رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() « إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ » الأول : هو أن أهل السنة والجماعة متفقون على أن صفة الصورة ثابتة لله تبارك و تعالى كما فى حديث أبى سعيد الخدرى فى صحيح البخارى (18/463/ح7439) وفيه " فَيَأْتِيهِمْ الْجَبَّارُ فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ " وأن الخلاف عندهم ليس منصبا على هذه النقطة . الثانى : أن الخلاف فى على من يعود الضمير فى الحديث على آدم أ على الله ، فالقول بعود الضمير على آدم هو قول الجهمية كما قال عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قال رجل لأبي إن رجلا قال خلق الله آدم على صورته - أي صورة الرجل - فقال: كذب هو قول الجهمية"([1])وقال إمام الأئمة" ابن خزيمة " عليه رحمة الله . توهم بعض من لم يتحر العلم أن قوله "على صورته" يريد صورة الرحمن عزربنا وجل عن أن يكون هذا معنى الخبر بل معنى قوله خلق الله أدم على صورته الهاء فى هذا الموضع كناية عن اسم المضروب والمشتوم . وهذه من زلاته رحمه الله ، وما من عالم إلا وله زلة وتلك من زلاته ، وقد أنكرها عليه الحافظ الذهبى ، فقال " وَقَدْ تَأَوَّلَ فِي ذَلِكَ حَدِيْثَ الصُّورَةِ ، فَلْيَعْذُر مَنْ تَأَوَّلَ بَعْضَ الصِّفَاتِ ...... وَلَوْ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ - مَعَ صِحَّةِ إِيْمَانِهِ، وَتَوَخِّيْهِ لاتِّبَاعِ الحَقِّ – أَهْدَرْنَاهُ ، وَ بَدَّعنَاهُ، لَقَلَّ مَنْ يَسلَمُ مِنَ الأَئِمَّةِ مَعَنَا، رَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.([2]) وهذا القول قال به بعض أكابر أهل العلم من بعد العصور الثلاثة الأولى([3] ) ورحم الله الجميع ، فقد دفنوا العصمة مع النبى عليه السلام . ونعرج على الإشكال الذى طُرح فى الحديث . الأول : أنه يقتضى التمثيل . فالمثلية منتفية نقلا وعقلا ، وقد قدمنا نقلاً ، أما عن عقلاً ، فإن الشيئين المتماثلين يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر ويمتنع عن أحدهما ما يمتنع عن الآخر وإلا لما صح إطلاق التماثل عليهما فإن فُهم منه التماثل فإن البارى له الخلود وآدم كتب الله عليه الفناء فيلزم أن يكون فى آدم خلود وفناء متلازمان وكذلك فى البارى خلود وفناء، بل ويجرى على البارى كل ما يجرى على آدم وكذلك يجرى على آدم كل ما يجرى على البارى وهذا فيه ما فيه من الفساد ، فيلزم منه اجتماع النقيضين فى ذات و هذا ممتنع وقال تبارك وتعالى {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ }الزمر30 الثانى أنه يلزم منه التشبيه وانتفى السبب الثانى فى تحصيل الكيف وهو رؤية المثيل وذلك لقوله تعالى " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" و قوله {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }مريم65 قال ابن عباس هل تعلم للرب عز و جل مثلا أو شبها([5]). و من المعلوم أن الكيف لا يحصل إلا بتحصيلهما أو بتحصيل أحدهما ومن ادعى معرفة ما لم يدرك منه إحداهما فهو بين أمرين أو ثلاثة ، الأول أنه مجنون ، الثانى أنه كاذب ، الثالث أنه اطلع علم الغيب . فعندما ذكر النبى عليه السلام فى الحديث أن الله تبارك وتعالى خلق آدم على صورته قلنا صورة البارى فانصرفت أذهانكم مباشرة إلى التشبيه فجعلتم آدم أصل ورب العزة فرع – وفيه من الفساد ما يغنى عن تبيانه - وذلك لأنكم قد وقعتم فى التكييف ، فكيفتم صفة "الصورة فى حق البارى" بما هو متقرر فى أذهانكم وهى صورة آدم ! لكن كيف علمتم تكييف هذه الصفة بعد انتفاء المثيل أو الرؤية ؟! فعود الضمير على البارى لا يلزم منه أن صورة آدم تشبه صورة البارى فإن السماء والنجوم والقمر تظهر صورها على صفحات المياه و نقول هذه صورة القمر ، السماء ، النجوم ، أتلك حقيقتهم ؟ فصورتهم التى على الماء تشبه صورتهم التى فى السماء مع عظم التفاوت فى جنس الذات وما قال عاقل أنه التى على الماء هى السماء أو القمر أو.. ! بل يقول هذه "صورة ... الشمس..القمر" مع أنهم قد اختلفوا فى الحقيقة و الوجود والذات والكيف ، ولم يلزمه أحد لقوله تلك صورة القمر بأن ذلك تشبيه أو تجسيم لهم أو مماثلة ! وتلك مخلوقات مشاهدات فى الواقع مدركات عُلِمَ كيفها ، ورغم ذلك وقع الفارق وقلتم صورة الشمس ، صورة القمر ، وفرقتم بينهم فى الذات وغيرها فكيف مع البارى وقد تقرر فى النقل والعقل أنه لا مثيل ولا شبيه !. وأخرج الشيخان([6]) من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً . فهل أول زمرة تدخل الجنة قمراً مضيئاً على الحقيقة ليس فيه عينين ولا فم ولا أنف ولا أوصاف الآدميين ، واتصفوا بصفات هذا القمر ؟! واللذين يلونهم ككوكب درى ؟! فالذى تقولونه فى هذه وسابقتها نقوله نحن فى تلك . ونقول أن المراد من الحديث أن الله خلق أدم على صورة الرحمن مع الفارق بين صورة آدم وصورة الرحمن ، فآدم له يد ورجل وعين وسمع وبصر ..الخ ، والله تبارك وتعالى وصف نفسه بأن له يد وعين وسمع وبصر وقدم وساق ، فإذا نفيتم أن يكون المراد بها ظاهر النص ثم أولتموه أو نفيتموه ، لأنكم لا تجدون شيئاً من هذه الأوصاف إلا موجودةً فى الشاهد ، فانكروا وجوده بالأحرى وقولوا بالعدم – الذى هو حقيقة مقالتكم ولازمها - فإنه بذلك على زعمكم سيشارك نجاسات الأرض فى مسمى الوجود !. فكما أن عرشه موجود و البعوض موجود و الآدمىُ موجودٌ (واشترك ثلاثتهم فى مسمى الوجود) وكلُ موجودٍ موجودٌ بوجودٍ(كل الموجودات اشتركت فى هذه اللفظة) فإن لكل مذكورٍ بعد وجودِه كَيفٌ فى وجوِده مغايرٌ لكيف وجود الآخر تماما(بعد الإضافة والتخصيص للفظة موجود) فكيفُ وجودى مغاير لكيفِ وجود البعوضة وكيفُ وجود ثنتينا مغاير لكيف وجود العرش ، وهكذا فى كل المخلوقات تغايرٌ فى كيف وجودها ثابت بدلالة العقل والنظر الصحيح مع اشتراك جميعها فى لفظ الوجود ، ما قال عاقل أن بسبب اشتراكهم فى لفظ الوجود لزم أنهم متشابهون فى كيف الوجود وإنما لكل موجود منهم كيف فى وجوده مغاير مستقل لكيف وجود الآخر ، وهذا فى المخلوقات المعلومات فما ظنكم فيما منتهى علمكم عنه الخبر ! . لمَ لمْ تجيزوا عليه المغايرة مع وجود لفظ مشترك فى المسميات كالعلم والقدرة والحياة وغيرها كما قلتم بالمغايرة بين المخلوقات مع أنهم قد اشتركوا فى نفس المسمى ! ولكنه كيل الظالمين أن يكيلوا بمكايل ، وكذلك نقول ، أنه لا يلزم من أنه على صورة البارى أنه تشبيه لآدم بالبارى ولكنهم قد اشتركوا فى اللفظ المجرد"صوره" فهذا منتهى ما وقع فيه التشبيه وليس تشبيه لذاتٍ بذاتٍ فللبارى صورة تليق به ولآدم صورة تليق به ، فإذا قلتم أن مجرد هذا الاشتراك فى اللفظ المجرد يوجب التشبيه والتجسيم ، فأنتم بين أمرين لا ثالث لهما ، أنكم على رأس المجسمة المشبهة إذ أنكم لا تنكرون وجود البارى كما لا تنكرون وجودكم ، ولا تنكرون حياة البارى كما لا تكرون حياتكم ولا تنكرون علم البارى كما لا تنكرون علمكم ، فقد وقعتم فيما اتهمتمونا به فأنتم عين المشبهة المجسمة فكيف تدعون أنكم أحياء والله حى كما فى الكتاب مثبتٌ فأنتم على منطقكم جعلتم لله أشباه وليس شبيها واحداً فقط ! ويلزم منه أن وجودكم ووجود الكلب ووجود كل موجود واحدٌ ، فوجودى كوجود الجبل لا فارق البتة ، ويلزم أيضاً أنى أشارك كل موجود فى تمام صفة من صفاته إذا المشابهة تقع فى شيئ مشترك بين المتشابهين فأين الذى تشابهنا فيه مع