رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() ![]() هنا في استانبول وقفت في متحفها الكبير، أمام تمثال لأتاتورك – أكثر الرجال شؤماً على أمتنا في عصورها الحديثة - كنت في هذه القاعة وحدي ، عدت لتوي من متحف آخر ، يعرض السلاسل التي كانت تغلق بوغاز القسطنطينية أمام كل من حاول اقتحام المدينة ، المدينة التي استعصت على جيوش الدنيا ما يقرب من ألف عام ، حتى جاء محمد الفاتح ووقف على أبوابها طويلاً ، وهى تتأبى عليه ، فلما نصحه بعض أتباعه أن يرجع فقال : هي واحدة من اثنتين : قصر فيها ، أو قبر على أبوابها ، وأمام هذا الإصرار العجيب ، وبحول الله وقوته فتحت القسطنطينية أبوابها ، ودخلها ، فكان أول ما فعله أن صلى فيها الجمعة ، وخطب خطبة مؤثرة . رأيت المنبر الذي خطب خطبة الفتح من فوقه ، ورأيت الجنازير ، ورأيت الأسوار التاريخية ، وبكيت طويلاً ، سمعت المآذن تدوي بالنداء في كل أنحاء استانبول ، ودخلتها أحسبها فارغة فإذا بها تحتضن العثمانيين الجدد ، يعودون إلى دينهم زرافات ووحداناً ، ورأيت الإيشارب والخمار وسمعت بوجود النقاب ، ودخلت مدرسة دينية صغيرة - سمعت أن استانبول وحدها بها عشرة آلاف مدرسة دينية - دخلت المدرسة ، ورأيت الوجوه الوضيئة ، والقلوب الطاهرة ، جاءت تروى ظمأ مائة عام من العطش ، صليت الجمعة في مسجد يمتلئ عن آخره ، ورأيت مشهداً فطرني من البكاء ، رأيت سيدات يجلسن على الأرصفة يستمعن الخطبة ، ورجال يهرعون وفى أيديهم سجادة الصلاة رأيت تركيا المسلمة تنتفض لتحطم أغلال العلمانية الظالمة ، وتذكرت أن خلف هذا أناس ماتوا لأجل أن تبقى جذوة الإسلام ولو تحت الرماد ، تذكرت الذين كانوا يتخفون بدينهم وصلاتهم وقرآنهم ويتوضئون للفجر تحت جنح الظلام ويخفون المصاحف ، ثم ها أنا أقف أمام أتاتورك وجهاً لوجه وقفت أمامه أبكى بكاءً حاراً ، حتى ظننت أن البكاء فالق كبدي ، بكاء فرح بعودة بلد الخلافة ، ودموع شماتة في هذا المخذول الذي أسقط الخلافة واستبدل الحروف العربية ومنع الآذان وأعدم الشيوخ والعلماء ، وقفت شامخاً ثابتاً أمامه ، وقفت وحدي في القاعة أمام تمثاله أقول له شامتاً : كيف لو خرجت أيها المخذول فرأيت حصاد زرعك المُر؟ كيف لو خرجت فرأت عينك الحجاب ،والصلاة ،وسمعت أذناك الأذان والقرآن ؟ كيف لو رأيت بناءك وقد تهدم ، وزرعك وقد احترق وعملك وقد أُحبط ؟ لو رأيت ما رأيت ، ولو سمعت ما سمعت ، فستأكل الحسرة فؤادك ، وسيملأ الغل نفسك ، وستعرف أن الزبد يذهب جفاءاً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ، لو خرجت لوجدت تركيا تعود بأسرع من البرق إلى دينها وربها وقرآنها وصلاتها وأن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله ، وأن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون المشكلة يا أتاتورك أن إخوانك في كل بلاد أمتنا من الخونة المأجورين ، الذين لا هم لهم ولا عمل إلا طمس هوية هذه الأمة ، وغسل مخها ،وصرفها عن دينها الذي هو مصدر عزها ومجدها ،والذي ما عرفت الأمة نصراً ولا مجداً إلا تحت لواءه ،إخوانك هؤلاء مصرون على محاولة محو هوية أمتنا ، ورغم أنهم لم يحصدوا أبداً إلا العلقم ، فإنهم مصرون على ما هم فيه وهذا والله من تمام خذلان الله لهم . انصرفت من أمام وجه أتاتورك أكفكف دموعاً بطعم الفرح ورائحة الفجر وجعلت أردد : حمداً لله على سلامتك يا تركيا ، عوداً حميداً ، حمداً لله على الشفاء من الوباء ، والعافية من البلاء ، طال انتظارنا لك ، فسبحان من أنجاك وحماك وعافاك . خالد الشافعي للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
مع اتاتورك وجها لوجه
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
جادي
المزيد من مواضيعي
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
موجه, وجها, اتاتورك |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
^&^ خطاب موجه الى الملتزمين وغير الملتزمين ^&^ | نضال 3 | القسم الإسلامي العام | 10 | 24.08.2010 16:06 |
عندي سؤال موجه لكل النصارى على وجه الارض .. من هى ابيجايل ..؟؟؟ | سيف الاسلام م | مصداقية الكتاب المقدس | 2 | 09.05.2009 03:22 |