم. وهو يوم القيامة الذي لا ينفع الإنسان فيه إلا عمله. ويطلب الحق سبحانه وتعالى منهم أن يجعلوا بينهم وبين صفات الجلال لله تعالى في ذلك اليوم وقاية. أن هناك آية أخرى تقول: وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ(123) (سورة البقرة) وهذه الآية وردت مرتين. وصدر الآيتين متفق. ولكن الآية الأولى تقول: "ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولاهم ينصرون" والآية الثانية: "ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولاهم ينصرون" هل هذا تكرار؟ نقول لا. والمسألة تحتاج إلي فهم. فالآيتان متفقتان في مطلعهما: في قوله تعالى: "واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا". ففي الآية الأولى قدم الشفاعة وقال: لا تقبل. والثانية أخر الشفاعة وقال لا تنفع. الشفاعة في الآية الأولى لا يقبل منها شفاعة. وفي الآية الثانية .. لا تنفعها شفاعة. والمقصود بقوله تعالى: "اتقوا يوما" هو يوم القيامة الذي قال عنه سبحانه وتعالى: يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ(19) (سورة الانفطار) وقوله تعالى: "ولا تجزي نفس عن نفس شيئا" كم نفسا هنا؟
أنهما اثنتان. نفس عن نفس. هناك نفس أولى ونفس ثانية. فما هي النفس الأولى؟ النفس الأولى هي الجازية. والنفس الثانية .. هي المجزي عنها .. ومادام هناك نفسان فقوله تعالى: "لا تقبل منها شفاعة" هل من النفس الأولى أو الثانية؟ إذا نظرت إلي المعنى فالمعنى أنه سيأتي إنسان صالح في يوم القيامة ويقول يا رب أنا سأجزي عن فلان أو أغني عن فلان أو أقضي حق فلان. النفس الأولى أي النفس الجازية تحاول أن تتحمل عن النفس المجزي عنها. تفسير الشعراوى ---------- المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :60 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ(48)
سورة البقرة ولكي نقرب المعنى ولله المثل الأعلى نفترض أن حاكما غضب على أحد من الناس وقرر أن ينتقم منه أبشع انتقام. يأتي صديق لهذا الحاكم ويحاول أن يجزي عن المغضوب عليه. فبما لهذا الرجل من منزلة عند الحاكم يحاول أن يشفع للطرف الثالث. وفي هذه الحالة أما أن يقبل شفاعته أو لا يقبلها. فإذا لم يقبل شفاعته فأنه سيقول للحاكم أنا سأسدد ما عليه .. أي سيدفع عنه فدية، ولا يتم ذلك إلا إذا فسدت الشفاعة. فإذا كانت المساومة في يوم القيامة ومع الله سبحانه وتعالى .. يأتي إنسان صالح ليشفع عند الله تبارك وتعالى لإنسان أسرف على نفسه. فلابد أن يكون هذا الإنسان المشفع من الصالحين حتى تقبل شفاعته عند الحق جل جلاله. واقرأ قوله سبحانه: مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ (من الآية 255 سورة البقرة) وقوله تعالى: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ(28) (سورة الأنبياء) والإنسان الصالح يحاول أن يشفع لمن أسرف على نفسه فلا تقبل شفاعته ولا يؤخذ منه عدل ولا يسمح لها بأي مساومة أخرى. إذن لا يتكلم عن العدل في الجزاء إلا إذا فشلت الشفاعة. هنا الضمير يعود إلي النفس الجازية. أي التي تتقدم للشفاعة عند الله. فيقول الحق سبحانه وتعالى: "لا يقبل منها شفاعة" فلا يقبل منها أي مساومة أخرى. ويقول سبحانه: "ولا يؤخذ منها عدل". وهذا ترتيب طبيعي للأحداث. في الآية الثانية يتحدث الله تبارك وتعالى عن النفس المجزي عنها قبل أن تستشفع بغيرها وتطلب منه أن يشفع لها. لابد أن تكون قد ضاقت حيلها وعزت عليها الأسباب. فيضطر أن يذهب لغيره. وفي هذا اعتراف بعجزه. فيقول يا رب ماذا أفعل حتى أكفر عن ذنوبي فلا يقبل منه. فيذهب إلي من تقبل منهم الشفاعة فلا تقبل شفاعتهم. وإذا أردنا أن نضرب لذلك مثلا من القرآن الكريم فاقرأ قول الحق تبارك وتعالى: وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ(12) (سورة السجدة) هؤلاء هم الذين يطلبون العدل من الله. بأن يعيدهم إلي الدنيا ليكفروا عن سيئاتهم. ويعملوا عملا صالحا ينجيهم من العذاب. ذلك أن الحسنات يذهبن السيئات .. فماذا كان رد الحق سبحانه وتعالى عليهم. قال جل جلاله: فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(14) (سورة السجدة) فهم عرضوا أن يكفروا عن سيئاتهم. بأن طلبوا العودة إلي الدنيا ليعملوا صالحا. فلم يقبل الله سبحانه وتعالى منهم هذا العرض. اقرأ قوله تبارك وتعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ(53) (سورة الأعراف) لقد طلب هؤلاء الشفاعة أولا ولم تقبل. فدخلوا في حد آخر وهو