الله عز وجل فى صفاته التى فيها الكمال بل وأين من الموجودات من شابهناه فى صفة من صفاته بتمامها وكمالها إن كان هذا ضابط التشبيه عندكم ؟!. أو أنكم تعبدون العدم فتسلبون البارى كل صفة وصف بها نفسه واشترك معه فيها مخلوق بالمسمى فتسلبون عنه الصفات ، فتقولون بأنه موجود بشرط الوجود المطلق ، وهو العدم بعينه ، فلا يوجد ذات بغير صفات إلا إذا أردتم أن تجدوا للعدم وصفاً فلن تجدوا أدق من ذلك توصيفاً فمن يعبد العدم ، ولا حتى المليين سمعنا عنهم ذلك ! أو تسلموا لنا فتنجوا وتسلموا وتقولوا بأن مجرد الاشتراك فى اللفظ المجرد لا يلزم منه تشبيه أو تجسيم إلا اللهم إلا إذا وقع التشبيه فى اللفظ المجرد عن الإضافة و التخصيص . - وإن اعترضتم على الأصل " وهو أن أهل السنة يثبتون الصورة للباري " قلنا ، قد أثبتناها نقلاً ، ولكنكم لا تحبون طريقة الإثبات بالشرع و تطلبون طريقة العقل – زعمتم – فهى لكم ، فإنه لما كان يمتنع عقلاً أن توجد ذات بلا صفات تقوم بها ، والدليل الواقع المشاهد وإلا فهاتوا برهانكم ، وإن كانت الصفات يلزم لقيامها محل تقوم به وأنه لا ذات تقوم بلا صفات كما أنه لا صفات تقوم بلا محل ، وأن البارى له ذات تقوم بها صفات الكمال والتفرد وأن ذاته لا تشبه ذات فى الوجود أو تماثله ، فإن العقل يحيل أن يكون فى الوجود ذات لها صفات تقوم بها ولا تكون لها صورة تكون عليها ولو كان ، لاستحالة رؤيتها بغير الصورة التى تكون عليها إذ يلزم من الرؤية الصورة ويلزم من الصورة التمييز بين المرئيات وإلا لكانت كل المرئيات بينها تماثل ولا يسعفكم فالتماثل حتى يُدرَك يكون فى صورة يُدرَكُ بها وانعدام الصورة لازمه العدمُ فينعدمُ التماثل . و النبى عليه السلام أخبر أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة ، فكيف يرونه بلا صورة يكون عليها تبارك وتعالى وتكون صورته كذاته وصفاته فى الكمال والتفرد ؟!وفى حديث صحيح مسلم" فَيَأْتِيهِمْ الْجَبَّارُ فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ " فما أصرح النصوص ولكن على قلوب أقفالها ! فليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل وكتب أبو إسحاق السِلَفىّْ أحمد بن عبد المولى آل عثمان القطعانى [1] فتح البارى لابن حجر (5/183) [2] سير أعلام النبلاء (27/427) [3] راجع تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة(صـ219) طـ دار الجيل بيروت . [4] (1/159/ح177) [5] أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان (1/143/ح122) [6] البخارى (8/383/ح3327) ، مسلم (4/2178/ح2834) للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
خلق الله آدم على صورته
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
III ABO_IS7Q_SALAFY III
المزيد من مواضيعي
آخر تعديل بواسطة د/مسلمة بتاريخ
15.05.2011 الساعة 13:13 . و السبب : تكبير الخط بارك الله فيكم
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
الله, صورته |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
ما معنى قول النبى عليه الصلاة والسلام ان الله خلق ادم على صورته | ابو اسامه المصرى | إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول الفقه و الشريعة | 6 | 16.03.2012 04:26 |
الرد على فرية أين قال الله : أنا الله الأزلي ؟؟؟؟ | الصارم الصقيل | إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول القرآن الكريم | 7 | 08.09.2010 10:45 |
شرح حديث " خلق الله آدم على صورته " | نور اليقين | إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول السيرة و الأحاديث النبوية الشريفة | 1 | 13.09.2009 12:23 |