العدل فلم يؤخذ مصداقا لقوله تعالى: "لا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل" .. وهكذا نرى الاختلاف في الآيتين. فليس هناك تكرار في القرآن الكريم .. ولكن الآية التي نحن بصددها تتعلق بالنفس الجازية. أو التي تريد آن تشفع لمن أسرف على نفسه: "فلا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل". والآية الثانية: "لا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة". أي أن الضمير هنا عائد على النفس المجزي عنها. فهي تقدم العدل أولا: "أرجعنا نعمل صالحا" فلا يقبل منها، فتبحث عن شفعاء فلا تجد ولا تنفعها شفاعة. فعندما تقرأ قول الله سبحانه وتعالى: "اتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا" مكررة في الآيتين لا تظن أن هذا تكرار. لأن إحداهما ختامها: "لا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل". والثانية: "لا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة". فالضمير مختلف في الحالتين. مرة يرجع إلي النفس الجازية فقدم الشفاعة وأخر العدل. ولكن في النفس المجزي عنها يتقدم العدل وبعد ذلك الشفاعة. الحق سبحانه وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً (من الآية 33 سورة لقمان) أي أن الإنسان لا يمكن أن يجزى عن إنسان مهما بلغت قرابته .. لا يجزي الولد عن أمه أو أبيه. أو يجزى الوالد عن أولاده. واقرأ قوله تبارك وتعالى: فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ(33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ(34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ(35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ(36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ(37) (سورة عبس) وقول الحق سبحانه وتعالى: "لا يقبل منها عدل": "لا يؤخذ منها عدل". العدل هو المقابل. كأن يقول المسرف على نفسه يا رب فعلت كذا وأسرفت على نفسي فأعدني إلي الدنيا اعمل صالحا. وكلمة العدل مرة تأتي بكسر العين وهي مقابل الشيء من جنسه. أي أن يعدل القماش قماش مثله ويعدل الذهب ذهب مثله. وعدل بفتح العين مقابل الشيء ولكن من غير جنسه. والعدل معناه الحق والعدل لا يكون إلا بين خصمين. ومعناه الإنصاف ومعناه الحق. والحق هو الشيء الثابت الذي لا يتغير. وأنك لا تتحيز لجهة على حساب جهة أخرى. ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يجلس مع أصحابه يوزع نظره إلي كل الجالسين .. حتى لا يقال أنه مهتم بواحد منهم عن الآخر. ولابد أن نعرف ما هي النفس. كلمة النفس إذا وردت في القرآن الكريم فافهم أن لها علاقة بالروح. حينما تتصل الروح بالمادة وتعطيها الحياة توجد النفس. المادة وحدها قبل أن تتصل بها الروح تكون مقهورة ومنقادة مسبحة لله. فلا تقل الحياة الروحية والحياة المادية. لأن الروح مسبحة والمادة مسبحة. ولكن عندما تلتقي الروح بالمادة وتبدأ الحياة تتحرك الشهوات يبدأ الخلل. والموت يترتب عليه خروج الروح من الجسد. الروح تذهب إلي عالمها التسخيري. والمادة تذهب إلي عالمها التسخيري. وذلك يجعلنا نفهم قول الحق سبحانه وتعالى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(24) (سورة النور) تفسير الشعراوى --------- |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
القرآن, تدبروا, دولية, رحلة |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 3 ( 0من الأعضاء 3 من الزوار ) | |
|
|
الموضوعات المتماثلة | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
لحُفاظ القرآن الكريم برواية ورش عن نافع : القرآن مجزأ وجه +(1-3 سطر) لتسهيل الحفظ والربط بين الأوجه | أبو عبد الغفور | القرآن الكـريــم و علـومـه | 0 | 16.02.2014 23:04 |
معجزات من القرآن تكتشف حديثاً و أخبر بها القرآن من 1400 سنة | مرعب النصارى | الإعجاز فى القرآن و السنة | 1 | 06.12.2013 23:43 |
من لدية فكرة عن اسطوانة القرآن الكريم (موسوعة القرآن) انتاج شركة صخر | عبدالعال | منتدى الحاسوب و البرامج | 2 | 05.02.2012 15:11 |
رد شبهة:الاضطراب في الإشارة إلى القرآن في نصوص القرآن | فارس التوحيد | إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول القرآن الكريم | 0 | 08.12.2011 19:16 |
الرد على كتاب محنتي مع القرآن ومع الله في القرآن | MALCOMX | إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول القرآن الكريم | 17 | 17.10.2010 00:09 |